طوّلته ووكّدته كما قال قد علمت أن لا تقول ذاك ، فان أخرجت لا قبح الرفع ، فأنت وأخواتها تقوّي المضمر وتصير عوضا من السكون والتغيير ومن ترك العلامة في مثل ضرب ، وقال الله عزوجل (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا) حسن لمكان لا ، وقد يجوز في الشعر قال الشاعر :
(١) قلت اذ أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا تعسّفن رملا |
واعلم أنه قبيح أن تصف المضمر في الفعل بنفسك وما أشبهه وذاك أنه قبيح أن تقول فعلت نفسك إلا أن تقول فعلت أنت نفسك ، وإن قلت فعلتم أجمعون حسن لأن هذا يعمّ به واذا قلت نفسك فانما تريد أن تؤكّد الفاعل ولمّا كانت نفسك يتكلم بها مبتدأة وتحمل على ما يجرّ وينصب ويرفع شبّهوها بما يشرك المضمر وذلك قولك نزلت بنفس الجبل ونفس الجبل مقابلي ونحو ذلك ، وأما أجمعون فلا يكون في الكلام إلا صفة ، وكلّهم قد يكون بمنزلة أجمعين لأنّ معناها معنى أجمعين فهي تجري مجراها ، وأما علامة الاضمار التي تكون منفصلة من الفعل ولا تغيّر ما عمل فيها عن حاله اذا أظهر فيه الاسم فانه يشركها المظهر لأنه يشبه المظهر وذلك قولك أنت وعبد الله ذاهبان والكريم أنت وعبد الله.
واعلم أنه قبيح أن تقول ذهبت وعبد الله وذهبت وعبد الله وذهبت وأنا لأنّ أنا بمنزلة المظهر ألا ترى أنّ المظهر لا يشركه إلا أن يجيء في الشعر ، قال الراعي :
(٢) فلمّا لحقنا والجياد عشيّة |
|
دعوا يا لكلب واعتزينا لعامر |
__________________
(٥٨٦) الشاهد في عطف الزهر على الضمير المستكن في الفعل ضرورة وكان الوجه أن يقول أقبلت هي وزهر فيؤكد الضمير المستكن ليقوى ثم يعطف عليه ، والزهر جمع زهراء وهي البيضاء المشرقة والتهادي المشي الرويد الساكن ، والنعاج بقر الوحش شبه النساء بها في سكون المشي فيه ، ومعنى تعسفن ركبن واذا مشت في الرمل كان أسكن لمشيها لصعوبة المشي فيه ، والملا الفلاة الواسعة ، والملي والملا من الدهر الطويل الواسع.
(٥٨٧) الشاهد في عطف الجياد على الضمير المتصل بالفعل وفيه قبح حتى يؤكد بضمير منفصل فيقال لحقنا نحن والجياد* يقول أغاروا في الصباح ثم خرجنا في الطلب ـ