الكاف هيهنا وأخواتها تقول عجبت من ضربيك ومن ضربيه وضربيكم فالعرب قد تتكلّم بهذا وليس بالكثير ، ولم تستحكم علامات الاضمار التي لا تقع ايّا مواقعها كما استحكمت في الفعل ، لا يقال عجبت من ضربكني إن بدأت به قبل المتكلّم ولا من ضربهيك ان بدأت بالبعيد قبل القريب ، فلما قبح هذا عندهم ولم تستحكم هذه الحروف عندهم في هذا الموضع صارت ايّا عندهم في هذا الموضع لذلك بمنزلتها في الموضع الذي لا يقع فيه شيء من هذه الحروف ، ومثل ذلك كان ايّاه لأنّ كانه قليلة ولم تستحكم هذه الحروف هيهنا لا تقول كأنني وليسني ولا كانك فصارت ايّا هيهنا بمنزلتها في ضربي إيّاك ، وتقول أتوني ليس إيّاك ولا يكون إيّاه لأنك لا تقدر على الكاف ولا الهاء هنا فصارت إيّا بدلا من الكاف والهاء في هذا الموضع ، قال الشاعر (وهو ابن أبي ربيعة) :
(١) ليت هذا الليل شهر |
|
لا ترى فيه عريبا |
ليس إيّاي وإيّا |
|
ك ولا نخشى رقيبا |
وبلغني عن العرب الموثوق بهم أنهم يقولون ليسني وكانني ، وتقول عجبت من ضرب زيد أنت ومن ضربك هو اذا جعلت زيدا مفعولا ، وجعلت المضمر الذي علامته الكاف مفعولا ، أنت هيهنا للفاعل كما جاز ايّا للمفعول لأن ايّا وأنت علامتا الاضمار وامتناع التاء يقوّي دخول أنت هيهنا ، وتقول قد جرّبتك فوجدتك أنت أنت ، فأنت الأولى مبتدأة والثانية مبنية عليها كأنك قلت فوجدتك وجهك طليق ، والمعنى أنك أردت أن تقول فوجدتك أنت الذي أعرف ، ومثل ذلك أنت أنت وإن فعلت هذا فأنت أنت ، أي فأنت الذي أعرف او أنت الجواد والجلد كما تقول الناس الناس أي
__________________
(٥٧٨) الشاهد في اتيانه بالضمير بعد ليس منفصلا لوقوعه موقع خبرها ، والخبر منفصل من المخبر عنه فكان الاختيار فصل الضمير اذا وقع موقعه ، واتصاله بليس جائز لأنها فعل وان لم تقو قوة الفعل الصحيح ، وليس في البيت يحتمل تقديرين أحدهما أن يكون في موضع الوصف للاسم قبلها كأنه قال لا ترى فيه عربيا غيري وغيرك والتقدير الآخر أن يكون أستثناء بمنزلة الا وعريب بمعنى أحد وهو بمعنى معرب ، أي لا نرى فيه متكلما يخبر عنا وبعرب عن حالنا.