فغيرك بمنزلة إلا زيدا ، وأمّا قوله (وهو حارثة بن بدر الغداني) : [بسيط]
(١) يا كعب صبرا على ما كان من حدث |
|
يا كعب لم يبق منّا غير أجساد |
إلا بقيّات أنفاس نحشرجها |
|
كراحل رائح أو باكر غادي |
فانّ غير هيهنا بمنزلة مثل كأنك قلت لم يبق منّا مثل أجساد الّا بقيات أنفاس ، وعلى ذا أنشد بعض الناس هذا البيت رفعا للفرزدق : [بسيط]
(٢) ما بالمدينة دار غير واحدة |
|
دار الخليفة الّا دار مروانا |
جعلوا غير صفة بمنزلة مثل ومن جعله استثناء لم يكن له بدّ من أن ينصب أحدهما ، وهو قول ابن أبي اسحق ، وأما إلا زيد فانه لا يكون بمنزلة مثل الّا صفة ، ولو قلت ما أتاني الّا زيد الّا أبو عبد الله كان جيّدا اذا كان أبو عبد الله زيدا ولم يكن غيره لأنّ هذا يكرّر توكيدا كقولك رأيت زيدا زيدا وقد يجوز أن يكون غير زيد على الغلط والنسيان كما يجوز أن تقول رأيت زيدا عمرا لأنه انما أراد عمرا فنسى فتدارك ومثل ما أتاني الا زيد الّا أبو عبد الله اذا أراد أن يبيّن ويوضح قوله : [رجز]
__________________
(٥٦٦) الشاهد فيه بدل الا وما بعدها من قوله غير أجلاد لأنه أنزل غيرا منزلة مثل في وضعها للاخبار عنها ولم يقصد بها معنى الاستثناء فينصبها لتقدمها على الا والتقدير لم يبق منا شيء هو غير أجلادنا الا بقيات أنفاسنا ويروى غير أجساد وانما قال هذا في محاربته الأزارقة وكان أحد من عقد له في محاربتهم ومعنى تحشرجها نرددها في حلوقنا يريد اشرافهم على الموت لما هم فيه من الشدة في الحرب.
(٥٦٧) الشاهد فيه اجراء غير على الدار نعتالها فلذلك رفع ما بعد الّا والمعنى ما بالمدينة دار هي غير واحدة وهي دار الخليفة الّا دار مروان وما بعد الّا بدل من دار الأولى ، ولو جعل غير واحدة استثناء بمنزلة الّا واحدة لجاز نصبها على الاستثناء ورفعها على البدل واذا رفعت على البدل نصب ما بعد الا ، لأنه استثناء بعد استثناء ، فلا بد من رفع أحدهما ونصب الآخر على ما بينه في الباب ومعنى غير واحدة اذا كانت غير نعتا أي هي مفضلة على دور ودار الخليفة تبيين للدار الأولى وتكرير وأراد بمروان مروان بن الحكم.