بها مع غدوة وكما أن التاء لا تجرّ في القسم ولا في غيره الا في الله اذا قلت تالله لأفعلنّ ، ومثل ذلك قوله عزوجل (ما هذا بَشَراً) في لغة أهل الحجاز وبنو تميم يرفعونها الا من عرف كيف هي في المصحف ، فاذا قلت ما منطلق عبد الله أو ما مسىء من أعتب رفعت ولا يجوز أن يكون مقدما مثله مؤخرا كما أنه لا يجوز أن تقول إن أخوك عبد الله على حد قولك إن عبد الله أخوك لانها ليست بفعل وانما جعلت بمنزلته فكما لا تتصرف إنّ كالفعل كذلك لم يجز فيها كلّ ما يكون في الفعل ولم تقو قوته فكذلك ما وتقول ما زيد الا منطلق تستوي فيه اللغتان ومثله قوله عزوجل (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) لم تقوما حيث نقضت معنى ليس كما لم تقو حين قدمت الخبر فمعنى ليس النفي كما أن معنى كان الواجب فكلّ واحدة منهما يعني كان وليس اذا جردتّها فهذا معناها فان قلت ما كان أدخلت عليها ما ينفي وأن قلت ليس زيد إلا ذاهبا أدخلت ما يوجب كما أدخلت ما ينفي فلم تقو ما في قلب المعنى كما لم تقو في تقديم الخبر وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق : [بسيط]
(١) فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش واذ ما مثلهم بشر |
وهذا لا يكاد يعرف كما أن لات حين مناص لا يكاد يعرف وربّ شيء هكذا وهذا كقول بعضهم هذه ملحفة جديدة في القلة وتقول ما عبد الله خارجا ولا معن ذاهب
__________________
(٤٢) استشهد به على تقديم خبر ما منصوبا والفرزدق تميمى يرفعه مؤخرا فكيف اذا تقدم وقد رد سيبويه حمله على هذا وخرج للنصب وجهان أضربت عنهما لتبييني لهما في كتاب النكت والذي حمله عليه سيبويه أصح عندي وان كان الفرزدق تميميا لانه أراد أن يخلص المعنى من الاشتراك فلا يبالي افساد اللفظ مع اصلاح المعنى وتحصينه وذلك انه لو قال واذ ما مثلهم بشر بالرفع لجاز أن يتوهم أنه من باب ما مثلك أحد اذا نفيت عنه الانسانية والمروءة فاذا قال ما مثلهم بشر بالنصب لم يتوهم ذلك وخلص المعنى للمدح دون توهم الذم فتأمله تجده صحيحا والشعر موضع ضرورة يحتمل فيه وضع الشيء في غير موضعه دون احراز فائدة ولا تحصيل معنى وتحصينه فكيف مع وجود ذلك وسيبويه رحمهالله ممن عنى بتصحيح المعاني وان اختلفت الالفاظ فلذلك وجهه على هذا وان كان غيره أقرب الى القياس في الظاهر* مدح بالشعر بني أمية فيقول كان ملك العرب في الجاهلية لغير قريش وسائر مضر وكانوا أحق به لفضلهم على جميع البشر فقد أصبحوا والاسلام والملك فيهم فعاد اليهم ما خرج عن غيرهم مما كان واجبا لهم بفضلهم.