جعل ما بقي بعد ما حذف بمنزلة اسم لم يحذف منه شيء كما جعل ما بقي بعد حذف الهاء بمنزلة اسم لم تكن فيه الهاء ، قال رجل من بني مازن : [طويل]
(١) عليّ دماء البدن إن لم تفارقي |
|
أبا حردب ليلا وأصحاب حردب |
وقال وهو مصنوع على طرفة وهو لبعض العباديّين : [متقارب]
(٢) أسعد بن مال ألم تعلموا |
|
وذو الرأي مهما يقل يصدق |
واعلم أنّ كلّ اسم على ثلاثة أحرف لا يحذف منه شيء اذا لم يكن آخره الهاء ، فزعم الخليل أنهم خفّفوا هذه الأسماء التي ليست أواخرها الهاء ليجعلوا ما كان على خمسة على أربعة وما كان على أربعة على ثلاثة ، فانما أرادوا أن يقرّبوا الاسم من الثلاثة أو يصيّروه اليها وكان غاية التخفيف عندهم لأنه أخفّ شيء عندهم في كلامهم ما لم ينتقص فكرهوا أن يحذفوه اذا صار قصاراهم أن ينتهوا اليه.
واعلم أنه ليس من اسم لا تكون في آخره الهاء يحذف منه شيء اذا لم يكن اسما غالبا نحو زيد وعمرو من قبل أن المعارف الغالبة أكثر في الكلام وهم لها أكثر استعمالا وهم لكثرة استعمالهم إياها قد حذفوا منها في غير النداء نحو قولك هذا زيد بن عمرو ولم يقولوا هذا زيد ابن أخيك ، ولو حذفت من الأسماء غير الغالبة لقلت في مسلمين يا مسلم أقبلوا وفي راكب يا راك أقبل ، الا أنهم قد قالوا يا صاح وهم يريدون يا صاحب وذلك لكثرة استعمالهم هذا الحرف فحذفوا كما قالوا لم أبل ولم يك ولا أدر.
__________________
(٥٠٢) الشاهد فيه ترخيم حردبة في غير النداء ضرورة ، واجراؤه بعد الترخيم مجرى غير المرخم في الاعراب ، كما تقدم* يخاطب ناقته ويأمرها بمفارقة أبي حردبة ، وكان لصا قاطعا ، وكان من أصحابه فتاب وأراد أصحاب أبي حردبة فحذف ضرورة لعلم السامع ، والبدن جمع بدنة وهي الناقة تتخذ للنحر ، وأراد هنا نحرها بمكة نذرا وخاطب ناقته وهو يريد نفسه اتساعا ومجازا.
(٥٠٣) الشاهد فيه ترخيم مالك كالذي تقدم ، وسعد بن مالك حي من بكر بن وائل وهم رهط طرفة بن العبد ، والبيت مضمن بما فيه تفسير المعلوم الذي قرره عليهم.