رجل أي أتاك الضّعفاء فاذا قال ما أتاك أحد صار نفيا عاما لهذا كلّه فانما مجراه في الكلام هذا ، ولو قلت ما كان مثلك أحدا وما كان زيد أحدا كنت ـ ناقضا لأنه قد علم أنه لا يكون زيد ولا مثله الا من الناس واذا قلت ما كان مثلك اليوم أحد فانه يكون أن لا يكون في اليوم انسان على حاله إلا أن تقول ما كان زيد أحدا أي من الاحدين وما كان مثلك أحدا على وجه تصغيره فتصير كأنّك قلت ما ضرب زيد أحدا وما قتل مثلك أحدا والتقديم والتأخير في هذا بمنزلته في المعرفة وما ذكرت لك من الفعل ، وحسنت البكرة هيهنا في هذا الباب لانك لم تجعل الأعرف في موضع الأنكر ، وهما متكافئان كما تكافأت المعرفتان ولأن المخاطب قد يحتاج الى علم ما ذكرت لك وقد عرف من تعنى بذلك كمعرفتك ، وتقول ما كان فيها أحد خير منك وما كان أحد مثلك فيها وليس أحد فيها خير منك اذا جعلت فيها مستقرا ولم تجعله على قولك فيها زيد قائم أجريت الصفة على الاسم ، فان جعلته على قولك فيها زيد قائم نصبت تقول ما كان فيها أحد خيرا منك وما كان أحد خيرا منك فيها الا أنك اذا أردت الالغاء فكلما أخّرت الذي تلغي كان أحسن واذا أردت أن يكون مستقرّا تكتفي به فكلما قدّمته كان احسن لانه اذا كان عاملا في شىء قدمته كما تقدّم أظنّ وأحسب واذا ألغيت أخّرته كما تؤخرهما لانهما ليسا يعملان شيئا والتقديم هيهنا والتأخير فيما يكون ظرفا أو يكون اسما في العناية والاهتمام مثله فيما ذكرت لك في باب الفاعل والمفعول ، وجميع ما ذكرت لك من التقديم والتأخير والالغاء والاستقرار عربيّ جيّد كثير فمن ذلك قوله عزوجل (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) وأهل الجفاء من العرب يقولون ولم يكن كفوا له أحد كانهم أخّروها حيث كانت غير مستقر ، وقال الشاعر : [رجز]
(١) لتقربنّ قربا جلذيا |
|
ما دام فيهنّ فصيل حيّا |
فقد دجا الليل فهيّا هيّا |
__________________
(٤٠) استشهد به على تقديم فيهن على فصيل وجعله لغوامع التقديم وسوّغ ذلك أنك لو حذفت انقلب المعنى الى معنى آخر وهو الابد فلما لم تتم الفائدة الا به حسن تقديمه لمضارعته الخبر في الفائدة* يخاطب ناقته فيقول لتسيرن الى الماء مسيرا حثيثا ، والقرب القرب من الورود وليلة القرب التي يورد الماء في صبيحتها بعد سير اليه وطلب ، والجلذي من وصف ـ