وهم كثير منهم الفرزدق والبيت له ، وقد قال بعضهم كم على كل حال منوّنة ولكن الذين جرّوا في الخبر أضمروا من كما جاز لهم أن يضمروا ربّ ، وزعم الخليل أن قولهم لاه أبوك ولقيته أمس إنما هو على لله أبوك ولقيته بالامس ، ولكنهم حذفوا الجارّ والألف واللام تخفيفا على اللسان ، وليس كلّ جارّ يضمر لأن المجرور داخل في الحار فصارا عندهم بمنزلة حرف واحد فن ثم قبح ، ولكنهم قد يضمرونه ويحذفونه فيما كثر في كلامهم لأنهم الى تخفيف ما أكثروا استعماله أحوج ، وقال العنبري. [طويل]
(١) وجدّاء ما يرجى بها ذو قرابة |
|
لعطف وما يخشى السّماة ربيها |
وقال امرؤ القيس : [طويل]
(٢) ومثلك بكرا قد طرقت وثيّبا |
|
فألهيتها عن ذي تمائم مغيل |
أي ربّ مثلك ، ومن العرب من ينصبه على الفعل ، وقال الشاعر : [طويل]
(٣) ومثلك رهبى قد تركت رذيّة |
|
تقلّب عينيها اذا مرّ طائر |
__________________
(٤٣٢) الشاهد فيه خفض جداء على اضمار رب وقد تقدمت علة اضمارها واختلاف النحويين في تقديرها ، والجداء فلاة لا ماء بها وأصلها من الجد وهو القطع لانقطاع مائها والسماة جمع سام وهو الذي يسمو لصيد الوحش في سموم الحر عند كنوسها ، ويقال له المستمى ايصا ، والربيب ما تربب من الوحش فيها ، والمعنى انها فلاة لا ماء فيها ولا عمران فيكون فيها ربيب من الوحش يصاد فيخشى الصائد ، أي لا وحش بها لبعدها عن العمران وقلة خيرها.
(٤٣٣) الشاهد فيه خفض مثلك على اضمار رب ونصبه على الفعل الذي بعده ، ويروى «ومثلك حبلى قد طرقت ومرضعا» * يقول أنا محبب الى الحبالى من النساء والمراضع على زهدهن في الرجال فكيف الأبكار الراغبات فيهم والتمائم معاذ تعلق على الصبيان واحدتها تميمة ، والمغيل المرضع وامه حبلى ، ويقال هو الذي يرضع وامه توطأ.
(٤٣٤) الشاهد فيه نصب مثلك بالفعل الذي بعده ، ويجوز جره على اضمار رب والقول فيه كالقول في الذى قبله ، يخاطب ناقته والرهبى والخائفة والرذية المعيية الساقطة أي أعملتها في السفر حتى أودعتها الطريق فكلما مر عليها طائر قلبت عينيها رهبة منه وخوفا أن يقع عليها ليأكل منها.