الله لا أفعل لم يكن إلا الجرّ وذلك أنه يريد لا والله ولكنه صارها عوضا من اللفظ بالحرف الذي يجرّ وعاقبه ، ومثل ذلك أالله لتفعلنّ اذا استفهمت أضمروا الحرف الذي يجرّ وحذفوا تخفيفا على اللسان ، وصارت ألف الاستفهام بدلا منه في اللفظ معاقبا.
واعلم أنّ كم في الخبر بمنزلة اسم يتصرّف في الكلام غير منوّن يجرّ ما بعده اذا أسقط التنوين وذلك الاسم نحو مائتي درهم فانجرّ الدرهم لأنّ التنوين ذهب ودخل فيما قبله والمعنى معنى ربّ وذلك قولك كم غلام لك قد ذهب ، فان قال قائل ما شأنها في الخبر صارت بمنزلة اسم غير منوّن فالجواب فيه أن تقول جعلوها في المسألة مثل عشرين وما أشبهها وجعلت في الخبر بمنزلة ثلاثة الى العشرة تجرّ ما بعدها كما جرّت هذه الحروف ما بعدها ، فجاز ذا في كم حين اختلف الموضعان كما جاز في الأسماء المتصرّفة التي هي للعدد.
واعلم أن كم في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه ربّ لأن المعنى واحد إلا أنّ كم اسم وربّ غير اسم بمنزلة من والدليل عليه أن العرب تقول كم رجل أفضل منك تجعله خبركم أخبرناه يونس عن أبي عمرو.
واعلم أن ناسا من العرب يعملونها فيما بعدها في الخبر كما يعملونها في الاستفهام فينصبون بها كأنها اسم منوّن ويجوز لها أن تعمل في هذا الموضع في جميع ما عملت فيه ربّ إلا أنّها تنصب لأنها منوّنة ومعناها منوّنة وغير منوّنة سواء لأنه لو جاز في الكلام أو اضطرّ شاعر فقال ثلاثة أبوابا كان معناه معنى ثلاثة أبواب ، وقال يزيد بن ضبّة : [وافر]
اذا عاش الفتى مائتين عاما |
|
فقد ذهب المسرّة والفتاء |
وقال الآخر :
أنعت عيرا من حمير خنزره |
|
في كلّ عير مائتان كمره |
وبعض العرب ينشد قول الفرزدق : [كامل]
(١) كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشارى |
__________________
(٤٣١) ويجوز في قوله كم عمة الرفع والنصب والجر والرفع على الابتداء وتكون كم لتكثير المرار والتقدير كم مرة حلبت علي عشاري عمة لك وخالة ، والنصب على أن تجعل كم استفهاما أو خبرا في لغة من ينصب بها في الخبر ، والجر على أن تكون كم خبرا بمنزلة رب.