أمّة كلّ واحد منهم رجل وضممت اليه شيئا من أمّة كلّهم يقال له أخ ولو قلت وأخيه وأنت تريد شيئا بعينه كان محالا ، وقال : [طويل]
(١) وأىّ فتى هيجاء أنت وجارها |
|
اذا ما رجال بالرجال استقلّت |
فالجار لا يكون فيه أبدا هيهنا إلا الجرّ لأنه لا يريد أن يجعله جار شىء آخر فتى هيجاء ولكنه جعله فتى هيجاء وجار هيجاء ولم يرد أن يعني انسانا بعينه لأنه لو قال أيّ فتى هيجاء أنت وزيد لجعل زيدا شريكه في المدح ، ولو رفعه على أنت لو قال أيّ فتى هيجاء أنت وجارها لم يكن فيه معنى أيّ جارها الذي هو في معنى التعجّب ، وقال الاعشى : [متقارب]
(٢) وكم دون بيتك من صفصف |
|
ودكداك رمل وأعقادها |
ووضع سقاء وإحقابه |
|
وحلّ حلوس وإغمادها |
__________________
(٣٥٩) الشاهد فيه عطف جارها على فتى هيجاء والتقدير أي فتى هيجاء وأي جارها أنت فجارها نكرة لأن ايا اذا أضيفت الى واحد لم يكن الا نكرة لانه فرد الجنس فجارها وان كان مضافا الى ضمير هيجاء فهو نكرة في المعنى لأن ضمير الهيجاء في الفائدة مثلها فكأنه قال أي فتى هيجاء وأي جار هيجاء أنت ، ولا يجوز رفعه لانه اذا رفع فهو على أحد وجهين إما أن يكون عطفا على أي أو عطفا على أنت ، فان كان عطفا على أي وجب أن تكون باعادة حرف الاستفهام وخرج عن معنى المدح فيصير أي فتى هيجاء وأجارها أنت ، وان كان عطفا على أنت صار التقدير أي فتى هيجاء أنت والذي هو جار الهيجاء فكأنه قال أنت ورجل آخر جار هيجاء ولم يقصد الشاعر الى هذا ، والهيجاء الحرب وأراد بفتاها القائم بها المبلى فيها وبجارها المجير منها الكافي لها ، ومعنى استقلت نهضت.
(٣٦٠) الشاهد في قوله وأعقادها وفي قوله واحقابه واغمادها وحملها كلها وهي مضافة الى الضمائر على الأسماء المجرورة بمن وهي أسماء منكورة لوقوعها موقع المنصوب على التمييز والقول في جواز هذا كالقول في جواز الذي تقدم قبله* وصف بعد المسافة بينه وبين الممدوح الذي قصده ليستوجب بذلك جائزته والصفصف المستوى من الارض الذي لا ينبت يريد الفلاة ، والدكداك من الرمل المستوى ، والاعقاد جمع عقد ، وهو المنعقد من الرمل ـ