كل شيء من اسماء الحدث ويتعدى هذا الفعل الى كل ما اشتقّ من لفظه اسما للمكان والى المكان لانه اذا قال ذهب أو قعد فقد علم أن للحدث مكانا ، وان لم يذكره كما علم أنه قد كان ذهاب وذلك قولك ذهبت المذهب البعيد ، وجلست مجلسا حسنا ، وقعدت مقعدا كريما ، وقعدت المكان الذي رأيت ، وذهبت وجها من الوجوه ، وقد قال بعضهم ذهبت الشام شبهه بالمبهم اذ كان مكانا يقع عليه المكان والمذهب وهذا شاذّ لانه ليس في ذهب دليل على الشام وفيه دليل على المذهب والمكان ، ومثل ذهبت الشام دخلت البيت ، ومثل ذلك قول ساعدة بن جؤيّة الهذلي :
(١) لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه |
|
فيه كما عسل الطّريق الثّعلب |
ويتعدّى الى ما كان وقتا في الأماكن كما يتعدى الى ما كان وقتا في الأزمنة لأنه وقت يقع في الأماكن ولا يختصّ به مكان واحد كما أن ذاك وقت في الأزمان لا يختصّ به زمن بعينه ، فلما صار بمنزلة الوقت في الزمن ، كان مثله لانك قد تفعل بالاماكن ما تفعل بالازمنة وان كان اقوى في ذلك وكذلك كان ينبغي أن يكون اذ صار فيما هو أبعد نحو ذهب الشام وهو قولك : ذهبت فرسخين وسرت ميلين كما تقول ذهبت شهرين وسرت يومين ، وإنما جعل في الزمان أقوى لأن الفعل بنى لما مضى منه وما لم يمض ففيه بيان الفعل متى وقع كما أن فيه بيان أنه قد وقع المصدر وهو الحدث والاماكن لم يبن لها فعل وليست الاماكن بمصادر اخذ منها الأمثلة فالاماكن الى الأناسىّ ونحوهم اقرب ، ألا ترى أنهم يختصونها باسماء كزيد وعمرو في قولهم مكة وعمان ونحوهما ، ويكون فيها خلق لا تكون لكل مكان ولا فيه كالجبل والوادي والبحر ، والدهر ليس كذلك والاماكن لها جثّة وانما الدهر مضيّ الليل والنهار فهو الى الفعل اقرب.
__________________
(٢٠) استشهد به على وصول الفعل الى الطريق وهو اسم خاص للموضع المستطرق بغير واسطة حرف تشبيها بالمكان لأن الطريق مكان وهو نحو قول العرب : ذهبت الشام الا أن الطريق اقرب الى الإبهام من الشام لان الطريق تكون في كل موضع يسار فيه وليس الشام كذلك* وصف في البيت رمحا لين الهزفشبه اضطرابه في نفسه او في حال هزه بعسلان الثعلب في سيره ، والعسلان سير سريع في اضطراب ، واللدن الناعم اللين ، ويروى لذ أي مستلذ عنه الهز للينه والهاء من فيه يعود على اللدن او على الهز على حسب التفسير.