قبيح ولكن العباد كلّموا بكلامهم وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون فكأنّه والله أعلم قيل لهم (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم لأن هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشرّ والهلكة فقيل هؤلاء ممن دخل الشر والهلكة ووجب لهم هذا ، ومثل ذلك قوله تعالى (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) فالعلم قد أتى من وراء ما يكون ولكن اذهبا أنتما في رجائكما وطمعكما ومبلغكما من العلم ، وليس لهما أكثر من ذا ما لم يعلما ومثله قاتلهم الله فانما أجرى هذا على كلام العباد وبه أنزل القرآن ، وتقول ويل له ويل طويل ، فان شئت جعلته بدلا من المبتدإ الأول ، وان شئت جعلته صفة له ، وان شئت قلت ويل لك ويلا طويلا تجعل الويل الآخر غير مبدل مبتدإ ولا موصوف به ولكنك تجعله دائما أي ثبت لك الويل دائما ، ومن هذا الباب فداء لك أبي وأمي وحمى لك أبي ووقاء لك أمي ، ولا تقول عولة لك إلا أن تكون قبلها ويلة لك ولا تقول عول لك حتى تقول ويل لك لأن هذا تبع لهذا كما أن ينوءك يتبع يسوءك ولا يكون ينوءك مبتدئا ، وأعلم أن بعض العرب يقول ويلا له ، وويلة له وعولة يجريها مجرى خيبة ، من ذلك قول الشاعر : [طويل]
(١) كسا اللّؤم تيما خضرة في جلودها |
|
فويلا لتيم من سرابيلها الخضر |
ويقول الرجل يا ويلاه فيقول الآخر ويلا كيلا كأنّه يقول لك ما دعوت به ويلا كيلا يدلّك على ذلك قولهم اذا قال يا ويلاه كيلا أي كذاك أمرك أولك الويل ويلا
__________________
(٢٧٠) الشاهد فيه قوله فويلا بالنصب والاكثر في كلامهم رفعه بالابتداء وان كان نكرة لأنه في معنى المنصوب كما تقدم ومعنى الويل القبوح وهو مصدر لا فعل له يجرى عليه لاعتلال فائه وعينه وما يلزم من النقل في تصريف فعله لو استعمل فاطرح لذلك* هجاتيم بن عبد مناة بن أد ، وهم تيم عدي رهط عمرو بن لجا الخارجي ، وجعل لها سرابيل سودا من اللؤم بادية عليهم على طريق المثل لأنهم يقولون في الكريم النقي العرض فلان طاهر الثوب أبيض السربال والخضرة هنا السوداء والسربال القميص.