[باب أيضا من المصادر ينتصب باضمار الفعل المتروك إظهاره]
ولكنها مصادر وضعت موضعا واحدا لا تتصرّف في الكلام تصرّف ما ذكرنا من المصادر وتصرّفها أنّها تقع في موضع الجرّ والرفع ويدخلها الألف واللام ، وذلك قولك سبحان الله ومعاذ الله وريحانه وعمرك الله إلّا فعلت وقعدك الله إلّا فعلت ، كأنّه حيث قال سبحان الله قال تسبيحا وحيث قال وريحانه قال وإسترزاقا لأنّ معنى الريحان الرزق فنصب هذا على أسبّح الله تسبيحا وأسترزق الله استرزاقا فهذا بمنزلة سبحان الله وريحانه ، وخزل الفعل هيهنا لأنه بدل من اللفظ بقوله أسبّحك وأسترزقك وكأنّه حيث قال معاذ الله قال عياذا بالله وعياذا انتصب على أعوذ بالله عياذا ، ولكنهم لم يظهروا الفعل هيهنا كما لم يظهر في الذي قبله ، وكأنّه حيث قال عمرك الله وقعدك الله قال عمّرتك الله بمنزلة نشدتك الله فصارت عمرك الله منصوبة بعمّرتك الله كأنك قلت عمّرتك عمرا ونشدتك نشدا ولكنهم خزلوا الفعل لأنهم جعلوه بدلا من اللفظ به ، قال الشاعر : [بسيط]
(١) عمّرتك الله إلا ما ذكرت لنا |
|
هل كنت جارتنا أيام ذي سلم |
فقعدك الله يجرى هذا المجرى وإن لم يكن له فعل وكأن قوله عمرك الله وقعدك الله بمنزلة نشدك الله وان لم يتكلّم ينشدك الله ، ولكن زعم الخليل أنه تمثيل يمثّل به ، قال الشاعر أيضا (وهو ابن أحمر) : [كامل]
(٢) عمّرتك الله الجليل فانني |
|
ألوي عليك لو أنّ لبّك يهتدى |
__________________
(٢٦٥) الشاهد فيه قوله عمرتك الله ووضعه موضع عمرك الله فاستدل سيبويه على أن عمرك وضع بدلا من اللفظ بالفعل فلزمه النصب بذكر الفعل مجردا في البيت ومعنى عمرتك الله ذكرتك به وأصله من عمارة الموضع فكأنه جعل تذكيره عمارة لقلبه ، وذو سلم موضع بعينه وما بعد الا زائدة للتوكيد والا جواب لقوله عمرتك بمنزلة اللام في قوله الله لتفعلن وقد بينت علة دخولها في مثل هذا على اللام في كتاب النكت.
(٢٦٦) القول فيه كالقول في الذي قبله ومعنى ألوي أعطف وأعرّج واللب العقل أي قد وعظتك وتهمت بارشادك لو اهتديت وجعل الفعل للب مجازا لأنه سبب اهتدائه وجواب عمرتك فيها بعد البيت.