الوجوب هو ما دخل تحت الطلب من طرف المولى ، فهل هو عبارة عن المقدّمة بوصف الموصليّة إلى ذي المقدّمة المنتزع من ذي المقدّمة ، أي المقدّمة المقيّدة بوجود ذيها ، أو أنّ المراد منها عبارة عن الحصّة التوأمة مع وجود ذي المقدّمة كما هو المستفاد من كلام المحقّق العراقي ، أو المراد منها العلّة التامّة ، أو الحصّة ـ من المقدّمة ـ الملازمة لوجود ذي المقدّمة ـ لا المقيَّدة بوجوده ـ كما هو المستفاد من كلام المحقّق الأصفهاني؟
والحاصل : إنّ المحقّق الاصفهاني يرى أنّ المراد من المقدّمة هي الحصّة منها الملازمة لوجود ذيها ، هذا في تقريب. وفي تقريب آخر : أنّ المراد هو العلّة التامّة. وعلى كلّ منهما فإشكال الكفاية من اجتماع المثلين ، وكذا ما طرحناه أخيراً من اجتماع المتأخّر والمتقدّم في الشيء الواحد ... يرتفع ....
قال قدّس الله روحه (١) :
إنّ المراد من المقدّمة ما يكون مقدّمةً لذيها بالفعل لا بالقوّة ، فالحطب مقدّمة للطبخ ، لكنه تارةً : مقدّمة بالقوّة وهو ما كان قبل الاشتعال ، وأُخرى : بالفعل وهو ما كان مشتعلاً ، وهاتان حصّتان من وجود الحطب ، وكذا الكلام في اشتراط الشيء بشرطٍ ، فإنّه تارة يكون شرطاً بالقوّة وأُخرى بالفعل ، فإنْ كان المقتضي بالفعل فسيكون الشرط أيضاً فعليّاً ، كما في يبوسة الحطب ومماسّته للنار من أجل الاحتراق ، فلا يمكن تماميّة الاقتضاء إلاّ مع فعليّة الشرط ، وإذا تمّ الأمران ، أصبح المشروط والمقتضى فعليّاً ....
وعلى الجملة ، فإنّه يوجد تلازم بين أجزاء العلّة ، ويوجد تلازم بين أجزاء العلّة ـ المقدّمة ـ مع المعلول ، وهو ذوها.
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ١٣٨ ـ ١٣٩.