وعلى هذا ، فترك الصّلاة من ناحية ترك الوضوء منجّز ، لأنّ المفروض تحقّق العلم بوجوب الوضوء سواء كان نفسيّاً أو غيريّاً ، وإذا تعلّق العلم بالوضوء كان ترك الصّلاة من جهة ترك الوضوء مورداً للمؤاخذة ، لقيام الحجة من ناحية المولى عليه ، بخلاف ما لو تركت الصّلاة من جهة غير الوضوء ، لعدم وجود البيان والحجّة منه ، وعلى الجملة ، فقد تحقّق التنجيز بالنسبة إلى الصّلاة من حيث الوضوء ، أمّا بالنسبة إلى الصّلاة فلا ، بل الشبهة فيها بدويّة ، فالبراءة جارية في الصّلاة ، لكن وجوب الوضوء نفسي.
وتحصّل : أنّ التفكيك في التنجّز يجري في أجزاء المركب ، ويجري في القيود والشرائط ، ولا يختص بالأجزاء.
فلا يرد على الميرزا الإشكال بذلك (١).
وأورد عليه : بأن موردنا من قبيل دوران الأمر بين المتباينين ، وليس من الأقلّ والأكثر ، لأن طرفي العلم الإجمالي هما الوضوء والصّلاة ، والنسبة بينهما هو التباين.
وفيه : إنّه منقوض بالموارد التي تكون نسبة الجزء إلى الكلّ بحيث لا يطلق على الجزء عنوان الكلّ ـ كما هو في الإنسان والرقبة مثلاً ـ فلو علمنا بمقدارٍ من الأجزاء هي في العرف في مقابل المركب لا بعضه ، وتردّد الأمر بينه وبين سائر الأجزاء ، كان لازم ما ذكر عدم جريان البراءة. مثلاً : الصّلاة مركّبة من أجزاء أوّلها التكبير وآخرها التسليم ، فلو تعلّق العلم بالتكبير وحده وشكّ في الزائد تجري البراءة عنه ، مع أنّ النسبة بين التكبير والصّلاة هو التغاير والتباين ، إذ لا يصدق عنوان الصّلاة على التكبير وحده.
__________________
(١) منتقى الأُصول ٢ / ٢٣١.