حتى يحكم عليه بحكمٍ ـ بأن يجرّد المفهوم من الوجود ويتصوّر وحده في الذهن ، ثم يحكم عليه.
وأُخرى : نجعل الموضوع واقع الوجود؟ كأن نقول : «كنه الوجود في غاية الخفاء». لكن إذا كان واقعه غير قابلٍ للتصوّر ، فكيف يجعل موضوعاً ويحكم عليه بحكم من الأحكام؟
إن غاية ما قيل في الجواب هو : إن مفهوم الوجود ، إن لوحظ بلحاظ ما فيه ينظر ، كان موضوعاً لأحكام نفس المفهوم ، وإن لوحظ بلحاظ ما به ينظر ، كان موضوعاً لأحكام واقع الوجود ، وفي قولنا : «كنه الوجود في غاية الخفاء» جعلنا مفهوم الوجود بما فيه ينظر بالنسبة إلى واقع الوجود.
فقال : بأن متعلّق الطلب هو مفهوم وجود الطبيعة ، لكن بلحاظه مرآةً لوجود الطبيعة ، خلافاً لصاحب الكفاية ، إذ قال بأن المتعلّق هو وجود الطبيعة.
المقدمة الثالثة : إن متعلّق الطلب لا بدّ وأن يكون فيه جهة وجدان وجهة فقدان ، وأمّا الفاقد من جميع الجهات فلا يصلح لأن يتعلّق به الطلب ، لأنه معدوم والمعدوم لا يتقوّم وجود الطلب به ، وكذا لو كان واجداً من جميع الجهات ، فإن طلب ما كان كذلك طلب للحاصل وهو محال.
وبعد المقدمات : إن متعلّق الطلب والإرادة هو الوجود الفرضي للموجود التحقيقي الخارجي ، فإنّه في عالم الفرض يفرض وجود شيء فيتعلّق الإرادة والطلب والشوق به لأن يوجد خارجاً ، فالمتعلّق هو ما في يفرض أنه موجود في الخارج ... وكذلك الحال في جميع الإرادات التكوينيّة ، إذ المتعلّق لها هو الموجود بالحمل الشائع لكن بالوجود الفرضي ، ووزان الإرادة التشريعيّة وزان الإرادة التكوينيّة ، فيكون المتعلّق لها هو الوجود التحقيقي الموجود بالوجود