في غيره ... لكن الإنسانية الموجودة بوجود زيد غير الموجودة بوجود عمرو ... وهكذا ، كما أنّ وجود كلّ منهم يغاير وجود الآخر ... إلاّ أن الإنسانيّة ـ الحيوانيّة الناطقية ـ موجودة ووجودها يكون أوّلاً وبالذات ، ويكون وجود الإنسان : زيد وعمرو ... ثانياً وبالعرض ، أي بتبع وجود الإنسانيّة ، وهذا معنى قولهم : «الحق أن الطبيعي موجود بوجود فرده».
فظهر المراد من الحصّة والطبيعة والفرد ، وخلاصة ذلك أن :
الحصّة عبارة عن الإنسانية الموجودة بوجود خاص :
والطبيعة عبارة عن الجهة المشتركة بين الإنسانيّات الموجودة ، ووجود هذه الجهة يكون بوجود الأفراد ، كنسبة الآباء إلى الأبناء.
والفرد قد يطلق ويراد منه الوجود ، بناءً على أصالة الوجود ، إذ الوجود متفرّد بذاته وهو عين الفردية ، وقد يطلق ويراد منه الماهيّة ، وهو الفرد بالعَرَض.
وقد ذكروا أن الماهيّة على قسمين : ما يقبل الصّدق على كثيرين وهو الطبيعة غير المتحصّصة ، وما لا يقبله وهو الماهيّة المتحصّصة أي المتشخّصة. فالإنسانية تصدق على كثيرين ، أمّا إنسانية زيد فلا ، كما أن الوجود كذلك ، فلا يقبل الصّدق على كثيرين لأنه سالبة بانتفاء الموضوع ، بخلاف الماهيّة المتشخّصة ، فهي في ذاتها تقبل الصّدق على كثيرين ، لكنّها بإضافتها إلى الوجود سقطت عن القابليّة لذلك ، فكان عدم القابليّة للصّدق على كثيرين فيها بالعرض ، كما كان في الوجود بالذات.
المقدمة الثانية : تارةً : نجعل الموضوع في القضيّة مفهوم الوجود كأن نقول : «مفهوم الوجود من أعرف الأشياء» ، أي : إنه بديهي التصوّر ، وهذا من أحكام مفهوم الوجود ، ـ لا من أحكام واقع الوجود ، لاستحالة تصوّر واقع الوجود