بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

قال سفيان بن عيينة : ينتفع بعلمي غيري وأنا قد حرّمت نفسي نفعها ، ولا تحلّ الفتيا في الحلال والحرام بين الخلق إلّا لمن كان أتبع الخلق من أهل زمانه وناحيته وبلده بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . (١) قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لقاض : هل تعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال : لا . قال : فهل أشرفت على مراد الله عزّ وجلّ في أمثال القرآن ؟ قال : لا . قال : إذاً هلكت وأهلكت : والمفتي يحتاج إلى معرفة معاني القرآن وحقائق السنن وبواطن الإشارات والآداب و الإجماع والاختلاف والاطّلاع على اُصول ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه ثمّ حسن الاختيار ثمّ العمل الصالح ثمّ الحكمة ثمّ التقوى ثمّ حينئذ إن قدر . (٢)

بيان : قوله ومن حكم بالخبر بلا معاينة أي بلا علم بمعنى الخبر ووجه صدوره وكيفيّة الجمع بينه وبين غيره .

٣٥ ـ غو : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده من الدين أكثر ممّا يصلحه .

٣٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك . (٣)

٣٧ـ جا : الجعابيّ ، عن عبد الله بن إسحاق ، عن إسحاق بن إبراهيم البغويّ ، عن أبي قطر ، عن هشام الدمتوانيّ ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عروة ، عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينزعه بين الناس (٤) ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، وإذا لم يبق عالم اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً فسألوهم فقالوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا .

٣٨ ـ جا : أبو غالب الزراريّ ، عن عمّه عليّ بن سليمان ، عن الطيالسيّ ، عن العلاء ، عن محمّد ، قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله ، ولا دين لمن

________________________

(١) الظاهر أن جملة « قال سفيان الخ » تكون لصاحب مصباح الشريعة ، لانهم عليهم السلام معادن العلوم والحكم ، ينحذر عنهم السبيل ولا يرقى إليهم الطير ، لم يحتاجوا إلى نقل كلام من الغير والاستشهاد به . كما أن المحتمل كون جملة « والمفتى يحتاج الخ » منه لا من الامام عليه السلام .

(٢) وفي نسخة : ثم الحكم حينئذ ان قدر .

(٣) تقدم الحديث مسندا تحت الرقم ٢٤ .

(٤) وفي نسخة : عن الناس .

١٢١
 &

دان بفرية باطل على الله ، ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله .

٣٩ ـ كش : حمدويه ، وإبراهيم ابنا نصير ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حسين بن معاذ ، عن أبيه معاذ بن مسلم النحويّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : بلغني أنّك تقعد في الجامع فتفتي الناس قال : قلت : نعم وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج ، إنّي أقعد في الجامع فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يقولون ، ويجيء الرجل أعرفه بحبّكم أو بمودّتكم فاُخبره بما جاء عنكم ، ويجيء الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو فأقول : جاء عن فلان كذا ، وجاء عن فلان كذا فاُدخل قولكم فيما بين ذلك قال : فقال لي : اصنع كذا فإنّي أصنع كذا .

٤٠ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء (١) وملائكة الأرض .

٤١ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من ترك قول لا أدري اُصيبت مقاتله .

بيان : أي من أجاب عن كلّ سؤال هلك ، وفي بعض النسخ : اُصبيت كلمته « بتقديم الموحّدة » أي اُميلت كلمته في الجواب إلى الجهل .

٤٢ ـ نهج : لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كلّ ما تعلم ، فإنّ الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتجُّ بها عليك يوم القيامة .

٤٣ ـ وقال عليه‌السلام : علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرُّك على الكذب حيث ينفعك ، وأن لا يكون في حديثك فضل عن علمك ، وأن تتّقي الله في حديث غيرك .

بيان : لعلّ الضرر محمول على ما لا يبلغ حدّاً يجب فيه التقيّة ، وحديث الغير يحتمل الرواية والغيبة وأشباههما ، أو المراد عدم مبادرة كلام الغير بالردّ وإنكاره مع العلم بحقّيّته حسداً ومراءاً .

٤٤ ـ نهج : في وصيّته للحسن عليه‌السلام : لا تقل ما لا تعلم وإن قلّ ما تعلم .

٤٥ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لو سكت من لا يعلم سقط الاختلاف .

________________________

(١) وفي نسخة : ملائكة السماوات .

١٢٢
 &

٤٦ ـ منية المريد : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : المتشبّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور .

بيان : قال في النهاية : فيه : المتشبّع بما لا يملك كلابس ثوبي زور أي المتكثّر بأكثر ممّا عنده ويتجمّل بذلك كالّذي يرى أنّه شبعان وليس كذلك ، ومن فعله فإنّما يسخر من نفسه وهو من أفعال ذوي الزور ، بل هو في نفسه زور أي كذب .

٤٧ ـ منية المريد : عن النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : من أفتى بفتيا من غير تثبّت ـ وفي لفظ : بغير علم ـ فإنّما إثمه على من أفتاه .

٤٨ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار .

٤٩ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبيّاً أو قتله نبيٌّ ، أو رجل يضلُّ الناس بغير علم ، أو مصوِّر يصوِّر التماثيل .

٥٠ ـ وروي عن القاسم بن محمّد بن أبي بكر (١) ـ أحد فقهاء المدينة المتّفق على

________________________

(١) أورد ابن خلكان ترجمته في « ج ١ من وفيات الاعيان ص ٤٥٦ ط ايران » وقال : أبو محمد القاسم بن محمد بن ابي الصديق نسبه معروف فلا حاجة الى رفعه ، كان من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، وكان أفضل أهل زمانه ، روى عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم ، وروى عنه جماعة من كبار التابعين . قال يحيى بن سعيد : ما أدركنا أحدا نفضّله على القاسم بن محمد . وقال مالك : كان القاسم من فقهاء هذه الامة . وقد تقدم في ترجمة زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام أنهما كانا ابني خالة ، وأن القاسم بن محمد والدته ابنة يزدجرد آخر ملوك الفرس وكذلك زين العابدين وسالم بن عمر ، والقصة مستوفاة هناك ، توفى سنة احدى او اثنتين ومائة ، وقيل : سنة ثمان وقيل سنة اثنتا عشرة ومائة « بقديد » وكان عمره سبعين سنة او اثنتين وسبعين سنة . وقديد ـ بضم القاف وفتح الدال المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة ـ هو منزل بين مكة و مدينة . انتهى كلامه . أقول عده الشيخ من اصحاب السجاد والباقر عليهما السلام في رجاله وروى الحميري في قرب الاسناد عن ابن عيسى البزنطي قال : ذكر عند الرضا عليه السلام القاسم بن محمد خال أبيه وسعيد بن المسيب فقال : كانا على هذا الامر . وقال الكليني في كتابه الاصول الكافي في باب مولد جعفر بن محمد عليهما السلام : ولد أبو عبد الله عليه السلام « الى أن قال » : وكان امّه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، وامها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر « ثم قال » : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن أحمد عليه السلام عن ابراهيم بن الحسن قال : حدثني وهب بن حفص ، عن اسحاق بن جرير ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : كان سعيد بن المسيّب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقاة علي بن الحسين عليهما السلام ، وكانت امي ممن آمنت واتقت وأحسنت والله يحب المحسنين .

١٢٣
 &

علمه وفقهه بين المسلمين ـ أنّه سئل عن شيء فقال : لا أحسنه فقال السائل : إنّي جئت إليك لا أعرف غيرك . فقال القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي والله ما أحسنه . فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يا ابن أخي ألزمها ، فقال : فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم . فقال القاسم : والله لأن يقطع لساني أحبّ إليّ أن أتكلّم بما لا علم لي به .

( باب ١٧ )

* ( ما جاء في تجويز المجادلة والمخاصمة في الدين والنهي عن المراء ) *

الايات ، آل عمران : هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٦٦

الاعراف : أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا نَزَّلَ اللَّـهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ٧١

النحل : وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ١٢٥

الكهف : فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ٢٢ « وقال تعالى » : وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ٥٤ « وقال تعالى » : وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا ٥٦

مريم : وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ٩٧

الحج : وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ ٣ « وقال تعالى » : وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ٨ ، ٩ « وقال تعالى » : وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ ٦٨

الفرقان : فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ٥۲

النمل : قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ٦٤

العنكبوت : وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ٤٦

١٢٤
 &

المومن : مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّـهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ٤ « وقال سبحانه » : وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ ٤ « وقال تعالى » : الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا ٣٥ « وقال سبحانه » : إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ٥٦ « وقال تعالى » : لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّـهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ ٦٩

حمعسق : وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّـهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ١٦ « وقال تعالى » : أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ١٨ « وقال تعالى » : وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ ٣٥

الزخرف : مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ٥٨

١ ـ ج : روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : نحن المجادلون في دين الله .

٢ ـ ج : بالإسناد عن أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام قال : ذكر عند الصادق عليه‌السلام الجدال في الدين ، وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومين عليهم السلام قد نهوا عنه ، فقال الصادق عليه السلام : لم ينه عنه مطلقا لكنّه نهي عن الجدال بغير الّتي هي أحسن . أما تسمعون الله يقول ؟ : وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ « وقوله تعالى » : ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ . فالجدال بالّتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين ، والجدال بغير الّتي هي أحسن محرّم وحرّمه الله تعالى على شيعتنا ، وكيف يحرّم الله الجدال جملة وهو يقول ؟ : وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ . « قال الله تعالى » : تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ . فجعل علم الصدق والإيمان بالبرهان وهل يؤتى بالبرهان إلّا في الجدال بالّتي هي أحسن ؟ قيل : يا ابن رسول الله فما الجدال بالّتي هي أحسن والّتي ليست بأحسن ؟ قال : أمّا الجدال بغير الّتي هي أحسن أن تجادل مبطلاً فيورد عليك باطلاً فلا تردّه بحجّة قد نصبها الله تعالى ولكن تجحد قوله ، أو تجحد حقّاً يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحقّ مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة لأنّك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين

١٢٥
 &

أمّا المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجّة له على باطله ، وأما الضعفاء منكم فتغمّ قلوبهم لما يرون من ضعف المحقّ في يد المبطل ، وأمّا الجدال الّتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيّه أن يجادل به مَن جحد البعث بعد الموت وإحياءه له فقال الله حاكياً عنه : وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ . فقال الله في الردّ عليه : قُلْ ـ يا محمّد ـ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ . فأراد الله من نبيّه أن يجادل المبطل الّذي قال : كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم ؟ فقال الله تعالى : قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ . أفيعجز من ابتدى به لا من شيء أن يعيده بعد أن يبلى ؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته . ثمّ قال : الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا . أي إذا كمن النار الحارّة من الشجر الأخضر الرطب يستخرجها فعرّفكم أنّه على إعادة ما بلى أقدر . ثمّ قال : أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ . أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوّزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوّزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي ؟ ! قال الصادق عليه‌السلام : فهذا الجدال بالّتي هي أحسن لأنّ فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبههم . وأمّا الجدال بغير الّتي هي أحسن بأن تجحد حقّاً لا يمكنك أن تفرّق بينه و بين باطل من تجادله وإنّما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحقّ فهذا هو المحرّم لأنّك مثله ، جحد هو حقّاً وجحدت أنت حقّاً آخر .

م : فقال : فقام إليه رجل وقال : يا ابن رسول الله أفجادل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال الصادق مهما ظننت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من شيء فلا تظنّ به مخالفة الله أوليس الله تعالى قال ؟ : وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ . وقال : قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ . لمن ضرب لله مثلاً أفتظنّ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل بما أمره الله به ولم يخبر عن الله بما أمره أن يخبر به ؟ ! .

بيان : الشجر الأخضر الّذي ينقدح منه النار هو شجر المرخ والعفار ، نوعان من

١٢٦
 &

الشجر في البادية يسحق المرخ على العفار وهما خضراوان يقطر منهما الماء فينقدح النار ويظهر من تفسيره عليه‌السلام أنّه تظهر منه النار الكامنة فيه لا أنّها تحصل من سحقهما بالاستحالة كما هو المشهور بين الحكماء . وسيأتي تفصيل القول فيه في كتاب السماء والعالم . قوله عليه السلام : وقدركم ـ محرّكة ـ أي طاقتكم ، أو بسكون الدال أي قوّتكم ذكرهما الفيروزآباديّ .

٣ ـ لى : في رواية يونس بن ظبيان ، عن الصادق عليه‌السلام فيما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من جوامع كلماته أنّه قال : أورع الناس من ترك المراء وإن كان محقّاً .

بيان : المراء : الجدال ، ويظهر من الأخبار أنّ المذموم منه هو ما كان الغرض فيه الغلبة وإظهار الكمال والفخر ، أو التعصّب وترويج الباطل ، وأمّا ما كان لإظهار الحقّ ورفع الباطل ، ودفع الشبه عن الدين ، إرشاد المضلّين فهو من أعظم أركان الدين لكن التميز بينهما في غاية الصعوبة والإشكال ، وكثيراً ما يشتبه أحدهما بالآخر في بادي النظر وللنفس فيه تسويلات خفيّة لا يمكن التخلّص منها إلّا بفضله تعالى .

٤ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن النهديّ ، عن ابن محبوب ، عن الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال : سئل الصادق عليه‌السلام عن الخمر فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أوّل ما نهاني عنه ربّي عزّ وجلّ عن عبادة الأوثان وشرب الخمر وملاحاة الرجال . الخبر .

بيان : قال الجزريّ : فيه : نهيت عن ملاحاة الرجال أي مقاولتهم ومخاصمتهم تقول : لاحيته ملاحاةً ولحاءاً إذا نازعته .

٥ ـ لى : أبي ، عن الحميريّ ، عن ابن عيسي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران ، عن الحذّاء (١) قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام يا زياد إيّاك والخصومات فإنّها تورث الشكّ ، وتحبط العمل ، وتردي صاحبها ، وعسى أن يتكلّم الرجل بالشيء لا يغفر له . الخبر .

بيان : لعلّ المراد الخصومة فيما نهي عن التكلّم فيه : من التفكّر في ذاته تعالى أو في كنه صفاته أو في مسألة القضاء والقدر والجبر والاختيار وأمثالها كما يؤمي إليه آخر الكلام .

________________________

(١) بفتح الحاء المهملة والذال المعجمة المشددة هو زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذاء الكوفي الثقة ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام .

١٢٧
 &

٦ ـ لى : ابن المتوكّل ، عن الحميريّ ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عنبسة العابد ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : إيّاكم والخصومة في الدين فإنّها تشغل القلب عن ذكر الله عزّ وجلّ وتورث النفاق وتكسب الضغائن وتستجير الكذب .

ايضاح : الضغائن جمع الضغينة وهي الحقد والعداوة والبغضاء . قوله : تستجير في بعض النسخ بالزاء المعجمة أي يضطرّ في المجادلة إلى الكذب وقول الباطل فيظنّه جائزاً للضرورة بزعمه ، وفي بعضها بالمهملة أي يطلب الإجارة والأمان من الكذب ويلجأ إليه للتخلّص من غلبة الخصم .

٧ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن الدهقان ، عن درست ، عن عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : من لاحى الرجال ذهبت مروّته . الخبر .

٨ ـ ل : الخليل بن أحمد ، عن أبي العبّاس السرّاج ، عن قتيبة ، عن قرعة ، عن إسماعيل بن اُسيد ، عن جبلة الإفريقيّ أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أنا زعيم ببيت في ربض الجنّة ، وبيت في وسط الجنّة وبيت في أعلى الجنّة لمن ترك المراء وإن كان محقّاً ، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلاً ، ولمن حسن خُلقه .

بيان : الزعيم : الكفيل والضامن . وربض الجنّة أي سافلها وما قرب من بابها وسورها . قال في النهاية : فيه : أنا زعيم ببيت في ربض الجنّة هو بفتح الباء : ما حولها خارجاً عنها تشبيهاً بالأبنية الّتي تكون حول المدن وتحت القلاع انتهى . والهزل : نقيض الجدّ .

٩ ـ ل : ابن المتوكّل ، عن محمّد العطّار ، عن الأشعريّ ، عن ابن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنّة ؟ من أنفق ولم يخف فقراً ، وأنصف الناس من نفسه ، وأفشى السلام في العالم ، وترك المراء وإن كان محقّاً .

سن : أبي ، عن محمّد بن سنان مثله .

١٠ ـ ل : ابن الوليد ، عن الحميريّ ، عن هارون ، عن ابن صدقة عن جعفر بن محمّد عن أبيه ، عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربع يمتن القلوب : الذنب على الذنب ، و كثرة مناقشة النساء ـ يعني محادثتهنّ ـ ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى

١٢٨
 &

خير ، ومجالسة الموتى . فقيل له : يا رسول الله وما الموتى ؟ قال كل غنيّ مترف .

١١ ـ ل : ابن المتوكّل ، عن الحميريّ ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولّاد (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول : إنّ المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه ، وقلّة المراء ، وحلمه ، وصبره ، وحسن خلقه .

بيان : أي سبب المعرفة .

١٢ ـ ل : أبي وابن الوليد معاً ، عن محمّد العطّار وأحمد بن إدريس معاً ، عن الأشعريّ قال ، حدّثني بعض أصحابنا ـ يعني جعفر بن محمّد بن عبيد الله ـ عن أبي يحيى الواسطيّ ، عمّن ذكره أنّه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : أترى هذا الخلق كلّه من الناس ؟ فقال : ألق منهم التارك للسواك ، والمتربّع في موضع الضيق ، والداخل فيما لا يعنيه ، والمماري فيما لا علم له به ، والمتمرّض من غير علّة ، والمتشعّث من غير مصيبة ، والمخالف على أصحابه في الحقّ وقد اتّفقوا عليه ، والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج يقشّر لحاً من لحاً حتّى يوصل إلى جوهريّته ، وهو كما قال الله عزّ وجلّ : إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا .

بيان : الخلنج كسمند : شجر ـ فارسيٌّ معرَّب ـ وكانوا ينحتون منه القصاع ، و الظاهر أنّه شبّه من يفتخر بآبائه مع كونه خالياً عن صالح أعمالهم بلحا شجر الخلنج فإنّ لحاه فاسد ، ولا ينفع اللّحا كون لبّه صالحاً لأن ينحت منه الأشياء ، بل إذا أرادوا ذلك قشّروا لحاه ونبذوها وانتفعوا بلبّه وأصله ، فكما لا ينفع صلاح اللّبّ للقشر مع مجاورته له فكذا لا ينفع صلاح الآباء للمفتخر بهم مع كونه فاسداً .

ل : في الأربعمائة ما يناسب الباب .

١٣ ـ ن : بإسناد التميميّ ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم السلام قال : لعن الله الّذين يجادلون في دينه اُولئك ملعونون على لسان نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٤ ـ ما : في وصيّة أمير المؤمنين عليه‌السلام عند وفاته : دع المماراة ومجاراة من لا عقل له ولا علم .

________________________

(١) بفتح الواو واللام المشددة هو حفص بن سالم أبو ولاد الحناط الكوفي مولى حنفي الثقة ، وحكى عن ابن الغضائري أن اسم أبيه يونس .

١٢٩
 &

بيان : المجاراة الجري مع الخصم في المناظرة .

١٥ ـ ما : المفيد ، عن الحسن بن حمزة الحسنيّ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن بزيع (١) ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام أنّه قال : لأصحابه : اسمعوا منّي كلاماً هو خير لكم من الدُّهم الموقفة : لا يتكلّم أحدكم بما لا يعنيه ، وليدع كثيراً من الكلام فيما يعنيه حتّى يجد له موضعاً ، فربَّ متكلّم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه ، ولا يمارينَّ أحدكم سفيهاً ولا حليماً فإنّه من مارى حليماً أقصاه ، ومن مارى سفيهاً أرداه ، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبّون أن تذكروا به إذا غبتم عنه ، واعلموا عمل من يعلم أنّه مجازىً بالإحسان ماخوذٌ بالأجرام .

ايضاح : الدُّهم بالضمّ جمع أدهم أي خير لكم من الخيول السود الّتي اُوقفت و هيّئت لكم ولحوائجكم ، أو بالفتح أي العدد الكثير من الناس اُوقفت عندكم يطيعونكم فيما تأمرونهم ، والأوّل أظهر . قوله عليه‌السلام : أقصاه أي أبعده عن نفسه أي هو موجب لقطع محبّته ورفع الفتنة ، أو أبعده عن الحقّ . قوله عليه‌السلام : أرداه أي أهلكه بأن صار سبباً لصدور السفاهة عنه فأهلكه ، أو صار سبباً لرسوخه في باطله .

١٦ ـ ما : بإسناد أبي قتادة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : وصيّة ورقة بن نوفل لخديجة بنت خويلد عليها‌السلام إذا دخل عليها يقول لها ، يا بنت أخي لا تماري جاهلاً ولا

________________________

(١) بفتح الباء وكسر الزاي ، قال النجاشي في ص ٢٣٣ : محمد بن اسماعيل بن بزيع أبو جعفر مولى المنصور أبي جعفر ، وولد بزيع بيت منهم حمزة بن بزيع ، كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم ، كثير العمل ، له كتب منها كتاب ثواب الحج وكتاب الحج « الى أن قال » قال محمد بن عمر الكشي : كان محمد بن اسماعيل بن بزيع من رجال أبي الحسن موسى عليه السلام وأدرك أبا جعفر الثاني عليه السلام . وقال أبو العباس بن سعيد في تاريخه : ان محمد بن اسماعيل بن بزيع سمع منصور بن يونس وحماد بن عيسى ويونس بن عبد الرحمن وهذه الطبقة كلها . وقال سألت عنه علي بن الحسن فقال : ثقة ، ثقة . وقال محمد بن يحيى العطاء : أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى قال : كنت بفيد فقال لي محمد بن علي بن بلال : مرّ بنا الى قبر محمد بن اسماعيل بن بزيع لنزوره فلما أتيناه جلس عند راسه مستقبل القبلة والقبر امامه ثم قال : أخبرني صاحب هذا القبر ـ يعنى محمد بن اسماعيل ـ أنه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول : من زار قبر أخيه ووضع يده على قبره وقرأ انا أنزلناه في ليلة القدر امن من فزع الاكبر .

١٣٠
 &

عالماً فإنّك متى ماريت جاهلاً أذلّك ، ومتى ماريت عالماً منعك علمه ، وإنّما يسعد بالعلماء من أطاعهم . الخبر .

١٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضّل الشيبانيّ ، عن محمّد بن محمد بن معقل ، عن محمّد بن الحسن بن بنت إلياس ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إيّاكم ومشارّة الناس فإنّها تظهر العرّة وتدفن الغرّة .

بيان : الاُولى بالعين المهملة والثانية بالمعجمة وكلتا هما مضمومتان . قال الجزريّ في المهملة : فيه : إيّاكم ومشارَّة الناس فإنّها تظهر العرّة . العرّة هي القذر وعذرة الناس فاستعير للمساوي والمثالب . وقال في المعجمة : ومنه الحديث : إيّاكم ومشارّة الناس فإنّها تدفن الغرَّة وتظهر العرَّة . الغرَّة ههنا : الحسن والعمل الصالح شبّهه بغرّة الفرس وكلّ شيء ترفع قيمته فهو غرّة انتهى . وفي بعض النسخ : ومشارة الناس . وهي إيصال الشرّ إلى الغير لتحوجه إلى أن يوصله إليك . وفي بعضها : ومشاجرة الناس . أي منازعتهم .

١٨ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الغفاريّ (١) ، عن أبي جعفر بن إبراهيم (٢) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاكم وجدال كّل مفتون فإنّ كلّ مفتون ملقّن حجّته إلى انقضاء مدّته ، فإذا انقضت مدّته أحرقته فتنته بالنار . (٣)

بيان : أي يلقّنه الشيطان حجّته .

ين : محمّد بن سنان ، عن جعفر بن إبراهيم مثله .

١٩ ـ مع : في كلمات النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله برواية الثماليّ ، عن الصادق عليه‌السلام : أورع الناس من ترك المراء وإن كان محقّاً . (٤)

٢٠ ـ أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : إنّ من التواضع أن يرضى الرجل بالمجلس دون المجلس ، وأن يسلّم

________________________

(١) لعله عبد الله بن ابراهيم بن أبي عمرو الانصاري الغفاري .

(٢) لعل الصحيح جعفر بن ابراهيم كما يأتي عن « ين » وهو جعفر بن ابراهيم الجعفري الهاشمي المدني ، نقل عن جامع الروات رواية عبد الله بن ابراهيم الغفاري عنه .

(٣) يأتي الحديث تحت الرقم ٣٥ عن أبي محمد الغفاري عن أبي عبد الله عليه السلام .

(٤) وتقدم بطريق آخر تحت الرقم ٣ ويأتي في الحديث التالي .

١٣١
 &

على من يلقى ، وأن يترك المراء وإن كان محقّاً ، ولا يحبَّ أن يحمد على التقوى .

بيان : قوله عليه‌السلام : بالمجلس دون المجلس أي بمجلس دون مجلس آخر أي بأيّ مجلس كان ، أو دون المجلس الّذي ينبغي في العرف أن يجلس فيه أي أدون منه ، أو أدون من مجلس غيره .

٢١ ـ سن : أبي ، عن القاسم بن محمّد ، عن البطائنيّ ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لا تخاصموا الناس فإنّ الناس لو استطاعوا أن يحبّونا لأحبّونا إنّ الله أخذ ميثاق الناس فلا يزيد فيهم أحد أبداً ولا ينقص منهم أحد أبداً . (١)

بيان : سيأتي الكلام في تحقيق هذه الأخبار في كتاب العدل والمعاد .

٢٢ ـ ير : محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلّمون إنّ المسلّمين هم النجباء .

٢٣ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن معروف ، عن عبد الله بن يحيى ، عن ابن اُذينة ، عن الحضرميّ قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلّمون إنّ المسلّمين هم النجباء ، يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد . أما والله لو علموا كيف كان أصل الخلق ما اختلف إثنان . (٢)

بيان : يقولون أي يقول المتكلّمون لما أسّسوه بعقولهم الناقصة . هذا ينقاد أي يستقيم على اُصولنا وهذا لا ينقاد أي لا يجرى على الاُصول الكلاميّة ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما يقوله أهل المناظرة في مجادلاتهم : سلّمنا هذا ولكن لا نسلّم ذلك ، والأوّل أظهر . قوله عليه‌السلام : لو علموا كيف كان بدؤ الخلق لعلّ المراد أنّ مناظراتهم في حقائق الأشياء و كيفيّاتها وكيفيّة صدورها عن الله تعالى إنّما هو لجهلهم بأصل الخلق وإنّما يقولون بعقولهم ويثبتون باُصولهم مقدّمات فاسدة ويبنون عليها تلك الاُمور الّتي يرجع جلُّ علم الكلام إليها فلو كانوا عالمين بكيفيّة الخلق وأصله لما اختلفوا ، ويحتمل أن يكون المراد العلم بكيفيّة خلق أفراد البشر واختلاف أفهامهم واستعداداتهم فلو علموا ذلك لم

________________________

(١) يأتي الخبر بهذا الاسناد عن أبي عبد الله عليه السلام تحت الرقم ٢٨ .

(٢) يأتي الحديث بطريق آخر تحت الرقم ٣٤ .

١٣٢
 &

يتنازعوا ولم يتشاجروا ولم يكلّفوا أحداً التصديق بما هو فوق طاقته ، ولم يتعرَّضوا لفهم ما لم يكلّفوا بفهمه ، ولا يحيط به علمهم ، واعترفوا بالعجز وقصور المدارك ولم يعرضوا أنفسهم للوقوع في المهالك .

٢٤ ـ سن : ابن فضّال ، عن عليّ بن عقبة ، عن أبيه قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اجعلوا أمركم لله ، ولا تجعلوه للناس فإنّ ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ، فلا تخاصموا الناس لدينكم فإنّ المخاصمة ممرضة للقلب ، إنّ الله قال لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ . وقال : أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ . ذروا الناس فإنّ الناس أخذوا عن الناس ، وإنّكم أخذتم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام ولاسواء . إنّي سمعت أبي عليه‌السلام يقول : إنّ الله إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره . (١)

٢٥ ـ سن : أبي ، عن صفوان وفضالة ، عن داود بن فرقد قال : كان أبي يقول : ما لكم ولدعاء الناس إنّه لا يدخل في هذا الأمر إلّا من كتب الله عزّ وجل له .

٢٦ ـ سن : أبي ، عن عبد الله بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن ثابت (٢) قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا ثابت ما لكم وللناس ؟ .

٢٧ ـ سن : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبيّ ، عن أيّوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ رجلاً أتى أبي فقال : إنّي رجل خصمٌ اُخاصم من اُحبّ أن

________________________

(١) : الوكر : عش الطائر وموضعه .

(٢) هو ثابت بن سعيد على ما يستفاد من الحديث الاول من باب الهداية من الكافي ، والحديث هكذا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن اسماعيل السرّاج ، عن ابن مسكان ، عن ثابت بن سعيد قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا ثابت ما لكم وللناس ؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا الى أمركم ، فوالله لو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه ، ولو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلّوه ، كفّوا عن الناس ولا يقول أحد : عمي وأخي وابن عمي وجاري فان الله اذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا الا عرفه ، ولا منكرا الا أنكره ، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره .

١٣٣
 &

يدخل في هذا الأمر ؟ فقال له ابي : لا تخاصم أحداً فإنّ الله إذا أراد بعبد خيراً نكت في قلبه حتّى أنّه ليبصر به الرجل منكم يشتهي لقاءه . قال : وحدّثني عن عبد الله بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن ثابت ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام .

بيان : النكت : أن تضرب في الأرض بخشب فيؤثّر فيها . والنقش في الأرض . و المراد إلقاء الحقّ فيه وإثباته بحيث تنتقش به وتقبله ، والظاهر أنّ الغرض من تلك الأخبار ترك مجادلة من لا يؤثّر الحقُّ فيه وتجب التقيّة منه ، ولمّا كانوا في غاية الحرص على دخول الناس في الإيمان كانوا يتعرّضون للمهالك فبيّن عليه‌السلام أنّه ليس كلّ من تلقون إليه شيئاً من الخير يقبله بل لا بدّ من شرائط يفقدها كثير من الناس وإن كان فقدها بسوء إختيارهم ، وسنفصّل القول فيها في محلّه إن شاء الله .

٢٨ ـ سن : أبي ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا تخاصموا الناس فإنّ الناس لو استطاعوا أن يحبّونا لأحبّونا ، إنّ الله أخذ ميثاق شيعتنا يوم أخذ ميثاق النبيّين فلا يزيد فيهم أحدٌ أبداً ، ولا ينقص منهم أحد أبداً (١) .

٢٩ ـ سن : أبي ، عن القاسم بن محمّد ، عن البطائنيّ ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أدعوا الناس إلى ما في يدي ؟ فقال : لا . قلت : إن استرشدني أحد اُرشده ؟ قال : نعم إن استرشدك فأرشده ، فإن استزادك فزده ، فإن جاحدك فجاحده .

بيان : فجاحده أي لا تظهر له معتقدك وإن سألك عنه فلا تعترف به ، أو المعنى : إن أنكر وردّ عليك في شيء من دينك فأنكر عليه ، والأوّل أوفق بصدر الخبر .

٣٠ ـ ضا : إيّاك والخصومة فإنّها تورث الشكّ ، وتحبط العمل ، وتردي بصاحبها وعسى أن يتكلّم بشيء فلا يغفر له .

٣١ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : المراء داءٌ رديٌّ ، وليس للإنسان خصلة شرٌّ منه وهو خُلق إبليس ونسبته فلا يماري في أيّ حال كان إلّا من كان جاهلاً بنفسه وبغيره ، محروماً من حقائق الدين .

________________________

(١) تقدم الحديث بالاسناد عن أبي جعفر عليه السلام تحت الرقم ٢١ .

١٣٤
 &

٣٢ ـ روي أنّ رجلاً قال للحسين بن عليّ عليهما‌السلام : اجلس حتّى نتناظر في الدين فقال : يا هذا أنا بصير بديني مكشوف عليّ هداي فإن كنت جاهلاً بدينك فاذهب واطلبه ما لي وللماراة ؟ ! وإنّ الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه ويقول : ناظر الناس في الدين كيلا يظنّوا بك العجز والجهل . ثمّ المراء لا يخلو من أربعة أوجه : إمّا أن تتمارى أنت وصاحبك فيما تعلمان فقد تركتما بذلك النصيحة وطلبتما الفضيحة وأضعتما ذلك العلم ، أو تجهلانه فأظهرتما جهلاً وخاصمتما جهلاً ، أو تعلمه أنت فظلمت صاحبك بطلبك عثرته ، أو يعلمه صاحبك فتركت حرمته ولم تنزله منزلته ، وهذا كلّه محالٌ فمن أنصف وقبل الحقّ وترك المماراة فقد أوثق إيمانه ، وأحسن صحبة دينه ، وصان عقله (١) .

٣٣ ـ سر : من كتاب المشيخة لابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّما شيعتنا الخرس .

٣٤ ـ سر : من كتاب المشيخة لابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : يقولون : ينقاد ولا ينقاد ـ يعني أصحاب الكلام ـ أما لو علموا كيف كان بدؤ الخلق وأصله لما اختلف اثنان . (٢)

٣٥ ـ نى : عبد الواحد بن عبد الله بن يونس ، عن محمّد بن جعفر القرشيّ ، عن محمّد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي محمّد الغفاريّ ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إيّاكم وجدال كلّ مفتون فإنّه ملقّن حجّته إلى انقضاء مدّته فإذا انقضت مدّته ألهبته خطيئته وأحرقته (٣) .

٣٦ ـ جا : الحسن بن حمزة الطبريّ ، عن عليّ بن حاتم القزوينيّ ، عن محمّد بن جعفر المخزوميّ ، عن محمّد بن شمّون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن : عن الحسين بن يزيد عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : من أعاننا بلسانه على عدوّنا أنطقه الله بحجّته يوم موقفه بين يديه عزّ وجلّ .

________________________

(١) من قوله : ثم المراء الى آخر ما نقل ليس من الرواية كما هو ظاهر . ط

(٢) تقدم الحديث بطريق آخر تحت الرقم ٢٣ .

(٣) تقدم الحديث تحت الرقم ١٨ عن الغفاري ، عن أبي جعفر بن ابراهيم ، عن أبي عبد الله عليه السلام فالسند لا يخلو عن احتمال ارسال ، وذيّلناه هنا بما يناسب المقام ايضا .

١٣٥
 &

٣٧ ـ جا : الجعابيّ ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن محمّد بن يزيد ، عن أحمد بن رزق ، عن أبي زياد الفقيميّ ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حسن إسلام المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه .

٣٨ ـ كش : حمدويه ، عن اليقطينيّ . عن ابن أسباط ، عن ابن عميرة ، عن عبد الأعلى ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ الناس يعيبون عليَّ بالكلام ، وأنا اُكلّم الناس فقال : أمّا مثلك من يقع ثمّ يطير فنعم ، وأمّا من يقع ثمّ لا يطير فلا .

٣٩ ـ كش : حمدويه ومحمّد ابنا نصير ، عن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان الأحمر ، عن الطيّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : بلغني أنّك كرهت مناظرة الناس . فقال : أمّا كلام مثلك فلا يكره ، من إذا طار يحسن أن يقع ، وإن وقع يحسن أن يطير ، فمن كان هكذا لا نكرهه .

٤٠ ـ كش : حمدويه ومحمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : ما فعل ابن الطيّار ؟ قال : قلت : مات . قال : رحمه الله ولقّاه نضرةً وسروراً فقد كان شديد الخصومة عنّا أهل البيت (١) .

٤١ ـ كش : حمدويه ومحمّد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي جعفر الأحول (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما فعل ابن الطيّار ؟ فقلت : توفّي فقال : رحمه الله أدخل الله عليه الرحمة والنضرة فإنّه كان يخاصم عنّا أهل البيت .

٤٢ ـ كش : نضر بن الصبّاح قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يقول لعبد الرحمن بن الحجّاج : يا عبد الرحمن كلّم أهل المدينة فإنّي اُحبُّ أن يرى في رجال الشيعة مثلك .

٤٣ ـ كش : حمدويه ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حكيم قال : ذكر لأبي الحسن عليه‌السلام أصحاب الكلام فقال : أمّا ابن حكيم فدعوه .

________________________

(١) كأن الخصومة ضمّنت معنى الدفع ولذلك عدّى بعن ، وكذلك في الخبر التالي .

(٢) هو محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي مولى الاحوال أبو جعفر الكوفي الصيرفي الملقب عندنا بمومن الطاق وشاه الطاق وصاحب الطاق وعند المخالفون بشيطان الطاق كان متكلما حاذقا ، حاضر الجواب ، له مناظرات مع زيد بن علي وأبي حنيفة والضحاك الشاري وابن ابي العوجاء فافحمهم .

١٣٦
 &

٤٤ ـ كش : حمدويه ، عن محمّد بن عيسي ، عن يونس ، عن حمّاد قال : كان أبو الحسن عليه‌السلام يأمر محمّد بن حكيم أن يجالس أهل المدينة في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن يكلّمهم ويخاصمهم حتّى كلّمهم في صاحب القبر وكان إذا انصرف إليه قال : ما قلت لهم وما قالوا لك . ويرضى بذلك منه .

كش : محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد بن يزيد ، عن الأشعريّ ، عن ابن هاشم عن يحيى بن عمران ، عن يونس ، عن محمّد بن حكيم مثله .

٤٥ ـ ختص : قال الرضا عليه‌السلام : لا تمارينّ العلماء فيرفضوك ولا تمارينّ السفهاء فيجهلوا عليك .

٤٦ ـ أقول : قال السيّد ابن طاووس رحمه الله في كشف المحجّة : رويت من كتاب أبي محمّد عبد الله بن حمّاد الأنصاريّ ونقلته من أصل قرىء على الشيخ هارون بن موسى التلعكبريّ رواه عن عبد الله بن سنان قال : أردت الدخول على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لي مؤمن الطاق : استأذن لي على أبي عبد الله عليه‌السلام . فقلت له : نعم . فدخلت عليه فأعلمته مكانه . فقال : لا تأذن له عليَّ . فقلت : جعلت فداك : انقطاعه إليكم ، وولاؤه لكم ، وجداله فيكم ، ولا يقدر أحد من خلق الله أن يخصمه . فقال : بل يخصمه صبيٌّ من صبيان الكتّاب (١) فقلت : جعلت فداك هو أجدل من ذلك وقد خاصم جميع أهل الأديان فخصمهم فكيف يخصمه غلام من الغلمان وصبيٌّ من الصبيان ؟ ! فقال : يقول له الصبيُّ : أخبرني عن إمامك أمرك أن تخاصم الناس ؟ فلا يقدر أن يكذب عليَّ فيقول : لا . فيقول له : فأنت تخاصم الناس من غير أن يأمرك إمامك فأنت عاص له . فيخصمه . يا ابن سنان لا تأذن له عليَّ فإنّ الكلام والخصومات تفسد النيّة وتمحق الدين .

٤٧ ـ ومن الكتاب المذكور ، عن عاصم احنّاط ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام ـ وأنا عنده ـ : إيّاك وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم فإنّهم تركوا ما اُمروا بعلمه ، وتكلّفوا ما لم يؤمروا بعلمه حتّى تكلّفوا علم السماء . يا أبا عبيدة خالط الناس بأخلاقهم وزائلهم بأعمالهم . يا أبا عبيدة إنّا لا نعدّ الرجل فقيهاً عالماً حتّى يعرف

________________________

(١) بضم الكاف وفتح التاء المشددة : موضع التعليم .

١٣٧
 &

لحن القول وهو قول الله عزّ وجلّ : ولتعرفنّهم في لحن القول . (١)

٤٨ ـ ومن الكتاب المذكور ، عن جميل قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : متكلّموا هذه العصابة من شرار من هم منهم .

قال السيّد رحمه الله : ويحتمل أن يكون المراد بهذا الحديث ـ يا ولدي ـ المتكلّمين الّذين يطلبون بكلامهم وعلمهم ما لا يرضاه الله جلّ جلاله ، أو يكونون ممّن يشغلهم الاشتغال بعلم الكلام عمّا هو واجبٌ عليهم من فرائض الله جلّ جلاله . ثمّ قال رحمه الله : وممّا يؤكّد تصديق الروايات بالتحذير من علم الكلام وما فيه من الشبهات : أنّني وجدت الشيخ العالم سعيد بن هبة الله الراونديّ قدصنّف كرّاساً ـ وهي عندي الآن ـ في الخلاف الّذي تجدّد بين الشيخ المفيد والمرتضى رحمهما الله وكانا من أعظم أهل زمانهما وخاصّة شيخنا المفيد ، فذكر في الكرّاس نحو خمس وتسعين مسألة قد وقع الخلاف بينهما فيها من علم الاُصول ، وقال في آخرها : لو استوفيت ما اختلفا فيه لطال الكتاب . وهذا يدلّك على أنّه طريق بعيد عن معرفة ربّ الأرباب .

٤٩ ـ كنز الكراجكي   قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إيّاكم والجدال فإنّه يورث الشكّ في دين الله .

٥٠ ـ منية المريد : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذروا المراء فإنّه لا تفهم حكمته ولا تؤمن فتنته .

٥١ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك المراء وهو محقٌّ بني له بيت في أعلى الجنّة ، ومن ترك المراء وهو مبطل يبنى له بيت في ربض الجنّة .

٥٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ضلّ قومٌ إلّا أوثقوا الجدل .

٥٣ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتّى يدع المراء وإن كان محقّاً .

٥٤ ـ وروي عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة وأنس قالوا : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً ونحن نتماري في شيء من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله ثمّ قال : إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، ذروا المراء فإنّ المؤمن لا يماري ، ذروا المراء فإنّ

________________________

(١) يأتي عن كتاب عاصم تحت الرقم ٥٨ .

١٣٨
 &

المماري قد تمّت خسارته . ذروا المراء فإنّ المماري لا أشفع له يوم القيامة ، ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنّة : في رياضها (١) ، وأوسطها ، وأعلاها ، لمن ترك المراء وهو صادق ، ذروا المراء فإنّ أوّل ما نهاني عنه ربّي بعد عبادة الأوثان المراء .

٥٥ ـ وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ثلاث من لقى الله بهنّ دخل الجنّة من أيّ باب شاء : مَن حسن خُلقه ، وخشى الله في المغيب والمحضر ، وترك المراء وإن كان محقّاً .

٥٦ ـ وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : إيّاكم والمراء و الخصومة فإنّهما يمرضان القلوب على الإخوان ، وينبت عليهما النفاق .

٥٧ ـ وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال جبرئيل عليه‌السلام للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إيّاك وملاحاة الرجال .

٥٨ ـ كتاب عاصم بن حميد ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إيّاكم وأصحاب الخصومات والكذّابين فإنّهم تركوا ما اُمروا بعلمه ، وتكلّفوا ما لم يؤمروا بعلمه حتّى تكلّفوا علم السماء ، يا أبا عبيدة خالق الناس بأخلاقهم ، يا أبا عبيدة إنّا لا نعدّ الرجل فينا عاقلاً حتّى يعرف لحن القول . ثمّ قرأ عليه‌السلام : ولتعرفنّهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم . (٢)

٥٩ ـ كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ، عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفيّ قال : سمعته يقول : إنّ اُناساً دخلوا على أبي رحمة الله عليه فذكروا له خصومتهم مع الناس فقال لهم : هل تعرفون كتاب الله ما كان فيه ناسخ أو منسوخ ؟ قالوا : لا فقال لهم : وما حملكم على الخصومة ؟ لعلّكم تحلّون حراماً أو تحرّمون حلالاً ولا تدرون ، إنّما يتكلّم في كتاب الله من يعرف حلال الله وحرامه قالوا له أتريد أن نكون مرجئةً ؟ ! قال لهم أبي : ويحكم ما أنا بمرجئيّ ولكن أمرتكم بالحقّ .

٦٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن جابر قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ رسول الله كان يدعو أصحابه ، من أراد الله به خيراً سمع وعرف ما يدعوه إليه ، ومن أراد الله به شرّاً طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وذلك قول الله عزّ وجلّ : إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا

________________________

(١) وفي نسخة : في ربضها .

(٢) تقدم الحديث عن كشف المحجة تحت الرقم ٤٧ .

١٣٩
 &

لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ . « وقال » : إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ الآية .

٦١ ـ كتاب مثنّى بن الوليد ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يخاصم إلّا شاكٌّ في دينه أو من لاورع له .

( باب ١٨ )

* ( ذم انكار الحق والاعراض عنه والطعن على أهله ) *

الايات ، البقرة : ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ ٨٣

الانعام : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ١٥٧

يونس : فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ٣٢

الرعد : وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّـهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ٣٧

الكهف : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا ٥۷

طه : وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦

النمل : حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا ٨٤

العنكبوت : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ٦٨

التنزيل : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ٢٢

الزمر : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّـهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ

١٤٠