بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

إن رأيت أن تحدّثني فقال : أما علمت أنّي تركت الحديث ؟ فقلت : إمّا أن تحدثني و إمّا أن اُحدّثك ، فقال : حدّثني فقلت : حدّثني الحكم بن عتيبة ، عن نجم الجزّار ، قال سمعت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يقول : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلّموا حتّى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا . قال : فحدّثني بأربعين حديثاً .

٨٢ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا خير في الصمت عن الحكم كما أنّه لا خير في القول بالجهل .

٨٣ ـ وقال عليه‌السلام : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلّموا حتّى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا (١) .

٨٤ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ، شكر العالم على علمه أن يبذله لمن يستحقّه .

( باب ١٤ )

* ( من يجوز أخذ العلم منه ومن لا يجوز ، وذم التقليد والنهي عن متابعة ) * * ( غير المعصوم في كل ما يقول ، ووجوب التمسك بعروة اتباعهم ) * * ( عليهم السلام ، وجواز الرجوع الى رواة الاخبار والفقهاء الصالحين ) *

الايات ، المائدة : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ١٠٤

الاعراف : وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا ٢٨

يونس : أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٥ « وقال تعالى » : قالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ٧٨

مريم : يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ٤٣

الشعراء : قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ ٧٤

________________________

(١) تقدم الحديث بسند رجاله عامي تحت الرقم ٨١ وتقدم ايضا تحت الرقم ٦٧ ، وأوردنا سنداً آخر رجاله من الخاصة ذيل الرقم ١٤ .

٨١
 &

لقمان : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّـهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ٢١

الصافات : إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ ٦٩ ، ٧٠

الزمر : وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّـهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ١٧

الزخرف : وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ٢٣

١ ـ كش : محمّد بن سعد الكشّيّ (١) ، ومحمّد بن أبي عوف البخاريّ ، عن محمّد بن أحمد ابن حمّاد المروزيّ ، رفعه قال : قال الصادق عليه‌السلام : اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا ، فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيهاً حتّى يكون محدَّثاً ، فقيل له : أو يكون المؤمن محدَّثاً ؟ قال : يكون مفهَّماً ، والمفهَّم محدَّثٌ .

٢ ـ كش : حمدويه وإبراهيم إبنا نصير ، عن محمّد بن إسماعيل الرازيّ ، عن عليّ بن حبيب المدائنيّ ، عن عليّ بن سويد السائي قال : كتب إليّ أبو الحسن الأوّل وهو في السجن : وأمّا ما ذكرت يا عليّ ممّن تأخذ معالم دينك ؟ لا تأخذنَّ معالم دينك عن غير شيعتنا فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك عن الخائنين الّذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، إنّهم اؤتمنوا على كتاب الله جلّ وعلا فحرّفوه وبدّلوه ، فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله وملائكته ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة .

٣ ـ كش : جبرئيل بن أحمد ، عن موسى بن جعفر بن وهب ، عن أحمد بن حاتم بن ماهويه (٢) قال : كتبت إليه يعني أبا الحسن الثالث عليه‌السلام أسأله عمّن آخذ معالم ديني ؟ وكتب أخوه أيضاً بذلك ، فكتب إليهما : فهمت ما ذكرتما ، فاعتمدا في دينكما على مسنّ في حبّكما وكل ّكثير القدم في أمرنا ، فإنّهم كافو كما إن شاء الله تعالى .

٤ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن أبيه ، بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال لرجل من أصحابه : لا تكون إمعّةً (٣) تقول : أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس .

________________________

(١) وفي نسخة : محمد بن سعيد الكشي .

(٢) بفتح الهاء او بالسكون ثم الواو المكسورة .

(٣) خبر اريد به النهي .

٨٢
 &

اقول : قد أثبتنا ما يناسب هذا الباب في باب ذمّ علماء السوء .

٥ ـ مع : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن حسين بن أيّوب بن أبي غفيلة الصيرفيّ ، عن كرام الخثعميّ ، عن الثماليّ قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إيّاك و الرئاسة ، وإيّاك أن تطأ أعقاب الرجال ، فقلت : جعلت فداك : أمّا الرئاسة فقد عرفتها وأمّا أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلّا ممّا وطئت أعقاب الرجال ، فقال : ليس حيث تذهب ، إيّاك أن تنصب رجلاً دون الحجّة فتصدّقه في كلّ ما قال .

بيان : ظنّ السائل أنّ مراده عليه‌السلام بوطىء أعقاب الرجال مطلق أخذ العلم عن الناس فقال عليه‌السلام : المراد أن تنصب رجلاً غير الحجّة فتصدّقه في كلّ ما يقول برأيه من غير أن يُسند ذلك إلى المعصوم عليه‌السلام فأمّا من يروي عن المعصوم أو يفسّر ما فهمه من كلامه لمن ليس له صلاحيّة فهم كلامه من غير تلقين فالأخذ عنه كالأخذ عن المعصوم ، ويجب على من لا يعلم الرجوع إليه ليعرف أحكام الله تعالى .

٦ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطّاب ، عن أبي حفص محمّد بن خالد ، عن أخيه سفيان بن خالد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا سفيان إيّاك والرئاسة ، فما طلبها أحدٌ إلّا هلك ، فقلت له : جعلت فداك قد هلكنا إذاً ، ليس أحد منّا إلّا وهو يحبّ أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه ، فقال ليس حيث تذهب إليه ، إنّما ذلك أن تنصب رجلاً دون الحجّة فتصدّقه في كلّ ما قال ، وتدعو الناس إلى قوله .

٧ ـ مع : ابن المتوكّل ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن زياد ، قال : قال الصادق عليه‌السلام : كذب من زعم أنّه يعرفنا وهو مستمسك بعروة غيرنا .

٨ ـ م : قال أبو محمّد العسكريّ عليه‌السلام : حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء فإذا لم ينزل عالم إلى عالم يصرف عنه طلّاب حطام الدنيا (١) وحرامها ، ويمنعون الحقّ أهله ، ويجعلونه لغير أهله ، واتّخذ الناس رؤساءَ جهّالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا .

________________________

(١) حطام الدنيا : متاعه وما فيها من مال كثير أو قليل .

٨٣
 &

٩ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودّتنا ، إيّاكم وأصحاب الرأي فإنّهم أعداءُ السنن ، تفلّتت منهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعيتهم السنّة أن يعوها ، فاتّخذوا عباد الله خولاً ، وماله دولاً ، فذلّت لهم الرقاب ، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب ، ونازعوا الحقّ أهله ، وتمثّلوا بالأئمّة الصادقين وهم من الكفّار الملاعين ، فسئلوا عمّا لا يعملون فأنفوا أن يعترفوا بأنّهم لا يعلمون ، فعارضوا الدين بآرائهم فضلّوا وأضلّوا . أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما .

١٠ ـ وقال الرضا عليه‌السلام : قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه ، وتماوت في منطقه ، وتخاضع في حركاته ، فرويداً لا يغرَّنّكم ، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف نيّته ومهانته وجبن قلبه فنصب الدين فخّاً لها (١) ، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره فإن تمكّن من حرام اقتحمه . وإذا وجدتموه يعفّ عن المال الحرام فرويداً لا يغرَّنّكم فإنّ شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو (٢) عن المال الحرام وإن كثر ، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرّماً . فإذا وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويداً لا يغرّكم حتّى تنظروا ما عقده عقله ، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ، ثمّ لا يرجع إلى عقل متين ، فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله ، فإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرّكم حتّى تنظروا أمع هواه يكون على عقله ؟ أو يكون مع عقله على هواه ؟ وكيف محبّته للرئاسات الباطلة وزهده فيها فإنّ في الناس من خسر الدنيا والآخرة يترك الدنيا للدنيا ، ويرى أنّ لذّة الرئاسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنعم المباحة المحلّلة ، فيترك ذلك أجمع طلباً للرئاسة ، حتّى إذا قيل له : اتّق الله أخذته العزّة بالإثم فحسبه جهنّم ولبئس المهاد . فهو يخبط خبط عشواء يقوده أوّل باطل إلى أبعد غايات الخسارة ، ويمدّه ربّه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه . فهو يُحلّ ما حرّم الله ، ويحرّم ما أحلّ الله ، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته الّتي قد يتّقي من أجلها ، فاُولئك الّذين غَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِم وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا .

________________________

(١) الفخ : الة يصاد بها .

(٢) أي من ينفر عنه ولا يقبل إليه .

٨٤
 &

ولكنّ الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الّذي جعل هواه تبعاً لأمر الله ، وقواه مبذولةً في رضى الله ، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل ، ويعلم أنّ قليل ما يحتمله من ضرّائها يؤدّيه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد ، وإنّ كثير ما يلحقه من سرَّائها إن اتّبع هواه يؤدّيه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول ، فذلكم الرجل نعم الرجل ، فبه فتمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم به فتوسّلوا ، فإنّه لا تردّ له دعوة ، ولا تخيب له طلبة . (١)

١١ ـ ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ ، عن الرضا عليهما‌السلام أنّه قال : قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : إذا رأيتم الرجل . إلى آخر الخبر .

بيان : قوله عليه‌السلام : فإذا لم ينزل عالم إلى عالم من باب الإفعال أو التفعيل أي إذا لم يعلّم العالم علمه ، إمّا للتقيّة أو لعدم قابليّة المتعلّمين ، فمات ذلك العالم صرف طلّاب حطام الدنيا الناسَ عن العلم لقلّة أعوان العلم ، ويمنعون الحقّ أهله لذهاب أنصار الحقّ . قوله عليه‌السلام : المنتحلين مودّتنا فيه تعريض بهم إذ الانتحال إدّعاء أمر من غير الاتّصاف به حقيقةً ، ويحتمل أن يكون المراد الّذين اتّخذوا مودّتنا نحلتهم ودينهم . قوله عليه‌السلام : تفلّتت منهم الأحاديث أي فات وذهب منهم حفظ الأحاديث وأعجزهم ضبط السنّة فلم يقدروا عليه . قوله عليه‌السلام : فاتّخذوا عباد الله خولاً قال الجزريّ : في حديث أبي هريرة : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان عباد الله خولاً أي خدماً وعبيداً ، يعني أنّهم يستخدمونهم ويستعبدونهم . قوله عليه‌السلام : وما له دولاً أي يتداولونه بينهم . وقوله : أشباه الكلاب نعت للخلق . قوله عليه‌السلام : وتمثّلوا أي تشبّهوا بهم وادّعوا منزلتهم . قوله عليه‌السلام : فأنِفوا أي تكبّروا واستنكفوا . قوله عليه‌السلام : سمته وهديه قال الفيروزآباديّ : السمت : الطريق وهيئة أهل الخير . وقال : الهدى الطريقة والسيرة . قوله عليه‌السلام : وتماوت قال الفيروزآباديّ : المتماوت : الناسك المرائي . وقال الجزريّ : يقال : تماوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم . قوله عليه‌السلام : وتخاضع أي أظهر الخضوع في جميع حركاته . قوله : فرويداً أي أمهل وتأنّ ولا تبادر إلى متابعته

________________________

(١) وفي نسخة : ولا تحجب له طلبة .

٨٥
 &

والانخداع عن أطواره . قوله : ومهانته أي مذلّته وحقارته . قوله : يختل الناس أي يخدعهم ، قوله : اقتحمه أي دخله مبادراً من غير رويّة . قوله عليه‌السلام : من ينبوا عن المال الحرام أي يرتفع عنه ولا يتوجّه إليه ، قال الجزري : يقال : نبا عنه بصره ينبو أي تجافى ولم ينظر إليه . قوله عليه‌السلام : على شوهاء أي يحمل نفسه على امرأة قبيحة مشوّهة الخلقة فيزني بها ولا يتركها فضلاً عن الحسناء . قوله عليه‌السلام : ما عقده عقله يحتمل أن يكون كلمة ما موصولة ، وعقد فعلا ماضياً أي حتّى تنظروا إلى الاُمور الّتي عقدها عقله و نظمها ، فإنّ على العقل إنّما يستدلُّ بآثاره ، ويحتمل أن تكون ما استفهاميّة والعقدة إسماً بمعنى ما عقد عليه ، فيرجع إلى المعنى الأوّل ، ويحتمل على الأخير أن يكون المراد ثبات عقله واستقراره وعدم تزلزله فيما يحكم به عقله . قوله عليه‌السلام : أمع هواه يكون على عقله ؟ حاصله أنّه ينبغي أن ينظر هل عقله مغلوب لهواه أم هواه مقهور لعقله .

قوله : أخذته العزّة بالإثم أي حملته الأنفة وحميّة الجاهليّة على الإثم الّذي يؤمر باتّقائه لجاجاً ، من قولك : أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إيّاه ، فحسبه جهنّم ، أي كفته جزاءاً وعقاباً ، ولبئس المهاد جواب قسم مقدّر ، والمخصوص بالذّم محذوف للعلم به . والمهاد : الفراش ، وقيل : ما يوطأ للجَنب ، قوله عليه‌السلام : فهو يخبط خبط عشواء قال الجوهريّ : العشواء : الناقة الّتي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كلّ شيء وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة ، وفلان خابط خبط عشواء . قوله عليه‌السلام ويمدّه ربّه أي يقوّيه ، من مدّ الجيش وأمدّه إذا زاده وقوّاه أي بعد أن طلب ما لا يقدر عليه من دعوى الإمامة ، ورئاسة الخلق ، وإفتاء الناس ، فعجز عنها لنقصه وجهله استحقّ منع لطفه تعالى عنه ، فصار ذلك سبباً لتماديه في طغيانه وضلاله . قوله : لا تبيد أي لا تهلك ولا تفني .

١٢ ـ م ، ج : بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ عليه‌السلام في قوله تعالى : وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ . قال عليه‌السلام : ثمّ قال الله تعالى : يا محمّد ومن هؤلاء اليهود اُمّيّون لا يقرؤون الكتاب ولا يكتبون كالاُمّيّ منسوب إلى اُمّه أي هو كما خرج من بطن اُمّه لا يقرأ ولا يكتب ، لا يعلمون الكتاب المنزل من السماء ولا المتكذّب به ولا

٨٦
 &

يميّزون بينهما إلّا أمانيَّ أي إلّا أن يُقرأ عليهم ويقال : هذا كتاب الله وكلامه ، لا يعرفون إن قرىء من الكتاب خلاف ما فيه ، وإن هم إلّا يظنّون أي ما يقرأ عليهم رؤساؤهم من تكذيب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله في نبوّته وإمامة عليّ عليه‌السلام سيّد عترته عليهم‌السلام وهم يقلّدونهم مع أنّه محرّم عليهم تقليدهم . فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِندِ اللَّـهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا . قال عليه‌السلام : قال الله تعالى : هذا القوم من اليهود كتبوا صفةً زعموا أنّها صفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي خلاف صفته . وقالوا للمستضعفين منهم : هذه صفة النبيّ المبعوث في آخر الزمان : أنّه طويلٌ ، عظيم البدن والبطن ، أصهب الشعر ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بخلافه وهو يجيىءُ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة ، وإنّما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم ، وتدوم لهم إصاباتهم ، ويكفّوا أنفسهم مؤونة خدمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخدمة عليّ عليه‌السلام وأهل خاصّته ، فقال الله عزّ وجلّ : فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ من هذه الصفات المحرّفات المخالفات لصفة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ عليه‌السلام الشدّة لهم من العذاب في أسوء بقاع جهنّم ، وويلٌ لهم الشدّة من العذاب ثانيةً مضافةً إلى الاُولى ممّا يكسبونه من الأموال الّتي يأخذونها إذا ثبتوا أعوامهم على الكفر بمحمّد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والجحد لوصيّه أخيه عليّ بن أبي طالب وليّ الله . ثمّ قال عليه‌السلام : قال رجل للصادق عليه‌السلام : فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلّا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلّا كعوا منا يقلّدون علماءهم ؟ فإن لم يجز لاُولئك القبولُ من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبولُ من علمائهم ، فقال عليه‌السلام : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة أمّا من حيث استووا فإنّ الله قد ذمّ عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذمّ عوامهم ، وأمّا من حيث افترقوا فلا . قال : بيّن لي يا ابن رسول الله قال عليه‌السلام : إنّ عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح ، وبأكل الحرام والرشاء ، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات ، وعرفوهم بالتعصّب الشديد الّذي يفارقون به أديانهم وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه ، وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم ، وظلموهم من أجلهم ، وعرفوهم يقارفون المحرّمات ، واضطرّوا

٨٧
 &

بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدَّق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ، فلذلك ذمّهم لمّا قلّدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنّه لا يجوز قبول خبره ، ولا تصديقه في حكاياته ، ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لا تظهر لهم ، وكذلك عوام اُمّتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبيّة الشديدة ، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها ، وإهلاك من يتعصّبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقّاً ، والترفرف بالبرّ والإحسان على من تعصّبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقّاً . فمن قلّد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الّذين ذمّهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم . فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً على هواه ، مطيعاً لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلّدوه . وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ، فأمّا من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامّة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئاً ولا كرامة ، وإنّما كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لذلك ، لأنّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرّفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير وجوهها لقلّة معرفتهم ، وآخرين يتعمّدون الكذب علينا ليجرّوا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنّم ، ومنهم قوم نصّاب لا يقدرون على القدح فينا فيتعلّمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجّهون به عند شيعتنا ، وينتقصون بنا عند نصّابنا ثمّ يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا الّتي نحن برآءُ منها فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنّه من علومنا فضلّوا وأضلّوا (١) وهم أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد عليه اللّعنة على الحسين بن عليّ عليهما‌السلام وأصحابه ، فإنّهم يسلبونهم الأرواح والأموال ، و هؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبّهون بأنّهم لنا موالون ، ولأعدائنا معادون يدخلون الشكَّ والشبهة على ضعفاء شيعتنا ، فيضلّونهم ويمنعونهم عن قصد الحقّ المصيب ، لا جرم أنّ من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام أنّه لا يريد إلّا صيانة دينه وتعظيم وليّه لم يتركه في يد هذا المتلبّس الكافر ، ولكنّه يقيّض له مؤمناً يقف به على الصواب ثمّ يوفّقه الله

________________________

(١) تقسيم نافع لكثرة اختلاف الاحاديث ولما يرى من الاخبار التي ينافي المذهب .

٨٨
 &

للقبول منه فيجمع الله له بذلك خير الدنيا والآخرة ، ويجمع على من أضلّه لعن الدنيا وعذاب الآخرة ، ثمّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شرار علماء اُمّتنا المضلّون عنّا ، القاطعون للطرق إلينا ، المسمّون أضدادنا بأسمائنا ، الملقّبون أندادنا بألقابنا ، يصلّون عليهم وهم للّعن مستحقّون ، ويلعنونا ونحن بكرامات الله مغمورون ، وبصلوات الله وصلوات ملائكته المقرّبين علينا عن صلواتهم علينا مستغنون ، ثمّ قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام : مَن خير خلق الله بعد أئمّة الهدى ومصابيح الدجى ؟ قال : العلماء إذا صلحوا . قيل : و مَن شرُّ خلق الله بعد إبليس وفرعون ونمرود وبعد المتسمّين بأسمائكم وبعد المتلقّبين بألقابكم ، والآخذين لأمكنتكم ، والمتأمّرين في ممالككم ؟ قال : العلماء إذا فسدوا ، هم المظهرون للأباطيل ، الكاتمون للحقائق ، وفيهم قال الله عزّ وجلّ : أُولَـٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا . الآية .

ايضاح : قوله عليه‌السلام : أي إلّا أن يقرأ عليهم قال البيضاويّ : استثناء منقطع . والأمانيّ جمع اُمنيّة وهي في الأصل ما يقدّره الإنسان في نفسه من منى إذا قدّر ، ولذلك تطلق على الكذب وعلى كلّ ما يتمنّى وما يقراُ والمعنى : ولكن يعتقدون أكاذيب أخذوها تقليداً من المحرّفين ، أو مواعيد فازعة سمعوها منهم من أنّ الجنّة لايدخلها إلّا من كان هوداً ، وأنّ النار لن تمسّهم إلّا أيّاماً معدودةً . وقيل : إلّا ما يقرؤون قراءةً عاريةً عن معرفة المعنى وتدبّره ، من قوله :

تمنّى كتاب الله أوّل ليلة

تمنّي داود الزبور على رسل

وهو لايناسب وصفهم بأنّهم اُمّيّون .

أقول : على تفسيره عليه السلام لا يرد ما أورده فإنّ المراد حينئذ القراءة عليهم لا قراءتهم ، وهو أظهر التفاسير لفظاً ومعناً . قوله : أصهب الشعر قال الجوهريّ : الصهبة : الشقرة في شعر الرأس . قوله عليه‌السلام : وأهل خاصّته أي أهل سرّه أو الإضافة بيانيّة . قوله عليه السلام : والتكالب قال الفيروزآباديّ : المكالبة : المشارّة والمضائقة ، و التكالب : التواثب . قوله : والترفرف هو بسط الطائر جناحيه وهو كناية عن اللطّف . و في بعض النسخ الرفوف يقال : رفّ فلاناً أي أحسن إليه . قوله : فيتوجّهون أي يصيرون

٨٩
 &

ذوي جاه ووجه معروف . قوله : وينتقصون بنا أي يعيبوننا . قوله عليه‌السلام : يقيّض له أي يسبّب له .

١٣ ـ ج : الكلينيّ ، عن إسحاق بن يعقوب ، قال سألت محمّد بن عثمان العمريّ رحمه الله أن يوصل لي كتاباً سألت فيه عن مسائل اُشكلت عليّ فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه : وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله . الخبر .

١٤ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الحسين بن صغير ، عمّن حدّثه عن ربعيّ بن عبد الله (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بالأسباب فجعل لكلّ سبب شرحاً ، وجعل لكلّ شرح عَلماً ، وجعل لكلّ عَلم باباً ناطقاً ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله ، ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن (٢) .

١٥ ـ ير : القاشانيّ ، عن اليقطينيّ يرفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بالأسباب فجعل لكلّ شيء سبباً ، وجعل لكلّ سبب شرحاً ، وجعل لكلّ شرح مفتاحاً ، وجعل لكلّ مفتاح عَلماً ، وجعل لكلّ علَم باباً ناطقاً ، من عرفه عرف الله ، ومن أنكره أنكر الله ، ذلك رسول الله ونحن (٢) .

بيان : لعلّ المراد بالشيء ذي السبب : القرب والفوز والكرامة والجنّة ، وسببه الطاعة وما يوجب حصول تلك الاُمور ، وشرح ذلك السبب هو الشريعة المقدّسة ، و المفتاح : الوحي النازل لبيان الشرع وعَلَم ذلك المفتاح ـ بالتحريك ـ أي ما يعلم به هو الملك الحامل للوحي . والباب الّذي به يتوصّل إلى هذا العلم هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم السلام

١٦ ـ ير : السنديّ بن محمّد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن سليمان ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام وعنده رجل من أهل البصرة يقال له : عثمان الأعمى ، وهو يقول :

________________________

(١) بكسر الراء وسكون الباء هو ربعي بن عبد الله بن الجارود بن أبي سبرة الهذلي أبو نعيم البصري الثقة ، روى عن أبي عبد الله وابي الحسن عليهما السلام ، وصحب الفضيل بن يسار ، وأكثر الاخذ عنه وكان خصيصاً به .

(٢) لا يخفى اتحاده مع سابقه .

٩٠
 &

إنّ الحسن البصريّ يزعم : أنّ الّذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار . فقال أبو جعفر عليه‌السلام : فهلك إذاً مؤمن آل فرعون ، وما زال مكتوماً منذ بعث الله نوحاً عليه‌السلام فليذهب الحسن يميناً وشمالاً فوالله ما يوجد العلم إلّا ههنا (١) .

١٧ ـ ير : الفضل ، عن موسى بن القاسم ، عن حمّاد بن عيسى ، عن سليمان بن خالد ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : ـ وسأله رجل من أهل البصرة فقال : إنّ عثمان الأعمى يروي عن الحسن : أنّ الّذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم أهل النار ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : فهلك إذاً مؤمن آل فرعون ، كذبوا إنّ ذلك من فروج الزناة ، وما زال العلم مكتوماً قبل قتل ابن آدم ، فليذهب الحسن يميناً وشمالاً لا يوجد العلم إلّا عند أهل بيت نزل عليهم جبرئيل .

بيان : قوله عليه‌السلام : إنّ ذلك أي الريح الّتي تؤذي أهل النار إنّما هي من فروج الزناة .

اقول : قد أوردنا بعض الأخبار في باب كتمان العلم .

١٨ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن النضر ، عن يحيى الحلبيّ ، عن معلّى ابن أبي عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال لي : إنّ الحكم بن عتيبة ممّن قال الله : وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ . فليشرّق الحكم وليغرّب ، أما والله لا يصيب العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل .

١٩ ـ ير : السنديّ بن محمّد ، ومحمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز ؟ قال : لا فقلت : إنّ الحكم بن عتيبة يزعم أنّها تجوز فقال : اللّهمّ لا تغفر له ذنبه ، ما قال الله للحكم : إنّه لذكرٌ لك ولقومك وسوف تسئلون . فليذهب الحكم يميناً وشمالاً فو الله لا يوجد العلم إلّا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل .

كش : محمّد بن مسعود عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن العبّاس بن عامر وجعفر ابن محمّد بن حكيم ، عن أبان مثله .

________________________

(١) تقدم الحديث عن الاحتجاج تحت الرقم ٣ من باب ١٣ .

٩١
 &

بيان : أي إنّما خاطب الله رسوله بهذا الخطاب . أنّ القرآن ذكر أي مذكّر أو شرف لك ولقومك ، وقومه أهل بيته . وقد ورد في الأخبار أنّ المخاطب في قوله تعالى : وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ . هو أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ الناس يسألونهم عن علوم القرآن .

٢٠ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن عليّ ، عن أبي إسحاق ثعلبة ، عن أبي مريم قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : لسلمة بن كهيل (١) والحكم بن عتيبة (٢) شرّقا وغرّبا لن تجدا علماً صحيحاً إلّا شيئاً يخرج من عندنا أهل البيت .

كش : محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد بن فيروزان ، عن الأشعريّ ، عن ابن معروف ، عن الحجّال ، عن أبي مريم مثله .

٢١ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي البختريّ ، وسنديّ بن محمّد ، عن أبي البختريّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وذلك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً ، وإنّما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ شيئاً منها فقد أخذ حظّاً وافراً ، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتهال المبطلين ، وتأويل الجاهلين .

ختص : محمّد بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن السندي مثله .

ير : أحمد بن محمّد : عن إبن فضّال رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام مثله .

٢٢ ـ كش : محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد بن فيروزان القميّ ، عن البرقيّ ، عن

________________________

(١) هو سلمة بن كهيل بن الحصين أبو يحيى الحضرمي الكوفي تبرى مذموم . روى الكشي في ص ١٥٢ من رجاله باسناد له عن أبي عبد الله عليه السلام قال : لو أن التبرية صف واحد ما بين المشرق الى المغرب ما اعز الله بهم دينا ، والتبرية هم أصحاب كثير النوا ، والحسن بن صالح بن يحيى ، وسالم بن أبي حفصة ، والحكم بن عتيبة ، وسلمة بن كهيل ، وأبو المقدام ثابت الحداد . وهم الذين دعوا الى ولاية على عليه السلام ، ثم خلطوها بولاية أبى بكر وعمر ، ويثبتون لهما إمامتهما ، ويبغضون عثمان وطلحة و الزبير وعايشة ، ويرون الخروج مع بطون علي بن أبي طالب يذهبون في ذلك إلى الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ويثبتون لكل من خرج من ولد علي بن أبي طالب عليه السلام عند خروجه الامامة .

(٢) بضم العين المهملة والتاء المفتوحة والياء الساكنة والباء المفتوحة . تبرى مذموم كان استاد زرارة وحمران والطيار قبل استبصارهم ، ورد في رجال الكشي مضافا إلى ما نقلنا في سلمة بن كهيل روايات تدل على ذمه .

٩٢
 &

البزنطيّ ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يحمل هذا الدين في كلّ قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين ، وتحريف الغالين ، وانتحال الجاهلين كما ينفى الكير خبث الحديد .

٢٣ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن النضر ، عن محمّد بن الفضيل ، عن الثماليّ قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّـهِ . قال : عنى الله بها من اتّخذ دينه رأيه من غير إمام من أئمّة الهدى .

٢٤ ـ ير : يعقوب بن يزيد ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى يوم القيامة (١) .

بيان : التيه الحيرة في الدين .

٢٥ ـ ير : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد السيّاريّ ، عن عليّ ابن عبد الله قال : سأله رجل عن قول الله عزّ وجلّ : فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ . قال : من قال بالأئمّة واتّبع أمرهم ولم يجز طاعتهم .

٢٦ ـ كتاب زيد الزرّاد ، عن جابر الجعفيّ ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ لنا أوعية نملاؤها علماً وحكماً ، وليست لها بأهل فما نملاؤها إلّا لتنقل إلى شيعتنا فانظروا إلى ما في الأوعية فخذوها ، ثمَّ صفوها من الكدورة ، تأخذونها بيضاء نقيّة صافية وإيّاكم والأوعية فإنّها وعاء سوء فتنكبوها .

٢٧ ـ ومنه ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اطلبوا العلم من معدن العلم و إيّاكم والولائج فيهم الصدّادون عن الله . ثمّ قال : ذهب العلم وبقي غبرات العلم في أوعية سوء ، فاحذروا باطنها فإنّ في باطنها الهلاك ، وعليكم بظاهرها فإنّ في ظاهرها النجاة .

بيان : لعلّ المراد بتصفيتها تخليصها من آرائهم الفاسدة أو من أخبارهم الّتي هم متّهمون فيها لموافقتها لعقائدهم ، والمراد بباطنها عقائدها الفاسدة أو فسوقها الّتي يخفونها عن الخلق .

________________________

(١) يأتي مثله مع زيادة عن المفضل تحت الرقم ٦٧ .

٩٣
 &

٢٨ ـ كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ، عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الحكمة لتكون في قلب المنافق فتجلجل في صدره حتّى يخرجها فيوعيها المؤمن ، وتكون كلمة المنافق في صدر المؤمن فتجلجل في صدره حتّى يخرجها فيعيها المنافق .

٢٩ ـ ومنه بهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ رجلاً دخل على أبي عليه‌السلام فقال : إنّكم أهل بيت رحمة اختصّكم الله بذلك . قال : نحن كذلك والحمد لله ، لم ندخل أحداً في ضلالة ، ولم نخرج أحداً من باب هدىً نعوذ بالله أن نُضلّ أحداً .

٣٠ ـ ف : عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس .

٣١ ـ سن : ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال أما أنّه ليس عند أحد من الناس حقٌّ ولا صوابٌ إلّا شيءٌ أخذوه منّا أهل البيت ، ولا أحد من الناس يقضي بحقّ وعدل وصواب إلّا مفتاح ذلك القضاء وبابه وأوّله وسببه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فإذا اشتبهت عليهم الاُمور كان الخطأ من قبلهم إذا أخطأوا ، والصواب من قبل علي بن أبي طالب عليه‌السلام .

٣٢ ـ ير : ابن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ ، عن فضيل ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل .

٣٣ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن محمّد بن عمر ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنّا أهل بيت من علم الله علمنا ، ومن حكمه أخذنا ، ومن قول الصادق سمعنا ، فإن تتّبعونا تهتدوا .

٣٤ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ بن النعمان ، عن البزنطيّ ، عن زرارة قال كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام فقال لي رجل من أهل الكوفه : سله عن قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : سلوني عمّا شئتم ، ولا تسألونني عن شيء إلّا أنبأتكم به . قال : فسألته فقال : إنّه ليس أحد عنده علم شيء إلّا خرج من عند أمير المؤمنين عليه‌السلام فليذهب الناس حيث شاؤوا فوالله ليأتينّ الأمر ههنا . وأشار بيده إلى صدره .

٩٤
 &

بيان : قوله : ليأتينّ بفتح الياء ، ورفع الأمر أي يأتي العلم وما يتعلّق باُمور الخلق ويهبط إلى صدورنا ، ويحتمل نصب الأمر فيكون ضمير الفاعل راجعاً إلى كلّ أحد من الناس ، أو كلّ من أراد اتّضاح الأمر له .

٣٥ ـ ير : العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : إنّه ليس عند أحد من حقّ ولا صواب وليس أحد من الناس يقضي بقضاء يصيب فيه الحقّ إلّا مفتاحه عليٌّ ، فإذا تشعّبت بهم الاُمور كان الخطأ من قبلهم والصواب من قبله أو كما قال .

ير : عبد الله بن جعفر ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم مثله .

٣٦ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمّد بن مسلم ، قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : أما إنّه ليس عند أحد علم ولا حقٌّ ولا فتيا إلّا شيءٌ أخذ عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، وعنّا أهل البيت ، ومامن قضاء يقضى به بحقّ وصواب إلّا بدءُ ذلك ومفتاحه وسببه وعلمه من عليّ عليه‌السلام ومنّا . فإذا اختلف عليهم أمرهم قاسوا وعملوا بالرأي ، وكان الخطأ من قبلهم إذا قاسوا ، وكان الصواب إذا اتّبعوا الآثار من قبل عليّ عليه‌السلام .

٣٧ ـ سن : ابن فضّال ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي إسحاق النحويّ (١) ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّ الله تبارك وتعالى أدّب نبيّه على محبّته فقال : إِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ . وقال : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . وقال : مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ . وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فوّض إلى عليّ عليه‌السلام ، وائتمنه فسلّمتم وجحد الناس ، فوالله لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا ، وتصمتوا إذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين الله .

________________________

(١) هو ثعلبة بن ميمون المترجم في ص ٨٥ من رجال النجاشي بقوله : ثعلبة بن ميمون مولى بني أسد ثم مولى بني سلامة منهم أبو اسحاق النحوي ، كان وجها في أصحابنا ، قارياً ، فقيها ، نحويا ، لغويا ، راوية ، وكان حسن العمل ، كثير العبادة والزهد ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ، له كتاب يختلف الرواية عنه .

٩٥
 &

توضيح : قوله : أدّب نبيّه على محبّته أي على نحو ما أحبّ وأراد فيكون الظرف صفة لمصدر محذوف ، ويحتمل أن تكون كلمة « على » تعليليّة أي علّمه وفهّمه ما يوجب تأدّبه بآداب الله وتخلّقه بأخلاق الله لحبّه إيّاه ، وأن يكون حالاً عن فاعل أدّب أي حال كونه محبّاً له وكائناً على محبّته ، أو عن مفعوله ، أو المراد أنّه علّمه ما يوجب محبّته لله أو محبّة الله له . قوله عليه‌السلام : ونحن فيما بينكم وبين الله أي نحن الوسائط في العلم وسائر الكمالات بينكم وبين الله فلا تسألوا عن غيرنا ، أو نحن شفعاؤكم إلى الله .

٣٨ ـ سن : أبي ، عمّن ذكره ، عن زيد الشحّام ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : فلينظر الإنسان إلى طعامه . قال : قلت : ما طعامه ؟ قال : علمه الّذي يأخذه ممّن يأخذه .

بيان : هذا أحد بطون الآية الكريمة ، وعلى هذا التاويل المراد بالماء : العلوم الفائضة منه تعالى فإنّها سبب لحياة القلوب وعمارتها ، وبالأرض : القلوب والأرواح ، وبتلك الثمرات : ثمرات تلك العلوم (١) .

ختص : محمّد بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير عن الشحّام مثله .

٣٩ ـ سن : عليّ بن عيسى القاسانيّ ، عن ابن مسعود الميسريّ ، رفعه قال : قال المسيح عليه‌السلام : خذوا الحقّ من أهل الباطل ، ولا تأخذوا الباطل من أهل الحقّ ، كونوا نقّاد الكلام فكم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله ، كما زخرف الدرهم من نحاس بالفضّه المموّهة ، النظر إلى ذلك سواء ، والبصراء به خبراء .

ايضاح : قال الفيروزآباديّ : موّه الشيء : طلاه بفضّة أو ذهب وتحته نحاس أو حديد .

٤٠ ـ سن : النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : غريبتان كلمة حكم من سفيه فاقبلوها ، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها .

بيان : قوله عليه‌السلام فاغفروها أي لا تلوموه بها أو استروها ولا تذيعوها فإنّ الغفر في الأصل بمعنى الستر .

________________________

(١) يريد من الماء والارض والثمرات ما وقع ذكره في الايات التالية : « أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا » .

٩٦
 &

٤١ ـ سن : عليّ بن سيف قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : خذوا الحكمة ولو من المشركين .

٤٢ ـ سن : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال المسيح عليه‌السلام : معشر الحواريّين ! لم يضرّكم من نتن القطران إذا أصابتكم سراجه ، خذوا العلم ممّن عنده ولا تنظروا إلى عمله .

٤٣ ـ سن : النوفليّ ، عن عليّ بن سيف ، رفعه قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أعلم الناس ؟ قال : من جمع علم الناس إلى علمه .

٤٤ ـ سن : محمّد بن عليّ ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام وحدّثني الوشّاء ، عن البطائنيّ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّ كلمة الحكمة لتكون في قلب المنافق فتجلجل حتّى يخرجها .

بيان : فتجلجل بفتح التاء أو ضمّها أي تتحرّك أو تحرّك صاحبها على التكلّم بها .

٤٥ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلويّ ، عن محمّد بن عليّ بن حمزة العلويّ ، عن أبيه ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الهيبة خيبة ، والفرصة خلسة ، والحكمة ضالّة المؤمن فاطلبوها ولو عند المشرك ، تكونوا أحقّ بها وأهلها .

٤٦ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن جعفر بن محمّد العلويّ ، عن أحمد بن عبد المنعم ، عن حمّاد بن عثمان ، عن حمران ، قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهما‌السلام يقول : لا تحقّر اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكبا الخسيسة فإنّ أبي حدّثني قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : إنّ الكلمة من الحكمة لتتلجلج في صدر المنافق نزاعاً إلى مظانّها حتّى يلفظ بها فيسمعها المؤمن فيكون أحقّ بها وأهلها فيلقفها .

بيان : الكبا بالكسر والقصر : الكناسة .

٤٧ ـ سن : أبي ، عمّن ذكره ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ . قال : والله ما صلّوا لهم ولا صاموا ، ولكن أطاعوهم في معصية الله .

٩٧
 &

٤٨ ـ سن : محمّد بن خالد ، عن حمّاد ، عن ربعيّ ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ . فقال : والله ما صلّوا ولا صاموا لهم ، ولكنّهم أحلّوا لهم حراماً ، وحرّموا عليهم حلالاً فاتّبعوهم .

٤٩ ـ كتاب صفات الشيعة للصدوق : عن ماجيلويه ، عن عمّه ، عن أبي سمينة ، عن ابن سنان ، عن المفضّل قال : قال الصادق عليه‌السلام : كذب من زعم أنّه من شيعتنا وهو متمسّك بعروة غيرنا .

٥٠ ـ سن : أبي ، عن عبد الله بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ . فقال : أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم ، ولكن أحلّوا لهم حراماً ، وحرّموا عليهم حلالاً ، فعبدوهم من حيث لا يشعرون .

٥١ ـ سن : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّ القرآن شاهد الحقّ ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك مستقرّ فمن اتّخذ سبباً إلى سبب الله لم يقطع به الأسباب ، ومن اتّخذ غير ذلك سبباً مع كلّ كذّاب فاتّقوا الله فإن الله قد أوضح لكم أعلام دينكم ومنار هداكم ، فلا تأخذوا أمركم بالوهن ، ولا أديانكم هزؤاً فتدحض أعمالكم ، وتخطؤا (١) سبيلكم ، ولا تكونوا في حزب الشيطان فتضلّوا . يهلك من هلك ، ويحيى من حيّ ، وعلى الله البيان ، بيّن لكم فاهتدوا ، وبقول العلماء فانتفعوا ، والسبيل في ذلك إلى الله فمن يهدي الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً .

بيان : قوله عليه‌السلام : ومحمّد لذلك مستقرّ أي محلّ استقرار القرآن ، وفيه ثبت علمه . قوله عليه‌السلام : إلى سبب الله السبب الأوّل الحجّة والسبب الثاني القرآن أو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله . قوله عليه‌السلام : لم يقطع به الأسباب أي لم تنقطع أسبابه عمّا يريد الوصول إليه من الحقّ ، من قولهم : قطع بزيد ـ على المجهول ـ أي عجز عن سفره أو حيل بينه وبين ما يؤمّله . قوله : فاتّقوا الله هو جزاء الشرط أو خبر الموصول أي فاتّقوا الله واحذروا عن مثل فعاله ، ويحتمل أن يكون فيها سقط وكانت العبارة : كان مع كلّ كذّاب . قوله عليه‌السلام : فتدحض أي تبطل .

________________________

(١) في المحاسن المطبوع هكذا : فتدحض اعمالكم وتخبطوا سبيلكم ولا تكونوا اطعتم الله ربّكم اثبتوا على القرآن الثابت وكونوا في حزب الله تهتدوا ولا تكونوا الخ .

٩٨
 &

٥٢ ـ سن : بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ لكم معالم فاتّبعوها ، ونهاية فانتهوا إليها .

بيان : المعالم ما يعلم به الحقّ ، والمراد بها هنا الأئمّة عليهم‌السلام والمراد بالنهاية إمّا حدود الشرع وأحكامه أو الغايات المقرّرة للخلق في ترقّياتهم بحسب استعداداتهم في مراتب الكمال .

٥٣ ـ دعوات الراوندي : من وصيّة ذي القرنين : لا تتعلّم العلم ممّن لم ينتفع به فإنّ من لم ينفعه علمه لا ينفعك .

٥٤ ـ ومنه ، قال أبو عبيد في قريب الحديث : في حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أتاه عمر فقال : إنّا نسمع أحاديث من اليهود تعجبنا ، فترى أن نكتب بعضها ؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفتهوكون أنتم كما تهوَّكت اليهود والنصارى ؟ ! لقد جئتكم بها بيضاء نقيّةً ، ولو كان موسى حيّاً ماوسعه إلّا اتّباعي . قال أبو عبيد : أمتحيّرون أنتم في الإسلام ولا تعرفون دينكم حتّى تأخذوه من اليهود والنصارى ؟ ! كأنّه كره ذلك منه .

٥٥ ـ نهج : قال عليه‌السلام : إنّ كلام الحكماء إذا كان صواباً كان دواءاً ، وإذا كان خطاءاً كان داءاً .

٥٦ ـ وقال عليه‌السلام : خذ الحكمة أنّى كانت فإنّ الحكمة تكون في صدر المنافق فتتخلّج (١) في صدره حتّى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن .

٥٧ ـ وقال عليه‌السلام في مثل ذلك : الحكمة ضالّة المؤمن فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق .

٥٨ ـ ما : عن المفيد ، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور ، عن أبي بكر المفيد الجرجانيّ عن المعمّر أبي الدنيا ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلمة الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها .

٥٩ ـ شا : روى ثقاة أهل النقل عند العامّة والخاصّة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في كلام افتتاحه : الحمد لله والصلاة على نبيّه ، أمّا بعد فذمّتي بما أقول رهينة و

________________________

(١) أي تضطرب وتتحرك .

٩٩
 &

أنابه زعيم إنّه لا يهيج على التقوى زرع قوم ، ولا يظمأ عنه سنخ أصل ، وإنّ الخير كلّه فيمن عرف قدره ، وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف قدره ، وأنّ أبغض الخلق عند الله رجل وكله إلى نفسه ، جائر عن قصد السبيل ، مشغوف بكلام بدعة ، قد لهج فيها بالصوم و الصلاة ، فهو فتنة لمن افتتن به ، ضالٌّ عن هدى من كان قبله ، مضلٌّ لمن اقتدى به ، حمّال خطايا غيره ، رهين بخطيئته ، قد قمش جهلاً في جهّال غشوه ، غارٌّ بأغباش الفتنة ، عمىً عن الهدى ، قد سمّاه أشباه الناس عالماً ، ولم يغن فيه يوماً سالماً ، بكّر فاستكثر ممّا (١) قلّ منه خير ممّا كثر حتّى إذا ارتوى من آجن واستكثر من غير طائل ، جلس للناس قاضياً ضامناً لتخليص ماالتبس على غيره ، إن خالف من سبقه لم يا من من نقض حكمه من يأتي بعده ، كفعله بمن كان قبله ، وإن نزلت به إحدى المهمّات هيّأ لها حشواً من رأيه ثمّ قطع عليه ، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت ، لا يدري أصاب أم أخطأ ؟ ! ولا يرى أنّ من وراء ما بلغ مذهباً ، إن قاس شيئاً بشيء لم يكذّب رأيه ، وإن أظلم عليه أمرٌ اكتتم به ، لما يعلم من نفسه من الجهل والنقص والضرورة كيلا يقال : إنّه لا يعلم ، ثمّ أقدم بغير علم فهو خائض عشوات ، ركّاب شبهات ، خبّاط جهالات ، لا يعتذر ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يعضّ في العلم بضرس قاطع فيغنم ، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم ، تبكي منه المواريث ، وتصرخ منه الدماء ، ويستحلّ بقضائه الفرج الحرام ، ويحرّم به الحلال ، لا يسلم بإصدار ما عليه ورد ، ولا يندم على مامنه فرّط .

أيّها الناس عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته ، فإنّ العلم الّذي هبط به آدم وجميع ما فضّلت به النبيّون إلى محمّد خاتم النبيّين في عترة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأين يُتاه بكم ؟ بل أين تذهبون . يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة فهذه مثلها فيكم فاركبوها فكما نجا في هاتيك من نجا كذلك ينجو في هذي (٢) من دخلها ، أنا رهين بذلك قسماً حقّاً ، وما أنا من المتكلّفين . الويل لمن تخلّف ثمّ الويل لمن تخلّف . أما بلغكم ما قال فيهم نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ حيث يقول في حجّة الوداع : إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ ألا هذا عذب فرات فاشربوا ، وهذا ملحٌ اُجاجٌ فاجتنبوا .

________________________

(١) في النهج : من جمع ما قلّ منه .

(٢) في الارشاد المطبوع المصحّح : هذه .

١٠٠