بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

نهج : مرسلاً مثله .

ايضاح : فذمّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم الذمّة : العهد والأمان والضمان والحرمة والحقّ . أي حرمتي أو ضماني أو حقوقي عند الله مرهونة لحقّيّة ما أقوله . قال في النهاية : وفي حديث عليّ عليه‌السلام : ذمّتي رهينة وأنا به زعيم أي ضماني وعهدي رهن في الوفاء به . وقال : الزعيم : الكفيل . إنّه لا يهيج على التقوى زرع قوم قال الجزريّ : هاج النبت هياجاً أي يبس واصفرّ ، ومنه حديث عليّ عليه‌السلام : لا يهيج على التقوى زرع قوم . أراد مَن عمل لله عملاً لم يفسد عمله ولا يبطل كما يهيج الزرع فيهلك . ولا يظماُ عنه سنخ أصل الظماء : شدّة العطش قال الجزريّ : وفي حديث عليّ عليه‌السلام : ولا يظماُ على التقوى سنخ أصل : السنخ والأصل واحد فلمّا اختلف اللّفظان أضاف أحدهما إلى الآخر .

أقول : الفقرتان متقاربتان في المعنى ، ويحتمل أن يكون المراد بهما عدم فوت المنافع الدنيويّة أيضاً بالتقوى ، ويحتمل أن يراد بإحداهما إحداهما وبالاُخرى الاُخرى .

وفي نهج البلاغة : لا يهلك على التقوى سنخ أصل ، ولا يظماُ عليها زرع قوم ، وإنّ الخير كلّه فيمن عرف قدره . قال ابن ميثم : أي مقداره ومنزلته بالنسبة إلى مخلوقات الله تعالى وأنّه أيّ شيء منها ، ولأيّ شيء خلق ، وماطوره المرسوم له في كتاب ربّه وسنن أنبيائه . جائر عن قصد السبيل الجائر : الضالّ عن الطريق ، والقصد : استقامة الطريق و وسطه ، وفي بعض نسخ الكافي : حائرٌ بالحاء المهملة من الحيرة . مشغوف بكلام بدعة قال الجوهريّ : الشغاف : غلاف القلب وهو جلدة دون الحجاب ، يقال : شغفه الحبّ أي بلغ شغافه . قد لهج فيها بالصوم والصلاة قال الجوهريّ : اللّهج بالشيء الولوع به ، و ضمير فيها راجع إلى البدعة أي هو حريص في مبتدعات الصلاة والصوم ، و « فيها » غير موجود في الكافي . ضالٌّ عن هدى من كان قبله هدى بضمّ الهاء وفتح الدال أو فتح الهاء و سكون الدال . وفي النهج بعد ذلك : مضلّ لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته . وفي الكافي : وبعد موته . رهين بخطيئته أي هو مرهون بها قال المطرّزيّ : هو رهين بكذا أي مأخوذ به . قد قمش جهلاً في جهّال . وفي الكتابين : ورجل قمش جهلاً . والقمش : جمع الشيء المتفرّق . غشوه أي أحاطوا به وليس فيهما . غارٌّ بأغباش الفتنة قال الجوهريّ : الغبش

١٠١
 &

ظلمة آخر اللّيل والجمع أغباش أي غفل وانخدع واغترّ بسبب ظلمة الفتن والجهالات أو فيها . ولم يغن فيه يوماً سالماً ، قال الجزريّ : وفي حديث عليّ عليه‌السلام : ورجل سمّاه الناس عالماً ولم يغن في العلم يوماً تامّاً من قولك غنيت بالمكان أغنى إذا أقمت به انتهى . قوله : سالماً أي من النقص بأن يكون نعتاً لليوم ، أو سالماً من الجهل بأن يكون حالاً عن ضمير الفاعل . بكّر فاستكثر ممّا قلّ منه خير ممّا كثر أي خرج في الطلب بكرةً ، كنايةٌ عن شدّة طلبه واهتمامه في كلّ يوم أو في أوّل العمر وابتداء الطلب ، وما موصولة ، وهي مع صلتها صفة لمحذوف أي من شيء ماقلّ منه خير ممّا كثر ، ويحتمل أن تكون ما مصدريّة أيضاً وقيل : قلّ مبتداٌ بتقدير « أن » وخير خبره ، كقولهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، و المراد بذلك الشيء إمّا الشبهات المضلّة والآراء الفاسدة والعقائد الباطلة ، أو زهرات الدنيا . حتّى إذا ارتوى من آجن الآجن : الماء المتعفّن المتغيّر ، استعير للآراء الباطلة والأهواء الفاسدة . واستكثر من غير طائل قال الجوهريّ : هذا أمر لا طائل فيه إذا لم يكن فيه غناءٌ ومزيّةٌ . وان نزلت به إحدى المهمّات وفي الكتابين : المبهمات . هيّأ لها حشواً أي كثيراً لا فائدة فيها . ثمّ قطع عليه أي جزم به . فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت قال ابن ميثم : وجه هذا التمثيل أنّ الشبهات الّتي تقع على ذهن مثل هذا الموصوف إذا قصد حلّ قضيّة مبهمة تكثر فتلتبس على ذهنه وجه الحقّ منها فلا يهتدي له لضعف ذهنه ، فتلك الشبهات في الوهاء تشبه نسج العنكبوت وذهنه فيها يشبه لذباب الواقع فيه ، فكمالا يتمكّن الذباب من خلاص نفسه من شباك العنكبوت لضعفه كذلك ذهن هذا الرجل لا يقدر على التخلّص من تلك الشبهات .

أقول : ويحتمل أيضاً أن يكون المراد تشبيه ما يلبس على الناس من الشبهات بنسج العنكبوت لضعفها وظهور بطلانها ، لكن تقع فيها ضعفاء العقول فلا يقدرون على التخلّص منها لجهلهم وضعف يقينهم ، والأوّل أنسب بما بعده .

لا يرى أنّ من وراء ما بلغ مذهباً ، أي أنّه لوفور جهله يظنّ أنّه بلغ غايه العلم فليس بعد ما بلغ إليه فكره لأحد مذهب وموضع تفكّر . فهو خائض عشوات أي يخوض ويدخل في ظلمات الجهالات والفتن . خبّاط جهالات الخبط : المشي على غير استواء

١٠٢
 &

أي خبّاط في الجهالات أو بسببها . ولا يعضّ في العلم بضرس قاطع كناية عن عدم إتقانه للقوانين الشرعيّة وإحاطته بها ، يقال : لم يعضّ فلان على الأمر الفلانيّ بضرس إذا لم يحكمه . يذري الروايات ذرو الريح الهشيم قال الفيروزآباديّ : ذرت الريح الشيء ذرواً وأذرته وذرّته : أطارته وأذهبته . وقال : الهشيم نبت يابس متكسّر ، أو يابس كلِّ كلاء وكلّ شجر ، ووجه التشبيه صدور فعل بلا رويّة من غير أن يعود إلى الفاعل نفعٌ وفائدة ، فإنّ هذا الرجل المتصفّح للروايات ليس له بصيرة بها ولا شعور بوجه العمل بها بل هو يمرّ على رواية بعد اُخرى ويمشي عليها من غير فائدة ، كما أنّ الريح الّتي تذري الهشيم لا شعور لها بفعلها ، ولا يعود إليها من ذلك ، نفع وإنّما أتى الذور مكان الإذراء لاتّحاد معنييهما . وفي بعض الروايات : يذروا الرواية . قال الجزريّ : يقال : ذرته الريح وأذرته تذروه وتذريه إذا أطارته ، ومنه حديث عليّ عليه‌السلام : يذروا الرواية ذرو الريح الهشيم أي يسرد الرواية كما تنسف الريح هشيم النبت . تبكي منه المواريث وتصرخ منه الدماء الظاهر أنّهما على المجاز ، ويحتمل حذف المضاف أي أهل المواريث وأهل الدماء . لا يسلم بإصدار ما عليه ورد . أي لا يسلم عن الخطأ في إرجاع ما عليه ورد من المسائل أي في جوابها ، وفي الكتابين : لا مليىءٌ والله بإصدار ما عليه ورد أي لا يستحقّ ذلك ولا يقوي عليه . قال الجزريّ : المليىء بالهمز : الثقة الغنيّ وقد ملؤ فهو مليىءٌ بيّن الملآءة بالمدّ ـ وقد أولع الناس بترك الهمزة وتشديد الياء ـ ومنه حديث عليّ عليه‌السلام : لا مليىءٌ والله بإصدار ما ورد عليه . ولا يندم على ما منه فرّط . أي لا يندم على ما قصّر فيه . وفي الكافي : ولا هو أهلٌ لما منه فرط « بالتخفيف » أي سبق على الناس وتقدّم عليهم بسببه من ادّعاء العلم ، وليست هذه الفقرة أصلاً في نهج البلاغة ، وقال ابن أبي الحديد : في كتاب ابن قتيبة : ولا أهل لما فرط به أي ليس بمستحقّ للمدح الّذي مدح به .

ثمّ اعلم أنّه على نسخة المنقول عنه جميع تلك الأوصاف لصنف واحد من الناس ، وعلى ما في الكتابين من زيادة : ورجل عند قوله : قمش جهلاً فالفرق بين الرجلين إمّا بأن يكون المراد بالأوّل الضالّ في اُصول العقائد كالمشبّهة والمجبرة ، والثاني هو المتفقّه في فروع الشرعيات وليس بأهل لذلك ، أو بان يكون المراد بالأوّل من نصب نفسه

١٠٣
 &

لسائر مناصب الإفادة دون منصب القضاء ، وبالثاني من نصب نفسه له .

فأين يُتاه بكم : من التيه بمعنى التحيّر والضلال أي أين يذهب الشيطان أو الناس بكم متحيّرين ؟ . بل أين تذهبون إضراب عمّا يفهم سابقاً من أنّ الداعي لهم على ذلك غيرهم ، و أنّهم مجبورون على ذلك أي بل أنتم باختياركم تذهبون عن الحقّ إلى الباطل . يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة النسخ : الإزالة والتغيير أي كنتم في أصلاب من ركب سفينة نوح فاُنزلتم عن تلك الأصلاب فاعتبروا بحال أجدادكم وتفكّروا في كيفيّة نجاتهم فإنّ مثل أهل البيت كمثل سفينة نوح . وتي وذي للإشارة إلى المؤنّث . قسماً حقّاً أي اُقسم قسماً حقّاً . وما أنا من المتكلّفين أي المتصنّعين بما لست من أهله ، ولست ممّن يدّعي الباطل ويقول الشيء من غير حقيقة . إنّي تارك فيكم الثقلين قال الجزريّ : فيه إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي سمّاهما ثقلين لأنّ الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل ، ويقال لكلّ خطير نفيس : ثقيل . فسمّاهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما . ما إن تمسّكتم بهما بدل من الثقلين . وإنّهما لن يفترقا يدلّ على أنّ لفظ القرآن و معناه عندهم عليهم‌السلام . (١) ألا هذا أي سبيل الحقّ الّذي أريتكموه عذبٌ فراتٌ أي شديد العذوبة ، وهذا أي سبيل الباطل الّذي حذّرتكموه ملحٌ اُجاجٌ أي مالح شديد الملوحة والمرارة .

٦٠ ـ شى : عن سعد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن هذه الآية : لَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا . فقال : آل محمّد ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أبواب الله وسبيله والدعاة إلى الجنّة والقادة إليها والأدلّاء عليها إلى يوم القيامة .

٦١ ـ شى : عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : لَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ . الآية قال : يعني أن يأتي الأمر من وجهها من أيّ الاُمور كان .

________________________

(١) الظاهر أن هذه الاستفاده منه رحمه الله انتصار للاخبار الدالة على تحريف الكتاب مع أن قوله : لن يفترقا إنما يدل على أن المعارف القرآنية بحقائقها عند أهل البيت عليهم السلام ، ولا نظر فيه إلى التفرقة بين لفظ القرآن ومعناه وعدمها كما هو ظاهر . ط

١٠٤
 &

٦٢ ـ قال وروى سعيد بن منخل في حديث له رفعه قال : البيوت : الأئمّة عليهم‌السلام والأبواب : أبوابها .

٦٣ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام وأتوا البيوت من أبوابها . قال : ائتوا الاُمور من وجهها . (١)

٦٤ ـ غو : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : خذوا العلم من أفواه الرجال .

٦٥ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وإيّاكم وأهل الدفاتر ، ولا يعزّنّكم الصحفيّون .

٦٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها حيث وجدها .

٦٧ ـ نى : روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّه قال : من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه ، ومن دخل فيه بالكتاب والسنّة زالت الجبال قبل أن يزول .

٦٨ ـ نى : سلام بن محمّد ، عن أحمد بن داود ، عن عليِّ بن الحسين بن بابويه ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطّاب (٢) ، عن المفضّل بن زرارة ، عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من دان الله بغير سماع من عالم صادق ألزمه الله التيه إلى الفناء ، ومن ادّعى سماعاً من غير الباب الّذي فتحه الله لخلقه فهو مشرك ، وذلك الباب هو الأمين المأمون على سرّ الله المكنون . (٣)

نى : الكلينيّ ، عن بعض رجاله ، عن عبد العظيم الحسنيّ ، عن مالك بن عامر ، عن المفضّل مثله .

( باب ١٥ )

* ( ذم علماء السوء ولزوم التحرز عنهم ) *

الايات ، الاعراف : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ

________________________

(١) اتحاده مع الحديث ٦١ ظاهر .

(٢) وفي نسخة : عن ابن ابي طالب .

(٣) تقدم صدره عن جابر تحت الرقم ٢٤ .

١٠٥
 &

فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ١٧٥ ، ١٧٦

المؤمن : فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ٨٣

حمعسق : وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ١٤

الجمعة : مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ ٥

١ ـ ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام : أنّ عليّاً عليه‌السلام قال : إيّاكم والجهّال من المتعبّدين والفجّار من العلماء فإنّهم فتنة كلّ مفتون . (١)

٢ ـ ل : أبي ، عن محمّد العطّار ، عن ابن عيسى ، عن أبيه ، عن ابن اُذينة ، عن أبان ابن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس الهلاليّ ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في كلام له : العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج ، وعالم تارك لعلمه فهذا هالك ، وإنّ أهل النار ليتأذّون بريح العالم التارك لعلمه ، وإنّ أشدّ أهل النار ندامةً وحسرةً رجل دعا عبداً إلى الله عزّ وجلّ فاستجاب له وقبل منه وأطاع الله عزّ وجلّ فأدخله الله الجنّة ، وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتّباعه الهوى . ثمّ قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ألا إنَّ أخوف ما أخاف عليكم خصلتان : اتّباع الهوى وطول الأمل ، أمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ، وطول الأمل ينسي الآخرة .

٣ ـ ل : الفاميّ ، عن ابن بطّة ، عن البرقيّ ، عن أبيه بإسناده يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال : قطع ظهري رجلان من الدنيا : رجل عليم اللّسان فاسق ، ورجل جاهل القلب ناسك ، هذا يصدّ بلسانه عن فسقه ، وهذا بنسكه عن جهله ، فاتّقوا الفاسق من العلماء ، والجاهل من المتعبّدين ، اُولئك فتنة كلّ مفتون ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قول : يا عليّ هلاك اُمّتي على يدي كلّ منافق عليم اللّسان .

بيان : قوله عليه‌السلام : هذا يصدّ بلسانه عن فسقه أي يمنع الناس عن أن يعلموا

________________________

(١) لعله قطعة من الحديث الثالث .

١٠٦
 &

فسقه بما يصوّر لهم بلسانه ويشبّه عليهم ببيانه فيعدّون فسقه عبادةً ، أو أنّهم لا يعبؤون بفسقه بما يسمعون من حسن بيانه ، والاحتمالان جاريان في الفقرة الثانية .

٤ ـ ل : ابن المتوكّل ، عن السعدآباديّ ، عن البرقيّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان عن زياد بن المنذر ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نُباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الفتن ثلاث : حبّ النساء وهو سيف الشيطان ، وشرب الخمر وهو فخّ الشيطان ، وحبّ الدينار والدرهم وهو سهم الشيطان . فمن أحبّ النساء لم ينتفع بعيشه ، ومن أحبّ الأشربة حرمت عليه الجنّة ، ومن أحبّ الدينار والدرهم فهو عبد الدنيا .

٥ ـ وقال : قال عيسى ابن مريم عليه‌السلام : الدينار داء الدين ، والعالم طبيب الدين فإذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتّهموه واعلموا أنّه غير ناصح لغيره .

٦ ـ ل : أبي ، عن الحميريّ ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام : أنّ عليّاً عليه‌السلام قال : إنّ في جهنّم رحىً تطحن أفلا تسألوني ما طحنها ؟ فقيل له : وما طحنها يا أمير المؤمنين ؟ قال : العلماء الفجرة ، والقرّاء الفسقة ، والجبابرة الظلمة ، والوزراء الخونة ، والعرفاء الكذبة . وإنّ في النار لمدينة يقال لها : الحصينة أفلا تسألوني ما فيها ؟ فقيل : وما فيها يا أمير المؤمنين ؟ فقال : فيها أيدي الناكثين .

ثو : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن هارون مثله .

بيان : قال الجزرّي العرفاء : جمع عريف وهو القيّم باُمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي اُمورهم ، ويعترّف الأمير منه أحوالهم ، فعيل بمعنى فاعل . والنكث : نقض العهد والبيعة .

٧ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن القاشانيّ ، عن الإصفهانيّ ، عن المنقريّ ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا رأيتم العالم محبّاً للدنيا فاتّهموه على دينكم فإنّ كلّ محبّ يحوط ماأحبّ .

٨ ـ وقال : أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود عليه‌السلام : لا تجعل بيني وبينك عالماً مفتوناً بالدنيا فيصدّك عن طريق محبّتي ، فإنّ اُولئك قطّاع طريق عبادي المريدين ، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم .

١٠٧
 &

٩ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي محمّد الخطّاب ، عن ابن محبوب ، عن حمّاد ابن عثمان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : والشعراءُ يتّبعهم الغاوون قال : هل رأيت شاعراً يتّبعه أحد ؟ إنّما هم قوم تفقّهوا لغير الدين فضلّوا وأضلّوا .

بيان : التعبير عنهم بالشعراء لأنّهم كالشعراء مبنى أحكامهم وآرائهم على الخيالات الباطلة .

١٠ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن أسلم الجبليّ (١) بإسناده يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إنّ الله عزّ وجلّ يعذّب ستّة بستّ : العرب بالعصبيّة ، والدهاقنة بالكبر ، والاُمراء بالجور ، والفقهاء بالحسد ، والتجّار بالخيانة ، وأهل الرستاق بالجهل .

بيان : الدهاقنة جمع الدهقان وهو معرّب دهبان أي رئيس القرية .

١١ ـ ل : ماجيلويه ، عن محمّد العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن الخشّاب ، عن ابن مهران وابن اسباط فيما أعلم ، عن بعض رجالهما قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام إنّ من العلماء من يحبّ ان يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الأوّل من النار ، ومن العلماء من إذا وُعظ أنف وإذا وَعظ عنف فذاك في الدرك الثاني من النار ، ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف ولا يرى له في المساكين وضعاً فذاك في الدرك الثالث من النار ، ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين فإن ردّ عليه شيءٌ من قوله أو قصّر في شيء من أمره غضب فذاك في الدرك الرابع من النار ، ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر به علمه ويكثر به حديثه فذاك في الدرك الخامس من النار ، ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول : سلوني ولعلّه لا

________________________

(١) قال صاحب التنقيح : الجبلي نسبة إلى الجبل ـ كورة بحمّص ـ أو الى بلاد الجبل من بلاد الديالمة وهو المشهور في النسبة الى الجبل على الاطلاق ، او الى الجبل ـ بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة واللام ـ بليدة بشاطىء الدجلة من الجانب الشرقي بين النعمانية وواسط ، ومنها جمع محدّثون ، والنسبة على الاول بالتخفيف وعلى الثالث بالتشديد . أقول : هو محمد بن أسلم الجبلي الطبري أبو جعفر المترجم في الفهرست ورجال النجاشي وغيرهما ، قال النجاشي « في ص ٢٦٠ » : أصله كوفي يتجر الى طبرستان يقال : انه كان غاليا فاسد الحديث ، روى عن الرضا عليه السلام .

١٠٨
 &

يصيب حرفاً واحداً واللهُ لايحبّ المتكلّفين فذاك في الدرك السادس من النار ، ومن العلماء من يتّخذ علمه مروّةً وعقلاً فذاك في الدرك السابع من النار .

بيان : قوله عليه‌السلام : من إذا وعظ « على المجهول » أنف أي استكبر عن قبول الوعظ وإذا وعظ « على المعلوم » عنف أي جاوز الحدّ ، والعنف ضدّ الرفق .

قوله عليه‌السلام : أو قصّر « على المجهول » من باب التفعيل أي إن وقع التقصير من أحد في شيء من أمره كإكرامه والإحسان إليه غضب . قوله عليه‌السلام : ليغزر أي يكثر . قوله عليه‌السلام : يتّخذ علمه مروّةً وعقلاً أي يطلب العلم ويبذله ليعدّه الناس من أهل المروّة والعقل .

١٢ ـ ما : المفيد ، عن أبي الحسن أحمد بن محمّد بن الحسين ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن القاشانيّ ، عن الاصفهانيّ ، عن المنقريّ ، عن حفص قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول : قال عيسى ابن مريم لأصحابه : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ، ولا تعملون للآخرة ولا ترزقون فيها إلّا بالعمل . ويلكم علماء السوء ! الاُجرة تأخذون ، والعمل لا تصنعون ، يوشك ربّ العمل أن يطلب عمله ، وتوشكوا أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر ، كيف يكون من أهل العلم مَن مصيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه ؟ ! وما يضرّه أشهى إليه ممّا ينفعه .

١٣ ـ ثو : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا ظهر العلم ، واحترز العمل ، وائتلفت الألسن ، واختلفت القلوب ، وتقاطعت الأرحام ، هنالك لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم .

١٤ ـ ثو : بهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيأتي على اُمّتي زمان لا يبقى من القرآن إلّا رسمه ، ولا من الإسلام إلّا اسمه ، يسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء ، منهم خرجت الفتنه وإليهم تعود .

بيان : لعلّ المراد عود ضررها إليهم في الدنيا والآخرة ، أو أنّهم مراجع لها

١٠٩
 &

يؤوونها وينصرونها .

١٥ ـ غو ، روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : الفقهاء اُمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا . قيل : يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا ؟ قال : اتّباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم .

١٦ ـ ختص : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعلّم علماً ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء ، أو يصرف به الناس إلى نفسه يقول : أنا رئيسكم فليتبوّأ مقعده من النار ، إنّ الرئاسة لا تصلح إلّا لأهلها ، فمن دعى الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة .

١٧ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ربّ عالم قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه .

بيان : قيل : أراد العلماء بما لا نفع فيه من العلوم كالسحر والنيرنجات وغير ذلك ، ويحتمل أن يراد بالجهل الأهواء الباطلة والشهوات الفاسدة ، فإنّها ربّما غلبت العقل والعلم .

١٨ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أشدّ الناس بلاءاً وأعظمهم عناءاً من بلي بلسان مطلق ، وقلب مطبق ، فهو لا يحمد إن سكت ولا يحسن إن نطق .

١٩ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالم إتّخذ الناس رؤساء جهّالاً فسئلوا فافتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا .

٢٠ ـ منية المريد : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّي لا أتخوّف على اُمّتي مؤمناً ولا مشركاً ، فأمّا المؤمن فيحجزه إيمانه ، وأمّا المشرك فيقمعه كفره (١) ولكن أتخوّف عليكم منافقاً عليم اللّسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون .

٢١ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أخوف ما أخاف عليكم بعدي كلّ منافق عليم اللّسان .

٢٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إنّ شرّ الشرّ شرار العلماء وإنّ خير الخير خيار العلماء .

٢٣ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال : أنا عالم فهو جاهل .

________________________

(١) أي فيذله ويقهره كفر .

١١٠
 &

٢٤ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يظهر الدين حتّى يجاوز البحار ، ويخاض في سبيل الله ثمّ يأتي من بعدكم أقوام يقرؤون القرآن يقولون : قرأنا القرآن ، من أقرأ منّا ؟ ومن أفقه منّا ؟ ومن أعلم منّا ؟ . ثمّ التفت إلى أصحابه فقال : هل في اُولئك من خير ؟ قالوا : لا . قال : اُولئك منكم من هذه الآية : وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ .

٢٥ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام قصم ظهري عالم متهتّك ، وجاهل متنسّك فالجاهل يغشّ الناس بتنسّكه ، والعالم يغرُّهم بتهتّكه .

( باب ١٦ )

* ( النهي عن القول بغير علم ، والافتاء بالرأي ، وبيان شرائطه ) *

الايات ، البقره : فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِندِ اللَّـهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ ٧٩ « وقال تعالى » : أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨٠

آل عمران : وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٨ « وقال تعالى » : فَمَنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٩٤

النساء : انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا ٥٠

المائدة : ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون ٤٤ « وقال » : وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٤٥ « وقال » : وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤٧ « وقال تعالى » : وَلَـٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ١٠٣

الانعام : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ٢١ « وقال تعالى » : افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ١٣٨ « وقال تعالى » : قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّـهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّـهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ١٤٠

١١١
 &

الاعراف : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ «إلى قوله» : وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٣٣ « وقال تعالى » : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ٣٧ « وقال تعالى » : أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ ١٦٩

يونس : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ١٧ « وقال تعالى » : قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّـهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّـهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّـهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ٥٩ ، ٦٠ « وقال » : أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ٦٨ ، ٦٩ ، ٧٠

هود : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أُولَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَـٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّـهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ١٨

النحل : إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ ١٠٥ « وقال تعالى » : وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَالٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١١٦ ، ١١٧

الكهف : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ١٥

طه : قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ ٦١

النور : وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ ١٥

العنكبوت : وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ١٣ « وقال تعالى » : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ٦٨

لقمان : وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ٢٠

الزمر : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّـهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ ٣٢ « وقال تعالى » : وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّـهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ٦٠

١١٢
 &

الجاثية : وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ٢٤

الاحقاف : أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا ٨

الصف : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ ٧

الحاقة : وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٧

الجن : وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ٥

١ ـ كتاب عاصم بن حميد ، عن خالد بن راشد ، عن مولى لعبيدة السلمانيّ قال : خطبنا أمير المؤمنين عليه‌السلام على منبر له من لِبن : فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : يا أيّها الناس اتّقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال قولاً آل منه إلى غيره وقال قولاً . وُضع على غير موضعه وكُذب عليه . فقام إليه علقمة وعبيدة السلمانيّ فقالا : يا أمير المؤمنين فما نصنع بما قد خبّرنا في هذا الصحف عن أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال : سلا عن ذلك علماء آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله . كأنّه يعني نفسه .

٢ ـ لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن معلّى ، عن ابن أسباط ، عن جعفر بن سماعة ، عن غير واحد ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر الباقر عليه‌السلام : ما حقّ الله على العباد ؟ قال أن يقولوا ما يعلمون ، ويقفوا عند ما لا يعلمون .

٣ ـ لى : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى عيّر عباده بآيتين من كتابه : أن لا يقولوا حتّى يعلموا ، ولا يردّوا ما لم يعلموا . قال الله عزّ و جلّ : أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الْحَقَّ . وقال : بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ .

شى : عن إسحاق بن عبد العزيز مثله .

شى : عن أبي السفاتج (١) مثله .

________________________

(١) جمع سفتجة ـ بضم السين وسكون الفاء وفتح التاء ـ معرب سفتة ، وأبو السفاتج تكون كنية اسحاق بن عبد العزيز واسحاق بن عبد الله معا ، عدهما الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام ، وحكى عن ابن الغضائري أنه قال : اسحاق بن عبد العزيز البزاز كوفي ، يكنى أبا يعقوب ويلقب أبا السفاتج روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، يعرف حديثه تارة وينكر اخرى ، ويجوز أن يخرج شاهداً .

١١٣
 &

بيان : قوله عليه‌السلام : أن لا يقولوا أي لئلّا يقولوا .

٤ ـ ب : أبو البختريّ ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام أنّ عليّاً عليه‌السلام قال لرجل وهو يوصيه : خذ منّي خمساً : لا يرجونّ أحدكم إلّا بربّه ، ولا يخاف إلّا ذنبه ، ولا يستحيي أن يتعلّم ما لم يعلم (١) ، ولا يستحيي إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : لا أعلم ، واعلموا أنّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد .

كتاب المثنّى بن الوليد ، عن ميمون بن حمران ، عنه عليه‌السلام مثله .

٥ ـ ل : أبي عن محمّد العطّار ، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن ابن عميرة ، عن مفضّل بن يزيد ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال : أن تدين الله بالباطل ، وتفتي الناس بما لا تعلم .

بيان : أن تدين الله أي تعبد الله بالباطل أي بدين باطل أو بعمل بدعة .

٦ ـ ل : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن اليقطينيّ ، عن يونس ، عن ابن الحجّاج قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : إيّاك وخصلتين فيهما هلك من هلك : إيّاك أن تفتي الناس برأيك ، أو تدين بما لا تعلم .

٧ ـ ل : ابن المتوكّل ، عن محمّد العطّار ، عن الأشعريّ ، عن الواسطيّ يرفعه إلى زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ من حقيقة الإيمان أن تؤثر الحقّ وإن ضرّك على الباطل وإن نفعك ، وأن لا يجوز منطقك علمك .

سن : أحمد ، عن الواسطيّ مثله .

٨ ـ ل : أبو منصور أحمد بن إبراهيم ، عن زيد بن محمّد البغداديّ ، عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائيّ ، عن أبيه ، عن عليّ بن موسى الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال عليٌّ عليه‌السلام : خمس لو رحلتم فيهنّ ما قدرتم على مثلهنّ : لا يخاف عبد إلّا ذنبه ، ولا يرجو إلّا ربّه عزّ وجلّ ، ولا يستحيي الجاهل إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : الله أعلم ، ولا يستحيي أحد إذا لم يعلم أن يتعلّم ، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا إيمان لمن لا صبر له .

٩ ـ ن : بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عليه‌السلام مثله إلّا أنّ فيه : ولا يستحيي الجاهل

________________________

(١) وفي نسخة : ما لا يعلم .

١١٤
 &

إذا سئل عمّا لا يعلم أن يتعلّم ، ولا يستحيي أحدكم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : لاأعلم .

صح : عنه ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله .

بيان : قوله : لو رحلتم فيهنّ لعلّ فيه مضافاً محذوفاً أي سافرتم في طلب مثلهنّ أو في استعلام قدرهنّ .

١٠ ـ ل : الحسن بن محمّد السكونيّ بالكوفة ، عن محمّد بن عبد الله الحضرميّ ، عن سعيد بن عمر والأشعثيّ ، عن سفيان بن عيينة ، عن الشعبيّ قال : قال عليٌّ عليه‌السلام : خذوا عنّي كلمات لو ركبتم المطيّ فأنضيتموها لم تصيبوا مثلهنّ : ألّا يرجو أحد إلّا ربّه ، ولا يخاف إلّا ذنبه ، ولا يستحيي إذا لم يعلم أن يتعلّم ، ولا يستحيي إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : الله أعلم . واعلموا أنّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا خير في جسد لا رأس له .

نهج : عنه عليه‌السلام مثله .

بيان : المطيّ على فعيل والمطايا هما جمعان للمطيّة وهي الدابّة تسرع في سيرها . وقال الجزريّ : فيه : أنّ المؤمن لينضي شيطانه كما ينضي أحدكم بعيره أي يهزله ويجعله نضواً . والنضو : دابّة هزلتها الأسفار ومنه حديث عليّ عليه‌السلام : كلمات لو رحمتم فيهن المطيّ لأنضيتموهنّ .

١١ ـ ن : أبي ، عن الحسن بن أحمد المالكيّ ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن أبي محمود ، عن الرضا عليه‌السلام في خبر طويل قال : يا ابن أبي محمود إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فألزم طريقتنا فإنّه من لزمنا لزمناه ، ومن فارقنا فارقناه ، إنّ أدنى ما يخرج الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة : هذه نواة ثمّ يدين بذلك ويبرأ ممّن خالفه ، يا ابن أبي محمود احفظ ما حدّثتك به فقدجمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة .

بيان : المراد ابتداع دين أو رأي أو عبادة والإصرار عليها حتّى هذا الأمر المخالف للواقع الّذي لا يترتّب عليه فساد ، والحاصل أنّ الغرض : التعميم في كلّ أمر يخالف الواقع فإنّ التديّن به يخرج الرجل عن الإيمان المأخوذ فيه ترك الكبائر كما هو مصطلح الأخبار وسيأتي تحقيقها .

١٢ ـ ن : بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال :

١١٥
 &

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماوات والأرض .

سن : أبي ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله .

سن : محمّد بن عيسى ، عن جعفر بن محمّد أبي الصبّاح ، عن إبراهيم بن أبي السمّاك (١) ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن عليه‌السلام مثله .

سن : الجامورانيّ ، عن ابن البطائنيّ ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله .

صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله .

١٣ ـ ع : ابن المتوكّل ، عن السعدآباديّ ، عن البرقيّ ، عن عبد العظيم الحسنيّ ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : ليس لك أن تقعد مع من شئت لأنّ الله تبارك وتعالى يقول : وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . وليس لك أن تتكلّم بما شئت لأنّ الله عزّ و جلّ قال : وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ . ولأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : رحم الله عبداً قال خيراً فغنم ، أو صمت فسلم . وليس لك أن تسمع ما شئت لأنّ الله عزّ وجلّ يقول : إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا .

بيان : الخطاب في الآية الاُولى إمّا خطاب عامّ ، أو المخاطب به ظاهراً الرسول والمراد به الاُمّة . قوله تعالى : وَلَا تَقْفُ أي ولا تتبّع . قوله تعالى : كُلُّ أُولَـٰئِكَ أي كلّ هذه الأعضاء ، وأجراها مجرى العقلاء لما كانت مسؤولة عن أحوالها شاهدة على صاحبها .

١٤ ـ مع : العجليّ ، عن ابن زكريّا القطّان ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ،

________________________

(١) قال صاحب تنقيح المقال : قال ابن داود : سمال باللام وتخفيف الميم ، ومنهم من شددها ويفتح السين ، كذا صنع النجاشي في ترجمة غالب بن عثمان المنقري وفسره بالكحال . وقال في ايضاح الاشتباه : إبراهيم بن أبي بكر محمد بن الربيع يكنى بأبي بكر بن أبي السماك ـ بالسين المهملة المفتوحة والكاف أخيرا ـ واستظهر صاحب التنقيح أن إبراهيم بن أبي السمال هذا هو ابراهيم بن أبي بكر محمد ابن الربيع الثقة عند النجاشي .

١١٦
 &

عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من استأكل بعلمه افتقر ، فقلت له : جعلت فداك إنّ في شيعتك ومواليك قوماً يتحمّلون علومكم ، ويبثّونها في شيعتكم فلا يعدمون على ذلك منهم البرّ والصلة والإكرام ، فقال عليه‌السلام : ليس اُولئك بمستأكلين ، إنّما المستأكل بعلمه الّذي يفتي بغير علم ولا هدىً من الله عزّ وجلّ ليبطل به الحقوق طمعاً في حطام الدنيا .

١٥ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن هشام ، عن ابن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنّ من أجاب في كلّ ما يسئل عنه لمجنون .

١٦ ـ مع : أبي ، عن محمّد بن يحيى ، عن سهل ، عن جعفر الكوفيّ ، عن الدهقان ، عن درست ، عن ابن عبد الحميد ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتّقوا تكذيب الله ، قيل : يا رسول الله وكيف ذاك ؟ قال : يقول أحدكم : قال الله . فيقول الله عزّ وجلّ : كذبت لم أقله . ويقول : لم يقل الله . فيقول عزّ وجلّ : كذبت قد قلته .

١٧ ـ ثو : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن الكوفيّ ، عن عبد الرحمن بن محمّد الأسديّ ، عن أبي خديجة (١) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكذب على الله عزّ وجلّ وعلى رسوله وعلى الأوصياء عليهم الصلاة والسلام من الكبائر . وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال عليّ ما لم أقل فليتبوَّأ مقعده من النار .

سن : محمّد بن عليّ وعليّ بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن محمّد الأسديّ مثله .

١٨ ـ كش : سعد ، عن اليقطينيّ ، عن أخيه جعفر بن عيسى ، وعليّ بن إسماعيل ، عن الرضا عليه‌السلام قال : والله ما أحد يكذب علينا إلّا ويذيقه الله حرّ الحديد .

١٩ ـ سن : أبي عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبيدة ، عن أبي سخيلة (٢) قال : سمعت عليّاً عليه‌السلام على منبر الكوفة يقول : أيّها الناس ثلاث لا دين لهم : لا دين لمن دان بجحود آية من كتاب الله ، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله ، ولا دين لمن دان بطاعة من عصى الله تبارك وتعالى ، ثمّ قال : أيّها الناس لا خير في دين لا تفقّه فيه ،

________________________

(١) هو سالم بن مكرم بن عبد الله ، وكان كنيته أبي سلمة فغيّرها وكنّاه بذلك .

(٢) بضم السين وفتح الخاء المعجمة هو عاصم بن ظريف .

١١٧
 &

ولا خير في دنيا لا تدبّر فيها ، ولا خير في نسك لا ورع فيه .

٢٠ ـ سن : عليّ بن حسّان الواسطيّ والبزنطيّ ، عن درست ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما حقّ الله على خلقه ؟ قال : حقّ الله على خلقه أن يقولوا ما يعلمون ويكفّوا عمّا لا يعلمون ، فإذا فعلوا ذلك فقد والله أدّوا إليه حقّه .

٢١ ـ سن : أبي ، عن ابن المغيرة ، عن ابن الحجّاج ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إيّاك وخصلتين مهلكتين : أن تفتي الناس برأيك ، أو تقول ما لا تعلم .

٢٢ ـ سن : ابن فضّال ، عن ثعلبة ، عن ابن الحجّاج قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مجالسة أصحاب الرأي فقال : جالسهم وإيّاك وخصلتين هلك فيهما الرجال : أن تدين بشيء من رأيك ، أو تفتي الناس بغير علم .

بيان : أن تدين أي تعتقد أو تعبد الله .

٢٣ ـ سن : ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : من أفتى الناس بغير علم ولا هدىً من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر مَن عمل بفتياه .

بيان : بغير علم أي من الله بغير واسطة بشر كما للنبيّ وبعض علوم الأئمّة عليهم‌السلام ، والهدى كسائر علومهم وعلوم سائر الناس ، ويحتمل أن يكون المراد بالهدى الظنون المعتبرة شرعاً ، ويحتمل التأكيد . والفتيا بالضمّ الفتوى .

٢٤ ـ سن : أبي ، عن يونس عن داود بن فرقد ، عمّن حدّثه ، عن عبد الله بن شبرمة (١) قال : ما أذكر حديثاً سمعته من جعفر بن محمّد عليهما‌السلام إلّا كاد يتصدّع قلبي قال : قال أبي ، عن جدّي ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ابن شبرمة : واُقسم بالله ما كذب أبوه على جدّه ولا كذب جدّه على رسول الله . فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من عمل بالمقائيس فقد هلك و

________________________

(١) بفتح الشين أو ضمها على اختلاف وسكون الباء وضم الراء هو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبية الكوفي أبو شبرمة عم عمارة بن القعقاع ، وعمارة أكبر منه حكى ذلك عن المقدسي . والذي يستفاد من التراجم ومن احاديثنا أن الرجل كان من علماء العامة عاملا بالقياس ، قاضيا للمنصور الدوانيقي على سواد الكوفة ويأتي في باب البدع والرأي والمقائيس ما يدل على ذلك وعلى ذمه .

١١٨
 &

أهلك ، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك . (١)

٢٥ ـ سن : الوشّاء ، عن أبان الأحمر ، عن زياد بن أبي رجاء عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما علمتم فقولوا ، وما لم تعلموا فقولوا : الله أعلم إنّ الرجل لينتزع بالآية من القرآن يخرُّ فيها أبعد من السماء .

بيان : في الكافي : لينزع الآية من القرآن . والخرور : السقوط من علو إلى سفل أي يبعد من رحمة الله بأبعد ممّا بين السماء والأرض ، أو يتضرّر في آخرته بأكثر ممّا يتضرّر الساقط من هذا البعد في دنياه ، أو يبعد عن مراد الله فيها بأكثر من ذلك البعد من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس .

٢٦ ـ سن : أبي ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن الهيثم ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا سئل الرجل منكم عمّا لا يعلم فليقل : لا أدري ولا يقل : ألله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكّاً ، وإذا قال المسؤول : لا أدري . فلا يتّهمه السائل .

٢٧ ـ سن : أبي : عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : للعالم إذا سئل عن شيء وهو لا يعلمه أن يقول : ألله أعلم ، وليس لغير العالم أن يقول ذلك .

بيان : لا ينافي الخبر السابق لأنّ الظاهر أنّ الخبر السابق مخصوص بغير العالم ، على أنّه يمكن أن يخصّ ذلك بمن يتّهمه السائل بالضنّة عن الجواب إذا قال : ألله أعلم .

٢٨ ـ سن : أبي ، عن ابن المغيرة ، عن فضيل بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا سئلت عمّا لا تعلم فقل : لا أدري فإنّ لا أدري خير من الفتيا .

٢٩ ـ سن : جعفر بن محمّد ، عن عبيد الله الأشعريّ : عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال عليّ عليه‌السلام في كلام له : لا يستحيي العالم إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : لا علم لي به .

________________________

(١) أورد الحديث عن الامالي في باب البدع والرأي والمقائيس .

١١٩
 &

٣٠ ـ سن : ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن رجل لم يسمّه أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام رجلان تدارئا في شيء ، فقال أحدهما : أشهد أنّ هذا كذا وكذا برأيه فوافق الحقّ ، وكفّ الآخر فقال : القول قول العلماء . فقال : هذا أفضل الرجلين ، أو قال : أورعهما .

بيان : قال الجوهريّ : تدارأوا : تدافعوا في الخصومة .

٣١ ـ سن : أبي ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا لم يجحدوا ولم يكفروا .

٣٢ ـ سن : أبي عمّن حدّثه ، رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّه لا يسعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه ، والتثبّت فيه ، والردّ إلى أئمّة المسلمين حتّى يعرّفوكم فيه الحقّ ، ويحملوكم فيه على القصد ، قال الله عزّ وجلّ : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ .

٣٣ ـ سن : ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن الطيّار : أنّه عرض على أبي عبد الله عليه‌السلام بعض خطب أبيه حتّى إذا بلغ موضعاً منها قال له : كفّ . قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اكتب ، فأملى عليه : أنّه لا ينفعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه ، والتثبّت فيه ، وردّه إلى أئمّة الهدى حتّى يحملوكم فيه على القصد .

بيان : الأمر بالكفّ والسكوت إمّا لأنّ من عرض الخطبة فسّر هذا الموضع برأيه وأخطأ ، أو لأنّه كان في هذا الموضع غموض ولم يتثبّت عنده ولم يطلب تفسيره ، أو لأنّه عليه‌السلام أراد إنشاء ذلك فاستعجل لشدّة الاهتمام .

٣٤ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : لا تحلُّ الفتيا لمن لا يستفتي من الله عزّ وجلّ بصفاء سرّه وإخلاص عمله وعلانيته وبرهان من ربّه في كلّ حال ، لأنّ من أفتى فقد حكم ، والحكم لا يصحّ إلّا بإذن من الله وبرهانه ، ومن حكم بالخبر بلا معاينة فهو جاهل مأخوذ بجهله مأثوم بحكمه ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أجرؤكم بالفتيا أجرؤكم على الله عزّ وجلّ . أو لا يعلم المفتي أنّه هو الّذي يدخل بين الله تعالى وبين عباده وهو الحاجز بين الجنّة والنار ؟ (١)

________________________

(١) يحتمل أن يكون هو تتمة كلام الصادق عليه السلام أو حديثاً مستقلا رواه صاحب المصباح ، والاحتمالان يجريان في قوله بعد ذلك : قال أمير المؤمنين عليه السلام ، فعلى الاحتمال الاول أدرج صاحب المصباح كلاما لنفسه بين الجملتين وهو قوله : قال سفيان الخ .

١٢٠