الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
٦٩ ـ ير : محمّد بن عيسى ، عن حمّاد ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام بأيّ شيء علمت الرسل أنّها رسل ؟ قال : قد كشف لها عن الغطاء . قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام بأيّ شيء علم المؤمن أنّه مؤمن ؟ قال بالتسليم لله في كلّ ما ورد عليه .
٧٠ ـ ير : محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عمّار بن مروان ، عن ضريس قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : أرأيت إن لم يكن الصوت الّذي قلنا لكم إنّه يكون ما أنت صانع ؟ قال : قلت : أنتهي فيه والله إلى أمرك ، فقال : هو والله التسليم وإلّا فالذبح . ـ وأهوى بيده إلى حلقه ـ .
بيان : الصوت هو الّذي ينادى به من السماء عند قيام القائم عجّل الله فرجه ، و لعلّ المراد أنّه إن أبطأ عليكم هذا الصوت الّذي تنتظرونه عن قريب ما أنتم صانعون ؟ هل تخرجون بالسيف بدون سماع ذلك الصوت ؟ فقال الراوي : أنتهي فيه إلى أمرك فقال عليهالسلام : هو أي الانتهاء إلى أمري أو الأمر الواجب اللّازم : التسليم ، وإن لم تفعلوا وتعجلوا في طلب الفرَج قبل أوانه فهو موجب لذبحكم أو لذبحنا .
٧١ ـ ير : بعض أصحابنا ، عمّن روى ، عن ثعلبة ، عن زرارة وحمران قالا : كان يجالسنا رجل من أصحابنا (١) فلم يكن يسمع بحديث إلّا قال : سلموا حتّى لقّب فكان كلّما جاء قالوا : قد جاء سلّم فدخل حمران وزرارة على أبي جعفر عليهالسلام فقال : إنّ رجلاً من أصحابنا إذا سمع شيئاً من أحاديثكم قال : سلّموا حتّى لقّب ، وكان إذا جاء قالوا : جاء سلّم ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : قد أفلح المسلّمون ، إنّ المسلّمين هم النجباء .
٧٢ ـ ير : أحمد ، عن البرقيّ والأهوازيّ ، عن النضر ، عن يحيى الحلبيّ ، عن أيّوب ابن الحرّ أخي أديم قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول إنّ رجلاً من مواليّ عثمان كان شتّاماً لعليّ عليهالسلام فحدّثني مولى لهم يأتينا ويبايعنا أنّه حين اُحضر قال : ما لي ولهم ؟ قال : فقلت : جعلت فداك ما آمن هذا ؟ قال : فقال : أما تسمع قول الله : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ . إلّا أنّه قال : هيهات هيهات لا والله حتّى يكون الشكّ في القلب وإن صام وصلّى .
________________________
(١) لعله كليب بن معاوية الاتي تحت الرقم ٨٠ .
٧٣ ـ ير : عنه ، عن الأهوازيّ ، عن النضر ، عن ابن مسكان ، عن ضريس ، (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قد أفلح المسلّمون إن المسلّمين هم النجباء .
٧٤ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن سدير قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : تركت مواليك مختلفين يتبرّأُ بعضهم من بعض قال : ما أنت وذاك ؟ إنّما كلّف الناس ثلاثة : معرفة الأئمّة ، والتسليم لهم فيما يرد عليهم ، والردّ إليهم فيما اختلفوا فيه .
٧٥ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن محمّد بن حمّاد السمندليّ ، عن عبد الرحمن ابن سالم الأشلّ ، عن أبيه قال : قال أبو جعفر عليهالسلام يا سالم إنّ الإمام هاد مهديّ لا يدخله الله في عماء ولا يحمله على هيئة ، (٢) ليس للناس النظر في أمره ولا التخيّر عليه و إنّما اُمروا بالتسليم .
٧٦ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام عن قول الله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا . قال : هم الأئمّة ويجري فيمن استقام من شيعتنا و سلّم لأمرنا ، وكتم حديثنا عند عدوّنا ، فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة ، وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين فاستقاموا وسلّموا لأمرنا و كتموا حديثنا ، ولم يذيعوه عند عدوّنا ولم يشكّوا كما شككتم ، فاستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة .
٧٧ ـ ير : أيّوب بن نوح ، عن صفوان ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبيدة ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : من سمع من رجل أمراً لم يحط به علماً فكذّب به ومن أمره الرضا بنا والتسليم لنا فإنّ ذلك لا يكفره .
بيان : لعلّ المراد أنّه إذا كان تكذيبه للمعنى الّذي فهمه وعلم أنّه مخالف لما علم
________________________
(١) وزان زبير لعله هو ضريس بن عبد الملك بن أعين الشيباني الكوفي بقرينة رواية ابن مسكان عنه .
(٢) وفي نسخة : ولا يحمله على سيئة .
صدوره عنّا ، ويكون في مقام الرضا والتسليم ، ويقرُّ بأنّه بأيّ معنى صدر عن المعصوم فهو الحقّ فذلك لا يصير سبباً لكفره .
٧٨ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن منصور الصيقل ، قال : دخلت أنا والحارث ابن المغيرة وغيره على أبي عبد الله عليهالسلام فقال له الحارث : إنّ هذا ـ يعني منصور الصيقل ـ لا يريد إلّا أن يسمع حديثنا فوالله ما يدري ما يقبل ممّا يرد ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : هذا الرجل من المسلّمين إنّ المسلّمين هم النجباء .
٧٩ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن القاسم بن محمّد ، عن سلمة بن حيّان (١) عن أبي الصباح الكنانيّ قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فقال : يا أبا الصباح قد أفلح المؤمنون ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : قد أفلح المسلّمون ـ قالها ثلاثاً وقلتها ثلاثاً ـ ، ثمّ قال : إنّ المسلّمين هم المنتجبون يوم القيامة هم أصحاب الحديث .
٨٠ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار عن زيد الشحّام ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : إنّ عندنا رجلاً يسمّى كليباً (٢) فلا نتحدّث عنكم شيئاً إلّا قال : أنا اُسلّم فسمّيناه كليب التسليم ، قال : فترحّم عليه ثمّ قال : أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا ، فقال : هو والله الإخبات ، قول الله : الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ .
كش : عليّ بن إسماعيل ، عن حمّاد مثله .
٨١ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن منصور بن يونس عن بشير الدهّان قال : سمعت كلاماً يقول (٣) : قال أبو جعفر عليهالسلام : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ أتدري من هم ؟ قلت : جعلت فداك أنت أعلم . قال : قد أفلح المسلّمون ، إنّ المسلمين هم النجباء .
________________________
(١) وفي نسخة : عن سلمة بن حنان .
(٢) بضم الكاف وفتح اللام وسكون الياء هو كليب بن معاوية بن جبلة الاسدي الصيداوي أبو محمد وقيل : أبو الحسين ، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ، وابنه محمد بن كليب روى عن أبي عبد الله عليه السلام ، له كتاب رواه جماعة منهم عبد الرحمن بن أبي هاشم . قاله النجاشي في ص ٢٢٣ ، وروى الكشي فيه روايات تدل على مدحه .
(٣) كذا في النسخ والظاهر : سمعت كاملا يقول .
٨٢ ـ ير : عنه ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام إنّ من قرّة العين التسليم إلينا أن تقولوا لكلّ ما اختلف عنّا أن تردّوا إلينا .
٨٣ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن صفوان ، عن داود بن فرقد ، عن زيد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أتدري بما اُمروا ؟ اُمروا بمعرفتنا ، والردّ إلينا ، والتسليم لنا .
٨٤ ـ سن : محمّد بن عبد الحميد ، عن حمّاد بن عيسى ، ومنصور بن يونس ، عن بشير الدهّان ، عن كامل التمّار قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ أتدري من هم ؟ قلت : أنت أعلم . قال : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ المسلّمون ، إنّ المسلّمين هم النجباء ، والمؤمن غريب ، ثمّ قال : طوبى للغرباء .
٨٥ ـ سن : أبي ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن كامل التمّار قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : يا كامل المؤمن غريب ، المؤمن غريب ، ثمَّ قال : أتدري ما قول الله : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ؟ قلت : قد أفلحوا فازوا ودخلوا الجنّة . فقال : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ المسلّمون إنّ المسلّمين النجباء . (١)
٨٦ ـ سن : أبي ، عن القاسم بن محمّد ، عن سلمة بن حيّان (٢) ، عن أبي الصباح الكنانيّ عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله ، إلّا أنّه قال : يا أبا الصباح إنّ المسلّمين هم المنتجبون يوم القيامة ، هم أصحاب النجائب .
٨٧ ـ سن : بعض أصحابنا رفعه قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : كلّ من تمسّك بالعروة الوثقى فهو ناج . قلت : ما هي ؟ قال : التسليم .
٨٨ ـ سن : أبي ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . قال : الصلاة عليه والتسليم له في كلّ شيء جاء به .
٨٩ ـ سن : عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . قال : التسليم : الرضا والقنوع بقضائه .
________________________
(١) الظاهر اتحاده مع ما تقدم تحت الرقم ٨٤ و ٦٨ و ٦٦ واختلاف التعابير جاءت من قبل النقل بالمعنى .
(٢) وفي نسخة : عن سلمة بن حنّان .
٩٠ ـ سن : أبي ، عن صفوان بن يحيى ، والبزنطي ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الله الكاهلي قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وحجّوا البيت ، وصاموا شهر رمضان ، ثمَّ قالوا لشيء صنعه الله أو صنعه النبيّ صلىاللهعليهوآله : ألّا صنع خلاف الّذي صنع ؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين ، ثمَّ تلا : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : وعليكم بالتسليم . (١)
شى : عن الكاهلي مثله .
بيان : أي فوربّك ، و « لا » مزيدة لتوكيد القسم .
وقوله تعالى : شَجَرَ بَيْنَهُمْ أي اختلف بينهم واختلط ، ومنه الشجر لتداخل أغصانه . قوله تعالى : حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ أي ضيّقاً ممّا حكمت به أو من حكمك أو شكّاً من أجله فإنّ الشاكّ في ضيق من أمره ، وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا أي ينقادوا لك انقياداً بظاهرهم وباطنهم .
٩١ ـ سن : أبي ، عن محمّد بن سنان ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزّ وجلّ : إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . فقال : أثنوا عليه وسلّموا له . قلت : فكيف علمت الرسل أنّها رسل ؟ قال : كشف عنها الغطاء . قلت : بأيّ شيء علم المؤمن أنّه مؤمن ؟ قال : بالتسليم لله والرضا بما ورد عليه من سرور وسخط .
٩٢ ـ يج : أخبرنا جماعة منهم السيّدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي ، والاُستادان أبو القاسم وأبو جعفر ابنا كميح ، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمّد بن العبّاس ، عن أبيه ، عن الصدوق ، عن سعد ، عن عليّ بن محمّد بن سعد ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد الله ابن محمّد اليمانيّ ، عن منيع بن الحجّاج ، عن حسين بن علوان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ الله فضّل اُولي العزم من الرسل بالعلم على الأنبياء ، وورّثنا علمهم وفضّلنا عليهم في فضلهم ، وعلّم رسول الله صلىاللهعليهوآله ما لا يعلمون ، وعلّمنا علم رسول الله ، فروينا لشيعتنا ،
________________________
(١) تقدم الحديث مع اختلاف في الفاظه تحت الرقم ٦١ وياتي تحت الرقم ١٠٨ .
فمن قبل منهم فهو أفضلهم ، وأينما نكون فشيعتنا معنا .
٩٣ ـ شى : عن الحسين بن خالد قال : قال أبو الحسن الأوّل عليهالسلام : كيف تقرأ هذه الآية ؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ . ماذا ؟ قلت : مسلمون . فقال : سبحان الله يوقع عليهم الإيمان فسمّاهم مؤمنين ثمَّ يسألهم الإسلام ؟ ! والإيمان فوق الإسلام ، قلت : هكذا يقرأ في قراءة زيد ، قال : إنّما هي في قراءة عليّ عليهالسلام وهو التنزيل الّذي نزل به جبرئيل على محمّد صلىاللهعليهوآله : إلّا وأنتم مسلّمون لرسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ الإمام من بعده .
بيان : في قراءته عليهالسلام بالتشديد ، وعلى التقديرين المراد أنّكم لا تكونوا على حال سوى حال الإسلام أو التسليم إذا أدرككم الموت فالنهي متوجّه نحو القيد .
٩٤ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .
٩٥ ـ شى : عن أيّوب بن حرّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول في قوله : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ « إلى قوله » : وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا . فحلف ثلاثة أيمان متتابعاً لا يكون ذلك حتّى يكون تلك النكتة السوداء في القلب وإن صام وصلّى .
٩٦ ـ سر : من كتاب أنس العالم للصفوانيّ ، روي عن مولانا الصادق عليهالسلام أنّه قال : خبر تدريه خير من ألف ترويه .
٩٧ ـ وقال عليهالسلام في حديث آخر : عليكم بالدرايات لا بالروايات .
٩٨ ـ وروي عن طلحة بن زيد قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : رواة الكتاب كثير ورعاته قليل فكم من مستنسخ للحديث مستغش للكتاب والعلماء تحزنهم الدراية والجهّال تحزنهم الرواية .
بيان : في نسخ الكافي : مستنصح للحديث وهو أظهر للمقابلة . قوله عليهالسلام : تحزنهم أي تهمّهم ويهتمّون به ويحزنون لفقده .
٩٩ ـ شى : في رواية أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قيل له ـ وأنا عنده ـ :
إنّ سالم بن أبي حفصة (١) يروي عنك أنّك تتكلّم على سبعين وجهاً لك منها المخرج فقال : ما يريد سالم منّي ؟ أيريد أن أجيىء بالملائكة ؟ ! فوالله ما جاء بهم النبيّون ، و لقد قال إبراهيم : إِنِّي سَقِيمٌ . والله ما كان سقيماً وما كذب ، ولقد قال إبراهيم : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ، وما فعله كبيرهم وما كذب ، ولقد قال يوسف : أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ، والله ما كانوا سرقوا وما كذب . (٢)
١٠٠ ـ ختص ، شى : عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّما مثل عليّ ومثلنا من بعده من هذه الأمّة كمثل موسى النبيّ ـ على نبيّنا وآله وعليه السلام ـ والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة ، فكان من أمرهما ما اقتصّه الله لنبيّه صلىاللهعليهوآله في كتابه ، وذلك أنّ الله قال لموسى : إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ . ثمّ قال : وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ . وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح . وكان موسى يظنُّ أنّ جميع الأشياء الّتي يحتاج إليها وجميع العلم قد كتب له في الألواح . كما يظنُّ هؤلاء الّذين يدّعون أنّهم فقهاء وعلماء وأنّهم قد أثبتوا جميع العلم والفقه في الدين ممّا يحتاج هذه الاُمّة إليه وصحّ لهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وعلموه ولفظوه ، وليس كلّ علم رسول الله صلىاللهعليهوآله علموه ولاصار إليهم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا عرفوه ، وذلك أنّ الشيء من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم فيسألون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل ويكرهون أن يُسألوا فلا يجيبوا فيطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله وتركوا الآثار ودانو الله بالبدع ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ بدعة ضلالة . فلو أنّهم إذ سئلوا عن شيء من
________________________
(١) قال النجاشي في ص ١٣٤ : سالم بن أبي حفصة مولى بنى عجل كوفي ، روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام يكنى أبا الحسن وأبا يونس ، وإسم أبي حفصة زياد مات سنة ١٣٧ في حياة أبي عبد الله عليه السلام ، له كتاب اهـ . وفي المحكى من رجال ابن داود : أنه زيدي تبرى كان يكذب على أبي جعفر عليه السلام ، ولعنه الصادق عليه السلام . وروى الكشي في رجاله روايات تدل على ذمه منها : ما يأتى تحت الرقم ١٠٧ وحكى عن أبان بن عثمان أنه قال : سالم بن أبي حفصة كان مرجئياً .
(٢) يأتي مثله تحت الرقم ١٠٣ .
دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ردّوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اُولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم من آل محمّد ، والّذين منعهم من طلب العلم منّا العداوة والحسد لنا ولا والله ماحسد موسى العالم ـ وموسى نبيّ الله يوحى إليه ـ حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم ولم يحسده كما حسدتنا هذه الاُمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله علمنا وما ورّثنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم و سأله الصحبة ليتعلّم منه العلم ويرشده ، فلمّا أن سأل العالم ذلك عَلم العالم أنّ موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصبر معه فعند ذلك قال العالم : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً . فقال له موسى ـ وهو خاضع له يستنطقه على نفسه كى يقبله ـ : ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً ، وقد كان العالم يعلم أنّ موسى لا يصبر على علمه . فكذلك والله يا إسحاق بن عمّار قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم لا يحتملون والله علمنا ولا يقبلونه ولا يطيقونه ولا يأخدون به ولا يصبرون عليه ، كما لم يصبر موسى على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروهاً وكان عند الله رضاً وهو الحقّ ، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ وهو عند الله الحقّ .
١٠١ ـ نى : محمّد بن همّام ، ومحمّد بن الحسين بن جمهور معاً ، عن الحسين بن محمّد ابن جمهور ، عن أبيه ، عن بعض رجاله عن المفضّل قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : خبر تدريه خير من عشرة (١) ترويه ، إنّ لكلّ حقيقة حقّاً ولكلّ صواب نوراً ، ثمّ قال : إنّا والله لا نعدُّ الرجل من شيعتنا فقيهاً حتّى يلحن له فيعرف اللّحن .
١٠٢ ـ كش : جبرئيل بن أحمد ، عن اليقطينيّ ، عن عليّ بن حسّان ، عن عبد الرحمن ابن كثير ، عن جابر بن يزيد قال : قال أبو جعفر عليهالسلام يا جابر حديثنا صعب مستصعب أمرد ذكوان وعر أجرد لا يحتمله والله إلّا نبيٌّ مرسل ، أو ملك مقرَّب ، أو مؤمن ممتحن ، فإذا ورد عليك يا جابر شيءٌ من أمرنا فلان له قلبك فاحمد الله ، وإن أنكرته فردَّه إلينا أهل البيت ، ولا تقل : كيف جاء هذا ؟ وكيف كان وكيف هو ؟ فإنّ هذا والله الشرك بالله العظيم .
________________________
(١) وفي نسخة : من الف عشرة .
١٠٣ ـ كش : ابن مسعود ، عن عليّ بن الحسن ، عن العبّاس بن عامر ، وجعفر ابن محمّد بن حكيم ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، قال : قيل لأبي عبد الله عليهالسلام ـ وأنا عنده ـ : إنّ سالم بن أبي حفصة يروي عنك أنّك تتكلّم على سبعين وجهاً لك من كلّها المخرج ، قال : فقال : ما يريد سالم منّي ؟ أيريد أن أجيىء بالملائكة ؟ ! فوالله ما جاء بها النبيّون ، ولقد قال إبراهيم : إِنِّي سَقِيمٌ والله ما كان سقيماً وما كذب ، ولقد قال إبراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا وما فعله وما كذب ، ولقد قال يوسف : إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ والله ما كانوا سارقين وما كذب . (١)
بيان : لمّا كان سبب هذا الاعتراض عدم إذعان سالم بإمامته عليهالسلام ـ إذ بعد الإذعان بها يجب التسليم في كلّ ما يصدر عنهم عليهم السلام ـ ذكر عليهالسلام أوّلاً أنّ سالماً أيّ شيء يريد منّي من البرهان حتّى يرجع إلى الإذعان ؟ فإن كان يكفي في ذلك إلقاء البراهين والحجج وإظهار المعجزات فقد سمع وشاهد فوق ما يكفي لذلك ، وإن كان يريد أن أجيىء بالملائكة ليشاهدهم ويشهدوا على صدقي فهذا ممّا لم يأت به النبيّون أيضاً ، ثمّ رجع عليهالسلام إلى تصحيح خصوص هذا الكلام بأنّ المراد إلقاء معاريض الكلام على وجه التقيّة والمصلحة وليس هذا بكذب وقد صدر مثله عن الأنبياء عليهمالسلام .
١٠٤ ـ كش : حمدويه ، عن الحسن بن موسى ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمّد ابن منصور ، عن عليّ بن سويد السائيّ قال : كتب إليّ أبو الحسن عليهالسلام ـ وهو في الحبس ـ : أمّا بعد فإنّك امرؤٌ نزّلك الله من آل محمّد بمنزلة خاصّة بما ألهمك من رشدك وبصَّرك من أمر دينك بتفضيلهم وردّ الاُمور إليهم والرضا بما قالوا ـ في كلام طويل ـ وقال : وادع إلى صراط ربّك فينا من رجوت إجابته ، ووال آل محمّد ، ولا تقل لما بلغك عنّا أو نسب إلينا : هذا باطل ، وإن كنت تعرف خلافه فإنَّك لا تدري لمَ قلناه وعلى أيّ وجه وصفناه ؟ آمن بما أخبرتك ، ولا تفش ما استكتمتك ، اُخبرك أنّ من أوجب حقّ أخيك أن لا تكتمه شيئاً ينفعه لا من دنياه ولا من آخرته .
١٠٥ ـ من كتاب رياض الجنان لفضل الله بن محمود الفارسيّ ، روى المفضّل بن
________________________
(١) تقدم مثله تحت الرقم ٩٩ .
عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا صدور مشرقة وقلوب منيرة وأفئدة سليمة وأخلاق حسنة لأنّ الله قد أخذ على شيعتنا الميثاق فمن وفى لنا وفى الله له بالجنّة ومن أبغضنا ولم يؤدّ إلينا حقنا فهو في النار ، وإنّ عندنا سرًّا من الله ماكلّف الله به أحداً غيرنا ثمّ أمرنا بتبليغه فبلّغناه فلم نجد له أهلاً ولا موضعاً ولا حملةً يحملونه حتّى خلق الله لذلك قوماً خلقوا من طينة محمّد وذرّيّته صلّى الله عليهم ومن نورهم صنعهم الله بفضل صنع رحمته فبلّغناهم عن الله ما أمرنا فقبلوه واحتملوا ذلك ولم تضطرب قلوبهم ، ومالت أرواحهم إلى معرفتنا وسرّنا ، والبحث عن أمرنا ، وإنّ الله خلق أقواماً للنار وأمرنا أن نبلّغهم ذلك فبلّغناه فاشمأزّت قلوبهم منه ونفروا عنه وردُّوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وطبع الله على قلوبهم ، ثمّ أطلق ألسنتهم ببعض الحقّ فهم ينطقون به لفظاً وقلوبهم منكرة له . ثمّ بكى عليهالسلام ورفع يديه وقال : اللّهمَّ إنَّ هذه الشرذمة المطيعين لأمرك قليلون . اللّهمَّ فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا ، ولا تسلّط عليهم عدوًّا فإنّك إن سلّطت عليهم عدوًّا لن تعبد .
١٠٦ ـ بشا : محمّد بن عليّ بن عبد الصمد ، عن أبيه
، عن جدّه ، عن أبي الحسين بن أبي الطيّب ، عن أحمد بن القاسم الهاشميّ ، عن عيسى ، عن فرج بن فروة ، عن مسعدة ابن صدقة ، عن صالح بن ميثم ، عن أبيه قال : بينما أنا في السوق إذ أتاني أصبغ بن
نباتة فقال : ويحك يا ميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام حديثاً
صعباً شديدا فأيُّنا نكون كذلك ؟ قلت : وما هو ؟ قال : سمعته يقول : إنّ حديثنا
أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرَّب ، أو نبيٌّ مرسل ، أو عبد امتحن الله
قلبه للإيمان ، فقمت من فورتي فأتيت عليّاً عليهالسلام فقلت : يا أمير المؤمنين حديث أخبرني به الأصبغ عنك قد ضقت به ذرعاً قال : وما هو ؟ فأخبرته . قال : فتبسّم ثمّ قال : اجلس
يا ميثم ، أو كلّ علم يحتمله عالم ؟ إنّ الله تعالى قال لملائكته : إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ
نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ . فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم ؟ قال : قلت : هذه والله
أعظم من ذلك . قال : والاُخرى أنّ موسى عليهالسلام أنزل الله عزّ وجلّ عليه التورية فظنَّ
أن لا أحد
أعلم منه فأخبره الله عزّ وجلّ أنّ في خلقي من هو أعلم منك ، وذاك إذ خاف على نبيّه العجب ، قال : فدعا ربّه أن يرشده إلى العالم ، قال : فجمع الله بينه وبين الخضر فخرق السفينة فلم يحتمل ذاك موسى ، وقتل الغلام فلم يحتمله ، وأقام الجدار فلم يحتمله وأمّا المؤمنون فإنّ نبيّنا صلىاللهعليهوآله أخذ يوم غدير خمّ بيدي فقال : اللّهمَّ من كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه ، فهل رأيت احتملوا ذلك إلّا من عصمه الله منهم ؟ فأبشروا ثمّ أبشروا فإنّ الله تعالى قد خصّكم بما لم يخصَّ به الملائكة والنبيّين والمرسلين فيما احتملتم من أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلمه .
١٠٧ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس أنّ عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال لأبان بن أبي عيّاش يا أخا عبد قيس فإن وضح لك أمر فأقبله ، وإلّا فاسكت تسلم ، وردَّ علمه إلى الله فإنّك في أوسع ممّا بين السماء والأرض .
١٠٨ ـ ووجدت بخطّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبّاعيّ قدّس سرّه نقلاً من كتاب البصائر لسعد بن عبد الله بن أبي خلف القميّ ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبد الله الكاهليّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه تلا هذه الآية : فلا وربّك لا يؤمنون . الآية فقال : لو أنّ قوماً عبدوا الله وحده ثمّ قالوا لشيء صنعه رسول الله صلىاللهعليهوآله : لم صنع كذا و كذا ؟ أولو صنع كذا وكذا خلاف الّذي صنع لكانوا بذلك مشركين ، ثمّ قال : لو أنّهم عبدوا الله ووحّدوه ثمّ قالوا لشيء صنعه رسول الله صلىاللهعليهوآله : لم صنع كذا وكذا ؟ ووجدوا ذلك من أنفسهم لكانوا بذلك مشركين . ثمّ قرأ الآية . (١)
١٠٩ ـ وروي بعدّة أسانيد إلى أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام : أنّ المسلّمين هم النجباء .
١١٠ ـ وعن سفيان بن السمط قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك إنّ رجلاً يأتينا من قبلكم يعرف بالكذب فيحدّث بالحديث فنستبشعه ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : يقول لك : إنّي قلت للّيل : إنّه نهار ، أو للنهار : إنّه ليل ؟ قال : لا . قال : فإن
________________________
(١) تقدم الحديث مع اختلاف في الفاظه تحت الرقم ٦١ و ٩٠ .
قال لك هذا إنّي قلته فلا تكذب به ، فإنّك إنّما تكذّبني . (١)
١١١ ـ وعن أبي بصير ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : سمعته يقول : لا تكذّب بحديث أتاكم به مرجئيٌّ ولا قدريٌّ ولا خارجيٌّ نسبه إلينا . فإنّكم لا تدرون لعلّه شيءٌ من الحقّ فتكذّبون الله عزّ وجلّ فوق عرشه . انتهى ما أخرجه من كتاب البصائر . (٢)
١١٢ ـ وبخطّه أيضاً قال : روى الصفوانيّ رحمه الله في كتابه مرسلاً عن الرضا عليهالسلام أنّ العبادة على سبعين وجهاً فتسعة وستّون منها في الرضا والتسليم لله عزّ وجلّ ولرسوله ولاُولي الأمر صلّى الله عليهم .
١١٣ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، ولا تعي حديثنا إلّا صدور أمينةٌ وأحلام رزينة .
١١٤ ـ منية المريد : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : من ردّ حديثاً بلغه عنّي فأنا مخاصمه يوم القيامة ، فإذا بلغكم عنّي حديث لم تعرفوا فقولوا : الله أعلم .
١١٥ وقال صلىاللهعليهوآله : من كذب عليَّ متعمّداً أو ردَّ شيئاً أمرت به فليتبوّأ بيتاً في جهنّم .
١١٦ ـ وقال صلىاللهعليهوآله من بلغه عنّي حديث فكذّب به فقد كذّب ثلاثة : ألله ، ورسوله والّذي حدّث به .
( باب ٢٧ )
* ( العلة التي من أجلها كتم الائمة عليهم السلام بعض العلوم والاحكام ) *
١ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن ذريح المحاربيّ ، وأحمد بن محمّد ، عن البرقيّ ، عن صفوان ، عن ذريح قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ أبي نعم الأب رحمة الله عليه كان يقول : لو أجد ثلاثة رهط أستودعهم العلم وهم أهل لذلك لحدّثت بما لا يحتاج فيه إلى نظر في حلال ولاحرام وما يكون إلى يوم القيامة ، إنّ حديثنا
________________________
(١) قد تقدم الحديث مسندا عن البصائر تحت الرقم ١٤ .
(٢) تقدم الحديث مسندا تحت الرقم ١٦ .
صعب مستصعب لا يؤمن به إلّا عبد امتحن الله قلبه للإيمان .
بيان : فيه أي معه . إلى نظر أي فكر وتأمّل .
٢ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن عليّ بن النعمان ، عن عنبسة ابن مصعب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : لولا أن يقع عند غيركم كما قد وقع غيره لأعطيتكم كتاباً لا تحتاجون إلى أحد حتّى يقوم القائم ـ عجّل الله تعالى فرجه ـ .
٣ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبد الله البرقيّ ، عن خلف بن حمّاد ، عن ذريح ، عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : إنّ أبي نعم الأب رحمة الله عليه يقول : لو وجدت ثلاثة رهط أستودعهم العلم وهم أهل لذلك لحدّثت بما لا يحتاج فيه بعدي إلى حلال ولا حرام وما يكون إلى يوم القيامة . (١)
٤ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن مرازم وموسى بن بكر قالا : سمعنا أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ عندنا من حلال الله وحرامه ما يسعنا كتمانه ما نستطيع ـ يعني أن نخبر به أحداً ـ (٢) .
٥ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن صالح ، عن منصور ابن حازم قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : ما أجد من اُحدّثه ولو أنّي اُحدّث رجلاً منكم بالحديث فما يخرج من المدينة حتّى اُوتي بعينه فأقول : لم أقله .
٦ ـ نى : محمّد بن العبّاس الحسنيّ ، عن ابن البطائنيّ ، عن خير ، عن كرام الخثعميّ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أما والله لو كانت على أفواهكم أوكية لحدّثت كلّ امرء منكم بما له والله لو وجدت أتقياء لتكلّمت ، والله المستعان .
٧ ـ كش : طاهر بن عيسى الورّاق رفعه إلى محمّد بن سليمان ، عن البطائنيّ ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر ، يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر .
________________________
(١) تقدم الحديث مع ذيل عن ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام تحت الرقم الاول .
(٢) كذا في النسخ وفي البصائر المطبوع : ما نستطيع ـ يعنى ان نخبر به أحداً ـ .
( باب ٢٨ )
* ( ماترويه العامة من أخبار الرسول صلى الله عليه وآله ، وأن الصحيح من ذلك ) * * ( عندهم عليهم السلام ، والنهي عن الرجوع الى اخبار المخالفين ) * * ( وفيه ذكر الكذابين ) *
١ ـ ير : الحسن بن عليّ بن النعمان ، عن أبيه ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنال في الناس وأنال وأنال ، وإنّا أهل البيت معاقل العلم ، وأبواب الحكم ، وضياء الأمر .
بيان : أنال أي أعطى وأفاد في الناس العلوم الكثيرة ، لكن عند أهل البيت معيار ذلك ، والفصل بين ما هو حقّ أو مفترى ، وعندهم تفسير ما قاله الرسول صلىاللهعليهوآله فلا ينتفع بما في أيدي الناس إلّا بالرجوع إليهم صلوات الله عليهم ، والمعاقل جمع معقل وهو الحصن والملجأ أي نحن حصون العلم ، وبنا يلجأ الناس فيه ، وبنا يوصل إليه ، وبنا يضيىء الأمر للناس .
٢ ـ ير : ابن يزيد ، عن زياد القنديّ ، عن هشام بن سالم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك عند العامّة من أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله شيءٌ يصحُّ ؟ قال : فقال : نعم إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنال وأنال وأنال ، وعندنا معاقل العلم وفصل ما بين الناس .
٣ ـ ير : الحسن بن عليّ بن النعمان ، وأحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنال في الناس وأنال وأنال ، وإنّا أهل البيت عرى الأمر وأواخيه وضياؤه .
ير : محمّد بن عبد الجبّار ، عن البرقيّ ، عن فضالة ، عن ابن مسكان مثله .
بيان : العروة ما يتمسّك به من الحبل وغيره والأخيّة كأبيّة ويخفّف عود في حائط أو في حبل يدفن طرفاه في الأرض ويبرز وسطه كالحلقة تشدّ فيها الدابّة ، و الجمع أخايا وأواخي ذكره الفيروزآباديّ ، أي بنا يشدُّ ويستحكم أمر الدين ولا يفارقنا علمه .
٤ ـ ير : محمّد بن عيسى ، عن النضر ، عن الحسن بن يحيى قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنّا أهل البيت عندنا معاقل العلم ، وآثار النبوّة ، وعلم الكتاب ، وفصل ما بين ذلك .
٥ ـ ير : محمّد بن عيسى ، عن أبي عبد الله المؤمن ، عن ابن مسكان وأبي خالد وأبي أيّوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنال في الناس وأنال ، وعندنا عرى الأمر ، وأبواب الحكمة ، ومعاقل العلم ، وضياء الأمر ، و أواخيه ، فمن عرفنا نفعته معرفته وقبل منه عمله ، ومن لم يعرفنا لم تنفعه معرفته ولم يقبل منه عمله . (١)
٦ ـ ير : محمّد بن عبد الجبّار ، عن عبد الله الحجّال ، عن عليّ بن حمّاد ، عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أنال وأنال وأنال يشير كذا و كذا ، وعندنا أهل البيت اُصول العلم وعراه وضياؤه وأواخيه .
٧ ـ ير : محمّد بن عبد الجبّار ، عن أبي عبد الله البرقيّ ، عن فضالة بن أيّوب ، عن ابن مسكان ، عن الثماليّ قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام بالناس ثمَّ قال : إنّ الله اصطفى محمّداً صلىاللهعليهوآله بالرّسالة وأنباءه بالوصيّ وأنال في الناس وأنال ، وفينا أهل البيت معاقل العلم وأبواب الحكمة وضياؤه وضياء الأمر فمن يحبّنا منكم نفعه إيمانه ويقبل عمله (٢) ، ومن لم يحبّنا منكم لم ينفعه إيمانه ولا يتقبّل عمله .
٨ ـ ير : ابن يزيد : عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا نجد الشيء من أحاديثنا في أيدي الناس قال : فقال لي : لعلّك لا ترى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنال وأنال ، ثمّ أومأ بيده عن يمينه وعن شماله و
________________________
(١) تقدم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام حديثان تحت الرقم ١ و ٣ مثل ذلك مع اختلاف في ألفاظه ، فيحتمل سماعه عنه عليه السلام مرة واحدة والاختلاف نشأ عن نقله أو نقل راويه بالمعنى أو أنه سمعه عنه عليهالسلام مكررا واختلاف التعابير كان في كلامه عليه السلام ، ويأتى عنه أبي عبد الله عليه السلام ه حديثان آخران مثل ذلك تحت الرقم ٦ و ٨ .
(٢) وفي نسخة : ويتقبل عمله .
من بين يديه ومن خلفه وإنّا أهل البيت عندنا معاقل العلم وضياء الأمر وفصل ما بين الناس .
بيان : الإشارة لبيان أنّه صلىاللهعليهوآله نشر العلم في كلّ جانب وعلّمه كلَّ أحد فكيف لا يكون في الناس علمه ؟ .
٩ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن معلّى بن عثمان قال : ذكر لأبي عبد الله عليهالسلام رجل حديثاً وأنا عنده فقال : إنّهم يروون عن الرجال ، فرأيته كأنّه غضب فجلس وكان متّكىءً ووضع المرفقة (١) تحت إبطيه فقال : أما والله إنّا نسألهم ولنحن أعلم به منهم ولكن إنّما نسألهم لنورّكه عليهم ، ثمّ قال : أما لو رأيت روغان أبي جعفر حيث يراوغ ـ يعني الرجل ـ لعجبت من روغانه .
بيان : قال الفيروزآباديّ : ورّكه توريكاً : أوجبه والذنب عليه حمله . وقال الجوهريّ : راغ إلى كذا أي مال إليه سرّاً وحاد ، وقوله تعالى : فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ أي أقبل . قال الفرّاء : مال عليهم . وقال الجزريّ : فلان يريغني على أمر وعن أمر ، أي يراودني ويطلبه منّي ، والحاصل أنّ السائل عظّم ما كان يرويه عنده عليهالسلام فغضب وقال : إنّا لا نحتاج إلى السؤال وإن سألنا أحياناً فما هو إلّا للاحتجاج والإلزام على الخصم بما لا يستطيع إنكاره . ثمّ ذكر عليهالسلام قدرة أبيه عليهالسلام على الاحتجاج والمغالبة بأنّه كان يقبل على الخصم في إقامة الدليل عليه إقبالاً على غاية القوّة والقدرة على الغلبة ، أو كان عليهالسلام يستخرج الحجّة من الخصم ويحمله على الإقرار بالحقّ بحيث لو رأيته لعجبت من ذلك . وقوله عليهالسلام : يعني الرجل أي أيّ رجل كان يخاصمه ويناظره . (٢)
١٠ ـ سر : أبان بن تغلب ، عن عليّ بن الحكم بن الزبير ، عن أبان بن عثمان ، عن هارون بن خارجة قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا نأتي هؤلاء المخالفين فنسمع منهم الحديث يكون حجّةً لنا عليهم ؟ قال : لا تأتهم ولا تسمع منهم لعنهم الله ولعن مللهم المشركة .
________________________
(١) المرفقة : المخدّة .
(٢) ويحتمل أن يكون من كلام الراوي .
١١ ـ ل : الطالقانيّ ، عن الجلوديّ ، عن محمّد بن زكريّا ، عن جعفر بن محمّد بن عمارة قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهماالسلام يقول : ثلاثة كانوا يكذّبون على رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو هريرة ، وأنس بن مالك ، وامرأة .
بيان : يعني عائشة .
١٢ ـ كش : سعد ، عن محمّد بن خالد الطيالسيّ ، عن ابن أبي نجران ، عن ابن سنان قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أصدق البريّة لهجةً وكان مسيلمة يكذب عليه ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام أصدق من برأ الله من بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان الّذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه بما يفتري عليه من الكذب عبد الله ابن سبا لعنه الله (١) ، وكان أبو عبد الله الحسين بن عليّ عليهالسلام قد ابتلى بالمختار (٢) ، ثمّ ذكر أبو عبد الله عليهالسلام الحارث الشاميّ وبنان (٣) فقال : كانا يكذبان على عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، ثمّ ذكر المغيرة بن سعيد (٤) وبزيعا (٥) والسريّ وأبا الخطّاب (٦) ومعمّراً (٧) و
________________________
(١) روى الكشي في ص ٧٠ روايات كثيرة تدل على ذمه ولعنه . وكل من ترجمه من الشيعة لعنوه وأبرؤوا من مقالته الباطلة في أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا هو الذي استتابه أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار .
(٢) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، ينسب اليه الفرقة الكيسانية والمختارية القائلين بامامة محمد بن علي بن ابي طالب ابن الحنفية ، اختلف الاقوال والاخبار فيه .
(٣) ورد في ذمهما روايات منها : ما رواه هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام أنه قال : إن بناناً والسرى وبزيعاً لعنهم الله ترائى لهم الشيطان في أحسن ما يكون صورة آدمي من قرنه إلى سرته . الخبر .
(٤) تقدم منا عند ذكر المغيرية ما يدل على ذمه وياتي في الباب الاتي ما يدل على ذمه .
(٥) ينتسب إليه البزيعية وهم يزعمون أن الائمة عليهم السلام كلهم أنبياء وأنهم لا يموتون ولكنهم يرفعون ، وزعم بزيع أنه صعد إلى السماء وأن الله تعالى مسح على رأسه ومج في فيه . فان الحكمة تثبت في صدره . هكذا قيل ، ونسب إلى تعليقة الوحيد أنهم فرقة من الخطّابية يقولون : إن الامام بعد أبي الخطّاب بزيع ، وأن كل مؤمن يوحى إليه وأن الانسان إذا بلغ الكمال لا يقال له : مات بل رفع إلى الملكوت ، وادّعوا معاينة أمواتهم بكرة وعشيّة . وعلى أي حال فهم مذمومون كما نطق به الاخبار .
(٦) هو محمد بن مقلاص أبي زينب الاسدي ينسب اليه الفرقة الخطّابية فيه روايات كثيرة تدل على ذمه ويأتي بعضها في الباب الاتي .
(٧) قال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة : اظنه ابن خيثم ، وعلل ذلك بأن معمر بن خيثم كان من دعاة زيد .
بشاراً الأشعريّ (١) وحمزة البربريّ (٢) وصائد النهديّ (٣) فقال : لعنهم الله إنّا لا نخلو من كذّاب يكذب علينا أو عاجز الرأي ، كفانا الله مؤونة كلّ كذّاب وأذاقهم حرّ الحديد .
١٣ ـ كتاب صفات الشيعة للصدوق ، بإسناده عن المفضّل بن زياد العبديّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : همّكم معالم دينكم وهمّ عدوّكم بكم واُشرب قلوبهم لكم بغضاً ، يحرّفون ما يسمعون منكم كلّه ، ويجعلون لكم أنداداً ثمَّ يرمونكم به بهتاناً فحسبهم بذلك عند الله معصيته .
١٤ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلاليّ أنّ أبان بن أبي عيّاش راوي الكتاب قال : قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : لم نزل أهل البيت منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله نذلُّ ونقصى ونحرم ونقتل ونطرد ، ووجد الكذّابون لكذبهم موضعاً يتقرّبون إلى أوليائهم وقضاتهم وعمّالهم في كلّ بلدة يحدّثون عدوّنا وولاتهم الماضين بالأحاديث الكاذبة الباطلة ، ويحدّثون ويروون عنّا ما لم نقل ، تهجيناً منهم لنا ، وكذباً منهم علينا ، وتقرّباً إلى ولاتهم وقضاتهم بالزور والكذب ، وكان عظم ذلك وكثرته في زمن معاوية بعد موت الحسن عليهالسلام ، ثمّ قال عليهالسلام : ـ بعد كلام تركناه ـ وربّما رأيت الرجل يذكر بالخير ولعلّه يكون ورعاً صدوقاً ، يحدّث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد مضى من الولاة لم يخلق الله منها شيئاً قطّ ، وهو يحسب أنّها حقٌّ لكثرة من قد سمعها منه ممّن لا يعرف بكذب ولا بقلّة ورع ، ويروون عن عليّ عليهالسلام أشياء قبيحة ، وعن الحسن والحسين عليهماالسلام ما يعلم الله أنّهم رووا في ذلك الباطل والكذب والزور . قلت له : أصلحك الله سمّ لي من ذلك شيئاً قال : روايتهم هما سيّدا كهول أهل الجنّة ، وأنّ عمر محدّث ، وأنّ الملك يلقّنه ، وأنّ السكينة تنطق على لسانه ، وأنّ عثمان الملائكة تستحيي منه ، وأثبت حرى فما عليك إلّا نبيٌّ وصدّيق وشهيد ، حتّى عدّد أبو جعفر عليهالسلام أكثر من مائتي رواية (٤) يحسبون أنّها حقٌّ ، فقال : هي والله كلّها كذب وزور ، قلت : أصلحك
________________________
(١) الصحيح بشار الشعيري .
(٢) هو حمزة بن عمار البربري .
(٣) وليراجع لترجمته وترجمة من قبله كتب التراجم ، ويكفيك ما ورد من الاخبار في ذمهم في رجال الكشي في ص ١٤٥ ـ ١٤٩ ـ و١٨٧ ـ ١٩٨ و ٢٥٢ و ٣٥٣ .
(٤) في كتاب سليم بن قيس : اكثر من مائة رواية .
الله لم يكن منها شيءٌ ؟ قال : منها موضوع ، ومنها محرَّف ، فأمّا المحرَّف فإنّما عنى أنّ عليك نبيٌّ وصدّيق وشهيد ـ يعني عليّاً عليهالسلام ـ ومثله وكيف لا يبارك لك وقد علاك نبيٌّ وصدّيق شهيد ـ يعني عليّاً عليهالسلام ـ وعامّها كذب وزور وباطل .
أقول : سيأتي تمام الخبر في كتاب الإمامة في باب مظلوميّتهم عليهمالسلام .
( باب ٢٩ )
* ( علل اختلاف الاخبار وكيفية الجمع بينها والعمل بها ووجوه الاستنباط ) * * ( وبيان أنواع ما يجوز الاستدلال به ) *
الايات ، الانعام : وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ١١٦ « وقال تعالى » : وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ١١٩ « وقال تعالى » : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ١٤٤ « وقال تعالى » : قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ١٤٨
الاعراف : أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٢٨
التوبة : فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ١٢٢
يونس : وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ٣٦ « وقال تعالى » : وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ شُرَكَاءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ٦٦
الاسرى : وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦
الزخرف : مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ٢٠ ، ٢١ ، ٢٢
الجاثية : وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ٢٤
الحجرات : إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ٦
النجم : إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ٢٨
١ ـ قال الشيخ الطبرسيّ في كتاب الاحتجاجات : روي عن الصادق عليهالسلام : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ما وجدتم في كتاب الله عزّ وجلّ فالعمل به لازم ولا عذر لكم في تركه ، وما لم يكن في كتاب الله عزّ وجلّ وكان في سنّة منّي (١) فلا عذر لكم في ترك سنّتي ، وما لم يكن فيه سنّة منّي فما قال أصحابي فقولوا به (٢) فإنّما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيّها اخذ اهتدى (٣) وبأيّ أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم ، واختلاف أصحابي لكم رحمة . قيل يا رسول الله : من أصحابك ؟ قال : أهل بيتي .
قال محمّد بن الحسين بن بابويه القميّ رضوان الله عليه : إنّ أهل البيت لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمرّ الحقّ ، وربّما أفتوهم بالتقيّة فما يختلف من قولهم فهو للتقيّة والتقيّة رحمة للشيعة .
أقول : روى الصدوق في كتاب معاني الأخبار ، عن ابن وليد ، عن الصفّار ، عن الخشّاب ، عن ابن كلّوب ، عن إسحاق بن عمّار ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام إلى آخر ما نقل ورواه الصفّار في البصائر .
ثمّ قال الطبرسيّ رحمه الله ويؤيّد تأويله رضي الله عنه أخبار كثيرة منها :
ما رواه محمّد بن سنان ، عن نصر الخثعميّ قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : من عرف من أمرنا أن لا نقول إلّا حقّاً فليكتف بما يعلم منّا ، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم أنّ ذلك منّا دفاع واختيار له . (٤)
وعن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما
________________________
(١) في ير ومع : وكانت فيه سنة مني .
(٢) في ير : فخدوا به .
(٣) وفي نسخة : بايهما اقتديتم اهديتم .
(٤) وفي نسخة : واختبار له .