بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

١٤ ـ منية المريد : عن طلحة بن زيد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : رواة الكتاب كثير ، ورعاته قليل ، فكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب ، والعلماءُ تحزنهم الدراية ، والجهّال تحزنهم الرواية .

١٥ ـ وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إذا حدّثتم بحديث فأسندوه إلى الّذي حدَّثكم ، فإن كان حقّاً فلكم ، وإن كان كذباً فعليه .

١٦ ـ كتاب الإجازات للسيّد ابن طاووس رضي الله عنه ، ممّا أخرجه من كتاب الحسن بن محبوب بإسناده قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أسمع الحديث فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ؟ قال : ما سمعته منّي فاروه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٧ ـ ومنه نقلاً من كتاب مدينة العلم ، عن أبيه ، عن محمّد بن الحسن ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن زعلان ، عن خلف بن حمّاد ، عن ابن مختار أو غيره رفعه قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أسمع الحديث منك فلعلّي لا أرويه كما سمعته ، فقال : إن أصبت فيه فلا بأس ، إنّما هو بمنزلة : تعال ، وهلمّ ، واقعد ، واجلس .

١٨ ـ كتاب حسين بن عثمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا أصبت الحديث فأعرب عنه بما شئت .

١٩ ـ غو : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اتّقوا الحديث عنّي إلّا ما علمتم ، فمن كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار .

بيان : قال الجزريّ : فيه : من كذب عليَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار ، قد تكرّرت هذه اللّفظة في الحديث ومعناه : لينزل منزله في النار . قال : بوّاه الله منزلاً أي أسكنه إيّاه . وتبوّأت منزلاً : اتّخذته . والمباءة : المنزل .

٢٠ ـ غو : روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : رحم الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ، فربَّ حامل فقه ليس بفقيه . وفي رواية : فربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه .

٢١ ـ نهج ، ضه : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل .

١٦١
 &

بيان : أي ينبغي أن يكون مقصودكم الفهم للعمل لا محض الرواية ، ففيه شيئان : الأوّل فهمه وعدم الاقتصار على لفظه ، والثاني العمل به .

٢٢ ـ كش : عليّ بن محمّد بن قتيبة ، عن جعفر بن أحمد ، عن محمّد بن الخالد ـ أظنّه البرقيّ ـ عن محمّد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن القاسم بن عوف (١) قال : كنت أتردّد بين عليّ بن الحسين وبين محمّد بن الحنفيّة ، وكنت آتي هذا مرَّة وهذا مرَّة ، قال : ولقيت عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : فقال لي : يا هذا إيّاك أن تأتي أهل العراق فتخبرهم أنّا استودعناك علماً فإنّا والله ما فعلنا ذلك ، وإيّاك أن تترائس بنا فيضعك الله ، وإيّاك أن تستأكل بنا فيزيدك الله فقراً ، واعلم أنّك إن تكون ذنَباً في الخير خير لك من أن تكون رأساً في الشرّ ، واعلم أنّه من يحدّث عنّا بحديث سألناه يوماً ، فإن حدّث صدقاً كتبه الله صدّيقاً ، وإن حدّث كذباً كتبه الله كذّاباً ، وإيّاك أن تشدّ راحلةً ترحلها تأتي ههنا تطلب العلم حتّى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج ، ثمّ يبعث الله لكم غلاماً من ولد فاطمة عليهما‌السلام تنبت الحكمة في صدره كما ينبت الطلّ (٢) الزرع . قال : فلمّا مضى عليّ بن الحسين عليهما‌السلام حسبنا الأيّام والجمع والشهور والسنين فما زادت يوماً ولا نقصت حتّى تكلّم محمّد ابن عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهم ـ باقر العلم .

٢٣ ـ سر : السيّاريّ (٣) ، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا

________________________

(١) بفتح العين المهملة وسكون الواو ، هو القاسم بن عوف الشيباني ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب السجاد عليه السلام ، وقال : كان يختلف بين علي بن الحسين عليهما السلام ومحمد بن الحنفية .

(٢) الطل : المطر الضعيف . الندى .

(٣) بفتح السين المهملة وتشديد الياء . عنونه النجاشي في ص ٥٨ من رجاله قال : أحمد بن محمد ابن سيار أبو عبد الله الكاتب بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمد عليه السلام ، ويعرف بالسياري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ـ ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله ـ مجفو الرواية ، كثير المراسيل ، له كتب وقع إلينا ، منها : كتاب ثواب القرآن ، كتاب الطب ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر ، كتاب الغارات ، أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدثنا السياري إلا ما كان خالياً من غلو و تخليط . انتهى كلامه . وقال الغضائري فيما حكى عنه : ضعيف متهالك ، غال منحرف ، استثنى من *

١٦٢
 &

أصبت معنى حديثنا فأعرب عنه بما شئت .

٢٤ ـ وقال بعضهم : لا بأس إن نقصت أو زدت أو قدّمت أو أخّرت إذا أصبت المعنى . وقال : هؤلاء يأتون الحديث مستوياً كما يسمعونه ، وإنّا ربّما قدّمنا وأخّرنا وزدنا ونقصنا ، فقال : ذلك زخرف القول غروراً ، إذا أصبتم المعنى فلا بأس .

بيان : الإعراب : الإبانة والإفصاح ، وضمير بعضهم راجع إلى الأئمّة عليهم‌السلام وفاعل قال في قوله : « قال هؤلاء » أحد الرواة ، وفي قوله : « فقال » الإمام عليه‌السلام . قوله : ذلك أي الّذي ترويه العامّة . زخرف القول أي الأباطيل المموّهة ، من « زخرفه » إذا زيّنه يغرّون به الناس غروراً ، وهو داخل فيما قال الله تعالى في شأن المبطلين : وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا . والحاصل أنّ أخبارهم موضوعة وإنّما يزيّنونها ليغترَّ الناس بها .

ثمّ اعلم أنّ هذا الخبر من الأخبار الّتي تدلّ على جواز نقل الحديث بالمعنى و تفصيل القول في ذلك : أنّه إذا لم يكن المحدّث عالماً بحقائق الألفاظ ومجازاتها و منطوقها ومفهومها ومقاصدها لم تجز له الرواية بالمعنى بغير خلاف ، بل يتعيّن اللّفظ الّذي سمعه إذا تحقّقه ، وإلّا لم تجز له الرواية ، وأمّا إذا كان عالماً بذلك فقد قال طائفة من العلماء : لا يجوز إلّا باللّفظ أيضاً ، وجوّز بعضهم في غير حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقط ، فقال : لأنّه أفصح من نطق بالضاد ، وفي تراكيبه أسرار ودقائق لا يوقف عليها إلّا بها كما هي ، لأنّ لكلّ تركيب معنىً بحسب الوصل والفصل والتقديم والتأخير وغير ذلك ، لو لم يراع ذلك لذهبت مقاصدها ، بل لكلّ كلمة مع صاحبتها خاصيّة مستقلّة كالتخصيص

________________________

* كتبه شيوخ القميين روايته من كتاب نوادر الحكمة ، وحكى عن محمد بن علي بن محبوب في كتاب النوادر المصنّف أنه قال بالتناسخ . وروى الكشي في ص ٣٧٢ من رجاله باسناد ذكره عن ابراهيم بن محمد بن حاجب قال : قرأت في رقعة مع الجواد عليه السلام يعلم من سأل عن السياري : أنه ليس في المكان الذي ادعاه لنفسه وألا تدفعوا اليه شيئا . وأتبعهم في ذلك الشيخ في الفهرست ، والعلامة في الخلاصة وكل من تصدى لترجمته سوى العلامة النوري فانه تجشم في اثبات وثاقته بما يجتهد في قبال نصوص هولاء الاساطين من الفن ، واستطرف الحلي من رواياته وأورده في آخر السرائر وقال : صاحب الرضا وموسى عليهما السلام . أقول : مصاحبته موسى بن جعفر عليه السلام لا يخلو عن التامل .

١٦٣
 &

والاهتمام وغيرهما ، وكذا الألفاظ المشتركة والمترادفة ، ولو وضع كلٌّ موضع الآخر لفات المعنى المقصود ، ومن ثمّ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : نضّر الله عبداً سمع مقالتي وحفظها و وعاها وأدّاها ، فربَّ حامل فقه غير فقيه ، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه . وكفى هذا الحديث شاهداً بصدق ذلك ، وأكثر الأصحاب جوّزوا ذلك مطلقا مع حصول الشرائط المذكورة ، وقالوا : كلّما ذكرتم خارج عن موضوع البحث لأنّا إنّما جوّزنا لمن يفهم الألفاظ ، ويعرف خواصّها ومقاصدها ، ويعلم عدم اختلال المراد بها فيما أدّاه ، وقد ذهب جمهور السلف والخلف من الطوائف كلّها إلى جواز الرواية بالمعنى إذا قطع بأداء المعنى بعينه ، لأنّه من المعلوم أنّ الصحابة وأصحاب الأئمّة عليهم‌السلام لم يكونوا يكتبون الأحاديث عند سماعها ، ويبعد بل يستحيل عادةً حفظهم جميع الألفاظ على ما هي عليه و قد سمعوها مرّةً واحدةً ، خصوصاً في الأحاديث الطويلة مع تطاول الأزمنة ولهذا كثيراً ما يروى عنهم المعنى الواحد بألفاظ مختلفة ، ولم ينكر ذلك عليهم ، ولا يبقى لمن تتبّع الأخبار في هذا شبهة . ويدلُّ عليه أيضاً ما رواه الكلينيّ : (١)

عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص . قال : إن كنت تريد معانيه فلا بأس .

وروي أيضاً عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن داود بن فرقد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي أسمع الكلام منك فاُريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيىء ذلك ، قال : فتتعمَّد ذلك ؟ قلت : لا . قال : تريد المعاني ؟ قلت : نعم . قال : فلا بأس .

نعم لا مرية في أنّ روايته بلفظه أولى على كلّ حال ، لا سيّما في هذه الأزمان لبعد العهد وفوت القرائن وتغيّر المصطلحات .

وقد روى الكلينيّ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إبن أبي عمير ، عن

________________________

(١) في الاصول من الكافي في الحديث الثاني من باب رواية الكتب ، وأورد الحديثين الاتيين بعد ذلك في ١ و ٦ ومن الباب .

١٦٤
 &

منصور بن يونس ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : قول الله جلَّ ثناؤه : الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ . قال : هو الرجل يسمع الحديث فيحدّث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص .

وبالغ بعضهم فقال : لا يجوز تغيير قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قال رسول الله ولا عكسه ، وهو عنت بيّن بغير ثمرة .

تذنيب : قال بعض الأفاضل : نقل المعنى إنّما جوّزوه في غير المصنّفات ، أمّا المصنّفات فقد قال أكثر الأصحاب : لا يجوز حكايتها ونقلها بالمعنى ولا تغيير شيء منها على ما هو المتعارف .

٢٥ ـ شى : عن السكونيّ ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ صلوات الله عليهم قال : الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثاً لم تروه خير من روايتك حديثاً لم تحصه ، إنّ على كلّ حقّ حقيقة ، وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه .

بيان : الفعل في قوله عليه‌السلام : لم تروه إمّا مجرّد معلوم ، يقال : روى الحديث روايةً أي حمله ، أو مزيد معلوم من باب التفعيل أو الإفعال يقال : روّيته الحديث ترويةً وأرواه أي حملته على روايته ، أو مزيد مجهول من البابين ، ومنه : روّينا في الأخبار . ولنذكر ما به يتحقّق تحمّل الرواية والطرق الّتي تجوز بها رواية الأخبار .

اعلم أنّ لأخذ الحديث طرقاً أعلاها سماع الراوي لفظ الشيخ ، أو إسماع الراوي لفظه إيّاه بقراءة الحديث عليه ، ويدخل فيه سماعه مع قراءة غيره على الشيخ ، ويسمّى الأوّل بالإملاء ، والثاني بالعرض ، وقد يقيّد الإملاء بما إذا كتب الراوي ما يسمع من شيخه ، وفي ترجيح أحدهما على الآخر والتسوية بينهما أوجه ، وممّا يستدلُّ به على ترجيح السماع من الشيخ على إسماعه ما رواه الكلينيّ بسند صحيح : (١)

عن عبد الله بن سنان قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : يجيئني القوم فيسمعون منّي حديثكم فأضجر ولا أقوى ، قال : فاقرأ عليهم من أوّله حديثاً ومن وسطه حديثاً ومن آخره حديثاً .

________________________

(١) والسند هكذا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، ومحمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان . أورده في الخامس من باب رواية الكتب .

١٦٥
 &

فلولا ترجيح قراءة الشيخ على قراءة الراوي لأمره بترك القراءة عند التضجّر ، وقراءة الراوي مع سماعه إيّاه ، ولا خلاف في أنّه يجوز للسامع أن يقول في الأوّل : « حدّثنا » و « أنبأنا » و « سمعته يقول » و « قال لنا » و « ذكر لنا » ، هذا كان في الصدر الأوّل ثمّ شاع تخصيص « أخبرنا » بالقراءة على الشيخ ، و « أنباءنا » و « نبّأنا » بالإجازة ، وفي الثاني المشهور جواز قول : « أخبرني » و « حدّثني » مقيّدين بالقراءة على الشيخ ، و ما ينقل عن السيّد من منعه مقيّداً أيضا بعيد ، واختلف في الإطلاق فجوّزه بعضهم ، ومنعه آخرون ، وفصّل ثالث فجوّز « أخبرني » ومنع « حدّثني » واستند إلى أنّ الشايع في استعمال « أخبرني » هو قراءته على الشيخ وفي استعمال « حدّثني » هو سماعه عنه ، وفي كون الشياع دليلاً على المنع من غير الشايع نظر .

ثم إنّ صيغة « حدّثني » وشبهها فيما يكون الراوي متفرّداً في المجلس ، و « حدّثنا » و « أخبرنا » فيما يكون مجتمعاً مع غيره ، وهذان قسمان من أقسامها .

وبعدهما الإجازة ، سواء كان معيّناً لمعيّن كاجازة الكافي لشخص معيّن ، أو معيّناً لغير معيّن كإجازته لكلّ أحد ، أو غير معيّن لمعيّن كأجزتك مسموعاتي ، أو غير معيّن لغير معيّن كأحزت كلّ أحد مسموعاتي ، كما حكي عن بعض أصحابنا أنّه أجاز على هذا الوجه .

وفي إجازة المعدوم نظر ، إلّا مع عطفه على الموجود ، وأمّا غير المميّز كالأطفال الصغيرة فالمشهور الجواز (١) ، وفي جواز إجازة المجاز وجهان للأصحاب ، والأصحّ الجواز .

وأفضل أقسامها ما كانت على وفق صحيحة ابن سنان المتقدّمة بأن يقرأ عليه من أوّله حديثاً ، ومن وسطه حديثاً ، ومن آخره حديثاً ، ثمّ يجيزه ، بل الأولى الاقتصار عليه ، ويحتمل أن يكون المراد بالأوّل والوسط والآخر الحقيقيّ منها ، أو الأعمّ منه و من الإضافيّ ، والثاني ، أظهر وإن كان رعاية الأوّل أحوط وأولى .

________________________

(١) ليس فرق بيّن بين الصبي غير المميز والمعدوم في ذلك .

١٦٦
 &

وبعدها : المناولة وهي مقرونة بالإجازة وغير مقرونة ، والاُولى هي أن يناوله كتاباً ويقول : هذا روايتي فاروه عنّي ، أو شبهه والثانية أن يناوله إيّاه ويقول : هذا سماعي ، ويقتصر عليه ، وفي جواز الرواية بالثاني قولان ، والأظهر الجواز لما رواه الكلينيّ :

عن محمّد بن يحيى ، بإسناده عن أحمد بن عمر الحلّال قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول : اروه عنّي . يجوز لي أن أرويه عنه ؟ قال : فقال : إذا علمت أنّ الكتاب له فاروه عنه . (١)

وهل يجوز إطلاق حدَّثنا وأخبرنا في الإجازة والمناولة قولان ، وأمّا مع التقييد بمثل قولنا : إجازة ومناولة فالأصحّ جوازه . واصطلح بعضهم على قولنا : أنبأنا .

وبعدها المكاتبة وهي أن يكتب مسموعه لغائب بخطّه ويقرنه بالإجازة ، أو يعريه عنها ، والكلام فيه كالكلام في المناولة .

والظاهر عدم الفرق بين الكتابة التفصيليّة والإجماليّة كأن يكتب الشيخ مشيراً إلى مجموع محدود إشارةً يا من معها اللّبس والإشتباه : هذا مسموعي ومرويّي فاروه عنّي ، والحقّ أنّه مع العلم بالخطّ والمقصود بالقرائن لا فرق يعتدّ به بينه وبين سائر الأقسام ، ككتابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى كسرى وقيصر ، مع أنّها كانت حجّةً عليهم ، وكتابة أئمّتنا عليهم‌السلام الأحكام إلى أصحابهم في الأعصار المتطاولة ، والظاهر أنّه يكفي الظنّ الغالب أيضاً في ذلك .

وبعدها الإعلام وهو أن يعلم الشيخ الطالب أنّ هذا الحديث أو الكتاب سماعه ، وفي جواز الرواية به قولان والأظهر الجواز ، لما مرّ في خبر أحمد بن عمر ولما رواه الكلينيّ :

عن عدّة من أصحابه ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام : جعلت فداك إنّ مشائخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام وكانت التقيّة شديدة فكتموا كتبهم فلم ترو عنهم فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا ، فقال : حدّثوا بها فإنّها حقٌّ .

________________________

(١) أورده في كتاب فضل العلم في الحديث السادس من باب رواية الكتب والحديث .

١٦٧
 &

ويقرب منه الوصيّة وهي أن يوصي عند سفره أو موته بكتاب يرويه فلان بعد موته ، وقد جوّز بعض السلف للموصى له روايته ويدلّ عليه الخبر السالف .

والثامن من تلك الأقسام : الوجادة ، وهي أن يقف الإنسان على أحاديث بخطّ راويها ، أو في كتابه المرويّ له معاصراً كان أو لا ، فله أن يقول : وجدت أو قرأت بخطّ فلان أو في كتابه : حدّثنا فلان ، ويسوق الإسناد والمتن ، وهذا هو الّذي استمرّ عليه العمل حديثاً وقديماً ، وهو من باب المنقطع ، وفيه شوب اتّصال ، ويجوز العمل به وروايته عند كثير من المحقّقين عند حصول الثقة بأنّه خطّ المذكور وروايته ، وإلّا قال : بلغني عنه ، أو وجدت في كتاب أخبرني فلان أنّه خطّ فلان أو روايته ، أو أظنّ أنّه خطّه أو روايته لوجود آثار روايته له بالبلاغ ونحوه ، ويدلّ على جواز العمل بها خبر أبي جعفر عليه‌السلام الّذي تقدّم ذكره .

وربّما يلحق بهذا القسم ما إذا وجد كتاباً بتصحيح الشيخ وضبطه ، والأظهر جواز العمل بالكتب المشهورة المعروفة الّتي يعلم انتسابها إلى مؤلّفيها ، كالكتب الاربعة ، وسائر الكتب المشهورة ، وإن كان الأحوط تصحيح الإجازة والإسناد في جميعها ، وسنفصّل القول في تلك الأنواع وفروعها في المجلّد الخامس والعشرين من الكتاب بعون الملك الوهّاب .

( باب ٢٢ )

* ( ان لكل شيء حداً وانه ليس شيء الا ورد فيه كتاب أو سنة ) * * ( وعلم ذلك كله عند الامام ) *

الايات ، الانعام : مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ٣٨

١ ـ ير : عليّ بن محمّد ، عن اليقطينيّ يرفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بالأسباب ، فجعل لكلّ شيء سبباً وجعل لكلّ سبب شرحاً ، وجعل لكلّ شرح مفتاحاً ، وجعل لكلّ مفتاح علماً ، وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً ، من عرفه عرف الله ، ومن أنكره أنكر الله ، ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن .

١٦٨
 &

٢ ـ ير : عبد الله بن جعفر ، عن محمّد بن عيسى ، عن الحسن ، عن فضالة ، عن القاسم ابن يزيد ، عن محمّد بن مسلم ، قال : سألته عن ميراث العلم ما بلغ ، أجوامع من العلم أم يفسّر كلّ شيء من هذه الاُمور الّتي يتكلّم فيها الناس من الطلاق والفرائض ؟ فقال : إنّ عليّاً عليه‌السلام كتب العلم كلّه والفرائض ، فلو ظهر أمرنا لم يكن من شيء إلّا وفيه سنّة يمضيها .

بيان : قوله : ما بلغ بدل من ميراث العلم أي ما بلغ منه إليكم . أجوامع ؟ أي ضوابط كليّة يستنبط منها خصوصيّات الأحكام ، أو ورد في كلّ من تلك الخصوصيّات نصٌّ مخصوص ؟ . قوله عليه‌السلام : يمضيها على الغيبة أي صاحب الأمر ، أو على التكلّم .

٣ ـ ير : عبد الله بن جعفر ، عن محمّد بن عيسى ، عن الأهوازيّ ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد ، عن أبي اُسامة قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام وعنده رجل من المغيريّة (١) فسأله عن شيء من السنن ، فقال : ما من شيء يحتاج إليه ولد آدم إلّا وقد خرجت فيه السنّة من الله ومن رسوله ، ولولا ذلك ما احتجّ علينا بما احتجّ ، فقال المغيريّ : وبما احتجّ ؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام قوله : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ـ حتّى فرغ من الآية ـ فلو لم يكمّل سنّته وفرائضه وما يحتاج إليه الناس ما احتجّ به . (٢)

٤ ـ سن : بعض أصحابنا ، عن عليّ بن إسماعيل الميثميّ ، عن محمّد بن حكيم ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : أتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما اكتفوا به في عهده واستغنوا به من بعده .

________________________

(١) هم اتباع المغيرة بن سعيد لعنه الله ولعنهم ، أورده أصحابنا في تراجمهم وبالغوا في ذمه ولعنوه وتبرؤوا منه . قال صاحب منتهى المقال : المغيرية اتباع المغيرة بن سعيد لعنه الله قالوا : ان الله جسم على صورة رجل من نور على راسه تاج من نور ، وقلبه منبع الحكمة . ونقل عن الوحيد أنه قال : وربما يظهر من التراجم كونهم من الغلاة وبعضهم نسبوه اليهم . أقول : وأورد ترجمتهم البغدادي في الفرق بين الفرق ، والشهرستاني في كتابه الملل والنحل ، قال البغدادي في ص ٣٦ : كان المغيرة بن سعيد العجلي في صلاته في التشبيه يقول لاصحابه : ان المهدي المنتظر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ، ويستدل على ذلك بان اسمه محمد كاسم رسول الله صلى الله عليه وآله واسم أبيه عبد الله كاسم أبي رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقال : في الحديث عن النبي صلوات الله عليه وآله قوله في المهدي : ان اسمه يوافق اسمي ، واسم أبيه اسم أبي . وأورد الشهرستاني ما قال في التشبيه في كتابه .

(٢) ياتي بقية المباحثة الواقعة بين أبي عبد الله عليه السلام والرجل في الحديث ١٢ .

١٦٩
 &

٥ ـ سن : إسماعيل الميثميّ ، عن محمّد بن حكيم ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : أتاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما يستغنون به في عهده وما يكتفون به من بعده : كتاب الله وسنّة نبيّه .

٦ ـ سن : أبي ، عن حمّاد ، عن حريز وربعيّ ، عن الفضيل قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام إنّ للدين حدّاً كحدود بيتي هذا ، وأومأ بيده إلى جدار فيه .

٧ ـ سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختريّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما من شيء إلّا وله حدٌّ كحدود داري هذه ، فما كان في الطريق فهو من الطريق ، وما كان في الدار فهو من الدار .

٨ ـ سن : الوشّاء ، عن أبان الأحمر ، عن سليم بن أبي حسّان العجليّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما خلق الله حلالاً ولا حراماً إلّا وله حدٌّ كحدود داري هذه ، ما كان منها من الطريق فهو من الطريق ، وما كان من الدار فهو من الدار ، حتّى أرش الخدش فما سواه ، والجلدة ونصف الجلدة .

٩ ـ سن : أبي عن يونس ، عن حفص بن قرط (١) قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : كان عليٌّ عليه‌السلام يعلم الخير الحلال والحرام ويعلم القرآن ، ولكلّ شيء منهما حدٌّ .

بيان : في بعض النسخ « الخير » بالياء المنقّطة بنقطتين ، أي جميع الخيرات من الحلال والحرام ، وفي بعضها بالباء الموحّدة أي أخبار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحلال والحرام .

١٠ ـ سن : ابن بزيع ، عن أبي إسماعيل السرّاج (٢) ، عن خيثمة (٣) بن عبد الرحمن الجعفيّ ، عن أبي لبيد البحرانيّ ، (٤) عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه أتاه رجل بمكّة فقال له : يا

________________________

(١) بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة . أورد الشيخ في رجاله في اصحاب الصادق عليه السلام رجلين مسميين بحفص بن قرط : أحدهما حفص بن قرط الاعور كوفي عربى جمّال ، والاخر حفص بن قرط النخعي الكوفي ، ولم يزد في ترجمتها على كونهما من أصحاب الصادق عليه السلام ، وحكى عن جامع الرواة أن النخعي الكوفي يروى عنه ابن أبي عمير ويونس بن عبد الرحمن ، وابن سنان ، وإسحاق بن عمار .

(٢) صرح جماعة بأن اسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو بن خالد الفزاري وخالف بعض ، ولعله يأتي الكلام فيه بعد إن شاء الله .

(٣) بضم الخاء وسكون الياء وفتح الثاء .

(٤) في المحاسن المطبوع ( ص ٢٧٤ ) أبو الوليد النجراني ولكنه مصحف ، والصحيح أبو لبيد كما في ( ص ٢٧٠ ) من المحاسن ووصفه هنا بالمراء الهجرين وأورد هنا روايته التي وردت في تفسير « المص » والرجل مجهول اسمه وحاله ، لم يذكره الرجاليون في كتبهم نعم أورد الشيخ في رجاله أبا لبيد الهجري من أصحاب الباقر عليه السلام ولعله متحد مع هذا ولكن هذا أيضا مجهول مثله .

١٧٠
 &

محمّد بن عليّ أنت الّذي تزعم أنّه ليس شيءٌ إلّا وله حدٌّ ؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : نعم أنا أقول : إنّه ليس شيءٌ ممّا خلق الله صغيراً وكبيراً إلّا وقد جعل الله له حدّاً إذا جوز به ذلك الحدّ فقد تعدّى حدّ الله فيه . فقال : فما حدّ مائدتك هذه ؟ قال : تذكر اسم الله حين توضع ، وتحمد الله حين ترفع ، وتقمّ ما تحتها . قال : فما حدّ كوزك هذا ؟ قال : لا تشرب من موضع اُذنه ، ولا من موضع كسره ، فإنّه مقعد الشيطان ، وإذا وضعته على فيك فاذكر اسم الله ، وإذا رفعته عن فيك فاحمد الله ، وتنفّس فيه ثلاثة أنفاس ، فإنّ النفس الواحد يكره .

١١ ـ سن : محمّد بن عبد الحميد ، عن ابن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في خطبته في حجّة الوداع ـ : أيّها الناس اتّقو الله ، ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم من النار إلّا وقد نهيتكم عنه وأمرتكم به .

١٢ ـ سن : صالح بن السنديّ ، عن ابن بشير ، عن صباح الحذّاء ، عن أبي اُسامة قال : كنت عند أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله رجل من المغيريّة عن شيء من السنن فقال : ما من شيء يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلّا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنّة عرفها من عرفها ، وأنكرها من أنكرها ، قال الرجل : فما السنّة في دخول الخلاء ؟ قال : تذكر الله ، وتتعوّذ من الشيطان ، فإذا فرغت قلت : الحمدلله على ما أخرج عنّي من الأذى في يسر منه وعافية . فقال الرجل : فالإنسان يكون على تلك الحال فلا يصبر حتّى ينظر إلى ما خرج منه . فقال : إنّه ليس في الأرض آدميّ إلّا ومعه ملكان موكّلان به ، فإذا كان على تلك الحال ثنّيا رقبته (١) ثمّ قالا : ابن آدم ! انظر إلى ما كنت تكدح (٢) له في الدنيا إلى ما هو صائر . (٣)

١٣ ـ جا : الجعابيّ ، عن ابن عقدة ، عن عبيد بن حمدون ، عن الحسن بن ظريف ، قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ما رأيت عليّاً عليه‌السلام قضى قضاءاً إلّا وجدت له أصلاً

________________________

(١) أي لوّيا رقبته إلى ما خرج منه .

(٢) أي تسعى وتكسب وتجهد نفسك فيه .

(٣) هذا الحديث والحديث الثالث يكشفان عن مباحثة طويلة وقعت بين أبي عبد الله عليه السلام ورجل من المغيرية ، وأبو اسامة نقل بعضها لحماد وبعضها لصباح .

١٧١
 &

في السنّة ، قال : وكان عليٌّ عليه‌السلام يقول : لو اختصم إليَّ رجلان فقضيت بينهما ثمّ مكثا أحوالاً كثيرةً ثمّ أتياني في ذلك الأمر لقضيت بينهما قضاءاً واحداً ، لأنّ القضاء لا يحول ولا يزول أبداً .

( باب ٣٣ )

* ( انهم عليهم السلام عندهم مواد العلم واصوله ، ولا يقولون شيئاً ) * * ( برأي ولاقياس ، بل ورثوا جميع العلوم عن النبي صلى الله ) * * ( عليه وآله وأنهم امناء الله على اسراره ) *

الايات ، النجم : وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ٣ ، ٤

١ ـ ختص ، ير : حمزة بن يعلى ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يا جابر إنا لو كنّا نحدّثكم برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم . (١)

٢ ـ ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اُذينة ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو أنّا حدّثنا برأينا ضللنا كما ضلّ من كان قبلنا ، ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربّنا بيّنها لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فبيّنه لنا .

٣ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن القاسم ، عن محمّد بن يحيى ، عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا جابر لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واُصول علم عندنا ، نتوارثها كابراً عن كابر ، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم .

بيان : قال الجزريّ : في حديث الأقرع والأبرص : ورثته كابراً عن كابر أي ورثته عن آبائي وأجدادي كبيراً عن كبير في العزِّ والشرف .

ير : عبد الله بن عامر ، عن الحجّال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله .

________________________

(١) لعله متحد مع الثالث والرابع .

١٧٢
 &

٤ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن الثماليّ : عن جابر ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا جابر والله لو كنّا نحدّث الناس أو حدّثناهم برأينا لكنّا من الهالكين . ولكنّا نحدّثهم بآثار عندنا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوارثها كابر عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم . (١)

٥ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن فضيل بن عثمان ، عن محمّد بن شريح قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : والله لولا أنّ الله فرض ولايتنا ومودّتنا وقرابتنا ما أدخلناكم بيوتنا ، ولا أوقفناكم على أبوابنا ، والله ما نقول بأهوائنا ، ولا نقول برأينا ، ولا نقول إلّا ما قال ربّنا .

جا : عمر بن محمّد الصيرفيّ ، عن محمّد بن همّام الاسكافيّ ، عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان مثله .

ير : محمّد بن هارون ، عن أبي الحسن موسى ، عن موسى بن القاسم ، عن عليّ بن النعمان ، عن محمّد بن شريح ، عنه عليه‌السلام مثله .

ير : محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان ، عن محمّد بن شريح مثله ، وزاد في آخره : اُصول عندنا نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم .

٦ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن عنبسة قال سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : إن كان كذا وكذا ما كان القول فيها . فقال له : مهما أجبتك فيه بشيء فهو عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لسنا نقول برأينا من شيء . (٢)

٧ ـ ختص ، ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازي ، عن فضالة ، عن جميل ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال : إنّا على بيّنة من ربّنا بيّنها لنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فبيّنها نبيّه لنا ، فلولا ذلك كنّا كهؤلاء الناس .

٨ ـ ختص ، ير : ابن عيسى ، عن محمّد البرقيّ ، عن ابن مهران ، عن ابن عميرة ، عن ابي المعزّا ، عن سماعة ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قلت له : كلّ شيء تقول به في

________________________

(١) تقدم احتمال اتحاده مع الاول والثالث .

(٢) أي شيئاً ، فهو في موضع المفعول .

١٧٣
 &

كتاب الله وسنّته أو تقولون برأيكم ؟ قال : بل كلّ شيء نقوله في كتاب الله وسنّته .

٩ ـ ير : محمّد بن عبد الحميد ، عن يونس بن يعقوب ، عن الحارث بن المغيرة النضريّ ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : علم عالمكم أيّ شيء وجهه ؟ قال : وراثة من رسول الله وعليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهما ، يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إليهم .

١٠ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن ابن بشير ، عن المفضّل ، عن الحارث ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : أخبرني علم عالمكم . قال : وراثة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقلت : إنّا نتحدّث أنّه يقذف في قلبه أو ينكت في اُذنه . فقال : أو ذاك . (١)

بيان : قوله عليه‌السلام : أو ذاك أي قد يكون ذاك أيضاً . وسيأتي شرحه في كتاب الإمامة .

١١ ـ ير : محمّد بن أحمد ، عمّن رواه ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليّاً عليه‌السلام في المرض الّذي توفّي فيه فقال : يا عليُّ ادن منّي حتّى أسرَّ إليك ما أسرّ الله إليّ ، وأئتمنك على ما ائتمني الله عليه ، ففعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعليّ عليه‌السلام ، وفعله عليّ عليه‌السلام بالحسن عليه‌السلام ، وفعله حسن عليه‌السلام بالحسين عليه‌السلام ، وفعله الحسين عليه‌السلام بأبي عليه‌السلام وفعله أبي عليه‌السلام بي . ـ صلوات الله عليهم اجمعين ـ .

ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الصمد مثله .

ير : أحمد بن موسى ، عن ابن يزيد ، عمّن رواه ، عن عبد الصمد مثله .

١٢ ـ ير : عبد الله بن محمّد ، عن معمّر بن خلّاد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : أسرّ الله سرَّه إلى جبرئيل عليه‌السلام ، وأسرّ جبرئيل عليه‌السلام إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسرّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى من شاء الله . (٢)

________________________

(١) ترديده عليه السلام إبهام منه لما سأله وذلك أن السائل لما كان يزعم أن القذف في القلب غير هذا الذي ذكره عليه السلام وأن هذه الوراثة إنما هي بالتحمل مثل رواية أحدنا عن مثله ولم يرق ذهنه إلى أزيد من ذلك صدّق عليه السلام ما ذكره بطريق الابهام ، وحقيقة الامر أن الطريقان فيهم واحد كما يدل عليه الروايات الاتية . ط

(٢) لعله قطعة من الحديث ١٤ .

١٧٤
 &

١٣ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ ، عن أبي بصير ، قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : أسرّ الله سرّه إلى جبرئيل عليه‌السلام ، وأسرّه جبرئيل عليه‌السلام إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسرّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ عليه‌السلام ، وأسرّه عليٌّ عليه‌السلام إلى من شاء واحداً بعد واحد .

١٤ ـ ير : بنان بن محمّد ، عن معمّر بن خلّاد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : لا يقدر العالم أن يخبر بما يعلم ، فإنّ سرّ الله أسرّه إلى جبرئيل عليه‌السلام ، وأسرّه جبرئيل عليه‌السلام إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأسرّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى من شاء الله .

١٥ ـ ير : ابن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ ، عن سورة بن كليب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : بأيّ شيء يفتي الإمام ؟ قال : بالكتاب . قلت : فما لم يكن في الكتاب ؟ قال : بالسنّة . قلت : فما لم يكن في الكتاب والسنّة ؟ قال : ليس شيءٌ إلّا في الكتاب والسنّة . قال فكرّرت مرّة أو اثنتين قال : يسدّد ويوفّق ، فأمّا ما تظنّ فلا .

١٦ ـ ير : ابن يزيد ، عن الحسن بن أيّوب ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن ربعيّ ، عن خيثم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : يكون شيءٌ لا يكون في الكتاب والسنّة ؟ قال : لا . قال : قلت : فإن جاء شيءٌ ؟ قال : لا . حتّى أعدت عليه مراراً فقال : لا يجيءُ ، ثمّ قال ـ بإصبعه ـ : بتوفيق وتسديد ، ليس حيث تذهب ، ليس حيث تذهب .

بيان : قوله عليه‌السلام : بتوفيق وتسديد أي بإلهام من الله وإلقاء من روح القدس كما يأتي في كتاب الإمامة ، وليس حيث تذهب من الاجتهاد والقول بالرأي . (١)

ير : أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن الميثميّ (٢) ، عن ربعيّ ، مثله .

١٧ ـ ير : محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سأله سورة (٣) ـ وأنا شاهد ـ فقال : جعلت فداك بما يفتى الإمام ؟ قال : بالكتاب . قال : فما لم يكن في الكتاب ؟ قال : بالسنّة . قال : فما لم يكن في الكتاب والسنّة ؟

________________________

(١) ويحتمل أن السائل كان يظن أن أمر تشريع الاحكام مفوض إليهم فنفاه عليهم السلام أن افتاءه لم يكن الا بما ورد في الكتاب والسنة مع توفيق وتسديد من الله تعالى بحيث لا يخطأ في ذلك ، ولعل المراد من التوفيق والتسديد عصمته عن السهو والنسيان والخطاء .

(٢) هو علي بن اسماعيل .

(٣) هو سورة بن كليب الذي روى الحديث أيضا وتقدم تحت الرقم ١٥ ويأتي تحت الرقم ١٨ .

١٧٥
 &

فقال : ليس من شيء إلّا في الكتاب والسنّة ، قال : ثمّ مكث ساعة ثمّ قال : يوفّق ويسدّد وليس كما تظنّ .

بيان : قوله عليه‌السلام : يوفّق ويسدّد أي لأن يعلم ذلك من الكتاب والسنّة لئلّا ينافي الأخبار السابقة وأوّل هذا الخبر أيضاً . (١)

١٨ ـ ير : ابن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن سورة بن كليب (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخلت عليه بمنى فقلت : جعلت فداك الإمام بأيّ شيء يحكم ؟ قال : قال : بالكتاب . قلت : فما ليس في الكتاب ؟ قال : بالسنّة . قلت : فما ليس في السنّة ولا في الكتاب ؟ قال : فقال بيده : قد أعرف الّذي تريد ، يسدّد ويوفّق وليس كما تظنّ . (٣)

١٩ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ ، عن عبد الرحيم القصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان عليٌّ عليه‌السلام إذا ورد عليه أمر ما نزل به كتاب ولا سنّة قال برجم فأصاب ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : وهي المعضلات .

________________________

(١) بل المراد أن له طريقا من العلم إليه ، وليس كما تظن أي بالطرق العادية ، فهو القاء في الفهم وقذف في القلب معاً من غير طريق الفهم العادي ، ولا ينافي ذلك لا صدر الخبر ولا غيره من الاخبار فافهم . ط

(٢) بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح الراي المهملة . وكليب وزان ( زبير ) هو سورة بن كليب بن معاوية الاسدي . كان من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام . روى الكشي في ص ٢٣٩ من رجاله باسناده عن محمد بن مسعود ، عن الحسين بن اشكيب ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن محمد بن اسماعيل الميثمي ، عن حذيفة بن منصور ، عن سورة بن كليب قال : قال لي زيد بن علي : يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرونه ؟ قال : قلت : على الخبير سقطت ، قال : فقال : هات ، فقلت له : كنا نأتي أخاك محمد بن على عليهما السلام نسأله فيقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الله عز وجل في كتابه ، حتى مضى أخوك فأتيناكم وأنت فيمن أتينا ، فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكل الذي نسالكم عنه حتى أتينا ابن أخيك جعفراً فقال لنا : كل ما قال أبوه : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال تعالى ، فتبسم وقال : أما والله إن قلت بذا ، فانّ كتب عليّ صلوات الله عليه عنده . يستفاد من ذلك قوته في الحجاج ، وأنه كان مشهورا بالتشيع ، وأنه كان أهلا لسؤال مثل زيد بن علي عنه .

(٣) الحديث متحد مع ١٥ ، ورواه حماد عن أبي عبد الله عليه السلام كما تقدم تحت الرقم ١٧ .

١٧٦
 &

بيان : ليس المراد بالرجم هنا القول بالظنّ بل القول بإلهامه تعالى .

ير : عليّ بن إسماعيل بن عيسى عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عبد الرحيم مثله .

ير : أحمد بن موسى ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان مثله .

ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ ، عن القاسم بن محمّد ، عن محمّد بن يحيى ، عن عبد الرحيم مثله .

٢٠ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن الأهوازيّ والبرقيّ ، عن النضر ، عن يحيى الحلبيّ ، عن عبد الله بن مسكان ، عن عبد الرحيم قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : إنّ عليّاً عليه‌السلام إذا ورد عليه أمر لم يجىء به كتاب ولا سنّة رجم به ـ يعني ساهم ـ فأصاب ، ثمّ قال : يا عبد الرحيم وتلك المعضلات .

بيان : قوله عليه‌السلام : ساهم أي استعلم ذلك بالقرعة ، وهذا يحتمل وجهين : الأوّل أن يكون المراد الأحكام الجزئيّة المشتبهة الّتي قرّر الشارع استعلامها بالقرعة فلا يكون هذا من الاشتباه في أصل الحكم بل في مورده ، ولا ينافي الأخبار السابقة لأنّ القرعة أيضاً من أحكام القرآن والسنّة ، والثاني أن يكون المراد الأحكام الكلّيّة الّتي يشكل عليهم استنباطها من الكتاب والسنّة فيستنبطون منهما بالقرعة ويكون هذا من خصائصهم عليهم‌السلام لأنّ قرعة الإمام لاتخطىء أبداً ، والأوّل أوفق بالاُصول وسائر الأخبار وإن كان الأخير أظهر . (١)

٢١ ـ ير : أحمد بن موسى ، عن أبي يوسف ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن يحيى ، عن عبد الرحيم القصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : كان عليٌّ عليه‌السلام إذا سئل فيما ليس في كتاب ولا سنّة رجم فأصاب وهي المعضلات . (٢)

٢٢ ـ ير : محمّد بن موسى ، عن موسى الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا ورد عليه ما ليس في كتاب الله ولا سنّة نبيّه فيرجمه فيصيب ذلك وهي المعضلات .

________________________

(١) لا يخفى أنه احتمال فاسد لا يمكن اقامة دليل عليه قطعاً . ط

(٢) الظاهر اتحاد الحديث مع الحديث ١٩ و ٢٠ .

١٧٧
 &

٢٣ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان ، عن مرازم وموسى بن بكر قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : إنّا أهل بيت لم يزل الله يبعث منّا من يعلم كتابه من أوّله إلى آخره ، وإنّ عندنا من حلال الله وحرامه ما يسعنا كتمانه ، ما نستطيع أن نحدِّث به أحداً .

٢٤ ـ ير : عبد الله (١) ، عن محسن (٢) ، عن يونس بن يعقوب ، عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : العلم الّذي يعلمه عالمكم بما يعلم ؟ قال : وراثة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى الناس .

٢٥ ـ ير : الحجّال ، عن صالح ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن بريد العجليّ قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تعالى : في صُحُفًا مُّطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ . قال : هو حديثنا في صحف مطهّرة من الكذب .

٢٦ ـ سن : عبّاس بن عامر ، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ ، عن أبي غيلان ، عن أبي إسماعيل الجعفيّ قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّ الله برأ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله من ثلاث : أن يتقوّل على الله ، أو ينطق عن هواه ، أو يتكلّف .

بيان : إشارة إلى قوله تعالى : وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٣) . وسمّي الافتراء تقوّلاً لأنّه قول متكلّف ، وإلى قوله تعالى : وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ . (٤) وإلى قوله تعالى : وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ . (٥) والتكلّف : التصنّع وادّعاء ما ليس من أهله .

٢٧ ـ جا : ابن قولويه ، عن ابن عيسى ، عن هارون بن مسلم ، عن ابن أسباط ، عن ابن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي . فقال : حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن رسول الله صلوات الله عليهم ، عن جبرئيل عليه‌السلام ، عن الله عزّ وجلّ ، وكلّ ما اُحدّثك بهذا الإسناد . (٦)

٢٨ ـ منية المريد : روى هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيرهما قالوا : سمعنا

________________________

(١) حكى عن جامع الرواة رواية الصفار عن عبد الله بن الحسن العلوي ، ولعله هذا .

(٢) ضبطه في التنقيح بتشديد السين وزان « محدّث » ولعله محسن بن أحمد البجلي أبو محمد من أصحاب الرضا عليه السلام بقرينة روايته عن يونس بن يعقوب .

(٣) الحاقة : ٤٤ .

(٤) النجم : ٣ .

(٥) ص : ٨٦ .

(٦) تقدم الحديث مع زيادة في باب فضل كتابة الحديث تحت الرقم ٢٠ .

١٧٨
 &

أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين ، و حديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قول الله عزّ وجلّ .

( باب ٢٤ )

* ( أن كل علم حق هو في ايدي الناس فمن اهل البيت عليهم السلام ) * * ( وصل اليهم ) *

١ ـ جا : ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : أما إنّه ليس عند أحد من الناس حقٌّ ولا صوابٌ إلّا شيءٌ أخذوه منّا أهل البيت ، ولا أحد من الناس يقضي بحقّ ولا عدل إلّا و مفتاح ذلك القضاء وبابه وأوّله وسننه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، فإذا اشتبهت عليهم الاُمور كان الخطاء من قبلهم إذا أخطاؤوا ، والصواب من قبل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إذا أصابوا .

٢ ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول ـ وعنده ناس من أهل الكوفة ـ : عجباً للناس يقولون : أخذوا علمهم كلّه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فعملوا به واهتدوا ، ويرون أنّا أهل البيت لم نأخذ علمه ولم نهتد به ونحن أهله وذرّيّته ، في منازلنا اُنزل الوحي ومن عندنا خرج إلى الناس العلم ، أفتراهم علموا واهتدوا وجهلنا وضللنا ؟ ! إنّ هذا محال .

أقول : سيأتي أخبار كثيرة في ذلك في كتاب الإمامة .

( باب ٢٥ )

* ( تمام الحجة وظهور المحجة ) *

الايات ، الانعام : قُلْ فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ١٤٩ « وقال تعالى » : وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ٥٥

١٧٩
 &

الجاثية : فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ١٧

١ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة له : انتفعوا ببيان الله ، واتّعظوا بمواعظ الله ، وأقبلوا نصيحة الله ، فإنَّ الله قد أعذر إليكم بالجليّة ، وأخذ عليكم الحجّة ، وبيّن لكم محابّة من الأعمال ومكارهه منها لتبتغوا هذه وتجتنبوا هذه .

٢ ـ لى : ابن المتوكّل ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمّن سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كثيراً :

عَلم المحجّة واضح لمريده

وأرى القلوب عن المحجّة في عمى (١)

ولقد عجبت لهالك ونجاته

موجودةٌ ، ولقد عجبت لمن نجا

بيان : العجب من الهلاك لكثرة بواعث الهداية ووضوح الحجّة ، والعجب من النجاة لندورها وكثرة الهالكين ، وكلُّ أمر نادر ممّا يتعجّب منه .

٣ ـ قبس : أخبرني جماعة من مشائخي الّذين قرأت عليهم : منهم الشريف المرشد أبو يعلى محمّد بن الحسن بن حمزة الجعفريّ ، والشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ ، والشيخ الصدوق أبو الحسين أحمد بن عليّ النجّاشيّ ببغداد ، والشيخ الزكيّ أبو الفرج المظفّر بن عليّ ابن حمدان القزوينيّ بقزوين ، قالوا جميعاً : أخبرنا الشيخ الجليل المفيد محمّد بن محمد بن النعمان الحارثيّ رضي الله عنه يوم السبت الثالث من شهر رمضان المعظّم سنة عشر وأبعمائة ، قال : أخبرني الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه رضي الله عنه ، قال : حدّثني محمّد بن عبد الله ابن جعفر الحميريّ ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني هارون بن مسلم ، قال : حدّثني مسعدة بن زياد ، قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ـ وقد سئل عن قوله تبارك وتعالى : قل فللّه الحجّة البالغة ـ قال : إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد : أكنت عالماً ؟ فإن قال : نعم . قال : أفلا عملت بما علمت ؟ ! وإن قال : كنت جاهلاً . قال له : أفلا تعلّمت ؟ فتلك الحجّة البالغة لله تعالى . (٢)

________________________

(١) المحجة : وسط الطريق .

(٢) تقدم الحديث من أمالي المفيد في الباب التاسع « استعمال العلم » تحت الرقم ١٠ .

١٨٠