بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ٣٢ ، ٣٣

الجاثية : وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ٧ ، ٨ ، ٩

الاحقاف : وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ ٣

١ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن عليّ بن النعمان ، عن عبد الله بن طلحة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لن يدخل الجنّة عبدٌ في قلبه مثقال حبّة من خردل من كبر ، ولا يدخل النار عبد في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان . قلت : جعلت فداك إنّ الرجل ليلبس الثوب أو يركب الدابّة فيكاد يعرف منه الكبر . قال : ليس بذاك إنّما الكبر إنكار الحقّ ، والإيمان الإقرار بالحقّ .

٢ ـ مع : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن هاشم ، عن ابن مرّار ، عن يونس ، عن الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما‌السلام ـ قال : لا يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من كبر . قال قلت : إنّا نلبس الثوب الحسن فيدخلنا العجب . فقال : إنّما ذاك فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ . (١)

بيان : أي التكبّر على الله بعدم قبول الحقّ والإعجاب فيما بينه وبين الله بأن يعظم عنده عمله ويمنّ على الله به .

٣ ـ مع : ابن المتوكّل ، عن السعدآباديّ ، عن البرقيّ ، عن ابن فضّال ، عن ابن مسكان ، عن ابن فرقد ، عمّن سمع أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال حبّة من خردل من الكبر ، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال حبّة من خردل من إيمان . قال : فاسترجعت . فقال : ما لك تسترجع ؟ فقلت : لما أسمع منك . فقال : ليس حيث تذهب إنّما أعني الجحود ، إنّما هو الجحود .

________________________

(١) الظاهر أن المراد به : أن ذلك سيئة بينه وبين ربه إن شاء اخذه به وإن شاء غفر له ، وهو غير الكبر الذي ذكره وهو استكبار على الله ولا يغفر له ، على ما يفسره الخبر السابق واللاحق . وأما ما ذكره رحمه الله فظاهر أنه غير منطبق على الخبر ان كان أراد بذلك تفسير تمام الخبر . ط

١٤١
 &

٤ ـ مع : بهذا الإسناد عن ابن فضّال ، عن عليّ بن عقبة ، عن أيّوب بن حرّ ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الكبر أن يغمص الناس ويسفه الحقّ .

٥ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف ، عن عبد الأعلى قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أعظم الكبر غمص الخلق و سفه الحقّ . قلت : وما غمص الخلق وسفه الحقّ ؟ قال : يجهل الحقّ ويطعن على أهله ، ومن فعل ذلك فقد نازع الله عزّ وجلّ في ردائه .

٦ ـ مع : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن محمّد الكوفيّ ، عن ابن بقاح ، عن ابن عميرة ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من دخل مكّة مبرّءاً من الكبر غفر ذنبه . قلت : وما الكبر ؟ قال : غمص الخلق وسفه الحقّ . قلت : وكيف ذاك ؟ قال : يجهل الحقّ ويطعن على أهله .

أقول : قال الصدوق رحمة الله عليه بعد هذا الخبر : في كتاب الخليل بن أحمد : يقال : فلان غمص الناس وغمص النعمة : إذا تهاونَ بها وبحقوقهم . ويقال : إنّه لمغموص عليه في دينه أي مطعون عليه ، وقد غمص النعمة والعافية إذا لم يشكرها . قال أبو عبيدة في قوله عليه‌السلام : سفه الحقّ : هو أن يرى الحقّ سفهاً وجهلاً ، وقال الله تبارك وتعالى : وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ . وقال بعض المفسّرين إلّا من سفه نفسه يقول : سفّهها . وأمّا قوله : غمص الناس فإنّه الاحتقار لهم والإزراء بهم وما أشبه ذلك . قال : وفيه لغةٌ اُخرى غير هذا الحديث ، وغمص بالصاد غير معجمة وهو بمعنى غمط والغمص في العين ، والقطعة منه : غمَصة . والغميصا : كوكب . والمغمص في المعاء غلظة وتقطيع ووجع .

بيان : قال الجزريّ : فيه : إنّما البغى من سفه الحقّ أي من جهله ، وقيل : جهل نفسه ولم يفكّر فيها ، وفي الكلام محذوف تقديره : إنّما البغي فعل من سفه الحقّ ، والسفه في الأصل : الخفّة والطيش ، وسفه فلان رأيه : إذا كان مضطرباً لا استقامة له ، والسفيه : الجاهل . ورواه الزمخشريّ : من سفه الحقّ على أنّه اسم مضاف إلى الحقّ قال : وفيها وجهان : أحدهما أن يكون على حذف الجارّ وإيصال الفعل كأنّ الأصل سفه على الحقّ ، والثاني : أن يضمّن معنى فعل متعدّ كجهل . والمعنى : الاستخفاف بالحقّ ، وأن لا يراه

١٤٢
 &

على ما هو عليه من الرجحان والرزانة . وقال في غمص : ـ بالغين المعجمة والصاد المهملة ـ فيه : إنّما ذلك من سفه الحقّ وغمص الناس أي احتقرهم ولم يرهم شيئاً ، تقول منه : غمص الناس يغمصهم غمصاً . وقال : فيه : الكبر أن تسفه الحقّ وتغمط الناس . الغمط : الإستهانة والاستحقار وهو مثل الغمص ، يقال : غَمط يغمِط وغمِط يغمَط . وأمّا قول الصدوق : والغمص في العين أي يطلق الغمص على وسخ أبيض تجتمع في مؤق العين ويقال للجاري منه : غمص ، ولليابس : رمص . وأمّا قوله : والمغمص ففيما عندنا من النسخ بالميمين ولم يرد بهذا المعنى ، وإنّما يطلق على هذا الداء المغص بالميم الواحدة وبناؤه مخالف لبناء هذه الكلمة فإنّ في إحداهما الفاء ميم والعين غين ، وفي الاُخرى الفاء غين والعين ميم .

٧ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من أبدى صفحته للحقّ هلك .

بيان : أي صار معارضاً للحقّ ، أو تجرّد لنصرة الحقّ في مقابلة كلّ أحد . ويؤيّده أنّ في رواية اُخرى : هلك عند جهلة الناس .

٨ ـ نهج : قال عليه‌السلام : من صارع الحقّ صرعه .

٩ ـ منية المريد : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال حبّة من كبر . فقال بعض أصحابه : هلكنا يا رسول الله إنّ أحدنا يحبّ أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً . فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس هذا الكبر إنّما الكبر بطر الحقّ وغمص الناس .

بيان : قال في النهاية : بطر الحقّ أن يجعل ما جعله الله حقّاً من توحيده وعبادته باطلاً . وقيل : هو أن يتجبّر عند الحقّ فلا يراه حقّاً . وقيل : هو أن يتكبّر عن الحقّ فلا يقبله .

________________________

١٤٣
 &

( باب ١٩ )

* ( فضل كتابة الحديث وروايته ) *

١ ـ لى : عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً فيما بينه وبين النار ، وأعطاه الله تبارك و تعالى بكلّ حرف مكتوب عليها مدينةً أوسع من الدنيا سبع مرّات .

٢ ـ ونقل من خطّ الشهيد الثاني قدس سرّه ، نقلاً من خطّ قطب الدين الكيدريّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله ، وزاد في آخره : وما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم إلّا ناداه ربّه : جلست إلى حبيبي ، وعزّتي وجلالي لاُسكّننّك الجنّة معه ولا اُبالي . ورواه في كتاب الدرّة الباهرة من الأصداف الطاهرة .

٣ ـ لى : إبن ادريس ، عن أبيه ، عن الأشعريّ ، عن محمّد بن حسّان الرازيّ ، عن محمّد بن عليّ ، عن عيسى بن عبد الله العلويّ العمريّ ، عن آبائه ، عن عليّ عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهمَّ ارحم خلفائي ـ ثلاثاً ـ قيل : يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال : الّذين يتّبعون حديثي وسنّتي ثمّ يعلّمونها اُمّتي .

٤ ـ ن : بالأسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهمَّ ارحم خلفائي ـ ثلاث مرّات ـ قيل له : يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال : الّذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنّتي فيسلّمونها الناس من بعدي .

صح : عنه عليه‌السلام مثله .

غو : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مثله ، وزاد في آخره : اُولئك رفقائي في الجنّة .

٥ ـ لى : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن يزيد ، عن إبن أبي عمير ، عن خطّاب بن مسلمة ، عن الفضيل ، قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام : يا فضيل إنّ حديثنا يحيي القلوب .

٦ ـ ل : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن إبن أبي عمير ، عن محمّد بن حمران ، عن خيثمة قال : قال لي أبو جعفر عليه‌السلام تزاوروا في بيوتكم فإنّ ذلك حياة لأمرنا رحم الله عبداً أحيا أمرنا .

١٤٤
 &

٧ ـ مع : أبي ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن عليّ بن داود اليعقوبيّ ، عن عيسى بن عبد الله بن عمر بن عليّ بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللّهمَّ ارحم خلفائي اللّهمَّ ارحم خلفائي اللّهمَّ ارحم خلفائي . قيل : يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال : الّذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنّتي . (١)

٨ ـ ير : أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن سعدان بن مسلم ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل راوية لحديثكم يبثُّ ذلك إلى الناس ويشدّده في قلوب شيعتكم ولعلّ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيّهما أفضل ؟ قال : راويةٌ لحديثنا يبثُّ في الناس ويشدّد في قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد .

بيان : الراوية صيغة مبالغة أي كثير الرواية .

٩ ـ ير : ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين : أحدهما فقيه راوية للحديث والآخر ليس له مثل روايته ؟ فقال الراوية للحديث المتفقّه في الدين أفضل من ألف عابد لا فقه له ولا رواية .

١٠ ـ سن : القاسم ، عن جدّه ، عن ابن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ذكرنا أهل البيت شفاءٌ من الوعك (٢) والأسقام ووسواس الريب ، وحبّنا رضى الربّ تبارك وتعالى .

١١ ـ ير : عليّ بن إسماعيل ، عن موسى بن طلحة ، عن حمزة بن عبد المطّلب بن عبد الله الجعفيّ ، قال : دخلت على الرضا عليه‌السلام ومعي صحيفة أو قرطاس فيه : عن جعفر عليه‌السلام : أنّ الدنيا مثّلت لصاحب هذا الأمر في مثل فلقة الجوزة ، فقال : يا حمزة ذا والله حقٌّ فانقلوه إلى أديم .

١٢ ـ ير : عبد الله بن محمّد ، عمّن رواه ، عن محمّد بن خالد ، عن حمزة بن عبد الله الجعفريّ ، عن أبي الحسن قال : كتبت في ظهر قرطاس : أنّ الدنيا ممثّلة للإمام كفلقة الجوزة فدفعته إلى أبي الحسن عليه‌السلام وقلت : جعلت فداك إنّ أصحابنا رووا حديثاً ما أنكرته غير أنّي أحببت أن أسمعه منك ، قال : فنظر فيه ثمّ طواه حتّى ظننت أنّه قد شقّ عليه ثمّ قال : هو حقٌّ فحوّله في أديم .

________________________

(١) تقدم عن الامالي تحت الرقم ٣ .

(٢) بالفتح والسكون : شدة الحمّى .

١٤٥
 &

بيان : فلقة الجوزة بالكسر : بعضها أو نصفها . قال الجوهريّ : الفلقة أيضاً : الكسرة يقال : أعطني فلقة الجفنة وهي نصفها . والمعنى أنّ جميع الدنيا حاضرة عند علم الإمام يعلم ما يقع فيها ، كنصف جوزة يكون في يد أحدكم ينظر إليه ، وإنّما قال عليه‌السلام : فحوّله في أديم ـ وفي بعض النسخ إلى أديم ـ ليكون أدوم وأكثر بقاءاً من القرطاس لاهتمامه بضبط هذا الحديث ، ويظهر منه استحباب كتابة الحديث وضبطه والاعتناء به ، وكون ما يكتب فيه الحديث شيئاً لا يسرع إليه الاضمحلال لا سيّما الأخبار المتعلّقة بفضائلهم ومناقبهم عليهم السلام .

١٣ ـ سن : أبي ، عمّن حدّثه ، عن عبيد الله بن عليّ الحلبيّ قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ما أردت أن اُحدّثكم ، ولاُحدثنّكم ولأنصحنّ لكم ، وكيف لا أنصح لكم و أنتم والله جند الله ، والله ما يعبد اللهَ عزّ وجلّ أهلُ دين غيركم ، فخذوه ولا تذيعوه ولا تحبسوه عن أهله فلو حبست عنكم يحبس عنّي .

بيان : لعلّ المراد : أنّي قبل ذلك ما كنت اُريد أن اُحدّثكم ، إمّا لعدم قابليّتكم أو للتقيّة ، ولكنّ الآن اُحدّثكم لرفع هذا المانع . وحمله على الاستفهام الإنكاريّ بعيد . وقوله عليه‌السلام : ولا تذيعوه أي عند غير أهله . وقوله : فلو حبست عنكم لحبس عنّي حثٌّ على بذله لأهله بأنّ الحبس عنهم يوجب الحبس عنكم .

١٤ ـ سن : أبي ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سارعوا في طلب العلم ، فو الّذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال وحرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضّة ، وذلك أنّ الله يقول : مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . وأن كان عليٌّ ليأمر بقراءة المصحف .

بيان : يظهر من استشهاده بالآية أنّ الأخذ فيها شاملٌ للتعلّم والعمل وإن احتمل أن يكون الإستشهاد من جهة أنّ العمل يتوقّف على العلم . و « أن » في قوله : « وأن كان » مخفّفة .

١٥ ـ سن : بعض أصحابنا ، عن ابن أسباط ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : يا جابر والله لحديث تصيبه من

١٤٦
 &

صادق في حلال وحرام خير لك ممّا طلعت عليه الشمس حتّى تغرب .

١٦ ـ جا : ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن سليمان بن سلمة ، عن ابن غزوان ، وعيسى بن أبي منصور ، (١) عن ابن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نفس المهموم لظلمنا تسبيح ، وهمُّه لنا عبادة ، وكتمان سرّنا جهادٌ في سبيل الله ، ثمّ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يجب أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب .

١٧ ـ حه : يحيى بن سعيد ، عن محمّد بن أبي البركات ، عن إبراهيم الصنعانيّ ، عن الحسين بن رطبة ، عن أبي عليّ ، عن شيخ الطائفة ، عن المفيد ، عن محمّد بن أحمد بن داود ، عن أحمد بن محمّد الرازيّ ، عن أبي محمّد بن المغيرة (٢) ، عن الحسين بن محمّد بن مالك ، عن أخيه جعفر ، عن رجاله يرفعه قال : كنت عند الصادق عليه‌السلام ـ وقد ذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ فقال : يا ابن مارد من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب الله له بكلّ خطوة حجّةً مقبولةً ، و عمرةً مبرورةً ، يا ابن مارد والله ما يطعم الله النار قدماً تغبّرت في زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام ماشياً كان أو راكباً ، يا ابن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب .

بيان : يمكن الإستدلال بهما على جواز كتابة الحديث بالذهب ، بل على استحباب كتابة غرر الأخبار بها ، لكنّ الظاهر أنّ الغرض بيان رفعة شأن الخبر والمعنى الحقيقيّ غير منظور في أمثال تلك الإطلاقات .

١٨ ـ غو : روى جريح ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عمر ، قال : قلت : يا رسول الله اُقيّد العلم ؟ قال : نعم . وقيل : ما تقييده ؟ قال : كتابته .

١٩ ـ غو : حمّاد بن سلمة ، عن محمّد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قلت : يا رسول الله أكتب كلّما أسمع منك ؟ قال : نعم . قلت : في الرضا والغضب ؟ قال : نعم فإنّي لا أقول في ذلك كلّه إلّا الحقّ .

________________________

(١) هو عيسى بن أبي منصور شلقان أورد الكشي عن الصادق عليه السلام روايتين تدلان على وثاقته ، وهو عيسى بن صبيح من اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام على ما يستفاد من كتب الرجال .

(٢) هو عبد الله بن المغيرة أبو محمد البجلي ، مولى جندب بن عبد الله بن سفيان العلقمي ، ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وأقرّوا له بالفقه ، ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته و دينه وورعه ، روى عن أبي الحسن موسى عليه السلام وقيل : أنه صنف ثلاثين كتابا .

١٤٧
 &

٢٠ ـ نى : قال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام : اعرفوا منازل شيعتنا على قدر روايتهم عنّا و فهمهم منّا .

٢١ ـ جا : ابن قولويه ، عن ابن عيسى ، عن هارون بن مسلم ، عن ابن أسباط ، عن ابن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إذا حدّثتني بحديث فأسنده لي ، فقال : حدّثني أبي ، عن جدّه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن جبرئيل عليه‌السلام ، عن الله عزّ وجلّ . وكلّ ما اُحدّثك بهذا الإسناد ، وقال : يا جابر لَحديث واحد تأخذه عن صادق خيرٌ لك من الدنيا ومافيها .

٢٢ ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن أبي خالد القمّاط ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام قال : خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم منى فقال : نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها من لم يسمعها ، فكم من حامل فقه غير فقيه ، وكم من حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاثٌّ لا يغلُّ عليهنَّ قلب عبد مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، واللّزوم لجماعتهم ، فإنّ دعوتهم محيطةٌ من ورائهم ، المؤمنون إخوة تتكافىءُ دماؤهم ، وهم يدٌ على من سواهم ، يسعى بذمّتهم أدناهم .

بيان : قال الجزريّ : فيه نضّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ، نضره ونضَّره وأنضره أي نعّمه ، ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة . وهي في الأصل حسن الوجه والبريق ، وإنّما أراد حسن خاتمته وقدره . انتهى . وقيل : المراد : البهجة والسرور ، وفي بعض الروايات : « فأدّاها كما سمعها » إمّا بعدم التغيير أصلاً ، أو بعدم التغيير المخلّ بالمعنى ؛ وسيأتي الكلام فيه . وقوله : فكم من حامل فقه بهذه الرواية أنسب ، أي ينبغى أن ينقل اللّفظ ، فربَّ حامل رواية لم يعرف معناها أصلاً ، وربَّ حامل رواية يعرف بعض معناها وينقلها إلى من هو أعرف بمعناها منه . وقال الجزريّ : فيه : ثلاث لا يغلُّ عليهنَّ قلب مؤمن هو من الإغلال : الخيانة في كلّ شيء ، ويروى « يَغلُّ » بفتح الياء من الغلّ وهو الحقد والشحناء ، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحقّ ، ويروى « يغل » بالتخفيف من الوغول في الشرّ ، والمعنى : أنّ هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب فمن تمسّك بها طهر قلبه من

١٤٨
 &

الخيانة والدغل والشرّ . و « عليهنَّ » في موضع الحال ، تقديره لا يغلُّ كائناً عليهنَّ قلب مؤمن انتهى .

أقول : إخلاص العمل هو أن يجعل عمله خالصاً عن الشرك الجليّ : من عبادة الأوثان وكلّ معبود دون الله ، واتّباع الأديان الباطلة ؛ والشرك الخفيّ : من الرياء بأنواعها ، والعجب .

والنصيحة لأئمّة المسلمين : متابعتهم ، وبذل الأموال والأنفس في نصرتهم . قوله صلى الله عليه وآله : واللّزوم لجماعتهم المراد جماعة أهل الحقّ وإن قلّوا ، كما ورد به الأخبار الكثيرة . قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم لعلّ المراد أنّ الدعاء الّذي دعا لهم الرسول محيطة بالمسلمين من ورائهم ، بأن يكون بالإضافة إلى المفعول ، ويحتمل أن يكون من قبيل الإضافة إلى الفاعل ، أي دعاء المسلمين بعضهم لبعض يحيط بجميعهم ، وعلى التقديرين هو تحريض على لزوم جماعتهم وعدم المفارقة عنهم ، ويحتمل أن يكون المراد بالدعوة دعوة الرسول إيّاهم إلى دين الحقّ ، ويكون « مَن » بفتح الميم اسم موصول أي لا يختصُّ دعوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بمن كان في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله بل أحاطت بمن بعدهم . وقال الجزري : وفي الحديث : فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم ، أي تحوطهم وتكفهم وتحفظهم . قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تتكافىء دماؤهم أي يقاد لكلّ من المسلمين من كلّ منهم ، ولا يترك قصاص الشريف لشرفه إذا قتل أو جرح وضيعاً . قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهم يدٌ على من سواهم ، قال الجزريّ : فيه : المسلمون تتكافىء دماؤهم وهم يد على من سواهم أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسع التخاذل ، بل يعاون بعضهم بعضاً على جميع الأديان والملل ، كأنّه جعل أيديهم يداً واحدة وفعلهم فعلاً واحداً . قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يسعى بذمّتهم أدناهم أي في ذمّتهم ، والسعي فيه كناية عن تقريره وعقده ، أي يعقد الذمّة على جميع المسلمين أدناهم . قال الجزريّ : و منه الحديث : يسعى بذمّتهم أدناهم أي إذا أعطى أحد الجيش العدوَّ أماناً جاز ذلك على جميع المسلمين ، وليس لهم أن يخفروه (١) ولا أن ينقضوا عليه عهده .

________________________

(١) أي ليس لهم أن يأخذوا منه مالاً لأن يجيروه .

١٤٩
 &

٢٣ ـ كش : حمدويه بن نصير (١) ، عن ابن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن حذيفة ابن منصور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : اعرفوا منازل الرجال منّا على قدر رواياتهم عنّا .

٢٤ ـ كش : إبراهيم بن محمّد بن العبّاس ، عن أحمد بن إدريس ، عن الأشعريّ ، عن سليمان الخطّابيّ ، عن محمّد بن محمّد ، عن بعض رجاله ، عن محمّد بن حمران العجليّ ، عن عليّ بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : اعرفوا منازل الناس منّا على قدر رواياتهم عنّا .

٢٥ ـ جش : قال شيخنا أبو عبد الله محمّد بن محمد بن النعمان في كتابه مصابيح النور : أخبرني الصدوق جعفر بن محمّد بن قولويه ، عن عليّ بن الحسين بن بابويه ، عن عبد الله بن جعفر ، عن داود بن القاسم الجعفريّ ، قال : عرضت على أبي محمّد صاحب العسكر عليه‌السلام كتاب يوم وليلة ليونس ، فقال لي : تصنيف مَن هذا ؟ فقلت : تصنيف يونس مولى آل يقطين ، فقال : أعطاه الله بكلّ حرف نوراً يوم القيامة .

٢٦ ـ ختص : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن عبد السلام ابن سالم ، عن ميسر بن عبد العزيز ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : حديث يأخذه صادق عن صادق خير من الدنيا ومافيها .

٢٧ ـ أقول : روى السيّد ابن طاووس في كشف المحجّة بإسناده إلى أبي جعفر الطوسيّ ، بإسناده إلى محمّد بن الحسن بن الوليد ، من كتاب الجامع ، بإسناده إلى المفضّل ابن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اكتب وبثّ علمك في إخوانك ، فإن متّ فورّث كتبك بنيك ، فإنّه يأتي على الناس زمان هرج ما يأنسون فيه إلّا بكتبهم .

٢٨ ـ ووجدت بخطّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبّائي نقلاً من خطّ الشهيد رحمه الله و

________________________

(١) ضبطه ابن داود بقوله : حمدويه بفتح الحاء والدال المهملتين والصوت « أي ويه » ابن نصير ـ بفتح النون ـ ابن شاهي ـ بالمعجمة ـ وعده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وقال : سمع يعقوب بن يزيد ، روى عن العياشي ، يكنى أبا الحسن ، عديم النظير في زمانه ، كثير العلم والرواية ، حسن المذهب .

١٥٠
 &

هو نقل من خطّ قطب الدين الكيدريّ (١) ، عن الصادق عليه‌السلام قال : أعربوا كلامنا فإنّا قوم فصحاء .

بيان : أي أظهروه ، وبيّنوه ، أو لا تتركوا فيه قوانين الإعراب ، أو أعربوا لفظه عند الكتابة .

٢٩ ـ دعوات الراوندي : قال أبو جعفر عليه‌السلام : إنّ حديثنا يحيي القلوب . وقال : منفعته في الدين أشدُّ على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد .

٣٠ ـ وقال الصادق عليه‌السلام : حدّثوا عنّا ولا حرج ، رحم الله من أحيا أمرنا .

٣١ ـ وقال : إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وذلك أنّ الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنّما اُورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّاً وافراً ، فانظروا علمكم عمّن تأخذونه .

منية المريد : عنه عليه‌السلام مثله ، وزاد في آخره : فإنَّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .

٣٢ ـ مجمع البيان : في تفسير قوله تعالى : وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا . في تفسير أهل البيت عليهم‌السلام عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام قول الله : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا . قال : هو والله ما أنتم عليه ، ولو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءاً غدقاً .

٣٣ ـ وعن بريد العجليّ عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : معناه لأفدناه علماً كثيراً يتعلّمونه من الأئمّة عليهم‌السلام .

٣٤ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : تزاوروا وتذاكروا الحديث ، إن لا تفعلوا يدرس .

٣٥ ـ منية المريد : روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : قيّدوا العلم . قيل : وما تقييده ؟

________________________

(١) هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابوري ، الامامي الشيخ الفقيه الفاضل الماهر ، والاديب البحر الذاخر صاحب الاصباح في الفقه ، وأنوار العقول في جمع أشعار أمير المؤمنين عليه السلام ، وشرح النهج ، وغير ذلك ، وله أشعار لطيفة ، وكان معاصراً للقطب الدين الراوندي ، و تلميذاً لابن حمزة الطوسي ، فرغ من شرحه على النهج سنة ٥٧٦ . قاله في الكنى والالقاب ج ٣ ص ٦٠ .

١٥١
 &

قال : كتابته . (١)

٣٦ ـ وروي أنّ رجلاً من الأنصار كان يجلس إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيسمع منه صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث فيعجبه ولا يحفظه ، فشكى ذلك إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : استعن بيمينك . وأومأ بيده ، أي خطّ .

٣٧ ـ وعن الحسن بن عليّ عليهما‌السلام أنّه دعا بنيه وبني أخيه فقال : إنّكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته .

٣٨ ـ وعن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : اكتبوا فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا .

٣٩ ـ وعنه عليه‌السلام قال : القلب يتّكل على الكتابة . (٢)

٤٠ ـ وعن عبيد بن زرارة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : احتفظوا بكتبكم فإنّكم سوف تحتاجون إليها .

٤١ ـ وروي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : لبعض كتّابه : ألق الدواة ، وحرّف القلم ، وأنصب الباء ، وفرّق السين ، ولا تعوّر الميم ، وحسّن الله ، ومدّ الرحمن ، وجوّد الرحيم وضع قلمك على اُذنك اليسرى فإنّه أذكر لك .

٤٢ ـ وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليبلّغ الشاهد الغائب ، فإنّ الشاهد عسى أن يبلّغ من هو أوعى له منه .

٤٣ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أدّى إلى اُمّتي حديثاً يقام به سنّة أو يثلم به بدعة فله الجنّة .

٤٤ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعلّم حديثين إثنين ينفع بهما نفسه أو يعلّمهما غيره فينتفع بهما كان خيراً من عبادة ستّين سنة .

٤٥ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : تذكروا وتلاقوا وتحدّثوا فإنّ الحديث جلاء القلوب ، إنّ القلوب لترين كما يرين السيف وجلاؤه الحديث .

________________________

(١) تقدم الحديث في الباب مسنداً عن الغوالي تحت الرقم ١٨ .

(٢) وفي نسخة : يتكلم على الكتابة .

١٥٢
 &

٤٦ ـ كتاب عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال أبو عبد الله عليه‌السلام : اكتبوا فإنّكم لا تحفظون إلّا بالكتاب .

٤٧ ـ ومنه عن أبي بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : دخل عليَّ اُناسٌ من أهل البصرة فسألوني عن أحاديث وكتبوها فما يمنعكم من الكتاب ؟ أما إنّكم لن تحفظوا حتّى تكتبوا . الخبر .

( باب ٢٠ )

* ( من حفظ أربعين حديثاً ) *

١ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن عامر ، عن معلّى ، عن محمّد بن جمهور العمّيّ (١) ، عن ابن أبي نجران ، عن ابن حميد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : من حفظ من شيعتنا أربعين حديثاً بعثه الله عزّ وجلّ يوم القيامة عالماً فقيهاً ولم يعذّبه .

٢ ـ ختص : ابن قولويه ، عن الحسين بن محمّد بن عامر ، عن المعلّى ، عن محمّد بن جمهور ، عن ابن أبي نجران ، عن بعض أصحابنا (٢) رفعه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثاً بعثه الله يوم القيامة عالماً فقيهاً .

٣ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن عبد الله الدهقان ، عن إبراهيم بن موسى المروزيّ ، (٣) عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ من اُمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً .

________________________

(١) بالعين المهملة ينسب إلى بني العمّ من تميم . يكنى أبا عبد الله . قال النجاشي : ضعيف في الحديث . فاسد المذهب ، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها ، روى عن الرضا عليه السلام ، وله كتاب الملاحم الكبير ، كتاب نوادر الحج ، كتاب أدب العلم .

(٢) لعله ابن حميد المتقدم في الحديث السابق ، ولا يخفى اتحاد الحديثين .

(٣) بفتح الميم وسكون الراي المهملة وفتح الواو بعده زاي معجمة ، نسبة الى مرو ، قال النجاشي موسى بن ابراهيم المروزي أبو حمران روى عن موسى بن جعفر عليه السلام ، له كتاب ذكر أنه سمعه وأبو الحسن محبوس عند السندي بن شاهك . وهو معلم ولد السندي بن شاهك .

١٥٣
 &

ثو : العطّار ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن عبد الله الدهقان ، عن موسى بن إبراهيم المروزيّ ، عنه عليه‌السلام مثله .

ختص : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن الدهقان مثله .

٤ ـ ل : طاهر بن محمّد ، عن محمّد بن عثمان الهرويّ ، عن جعفر بن محمّد بن سوار ، عن عليّ بن حجر السعديّ ، عن سعيد بن نجيح ، عن ابن جريح ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من حفظ من اُمّتي أربعين حديثاً من السنّة كنت له شفيعاً يوم القيامة .

٥ ـ ل : بالإسناد المقدّم عن ابن سوار ، عن عيسى بن أحمد العسقلانيّ ، عن عروة ابن مروان البرقيّ ، عن ربيع بن بدر ، عن أبان ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ عنّي من اُمّتي أربعين حديثاً في أمر دينه يريد به وجه الله عزّ وجلّ والدار الآخرة بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً .

٦ ـ ل : العجليّ والصائغ والورّاق جميعاً ، عن حمزة العلويّ ، عن ابن متيل ، عن عليّ الساويّ ، عن عليّ بن يوسف ، عن حنّان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من حفظ عنّي أربعين حديثاً من أحاديثنا في الحلال والحرام بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً ولم يعذّبه .

٧ ـ ل : الدقّاق والمكتب والسنانيّ ، عن الأسديّ ، عن النخعيّ ، عن عمّه النوفليّ ، عن ابن الفضل الهاشميّ ، والسكونيّ جميعاً ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهم‌السلام قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وكان فيما أوصى به أن قال له : يا عليُّ من حفظ من اُمَّتي أربعين حديثاً يطلب بذلك وجه الله عزّ وجلّ والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئك رفيقاً . فقال عليٌّ عليه‌السلام : يا رسول الله أخبرني ما هذه الأحاديث ؟ فقال : أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، وتعبده ولا تعبد غيره ، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ولا تؤخّرها فإنّ في تأخيرها من

١٥٤
 &

غير علّة غضب الله عزّ وجلّ ، وتؤدّي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتحجّ البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعاً ، وأن لا تعقّ والديك ، ولا تأكل مال اليتيم ظلماً ، ولا تأكل الربا ، ولا تشرب الخمر ولا شيئاً من الأشربة المسكرة ، ولا تزني ، ولا تلوط ، ولا تمشي بالنميمة ، ولا تحلف بالله كاذباً ، ولا تسرق ، ولا تشهد شهادة الزور لاحد قريباً كان أو بعيداً ، وأن تقبل الحقّ ممّن جاء به صغيراً كان أو كبيراً ، وأن لا تركن (١) إلى ظالم وإن كان حميماً قريباً (٢) ، وأن لا تعمل بالهوى ، ولا تقذف المحصنة ، ولا ترائي فإنّ أيسر الرياء شرك بالله عزّ وجلّ ، وأن لا تقول لقصير : يا قصير ، ولا لطويل : يا طويل تريد بذلك عيبه ، وأن لا تسخر من أحد من خلق الله ، وأن تصبر على البلاء والمصيبة ، وأن تشكر نعم الله الّتي أنعم بها عليك ، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه ، وأن لا تقنط من رحمة الله ، وأن تتوب إلى الله عزّ وجلّ من ذنوبك فإنّ التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له ، وأن لا تصرّ على الذنوب مع الاستغفار فتكون كالمستهزىء بالله وآياته ورسله ، وأن تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وأن لا تطلب سخط الخالق برضى المخلوق ، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة لأنّ الدنيا فانية والآخرة باقية ، وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه ، وأن يكون سريرتك كعلانيتك ، وأن لا تكون علانيتك حسنة وسريرتك قبيحة فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين ، وأن لا تكذب ولا تخالط الكذّابين ، وأن لا تغضب إذاسمعت حقّاً ، وأن تؤدّب نفسك و أهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة ، وأن تعمل بما علمت ، ولا تعاملنّ أحداً من خلق الله عزّ وجلّ إلّا بالحقّ ، وأن تكون سهلاً للقريب والبعيد ، وأن لا تكون جبّاراً عنيداً ، وأن تكثر من التسبيح والتهليل والدعاء وذكر الموت وما بعده من القيامة والجنّة والنار ، وأن تكثر من قراءة القرآن وتعمل بما فيه ، وأن تستغنم البرّ والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات ، وأن تنظر إلى كلّ ما لا ترضى فعله لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين ، وأن لا تملّ من فعل الخير ، ولا تثقل على أحد إذا أنعمت عليه ، وأن تكون الدنيا عندك سجناً حتّى يجعل لك جنّة ؛ فهذه أربعون حديثاً من استقام عليها وحفظها عنيّ من اُمّتي

________________________

(١) أي أن لا تثق بالظالم ولا تستأمنه .

(٢) الحميم : القريب الذي تهتم بامره . الصديق .

١٥٥
 &

دخل الجنّة برحمة الله ؛ وكان من أفضل الناس وأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ بعد النبيّين والصدّيقين ، وحشره الله يوم القيامة النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولـئك رفيقاً .

بيان : ظاهر هذا الخبر أنّه لا يشترط في حفظ الأربعين حديثاً كونها منفصلةً بعضها عن بعض في النقل ، بل يكفي لذلك حفظ خبر واحد يشتمل على أربعين حكماً إذ كلٌّ منها يصلح لأن يكون حديثاً برأسه ، ويحتمل أن يكون المراد بيان مورد هذه الأحاديث أي أربعين حديثاً يتعلّق بهذه الاُمور ، وشرح هذه الخصال سيأتي في أبوابها ؛ و تصحيح عدد الأربعين إنّما يتيسّر بجعل بعض الفقرات المكررّة ظاهراً تفسيراً وتأكيداً لبعض . (١)

٨ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ على اُمّتي أربعين حديثاً ينتفعون بها بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيهاً عالماً .

٩ ـ غو : روى معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ على اُمّتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء .

١٠ ـ غو : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من حفظ على اُمّتي أربعين حديثاً ينتفعون بها في أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً .

بيان : هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصّة والعامّة ، بل قيل : إنّه متواتر ، واختلف فيما اُريد بالحفظ فيها ، فقد قيل : إنّ المراد الحفظ عن ظهر القلب فإنّه هو المتعارف المعهود في الصدر السالف ، فإنّ مدارهم كان على النقش على الخواطر لا على الرسم في الدفاتر حتّى منع بعضهم من الاحتجاج بما لم يحفظه الراوي عن ظهر القلب ،

________________________

(١) كقوله عليه السلام : تعبده الخ وقوله : وتقيم الصلاة تكونان تفسيراً لسابقهما لانهما من لوازم الايمان بالله . وكقوله : أن لا تسخر من أحد تكون بياناً لحكم كلي تكون الفقرة السابقة من افراده . وكقوله : أن لا تصرّ الخ تكون تاكيدا لقوله : أن تتوب الخ ، فانّ من تاب حقيقة ورجع الى الله لم يرجع الى المعصية بعد ذلك . وكقوله : وان تستغنم البر الخ تكون تاكيد او تفسير القوله لا تبخل على اخوانك . وغير ذلك .

١٥٦
 &

وقد قيل : إنّ تدوين الحديث من المستحدثات في المائة الثانية من الهجرة ، وقيل : المراد الحراسة عن الاندراس بما يعمُّ الحفظ عن ظهر القلب والكتابة والنقل من الناس ولو من كتاب وأمثال ذلك ، وقيل : المراد تحمّله على أحد الوجوه المقرّرة الّتي سيأتي ذكرها في باب آداب الرواية . والحقّ أنّ للحفظ مراتب يختلف الثواب بحسبها فأحدها : حفظ لفظها سواء كان في الخاطر أو في الدفاتر وتصحيح لفظها واستجازتها وإجازتها و روايتها . وثانيها : حفظ معانيها والتفكّر في دقائقها واستنباط الحكم والمعارف منها . و ثالثها : حفظها بالعمل بها والإعتناء بشأنها والاتّعاظ بمودعها ويؤمي إليه خبر السكوني . (١) وفي رواية « من حفظ على اُمَّتي » (٢) الظاهر أنّ « على » بمعنى « اللّام » أي حفظ لأجلهم كما قالوه في قوله : وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ . أي لأجل هدايته إيّاكم ، و يحتمل أن يكون بمعنى « من » كما قيل في قوله تعالى : إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ . ويؤيّده رواية المروزيّ (٣) وأضرابها . والحديث في للّغة يرادف الكلام سمّي به لأنّه يحدث شيئاً فشيئاً ، وفي اصطلاح عامّة المحدّثين : كلام خاصٌّ منقول عن النبيّ أو الإمام أو الصحابيّ ، أو التابعيّ (٤) ، أو من يحذو حذوه يحكي قولهم أو فعلهم أو تقريرهم ، وعند أكثر محدّثي الإماميّة لا يطلق إسم الحديث إلّا على ما كان عن المعصوم عليه‌السلام ، و ظاهر أكثر الأخبار تخصيص الأربعين بما يتعلّق باُمور الدين من اُصول العقائد والعبادات القلبيّة والبدنيّة ، لا ما يعمّها وسائر المسائل من المعاملات والأحكام . بل يظهر من بعضها كون تلك الأربعين جامعةً لاُمّهات العقائد والعبادات والخصال الكريمة و والأفعال الحسنة ، فيكون المراد ببعثه فقيهاً عالماً أن يوفّقه الله لأن يصير بالتدبّر في هذه الأحاديث والعمل بها لله من الفقهاء العالمين العاملين ، وعلى سائر الاحتمالات يكون

________________________

(١) المتقدم تحت الرقم ٧ .

(٢) هي الرواية الثامنة والتاسعة والعاشرة ٩ .

(٣) وهي الرواية الثالثة ، وبمعناها الروايات السابقة عليها واللاحقة بها .

(٤) الصحابي : من لقى النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا به ومات على الايمان والاسلام ، وفيه أقوال اخرى يطلب من مظانها . والتابعي : من لقى الصحابي مومنا بالنبي صلى الله عليه وآله ومات على الايمان والاسلام .

١٥٧
 &

المراد بعثه في القيامة في زمرتهم لتشبّهه بهم وإن لم يكن منهم ، ويطلق الفقيه غالباً في الأخبار على العالم العامل الخبير بعيوب النفس وآفاتها ، التارك للدنيا ، الزاهد فيها ، الراغب إلى ما عنده تعالى من نعيمه وقربه ووصاله ، واستدلّ بعض الأفاضل بهذا الخبر على حجّيّة خبر الواحد ، وتوجيهه ظاهر .

( باب ٢١ )

* ( آداب الرواية ) *

الايات ، الحاقة : وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ١٢

١ ـ ختص : جعفر بن الحسين المؤمن ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ . قال : هم المسلّمون لآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا سمعوا الحديث أدّوه كما سمعوه لا يزيدون ولا ينقصون .

٢ ـ منية المريد : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة .

٣ ـ ما : حمُّويه (١) ، عن أبي الحسين ، عن أبي خليفة ، عن محمّد بن كثير ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن سمرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من روى عنّي حديثاً وهو يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين .

بيان : يدلُّ على عدم جواز رواية الخبر الّذي علم أنّه كذب وإن أسنده إلى راويه .

٤ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقيّ ، عن محمّد بن عليّ رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إيّاكم والكذب المفترع . قيل له : وما الكذب المفترع ؟ قال أن يحدّثك الرجل بالحديث فترويه عن غير الّذي حدّثك به .

بيان : لِمَ وصف هذا النوع من الكذب بالمفترع ؟ قيل : لأنّه حاجز بين الرجل وبين قبول روايته ـ من فرع فلان بين الشيئين ـ إذا حجز بينهما . وقيل ، لأنّه يريد أن

________________________

(١) بفتح الحاء وتشديد الميم المضمومة . قال في القاموس : حمّويه كشنّويه .

١٥٨
 &

يرفع حديثه بإسقاط الواسطة ـ من فرع الشيء أي ارتفع وعلا ، وفرعت الجبل أي صعدته ـ وقيل : لأنّه يزيل عن الراوي ما يوجب قبول روايته والعمل بها ، أي العدالة ـ من افترعت البكر أي اقتضضتها ـ وقيل : لأنّه قال كذباً اُزيل بكارته ، أي صدر مثله من السابقين كثيراً . وقيل : لأنّه الكذب المستحدث ، أي لم يقع مثله من السابقين . وقيل : لأنّه ابتدأ بذكر من ينبغي أن يذكره أخيراً ، من قولهم : بئس ما افترعت به أي ابتدأت به ، وقيل : لأنّه كذب فرع كذب رجل آخر فإنّك إن أسندته إليه فإن كان كاذباً أيضاً فلست بكاذب ، بخلاف ما إذا أسقطته فإنّه إن كان كاذباً فأنت أيضاً كاذب ، فعلى الثلاثة الاُولى والاحتمال الأخير إسم فاعل ، وعلى البواقي إسم مفعول .

٥ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سيف ، عن أخيه عليّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن مارد ، عن عبد الأعلى بن أعين ، قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك حديث يرويه الناس (١) أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : حدّث عن بني إسرائيل ولا حرج . قال : نعم . قلت : فنحدّث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا ؟ قال : أما سمعت ما قال ؟ كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكلّ ما سمع . فقلت : وكيف هذا ؟ قال : ما كان في الكتاب أنّه كان في بني إسرائيل فحدّث أنّه كان في هذه الاُمّة ولا حرج .

________________________

(١) المراد من الناس العامة ، أورد الحديث أبي داود في سننه باسناده عن أبي بكر بن أبي شيبة قال : حدثني علي بن مسهر ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج . قال الخطابي : ليس معناه إباحة الكذب في أخبار بني إسرائيل ورفع الحرج عمن نقل عنهم الكذب ولكن معناه الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ وان لم يتحقق صحة ذلك بنقل الاسناد ، وذلك لانه أمر قد تعذر في أخبارهم لبعد المسافة وطول المدة ووقوع الفترة بين زماني النبوة ، وفيه دليل على أن الحديث لا يجوز عن النبي صلى الله عليه وآله الا بنقل الاسناد والتثبت فيه . وقد روى الدراوردي هذا الحديث عن محمد بن عمرو بزيادة لفظ دل بها على صحة هذا المعنى ليس في رواية علي بن مسهر الذي رواها أبو داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، حدثوا عني ولا تكذبوا عليّ . ومعلوم أن الكذب على بني إسرائيل لا يجوز بحال فانما أراد بقوله : وحدثوا عني ولا تكذبوا عليّ . أي تحرزوا من الكذب عليّ بأن لا تحدثوا عني الا بما يصح عندكم من جهة الاسناد والذي به يقع التحرز عن الكذب عليّ . « معالم السنن ج ٣ ص ١٨٧ » .

١٥٩
 &

بيان : لأنّه أخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه كلّ ما وقع في بني إسرائيل يقع في هذه الاُمّة (١) ويدلُّ على أنّه لا ينبغي نقل كلام لا يوثق به .

٦ ـ ير : محمّد بن عيسى ، عن فضالة ، عن أبان ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا . قال : فقال : الاقتراف : التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا .

٧ ـ كش : وجدت في كتاب جبرئيل بن أحمد بخطّه : حدّثني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن الفضيل ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن الهيثم بن واقد ، عن ميمون بن عبد الله ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كذب علينا أهل البيت حشره الله يوم القيامة أعمى يهوديّاً ، وإن أدرك الدجّال آمن به في قبره .

٨ ـ نهج : سأل أمير المؤمنين عليه‌السلام رجلٌ أن يعرّفه ما الإيمان ؟ فقال : إذا كان غد فأتني حتّى اُخبرك على أسماع الناس ، فإن نسيت مقالتي حفظها عليك غيرك ، فإنّ الكلام كالشاردة يثقفها هذا ، ويخطئها هذا .

٩ ـ وقال عليه‌السلام ـ فيما كتب إلى الحارث الهمدانيّ ـ : ولا تحدّث الناس بكلّ ما سمعت فكفى بذلك كذباً ، ولاتردَّ على الناس كلّما حدّثوك به فكفى بذلك جهلاً .

١٠ ـ ما : المفيد ، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور ، عن أبي بكر المفيد الجرجرائيّ عن المعمّر أبي الدنيا ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من كذب عليَّ متعمّداً فليتبوَّأ مقعده من النار .

١١ ـ كنز الكراجكي : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نضّر الله امرءاً سمع منّا حديثاً فأدّاه كما سمع فربَّ مبلّغ أوعى من سامع .

١٢ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : عليكم بالدرايات لا بالروايات .

١٣ ـ وقال عليه‌السلام : همّة السفهاء الرواية وهمّة العلماء الدراية .

________________________

(١) هذا المعنى يدل على انه رحمه الله حمل قوله : هذه الامة على امة محمد صلى الله عليه وآله فارتكب هذا التكلف ، مع أن الظاهر أن المراد بهذه الامة بنو اسرائيل والمعنى : أن ما قصّه الله عن بني اسرائيل في كتابه يجوز نقله في صورة الخبر . ط

١٦٠