بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

فاستجابت له (١) .

شى : عن حمران مثله .

٥٩ ـ شى : عن سعدان بن مسلم (٢) ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ . قال : كتاب عليّ لا ريب فيه . هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . قال : المتّقون شيعتنا الّذين يؤمنون بالغيب ، ويقيمون الصلاة ، وممّا رزقناهم ينفقون ، وممّا علّمناهم يبثون .

٦٠ ـ شى : عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا . قال : لم يقتلها (٣) أو أنجاها من غرق ، أو حرق ، أو أعظم من ذلك كلّه يخرجها من ضلالة إلى هدىً .

٦١ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قوله تعالى : وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا . قال : من استخرجها من الكفر إلى الإيمان .

٦٢ ـ سر : من كتاب المشيخة لابن محبوب ، عن الفضل ، عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال : قال لي : أبلغ خيراً وقل خيراً ، ولا تكوننّ إمّعةً « مكسورة الألف مشدّدة الميم المفتوحة والعين غير المعجمة » قال : وما الإمّعة ؟ قال : لا تقولنّ : أنا مع الناس ، وأنا كواحد من الناس ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أيّها الناس إنّما هما نجدان : نجد خير ، ونجد شرّ ، فما بال نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير .

جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، عن ابن محبوب ، عن الفضل بن يونس مثله .

________________________

(١) أي دعاها من ظلمة الجهالة والضلالة الى الرشد والهداية ، فاستجابت نفسه له .

(٢) قال النجاشي في ص ١٣٧ : سعدان بن مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم أبو الحسن العامري مولى أبي العلاء كرز بن حفيد العامري ، من عامر ربيعة ، روى عن أبي عبد الله وابي الحسن عليهما السلام ، و عمر عمرا طويلا ، قد اختلف في عشيرته ، فقال استادنا عثمان بن حاتم بن المنتاب : التغلبي ، وقال محمد بن عبده : سعدان بن مسلم الزهري من بني زهرة بن كلاب عربي أعقب ، والله اعلم . له كتاب يرويه جماعة . وقال السيد الداماد قدس سره : سعدان بن مسلم شيخ كبير القدر ، جليل المنزلة له اصل رواه عنه جماعة من الثقات والاعيان كصفوان بن يحيى وغيره .

(٣) أي لم يقتص منه ولم يقتلها بدل قتيله .

٢١
 &

بيان : قال في النهاية : اُغد عالماً أو متعلّماً ولا تكن إمّعةً ، الإمّعة بكسر الهمزة وتشديد الميم : الّذي لا رأى له فهو يتابع كلّ أحد على رأيه ، والهاء فيه للمبالغة ، ويقال فيه : إمّع أيضاً ، ولا يقال للمرأة : إمّعة ، وهمزته أصليّة لأنّه لا يكون إفعل وصفاً ، و قيل : هو الّذي يقول لكلّ احد أنا معك . ومنه حديث ابن مسعود لا يكوننّ أحدكم إمّعةً ، قيل : وما الإمّعة ؟ قال : الّذي يقول : أنا مع الناس . انتهى . والنجد : الطريق الواضح المرتفع ، والحاصل أنّه لا واسطة بين الحقّ والباطل ، فالخروج عن الحقّ لمتابعة الناس ينتهي إلى الباطل .

٦٣ ـ سر : من كتاب المشيخة ، عن أبي محمّد ، عن الحارث بن المغيرة قال : لقيني أبو عبد الله عليه‌السلام في بعض طرق المدينة ليلاً فقال لي : يا حارث فقلت : نعم فقال : أما لتحمّلنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم ثمّ مضى ، قال : ثمّ أتيته فاستأذنت عليه فقلت : جعلت فداك لم قلت : لتحمّلنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم ؟ فقد دخلني من ذلك أمر عظيم ، فقال : نعم ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهونه ممّا يدخل به علينا الأذى والعيب عند الناس أن تأتوه فتأنّبوه (١) وتعظوه وتقولوا له قولاً بليغاً ؟ فقلت له : إذا لا يقبل منّا ولا يطيعنا ؟ قال : فقال : فإذاً فاهجروه عند ذلك واجتنبوا مجالسته .

٦٤ ـ سر : من كتاب عبد الله بن بكير ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من دعى إلى ضلال لم يزل في سخط الله حتّى يرجع منه .

٦٥ ـ غو : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا مات المؤمن انقطع عمله إلّا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له .

٦٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ نوم العالم أفضل من ألف ركعة يصلّيها العابد ، يا عليّ لا فقر أشدّ من الجهل ، ولا عبادة مثل التفكّر .

٦٧ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : علماءُ اُمّتي كأنبياء بني إسرائيل .

________________________

(١) أي فتعنفوه وتلوموه .

٢٢
 &

٦٨ ـ جا : أبو غالب أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سليمان الزراريّ (١) ، عن محمّد ابن الحسين ، عن محمّد بن يحيي ، عن غياث بن إبراهيم ، عن خارجة بن مصعب ، عن محمّد بن أبي عمير العبديّ قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما أخذ الله ميثاقاً من أهل الجهل بطلب تبيان العلم حتّى أخذ ميثاقاً ، من أهل العلم ببيان العلم للجهّال ، لأنّ العلم قبل الجهل .

بيان : في الكافي : كان قبل الجهل . وهذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بالتعلّم أو بيان لصحّته ، والمراد أنّ الله خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالم كالقلم واللّوح وسائر الملائكة وكخليفة الله آدم بالنسبة إلى أولاده .

٦٩ ـ م : قال الإمام عليه‌السلام قال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : في قوله تعالى : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . عباد الله هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا وتفنون روحه ، أو لا اُنبّئكم بأعظم من هذا القتل ، وما يوجب الله على قاتله ما هو أعظم من هذا القصاص ؟ قالوا : بلى يا ابن رسول الله قال : أعظم من هذا القتل أن تقتله قتلاً لا ينجبر ولا يحيا بعده أبداً . قالوا : ما هو ؟ قال : أن يضلّه عن نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، ويسلك به غير سبيل الله ، ويغويه باتّباع طريق أعداء عليّ عليه‌السلام والقول بإمامتهم ، ودفع عليّ عليه‌السلام عن حقّه وجحد فضله فهذا هو القتل الّذي هو تخليد هذا المقتول في نار جهنّم ، فجزاءُ هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنّم .

٧٠ ـ ضه : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلّا من ثلاث : علم ينتفع به ، أو صدقة تجري له ، أو ولد صالح يدعو له .

٧١ ـ ضه : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ساعةٌ من عالم يتّكىء على فراشه ينظر في عمله خيرٌ من عبادة العابد سبعين عاماً .

________________________

(١) بضم الزاي المعجمة وكسر الراي المهملة نسبة إلى زرارة بن أعين ، هو محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن أبو طاهر الزراري ، ثقة ، عين ، حسن الطريقة ، وله إلى أبي محمد عليه السلام مسائل والجوابات ، وله كتب : منها كتاب الاداب والمواعظ ، وكتاب الدعاء ، ولد سنة ٢٣٧ ومات سنة ٣٠١ ، قال النجاشي في ص ٢٤٥ : وقال أبو غالب الزراري ابن ابنه « المذكور في أول السند » في رسالته : وكاتب الصاحب عليه السلام جدى محمد بن سليمان بعد موت أبيه الى أن وقعت الغيبة .

٢٣
 &

٧٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فضل العالم على العابد سبعين درجة بين كلّ درجتين حضر الفرس سبعين عاماً ، وذلك أنّ الشيطان يدع البدعة للناس فيبصرها العالم فينهى عنها والعابد مقبل على عبادته لا يتوجّه لها ولا يعرفها .

٧٣ ـ ضه : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا اُحدّثكم عن أقوام ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم يوم القيامة الأنبياء والشهداء بمنازلهم من الله على منابر من نور (١) ، فقيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : هم الّذين يحبّبون عباد الله إلى الله ، ويحبّبون عباد الله إليّ ، قال : يأمرونهم بما يحبّ الله وينهونهم عمّا يكره الله ، فإذا أطاعوهم أحبّهم الله .

٧٤ ـ غو قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله لا ينتزع العلم انتزاعاً ولكن ينتزعه بموت العلماء ، حتّى إذا لم يبق منهم أحدٌ اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً : فافتوا الناس بغير علم فضلّوا وأضلّوا :

٧٥ ـ ختص : قال العالم عليه‌السلام : من استنّ بسنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من اُجورهم شيءٌ ، ومن استنّ بسنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيءٌ .

٧٦ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من يشفع شفاعةً حسنةً ، أو أمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، أو دلّ على خير ، أو أشار به فهو شريك ، ومن أمر بسوء أو دلّ عليه ، أو أشار به فهو شريك .

٧٧ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لم يمت من ترك أفعالاً تقتدى بها من الخير ، ومن نشر حكمةً ذكر بها .

٧٨ ـ ومنه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : أربع تلزم كلّ ذي حجى من اُمّتي ، قيل : وما هنّ يا رسول الله ؟ فقال : استماع العلم ، وحفظه ، والعمل به ، ونشره .

٧٩ ـ عدة : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من الصدقة أن يتعلّم الرجل العلم ويعلّمه الناس .

________________________

(١) يمكن أن يكون المراد بالغبطة السرور دون تمنى المنزلة .

٢٤
 &

٨٠ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : زكاة العلم تعليمه من لا يعلمه .

٨١ ـ وعن الصادق عليه‌السلام لكلّ شيء زكاةٌ وزكاة العلم أن يعلّمه أهله .

٨٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ نوم العالم أفضل من عبادة العابد ، يا عليّ ركعتان يصلّيهما العالم أفضل من سبعين ركعة يصلّيها العابد .

٨٣ ـ منية المريد : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله خلفائي . فقيل : يا رسول الله و من خلفاؤك ؟ قال : الّذين يحيون سنّتي ، ويعلّمونها عباد الله .

٨٤ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : فقيهٌ واحدٌ أشدّ على الشيطان من ألف عابد .

٨٥ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء ، يهتدى بها في ظلمات البرّ والبحر ، فإذا طمست أو شك أن تضلّ الهداة .

٨٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عزّ وجلّ للعلماء يوم القيامة : إنّي لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلّا وأنا اُريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا اُبالي .

٨٧ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما تصدّق الناس بصدقة مثل علم ينشر .

٨٨ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أهدى المرء المسلم على أخيه هديّةً أفضل من كلمة حكمة يزيده الله بها هدىً ويردّه عن ردى .

٨٩ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أفضل الصدقة أن يعلم المرء علماً ثمّ يعلّمه أخاه .

٩٠ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : العالم والمتعلّم شريكان في الأجر ولا خير في سائر الناس .

٩١ ـ وقال مقاتل بن سليمان : وجدت في الإنجيل أنَّ الله تعالى قال لعيسى عليه‌السلام : عظّم العلماء وأعرف فضلهم فإنّي فضّلتهم على جميع خلقي إلّا النبيّين والمرسلين كفضل الشمس على الكواكب ، وكفضل الآخرة على الدنيا ، وكفضلي على كلّ شيء (١) .

٩٢ ـ كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ، عن حميد بن شعيب ، عن جابر الجعفيّ ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : دخل على أبي جعفر عليه‌السلام رجل فقال : رحمك الله اُحدّث أهلي ؟ قال : نعم إنَّ الله يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجَارَةُ . وقال : وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا .

________________________

(١) الجملة وإن امكن توجيهها بتكلف لكنها مما توهن الرواية اشد الوهن فان ظاهر معنى التشبيه لا يرجع إلى محصل . ط

٢٥
 &

( باب ٩ )

* ( استعمال العلم ، والاخلاص في طلبه ، وتشديد الامر على العالم ) *

الايات ، البقرة : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٤٤

آل عمران : وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ٧٩ .

الشعراء : وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ٢٢٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٦

الزمر : فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٧ ، ١٨

الصف : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢ ، ٣

١ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن يزيد ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليه‌السلام : بم يعرف الناجي ؟ فقال : من كان فعله لقوله موافقاً فهو ناج ، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً فإنّما ذلك مستودع (١) .

بيان : المستودع بفتح الدال : من استودع الإيمان أو العلم أيّاماً ثمّ يسلب منه أي يتركه بأدنى فتنة .

٢ ـ لى : في كلمات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله زينة العلم الإحسان .

٣ ـ فس : في قوله تعالى : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . قال الصادق عليه‌السلام : نزلت في قوم وصفوا عدلاً ثمّ خالفوه إلى غيره .

٤ ـ وفي خبر آخر قال : هم بنواُميّة ، والغاوون بنو فلان .

بيان : قال الجوهريّ : كبّه لوجهه أي صرعه ، وكبكبه أي كبّه ؛ ومنه قوله تعالى

________________________

(١) يأتي الحديث مفصلا عن المحاسن تحت الرقم ١٧ .

٢٦
 &

فَكُبْكِبُوا فِيهَا . أقول : ذكر أكثر المفسّرين أنّ ضمير « هم » راجع إلى الآلهة ، ولا يخفى أنّ ما ذكره عليه‌السلام أظهر . والعدل : كلّ أمر حقّ يوافق العدل والحكمة من الطاعات والأخلاق الحسنة والعقائد الحقّة .

٥ ـ فس : أبي ، عن الإصفهانيّ ، عن المنقريّ ، عن حفص ، قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ما أنزلت (١) الدنيا من نفسي إلّا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها ، يا حفص إنّ الله تبارك وتعالى علم ما العباد [عليه] عاملون ، وإلى ما هم صائرون ، فحلم عنهم عند أعمالهم السيّئة لعلمه السابق فيهم ، فلا يغرّنّك حسن الطلب ممّن لا يخاف الفوت . ثمّ تلى قوله تعالى : تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ . الآية . وجعل يبكي ويقول : ذهبت والله الأمانيّ عند هذه الآية ، ثمّ قال : فاز والله الأبرار ، تدري من هم ؟ [ هم ] الّذين لا يؤذون الذرّ كفى بخشية الله علماً ، وكفى بالاغترار بالله جهلاً ، يا حفص إنّه يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد ، ومن تعلّم وعمل وعلّم لله دعي في ملكوت السماوات عظيماً ، فقيل : تعلّم لله ، وعمل لله ، وعلّم لله . قلت : جعلت فداك فما حدّ الزهد في الدنيا ؟ فقال : فقد حدّ الله في كتابه فقال عزّ وجلّ : لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ . إنّ أعلم الناس بالله أخوفهم لله ، وأخوفهم له أعلمهم به ، وأعلمهم به أزهدهم فيها . فقال له رجل : يا بن رسول الله أوصني ، فقال : اتّق الله حيث كنت فإنّك لا تستوحش .

بيان : ما أنزلت الدنيا من نفسي لفظة من إمّا بمعنى في أو للتبعيض أي من منازل نفسي ، كأنّ للنفس مواطن ومنازل للأشياء تنزّل فيها على حسب درجاتها ومنازلها عند الشخص . قوله عليه‌السلام : ذهبت والله الأمانيّ أي ما يرجوه الناس ويحكمونه ويتمنّونه على الله بلا عمل ، إذ الآية تدلّ على أنّ الدار الآخرة ليست إلّا لمن لا يريد شيئاً من العلوّ في الأرض والفساد ، وكلّ ظلم علوّ ، وكلّ فسق فساد . والذرّ : النمل الصغار ، والمراد عدم إيذاء أحد من الناس ، أو ترك إيذاء جميع المخلوقات حتّى الذرّ ، ولا ينافي ما ورد في بعض الأخبار من جواز قتل النمل وغيرها ، إذ الجواز لا ينافي الكراهة ، مع أنّه يمكن حملها على ما إذا كانت موذيةً . قوله : لِّكَيْلَا تَأْسَوْا أي لكيلا تحزنوا . قوله : فإنّك لا تستوحش أي بل يكون الله تعالى أنيسك في كلّ حال .

________________________

(١) وفي النسخة المطبوع من التفسير : ما منزلة الدنيا .

٢٧
 &

٦ ـ فس : أبي ، عن الإصفهانيّ ، عن المنقريّ ، رفعه قال : جاء رجل إلى عليّ بن الحسين عليهما‌السلام فسأله عن مسائل ، ثمّ عاد ليسأل عن مثلها ، فقال عليّ بن الحسين عليهما‌السلام : مكتوب في الإنجيل : لا تطلبوا علم ما لا تعملون ولمّا عملتم بما علمتم ، فإنّ العلم إذا لم يعلم به لم يزدد من الله إلّا بعداً .

ايضاح : لعلّ المراد النهي عن طلب علم لا يكون غرض طالبه العمل به ، ولا يكون عازماً على الإتيان به ، ويحتمل أن يكون النهي راجعاً إلى القيد ، أي لا تكونوا غير عاملين بما علمتم حتّى إذا طلبتم العلم الّذي يلزمكم طلبه يكون بعد عدم العمل بما علمتم ، فيكون مذموماً من حيث عدم العمل لا من حيث الطلب .

٧ ـ ب : ابن سعد ، عن الأزديّ قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أبلغ موالينا عنّا السلام وأخبرهم أنّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلّا بعمل ، وأنّهم لن ينالوا ولايتنا إلّا بعمل أو ورع ، و أنّ أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره .

تبيين : قال الجزريّ : يقال : أغن عنّي الشرك ، أي أصرفه وكفّه ، ومنه قوله تعالى : لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا . (١)

٨ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن جعفر بن محمّد بن عبيد الله ، عن القدّاح ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : جاء رجل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ما حقّ العلم ؟ قال : الإنصات له ، قال : ثمّ مه ؟ قال الاستماع له ، قال : ثمّ مه ؟ قال : الحفظ له ، قال : ثمّ مه ؟ قال : ثمّ العمل به ، قال : ثمّ مه ؟ قال ثمّ نشره .

ما : جماعة ، عن أبي المفضّل ، عن جعفر بن محمّد العلويّ ، عن ابن نهيك ، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن القدّاح مثله .

بيان : لعلّ سؤال السائل كان عمّا يوجب العلم ، أو عن آداب طلب العلم ، ويحتمل أن يكون غرضه استعلام حقيقته ، فأجابه عليه‌السلام ببيان ما يوجب حصوله لأنّه الّذي ينفعه فالحمل على المبالغة . والإنصات : السكوت عند الاستماع فإنّ كثرة المجادلة عند العالم توجب الحرمان عن علمه .

________________________

(١) الجاثية : ١٩ .

٢٨
 &

٩ ـ ن : الورّاق ، عن ابن مهرويه (١) ، عن داود بن سليمان الغازي ، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام أنّه قال : الدنيا كلّها جهل إلّا مواضع العلم ، والعلم كلّه حجّةٌ إلّا ما عمل به ، والعمل كلّه رياءٌ إلّا ما كان مخلصاً والإخلاص على خطر حتّى ينظر العبد بما يختم له .

يد : محمّد بن عمرو بن عليّ البصريّ ، عن عليّ بن الحسن المثنّى ، عن ابن مهرويه مثله .

بيان : لعلّ المراد بمواضع العلم الأنبياء والأئمّة ومن اُخذ عنهم العلم .

١٠ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمّد الحميريّ ، عن أبيه ، عن هارون ، عن ابن زياد قال سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام ـ وقد سئل عن قوله تعالى : قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ـ فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالماً ؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال : كنت جاهلاً ، قال له : أفلا تعلّمت حتّى تعمل ؟ فيخصم فتلك الحجّة البالغة .

بيان : قوله : فيخصم . على البناء للمفعول ، يقال : خاصمه فخصمه أي غلبه .

١١ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، والمفيد ، عن ابن قولويه ، عن أبيه جميعاً ، عن سعد ، عن القاسم بن محمّد ، عن المنقريّ ، عن حفص قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من تعلّم لله عزّ وجلّ ، وعمل لله وعلّم لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيماً ، وقيل : تعلّم لله ، وعلم لله (٢) .

١٢ ـ ما : بإسناد أخي دعبل ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه قال لخيثمة : أبلغ شيعتنا أنّه لا ينال ما عند الله إلّا بالعمل ، وأبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرةً يوم القيامة من وصف عدلاً ثمّ خالفه إلى غيره ، وأبلغ شيعتنا أنّهم إذا قاموا بما اُمروا أنّهم هم الفائزون يوم القيامة .

بيان : من وصف عدلاً أي لغيره ولم يعمل به . ويحتمل أن يكون المراد أن يقول بحقّيّة دين ولا يعمل بما قرّر فيه من الأعمال .

________________________

(١) بفتح الميم وسكون الهاء وضم الراء ، هو علي بن مهرويه القزويني ، قال الشيخ في فهرسه ص ٩٧ : علي بن مهرويه القزويني له كتاب رواه أبو نعيم عنه .

(٢) الظاهر اتحاده مع الحديث الخامس من الباب وأنه قطعة منه .

٢٩
 &

١٣ ـ مع ، ن : ابن عبدوس ، عن ابن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن الهرويّ قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : رحم الله عبداً أحيا أمرنا فقلت له : وكيف يُحيي أمركم ؟ قال : يتعلّم علومنا ويعلّمها الناس ، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا ، قال : قلت يا ابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : من تعلّم علماً ليماري به السفهاء ، أو يباهي به العلماء ، أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار . فقال عليه‌السلام : صدق جدّي عليه‌السلام أفتدري من السفهاء ؟ فقلت : لا يا ابن رسول الله ، قال : هم قصّاص مخالفينا ، وتدري من العلماء ؟ فقلت : لا يا ابن رسول الله ، فقال : هم علماء آل محمّد عليهم‌السلام الّذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودّتهم ، ثمّ قال : وتدري ما معنى قوله : أو ليقبل بوجوه الناس إليه ؟ قلت : لا ، قال : يعني والله بذلك ادّعاء الإمامة بغير حقّها ، ومن فعل ذلك فهو في النار .

١٤ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن الإصبهانيّ ، عن المنقريّ ، عن حفص ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من عمل بما علم كفي ما لم يعلم .

بيان : كفي ما لم يعلم أي علّمه الله بلاتعب .

١٥ ـ سن : أبي ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن يزيد الصائغ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : يا يزيد أشدّ الناس حسرةً يوم القيامة الّذين وصفوا العدل ثمّ خالفوه ، وهو قول الله عزّ وجلّ : أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ .

بيان : في جنب الله أي طاعة الله أو طاعة ولاة أمر الله الّذين هم مقرّبوا جنابه فكأنّهم بجنبه .

١٦ ـ سن : في رواية عثمان بن عيسى أو غيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . قال : من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره (١) .

١٧ ـ سن : أبي ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ الحسرة والندامة والويل كلّه لمن لم ينتفع بما أبصر ، ومن لم يدر الأمر الّذي هو عليه مقيم أنفع هو له أم ضرر ؟ قال : قلت : فبما يعرف الناجي ؟ قال : من كان فعله لقوله موافقاً

________________________

(١) لعله متحد مع الحديث الثالث .

٣٠
 &

فأثبت له الشهادة بالنجاة ، ومن لم يكن فعله لقوله موافقاً فإنّما ذلك مستودع (١) .

١٨ ـ ضا : أروي من تعلّم العلم ليماري به السفهاء ، أو يباهي به العلماء ، أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئّسوه ويعظّموه فليتبوَّأ مقعده من النار .

١٩ ـ شا : في خطبة لأمير المؤمنين عليه‌السلام تركنا صدرها : الحمد لله الّذي هدانا من الضلالة ، وبصّرنا من العمى ، ومنّ علينا بالإسلام ، وجعل فينا النبوّة ، وجعلنا النجباء ، وجعل أفراطنا أفراط الأنبياء ، وجعلتا خير اُمّة اُخرجت للناس ، نأمر بالمعروف ، وننهي عن المنكر ، ونعبد الله ولا نشرك به شيئاً ، ولا نتّخذ من دونه وليّاً ، فنحن شهداءُ الله ، والرسول شهيدٌ علينا ، نشفع فنشفّع فيمن شفعنا له ، وندعو فيستجاب دعاؤنا ، ويغفر لمن ندعو له ذنوبه ، أخلصنا لله فلم ندع من دونه وليّاً . أيّها الناس تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ . أيّها الناس إنّي ابن عمّ نبيّكم وأولاكم بالله ورسوله (٢) ، فاسألوني ثمّ اسألوني ، و كأنّكم بالعلم قد نفد ، وإنّه لا يهلك عالم إلّا يهلك بعض علمه ، وإنّما العلماء في الناس كالبدر في السماء ، يضيىءُ نوره على سائر الكواكب ، خذوا من العلم ما بدا لكم ، وإيّاكم أن تطلبوه لخصال أربع : لتباهوا به العلماء ، أو تماروا به السفهاء ، أو تراؤوا به في المجالس ، أو تصرّفوا وجوه الناس إليكم للترؤّس ، لا يستوي عند الله في العقوبة الّذين يعلمون و الذين لا يعلمون ، نفعنا الله وإيّاكم بما علمنا ، وجعله لوجهه خالصاً إنّه سميعٌ مجيبٌ .

بيان : الفرط : العلم المستقيم يهتدى به ، وما لم يدرك من الولد ، والّذي يتقدّم الواردة ليهيّأ لهم ما يحتاجون إليه . فقوله عليه‌السلام : وجعل أفراطنا أفراط الأنبياء أي جعل أولادنا أولاد الأنبياء ، أي نحن وأولادنا من سلالة النبيّين ، أو المراد أنّ الهادي منّا أي الإمام إمام للأنبياء ، وقدوة لهم أيضاً ، أو شفعاؤنا شفعاءُ الأنبياء أيضاً ، كما قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا فرطكم على الحوض .

٢٠ ـ مص : قال الصادق عليه‌السلام : العلم أصل كلّ حال سَنيّ ، ومنتهى كلّ منزلة

________________________

(١) تقدم ذيله في الحديث الاول عن الامالي .

(٢) مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وآله في حقه : من كنت مولاه فهذا على مولاه .

٣١
 &

رفيعة ، لذلك قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : طلب العلم فريضةٌ على كلّ مسلم ومسلمة . أي علم التقوى واليقين .

٢١ ـ وقال عليّ عليه‌السلام اطلبوا العلم ولو بالصين ، وهو علم معرفة النفس ، وفيه معرفة الربّ عزّ وجلّ .

٢٢ ـ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من عرف نفسه فقد عرف ربّه ، ثمّ عليك من العلم بما لا يصحّ العمل إلّا به ، وهو الإخلاص .

٢٣ ـ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعوذ بالله من علم لا ينفع ، وهو العلم الّذي يضادّ العمل بالإخلاص ، واعلم أنّ قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل لأنّ علم ساعة يلزم صاحبه استعماله طول عمره .

٢٤ ـ قال عيسى عليه‌السلام : رأيت حجراً مكتوباً عليه : قلّبني ، فقلّبته فإذاً على باطنه : من لا يعمل بما يعلم مشوم عليه طلب ما لا يعلم ، ومردود عليه ما علم .

٢٥ ـ أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه‌السلام : إنّ أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشدّ من سبعين عقوبة أن اُخرج من قلبه حلاوة ذكري ، وليس إلى الله عزّ وجلّ طريق يسلك إلّا بعلم ، والعلم زين المرء في الدنيا وسائقه إلى الجنّة ، وبه يصل إلى رضوان الله تعالى ، والعالم حقّاً هو الّذي ينطق عنه أعماله الصالحة ، وأوراده الزاكية وصدقه وتقواه ، لا لسانه وتصاوله ودعواه ، ولقد كان يطلب هذا العلم في غير هذا الزمان من كان فيه عقل ونسك وحكمة وحياء وخشية ، وأنا أرى طالبه اليوم من ليس فيه من ذلك شيءٌ ، والعالم يحتاج إلى عقل ورفق وشفقة ونصح وحلم وصبر وبذل وقناعة ، والمتعلّم يحتاج إلى رغبة وإرادة وفراغ ونسك وخشية وحفظ وحزم .

بيان : علم التقوى هو العلم بالأوامر والنواهي والتكاليف الّتي يتّقى بها من عذاب الله ، وعلم اليقين علم ما يتعلّق من المعارف باُصول الدين ، ويحتمل أن يكون علم التقوى أعمّ منهما ويكون اليقين معطوفاً على العلم وتفسيراً له أي العلم المأمور به هو اليقين . قوله عليه‌السلام : وفيه معرفة الربّ أي معرفة الشؤون الّتي جعلها الله تعالى للنفس ، ومعرفة معايبها وما يوجب رفعتها وكمالاتها يوجب اكتساب ما يوجب كمال معرفته تعالى

٣٢
 &

بحسب قابليّة الشخص ، ويوجب العلم بعظمته وكمال قدرته فإنّها أعظم خلق الله إذا عرفت كما هي . أو المراد أنّ معرفة صفات النفس معيارٌ لمعرفته تعالى إذ لولا اتّصاف النفس بالعلم لم يمكن معرفة علمه بوجه ، وكذا سائر الصفات ، أو المراد أنّه كلّ ما عرف صفةً في نفسه نفاه عنه تعالى لأنّ صفات الممكنات مشوبةٌ بالعجز والنقص ، وأنّ الاشياء إنّما تعرف بأضدادها ، فإذا رأى الجهل في نفسه وعلم أنّه نقص نزّه ربّه عنه ، وإذا نظر في علمه ورأى أنّه مشوب بأنواع الجهل ، ومسبوق به ومأخوذ من غيره فنفى هذه الأشياء عن علمه تعالى ، ونزّهه عن الاتّصاف بمثل علمه . وقيل : إنّ النفس لمّا كان مجرّداً يعرف بالتفكّر في أمر نفسه ربّه تعالى وتجرّده ، وقد عرفت ما فيه . (١) وقد ورد معنىً آخر في بعض الأخبار لهذا الحديث النبويّ ، وهو أنّ المراد أنّ معرفته تعالى بديهيّةٌ فكلّ من بلغ حدّ التميز وعرف نفسه عرف أنّ له صانعاً . قوله عليه‌السلام : العالم حقّاً « الخ » أي العالم يلزم أن يكون أعماله شواهد علمه ودلائله ، لا دعواه الّتي تكذّبها أعماله القبيحة . و التصاول : التطاول والمجادلة ، يقال : الفحلان يتصاولان أي يتواثبان .

٢٦ ـ غو : عن النبيّ صلّى الله عليه وآله العلم علمان : علم على اللّسان فذلك حجّةٌ على ابن آدم ، وعلم في القلب فذلك العلم النافع . (٢)

٢٧ ـ سر : من كتاب المشيخة لابن محبوب ، عن الهيثم بن واقد (٣) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصّره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه الله من الدنيا سالماً إلى دار السلام .

٢٨ ـ سر : من كتاب أبي القاسم بن قولويه عن أبي ذرّ قال : من تعلّم علماً من علم الآخرة يريد به الدنيا عرضاً من عرض الدنيا لم يجد ريح الجنّة .

٢٩ ـ غو : عن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ العلم يهتف بالعمل ، فإن أجابه وإلّا ارتحل عنه .

________________________

(١) إشارة إلى ما تقدم منه أن ظاهر الاخبار عدم كون النفس مجردة . والحق ان الكتاب والسنة يدلان على التجرد من غير شبهة وأما اصطلاح التجرد والمادية ونحو ذلك فمن الامور المحدثة . ط

(٢) تأتي أيضا مرسلة عن الكنز تحت الرقم ٤٦ .

(٣) هيثم على وزان حيدر قال النجاشي في ص ٣٠٦ من رجاله : الهيثم بن واقد الجزري روى عن أبي عبد الله عليه السلام له كتاب يرويه محمد بن سنان . وعنونه ابن داود في الباب الاول ووثقه .

٣٣
 &

بيان : يهتف بالعمل أي العلم طالب للعمل ، ويدعو الشخص إليه ، فإن لم يعمل الشخص بما هو مطلوب العلم ومقتضاه فارقه .

٣٠ ـ غو : روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه حدّث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج ، ورجل تارك لعلمه فهذا هالك ، وإنّ أهل النار ليتأذّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإنّ أشدّ أهل النار ندامةً و حسرةً رجلٌ دعا عبداً إلى الله سبحانه فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله فأدخله الله الجنّة ، وأدخل الداعي النار بتركه علمه . (١)

٣١ ـ غو : روي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : منهومان لا يشبعان : طالب دنيا ، وطالب علم ، فمن اقتصر من الدنيا على ما اُحلّ له سلم ، ومن تناولها من غير حلّها هلك إلّا أن يتوب أو يراجع ، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ، ومن أراد به الدنيا فهو حظّه .

بيان : قال الجوهريّ : النهمة : بلوغ الهمّة في الشيء ، وقد نهم فهو منهوم أي مولع انتهى . وقوله عليه‌السلام : أو يراجع يحتمل أن يكون الترديد من الراوي أو يكون « أو » بمعنى « الواو » أي يتوب إلى الله ويردّ المال الحرام إلى صاحبه ، أو تخصّ التوبة بما إذا لم يقدر على ردّ المال ، والمراجعة بما إذا قدر عليه ، وقرأ بعض الأفاضل على البناء للمفعول أي يراجع الله عليه بفضله ويغفر له بلا توبة . وقال : يمكن أن يقرأ على البناء للفاعل أي يراجع إلى الله بالأعمال الصالحة وترك أكثر الكبائر .

٣٢ ـ م : هدىً للمتّقين . الّذين يتّقون الموبقات ، ويتّقون تسليط السفه على أنفسهم حتّى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربّهم .

٣٣ ـ ضه : روي عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من طلب العلم لله لم يصب منه باباً إلّا ازداد في نفسه ذلّاً ، وفي الناس تواضعاً ، ولله خوفاً

________________________

(١) لعله والحديث التي بعده متحد ان مع ما ياتي بعد ذلك من حديث سليم بن قيس تحت الرقم ٣٨ .

٣٤
 &

وفي الدين اجتهاداً ، وذلك الّذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه ، ومن طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس والحظوة (١) عند السلطان لم يصب منه باباً إلّا ازداد في نفسه عظمةً ، وعلى الناس استطالة ، وبالله اغتراراً ، ومن الدين جفاءاً ، فذلك الّذي لا ينتفع بالعلم فليكفّ وليمسك عن الحجّة على نفسه ، والندامة والخزي يوم القيامة .

بيان : الجفاء : البعد .

٣٤ ـ ين : النضر ، عن درست ، عن ابن أبي يعفور ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : من وصف عدلاً وخالفه إلى غيره كان عليه حسرة يوم القيامة .

٣٥ ـ ين : النضر ، عن الحلبيّ ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . قال : هم قوم وصفوا عدلاً بألسنتهم ، ثمّ خالفوا إلى غيره .

٣٦ ـ ين : عبد الله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ . فقال : يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلاً وعملوا بخلافه . (٢)

٣٧ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلاليّ أنّه قال : سمعت عليّاً يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : منهومان لا يشبعان : منهومٌ في الدنيا لا يشبع منها ، ومنهوم في العلم لا يشبع منه ، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ الله له سلم ، ومن تناولها من غير حلّها هلك إلّا أن يتوب ويراجع ، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ، ومن أراد به الدنيا هلك وهو حظّه ، العلماء عالمان : عالم عمل بعلمه فهو ناج ، وعالم تارك لعلمه فقد هلك ، وإنّ أهل النار ليتأذّون من نتن ريح العالم التارك لعلمه ، وإنّ أشدّ أهل النار ندامةً وحسرةً رجل دعا عبداً إلى الله فاستجاب له فأطاع الله فدخل الجنّة ، وأدخل الداعي إلى النار بتركه علمه واتّباعه هواه ، وعصيانه لله ، إنّما هما إثنان : إتّباع الهوى ، وطول

________________________

(١) بالحاء المهملة المفتوحة والمكسورة والظاء المعجمة الساكنة : المكانة والمنزلة عند الناس .

(٢) الظاهر اتحاده مع ما قبله ومع المرسلة التي تقدمت في الرقم الثالث . وتقدم تحت الرقم الرابع حديث يفسر الاية بالمعنى الاخر .

٣٥
 &

الأمل ، فأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ ، وأمّا طول الأمل فينسي الآخرة . (١)

أقول : تمامه في باب علّة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه‌السلام بعض البدع من كتاب الفتن .

٣٨ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقهاءُ اُمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا . قيل : يا رسول الله ما دخولهم في الدنيا ؟ قال : اتّباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على أديانكم .

٣٩ ـ وبهذا الإسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه وما آتى الله عبداً علماً فازداد للدنيا حبّاً إلّا ازداد من الله تعالى بعداً وازداد الله تعالى عليه غضباً .

٤٠ ـ كتاب الدرّة الباهرة : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : العلم وديعة الله في أرضه ، والعلماء اُمناؤه عليه ، فمن عمل بعلمه أدّى أمانته ، ومن لم يعمل بعلمه كتب في ديوان الخائنين .

٤١ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا تجعلوا علمكم جهلاً ويقينكم شكّاً ، إذا علمتم فاعملوا ، وإذا تيقّنتم فاقدموا .

٤٢ ـ وقال عليه‌السلام : قطَع العلم عذر المتعلّلين .

٤٣ ـ وقال عليه‌السلام : العلم مقرون بالعمل ، فمن علم عمل ، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلّا ارتحل عنه .

٤٤ ـ وقال عليه‌السلام لجابر بن عبد الله الأنصاريّ : يا جابر قوام الدنيا بأربعة : عالم مستعمل علمه ، وجاهل لا يستنكف أن يتعلّم ، وجواد لا يبخل بمعروفه ، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه ، فإذا ضيّع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلّم ، وإذا بخل الغنيّ بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه .

٤٥ ـ وقال عليه‌السلام في بعض الخطب : واقتدوا بهدى نبيّكم فإنّه أفضل الهدى واستنّوا بسنّته فإنّها أهدى السنن ، وتعلّموا القرآن فإنَّه أحسن الحديث ، وتفقّهوا فيه فإنّه ربيع القلوب ، واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور ، وأحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص ، فإنّ العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق من

________________________

(١) تقدم الحديث مرسلة عن الغوالي تحت الرقم ٣٠ و ٣١ .

٣٦
 &

جهله ، بل الحجّة عليه أعظم ، والحسرة له ألزم ، وهو عند الله ألوم .

٤٦ ـ كنز الكراجكي : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : العلم علمان : علم في القلب فذلك العلم النافع ، وعلم في اللّسان فذلك حجّة على العباد (١) .

٤٧ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ازداد في العلم رشداً فلم يزدد في الدنيا زهداً لم يزدد من الله إلّا بعداً .

٤٨ ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام : لو أنّ حملة العلم حملوه بحقّه لأحبّهم الله وملائكته وأهل طاعته من خلقه ، ولكنّهم حملوه لطلب الدنيا فمقّتهم الله وهانوا على الناس .

٤٩ ـ وقال عليه‌السلام : تعلّموا العلم ، وتعلّموا للعلم السكينة والحلم ، ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم .

٥٠ ـ عدة : عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من ازداد علماً ولم يزدد هدىً لم يزدد من الله إلّا بعداً .

٥١ ـ وروى حفص بن البختريّ قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : حدّثني أبي عن آبائه عليه‌السلام أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لكميل بن زياد النخعيّ : تبذل ولا تشهر ، ووار شخصك ولا تذكر ، وتعلّم واعمل ، واسكت تسلم ، تسرّ الأبرار ، وتغيظ الفجّار ، ولا عليك إذا عرّفك الله دينه أن لا تعرف الناس ولا يعرفوك .

٥٢ ـ وروى هشام بن سعيد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : فكبكبوا فيها هم والغاوون . قال : الغاوون هم الّذين عرفوا الحقّ وعملوا بخلافه .

٥٣ ـ وقال عليه‌السلام : أشدّ الناس عذاباً عالم لا ينتفع من علمه بشيء .

٥٤ ـ وقال عليه‌السلام : تعلّموا ما شئتم أن تعلّموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتّى تعملوا به لأنّ العلماء همّتهم الرعاية ، والسفهاء همّتهم الرواية .

٥٥ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : العلم الّذي لا يعمل به كالكنز الّذي لا ينفق منه ، أتعب صاحبه نفسه في جمعه ولم يصل إلى نفعه .

________________________

(١) تقدم مرسلة أيضا عن الغوالي في الرقم ٢٦ .

٣٧
 &

٥٦ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل الّذي يعلم الخير ولا يعمل به مثل السراج يضيىءُ للناس ويحرق نفسه .

٥٧ ـ منية المريد : من كلام المسيح عليه‌السلام : من علم وعمل فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماء .

٥٨ ـ وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعلّم علماً ممّا يبتغى به وجه الله عزّ وجلّ لا يتعلّمه إلّا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنّة (١) يوم القيامة .

٥٩ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تعلّم علماً لغير الله ، وأراد به غير الله فليتبوّأ مقعده من النار .

٦٠ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تعلّموا العلم لتماروا به السفهاء ، وتجادلوا به العلماء ، و لتصرفوا وجوه الناس إليكم ، وابتغوا بقولكم ما عند الله ، فإنّه يدوم ويبقى وينفد ما سواه كونوا ينابيع الحكمة ، مصابيح الهدى ، أحلاس البيوت ، (٢) سرج اللّيل ، جدد القلوب (٣) ، خلقان الثياب ، (٤) تعرفون في أهل السماء ، وتخفون في أهل الأرض .

٦١ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من طلب العلم لأربع دخل النار : ليباهي به العلماء ، أو يماري به السفهاء ، أو ليصرف به وجوه الناس إليه ، أو يأخذ به من الاُمراء .

٦٢ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ازداد عبد علماً فازداد في الدنيا رغبةً إلّا ازداد من الله بعداً .

٦٣ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلّ علم وبالٌ على صاحبه إلّا من عمل به .

٦٤ ـ وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة ، عالم لم ينفعه علمه .

٦٥ ـ وعن الباقر عليه‌السلام قال : من طلب العلم ليباهي به العلماء ، أو يماري به السفهاء ، أو يصرف وجوه الناس إليه فليتبوّأ مقعده من النار ، إنّ الرئاسة لا تصلح إلّا لأهلها .

٦٦ ـ ومن كلام عيسى عليه‌السلام تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ، ولا تعملون للآخرة وأنتم لاترزقون فيها إلّا بالعمل ، ويلكم علماء السوء ! الأجر تأخذون

________________________

(١) العرف بفتح العين وسكون الراء : الرائحة .

(٢) جمع حلس ـ بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبالفتحتين ـ : ما يبسط في البيت على الارض تحت حرّ الثياب والمتاع ، ولعله كناية عن التواضع وعدم التشهر في الناس .

(٣) الجدد : جمع الجديد ، عكس القديم .

(٤) الخلقان ـ بضم الخاء المعجمة وسكون اللام : جمع الخلق ـ بفتح الخاء واللام ـ : أي البالى .

٣٨
 &

والعمل تضيّعون ! ، يوشك ربّ العمل أن يطلب عمله ، وتوشكون أن تخرجوا من الدنيا العريضة إلى ظلمة القبر وضيقه ، الله نهاكم عن الخطايا كما أمركم بالصيام والصلاة ، كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه ، واحتقر منزلته ، وقد علم أنّ ذلك من علم الله وقدرته ؟ وكيف يكون من أهل العلم من اتّهم الله فيما قضى له فليس يرضى شيئاً أصابه ؟ كيف يكون من أهل العلم من دنياه عنده آثر (١) من آخرته وهو مقبل على دنياه ، وما يضرّه أحبّ إليه ممّا ينفعه ؟ كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به ولا يطلب ليعمل به ؟ .

٦٧ ـ ومن كلامه عليه‌السلام ويلٌ للعلماء السوء تصلى (٢) عليهم النار . ثمّ قال : اشتدّت مؤونة الدنيا ومؤونة الآخرة : أمّا مؤونة الدنيا فإنّك لا تمدّ يدك إلى شيء منها إلّا فاجرٌ قد سبقك إليه ، وأمّا مؤونة الآخرة فإنّك لا تجد أعواناً يعينونك عليها .

٦٨ ـ وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنَّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلُّ المطر عن الصفا (٣) .

٦٩ ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ في كلام له خطبه على المنبر ـ : أيّها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلّكم تهتدون ، إنَّ العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الّذي لا يستفيق عن جهله ، بل قد رأيت الحجّة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ عن علمه منها على هذا الجاهل المتحيّر في جهله ، وكلاهما حائر بائر (٤) لا ترتابوا فتشكّوا ولا تشكّوا فتكفروا ، ولا ترخصوا لأنفسكم ، فتدهنوا (٥) ولا تدهنوا في الحقّ فتخسروا (٦) ، وإنّ من الحقّ أن تفقّهوا ، ومن الفقه أن لا تغترّوا ، وإنّ أنصحكم لنفسه أطوعكم لربّه ،

________________________

(١) آثره إيثارا : اختاره ، فضّله .

(٢) صلى فلانا النار وفيها وعليها . أدخله إياها وأثواه فيها .

(٣) الحجر الصلد الضخم .

(٤) يقال : حائر وبائر . أي لا يطيع مرشداً ولا يتّجه لشيء .

(٥) أي تخدعوا وتختلوا .

(٦) أي فتضلوا وتهلكوا .

٣٩
 &

وأغشّكم لنفسه أعصاكم لربّه ، ومن يطع الله يا من ويستبشر ، ومن يعص الله يخب (١) ويندم .

٧٠ ـ وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان لموسى بن عمران عليه‌السلام جليس من أصحابه قد وعى علماً كثيراً ، فاستأذن موسى في زيارة أقارب له ، فقال له موسى : إنّ لصلة القرابة لحقّاً ، ولكن إيّاك أن تركن إلى الدنيا فإنَّ الله قد حملك علماً فلا تضيّعه وتركن إلى غيره ، فقال الرجل : لا يكون إلّا خيراً ، ومضى نحو أقاربه فطالت غيبته ، فسأل موسى عليه‌السلام عنه فلم يخبره أحد بحاله ، فسأل جبرئيل عليه‌السلام عنه ، فقال له : أخبرني عن جليسي فلان ألك به علم ؟ قال : نعم هو ذا على الباب قد مسخ قرداً في عنقه سلسلةٌ ، ففزع موسى عليه‌السلام إلى ربّه وقام إلى مصلّاه يدعو الله ، ويقول : يا ربّ صاحبي وجليسي ، فأوحى الله إليه يا موسى لو دعوتني حتّى ينقطع ترقوتاك (٢) ما استجبت لك فيه ، إنّي كنت حملته علماً فضيّعه وركن إلى غيره .

٧١ ـ وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : العلم مقرون إلى العمل ، فمن علم عمل ، ومن عمل علم ، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلّا ارتحل .

( باب ١٠ )

* ( حق العالم ) *

الايات ، الكهف : قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا . « إلى قوله تعالى » : إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا ٧٦ .

أقول : يظهر من كيفيّة معاشرة موسى عليه‌السلام مع هذا العالم الربّانيّ وتعلّمه منه أحكامٌ كثيرةٌ : من آداب التعليم والتعلّم ، من متابعة العالم ، وملازمته لطلب العلم ، وكيفيّة

________________________

(١) أي لم ينجح .

(٢) الترقوة : مقدم الحلق في أعلى الصدر حيث يترقّى فيه النفس .

٤٠