بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

(أبواب احتجاجات)

* (أمير المؤمنين صلوات الله عليه وما صدر عنه من جوامع العلوم) *

(باب ١)

* (احتجاجه صلوات الله عليه على اليهود في أنواع كثيرة من العلوم) *

* (ومسائل شتى) *

١ ـ ل : علي بن أحمد بن موسى ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، عن بكر ابن عبدالله بن حبيب ، عن عبدالرحيم بن علي بن سعيد الجبلي الصيدناني ، وعبدالله بن الصلت ـ واللفظ له ـ عن الحسن بن نصر الخزاز ، عن عمرو بن طلحة ، عن أسباط بن نصر ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن عبدالله بن عباس قال : قدم يهوديان أخوان من رؤساء اليهود إلى المدينة ، فقالا : ياقوم إن نبيا حدثنا عنه أنه قد ظهر بتهامة نبي يسفه أحلام اليهود ، ويطعن في دينهم ، ونحن نخاف أن يزيلنا عما كان عليه آباؤنا ، فأيكم هذا النبي؟ فإن يكن الذي بشر به داود آمنا به واتبعناه ، وإن لم يكن يورد الكلام على ائتلافه ويقول الشعر يقهرنا : بلسانه جاهدناه بأنفسنا وأموالنا ، فأيكم هذا النبي فقال المهاجرون والانصار : إن نبينا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله قد قبض. فقالا : الحمد لله فأيكم وصيه؟ فما بعث الله عزوجل نبيا إلى قوم إلا وله وصي يؤدي عنه من بعده ويحكي عنه ما أمره ربه ، فأومأ المهاجرون والانصار إلى أبي بكر ، فقالوا : هذا «هو خ ل» وصيه.

١

فقالا لابي بكر : إنا نلقى عليك من المسائل ما يلقى على الاوصياء ، ونسألك عما تسأل الاوصياء عنه. فقال لهما أبوبكر : ألقيا ما شئتما اخبر كما بجوابه إن شاء الله تعالى. فقال أحدهما : ما أنا وأنت عندالله عزوجل؟ وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ وما قبر سار بصاحبه؟ ومن أين تطلع الشمس؟ وفي أين تغرب «تغيب خ ل»؟ وأين طلعت الشمس ثم لم تطلع فيه بعد ذلك؟ وأين تكون الجنة؟ وأين تكون النار؟ وربك يحمل أو يحمل؟ وأين يكون وجه ربك؟ وما اثنان شاهدان ، واثنان غائبان ، واثنان متباغضان؟ وما الواحد؟ وما الاثنان؟ وما الثلاثة؟ وما الاربعة؟ وما الخمسة؟ وما الستة؟ وما السبعة؟ وما الثمانية؟ وما التسعة؟ وما العشرة؟ وما الاحد عشر؟ وما الاثنا عشر؟ وما العشرون؟ وما الثلاثون؟ وما الاربعون؟ وما الخمسون؟ وما الستون؟ وما السبعون؟ وما الثمانون؟ وما التسعون؟ وما المائة؟.

قال : فبقي أبوبكر لا يرد جوابا ، وتخوفنا أن يرتد القوم عن الاسلام ، فأتيت منزل علي بن أبى طالب عليه‌السلام فقلت له : يا علي إن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة و ألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبوبكر لا يرد جوابا ، فتبسم علي عليه‌السلام ضاحكا ثم قال : هو اليوم الذي وعدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله به ، فأقبل يمشي أمامي ، وما أخطأت مشيته من مشية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيئا حتى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم التفت إلى اليهوديين فقال عليه‌السلام : يا يهوديان ادنوا مني وألقيا علي ما ألقيتماه على الشيخ.

فقال اليهوديان : ومن أنت؟ فقال لهما : أنا علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب أخو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزوج ابنته فاطمة ، وأبوالحسن والحسين ، ووصيه في حالاته كلها ، وصاحب كل منقبة وعز ، وموضع سر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال له أحد اليهوديين : ما أنا وأنت عندالله؟ وقال عليه‌السلام : أنا مؤمن منذ عرفت نفسي ، وأنت كافر منذ عرفت نفسك ، فما أدري ما يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك.

فقال اليهودي : فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟ قال عليه‌السلام : ذاك يونس عليه‌السلام في بطن الحوت.

٢

قال له : فما قبر سار بصاحبه؟ قال : يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر. قال له : فالشمس من أين تطلع؟ قال : من قرني الشيطان. قال : فأين تغرب «تغيب خ ل»؟ قال : في عين حامئة ، قال لي حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تصلى في إقبالها ولا في إدبارها حتى تصير مقدار رمح أور محين.

قال : فأين طلعت الشمس ثم لم تطلع في ذلك الموضع؟ قال : في البحر حين فلقه الله لقوم موسى عليه‌السلام.

قال له : فربك يحمل أو يحمل؟ قال : إن ربي عزوجل يحمل كل شئ بقدرته ولا يحمله شئ. قال : فكيف قوله عزوجل : « ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية »؟ قال : يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى؟ فكل شئ على الثرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة به تحمل كل شئ. قال : فأين تكون الجنة؟ وأين تكون النار؟ قال : أما الجنة ففي السماء ، و أما النار ففي الارض.

قال : فأين يكون وجه ربك؟ فقال علي بن أبي طالب عليه‌السلام لي : يا ابن عباس ائتني بنار وحطب ، فأتيته بنار وحطب فأضرمها ، ثم قال : يا يهودي أين يكون وجه هذه النار؟ قال : لا أقف لها على وجه. قال : فان ربي عزوجل عن هذا المثل وله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله.

فقال له : ما اثنان شاهدان؟ قال : السماوات والارض لا يغيبان ساعة. قال : فما اثنان غائبان؟ قال : الموت والحياة لا يوقف عليهما.

قال : فما اثنان متباغضان؟ قال : الليل والنهار.

قال : فما الواحد؟ قال : الله عزوجل : قال : فما الاثنان؟ قال : آدم وحواء. قال : فما الثلاثة؟ قال : كذبت النصارى على الله عزوجل قالوا : ثالث ثلاثة ، والله لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

قال : فما الاربعة؟ قال : القرآن والزبور والتوراة والانجيل. قال : فما الخمسة؟ قال : خمس صلوات مفترضات. قال : فما الستة؟ قال : خلق الله السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام.

٣

قال : فما السبعة؟ قال : سبعة أبواب النار متطابقات. قال : فما الثمانية؟ قال : ثمانية أبواب الجنة. قال : فما التسعة؟ قال تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون. قال : فما العشرة؟ قال : عشرة أيام العشر. قال : فما الاحد عشر؟ قال : قول يوسف لابيه : « يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ». قال : فما الاثنا عشر؟ قال : شهور السنة.

قال : فما العشرون؟ قال : بيع يوسف بعشرين درهما. قال : فما الثلاثون؟ قال : ثلاثون يوما شهر رمضان صيامه فرض واجب على كل مؤمن إلا من كان مريضا أو على سفر.

قال : فما الاربعون؟ قال : كان ميقات موسى عليه‌السلام ثلاثون ليلة فأتمها الله عزو جل بعشر ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة.

قال : فما الخمسون؟ قال : لبث نوح عليه‌السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. قال : فما الستون؟ قال : قول الله عزوجل في كفارة الظهار : « فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا » إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين.

قال : فما السبعون : قال : اختار موسى من قومه سبعين رجلا لميقات ربه عزوجل. قال : فما الثمانون؟ قال : فرية بالجزيرة يقال لها ثمانون ، منها قعد نوح عليه‌السلام في السفينة واستوت على الجودي وأغرق الله القوم.

قال : فما التسعون؟ قال : الفلك المشحون ، اتخذ نوح عليه‌السلام فيه تعسين بيتا للبهائم.

قال : فما المائة؟ قال : كان أجل داود عليه‌السلام ستين سنة فوهب له آدم عليه‌السلام أربعين سنة من عمره ، فلما حضرت آدم الوفاة جحد فجحدت ذريته.

فقال له : يا شاب صف لي محمدا كأني أنظر إليه حتى اومن به الساعة ، فبكى أميرالمؤمنين عليه‌السلام ثم قال : يا يهودي هيجت أحزاني ، كان حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلت الجبين ، مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، أقنى الانف ، دقيق المسربة ، كث اللحية ، براق الثنايا ، كأن عنقه إبريق فضة ، كان له شعيرات من

٤

لبته إلى سرته ملفوفة كأنها قضيب كافور لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم نوره ، وكان إذا مشى كأنه ينقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدور الكعبين ، لطيف القدمين دقيق الخصر ، (١) عمامته السحاب ، وسيفه ذوالفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ، وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق ، كان عليه الصلاة والسلام أشفق الناس على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوة مكتوب على الخاتم سطران : أما أول سطر : فلا إله إلا الله ، وأما الثاني : فمحمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هذه صفته يا يهودي.

فقال اليهوديان : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله – وأنك وصي محمد حقا. فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أميرالمؤمنين عليه‌السلام فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان ، فخرجا معه إلى البصرة فقتل أحدهما في وقعة الجمل ، وبقي الآخر حتى خرج معه إلى صفين فقتل بصفين.(٢)

بيان : قوله عليه‌السلام : «والقدرة تحمل كل شئ» أي ليست القدره شيئا غير الذات بها تحمل الذات الاشياء ، بل معنى حمل القدرة أن الذات سبب لوجود كل شئ و بقائه ، قوله عليه‌السلام : « الموت والحياة لا يوقف عليهما » أي على وقت حدوثهما وزوالهما. قوله : « متطابقات » أي مغلقات على أهلها ، أو موافقات بعضها لبعض. قوله : « أيام العشر » أي عشر ذي الحجة ، أو العشرة بدل الهدي كما سيأتي.(٣)

أقول : تفسير سائر أجزاء الخبر مفرق في الابواب المناسبة لها.

____________________

(١) قال الجزرى في النهاية : في صفته عليه‌السلام : كان صلت الجبين أى واسعة. وكان ذا مسربة ـ بضم الراء ـ : ما دق من شعر الصدر سائلا إلى الجوف. وفي حديث آخر : كان دقيق المسربة وكث اللحية ، الكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة ولا طويلة وفيها كثافة. النزر : القليل التافه. الصبب : ما انحدر من الارض أو الطريق. الخصر : وسط الانسان فوق الورك. وقد تقدم تفسير بعض ألفاظ الخبر آنفا.

(٢) الخصال ٢ : ١٤٦ ـ ١٤٨.

(٣) أو تلك عشرة كاملة كما سياتي.

٥

٢ ـ ل : أبي ، عن ، عن سعد ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن جعفر بن يحيى ، عن أبيه رفعه إلى بعض الصادقين من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : جاء رجلان من يهود خيبر ومعهما التوراة منشورة يريدان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجداه قد قبض ، فأتيا أبابكر فقالا إنا قد جئنا نريد النبي لنسأله عن مسألة فوجدناه قد قبض.

فقال : وما مسألتكما؟ قالا : أخبرنا عن الواحد ، والانثين ، والثلاثة ، والاربعة ، والخمسة والستة ، والسبعة ، والثمانية ، والتسعة ، والعشرة ، والعشرين ، والثلاثين ، و الاربعين ، والخمسين ، والستين ، والسبعين ، والثمانين ، والتسعين ، والمائة. فقال لهما أبوبكر : ما عندي في هذا شئ! ايتيا علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

قال : فأتياه فقصا عليه القصة من أولها ومعهما التوراة منشورة ، فقال لهما أميرالمؤمنين عليه‌السلام : إن أنا أخبرتكما بما تجدانه عند كما تسلمان؟ قالا : نعم.

قال : أما الواحد : فهو الله وحده لا شريك له.

وأما الاثنان : فهو قول الله عزوجل : « لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد »؟.

وأما الثلاثة والاربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية فهن : قول الله عز وجل في كتابه في أصحاب الكهف : « سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ».

وأما التسعة : فهو قول الله عزوجل في كتابه : « وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون ».

وأما العشرة : فقول الله عزوجل : « تلك عشرة كاملة ».

وأما العشرون : فقول الله عزوجل في كتابه : « إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ».

وأما الثلاثون والاربعون : فقول الله عزوجل في كتابه « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشرفتم ميقات ربه أربعين ليلة ».

وأما الخمسون : فقول الله عزوجل : « في يوم كل مقداره خمسين ألف سنة ».

٦

وأما الستون : فقول الله عزوجل في كتابه : « فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ».

وأما السبعون : فقول الله عزوجل في كتابه : « واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا ».

وأما الثمانون : فقول الله عزوجل في كتابه : « والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ».

وأما التسعون : فقول الله عزوجل في كتابه : « إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ».

وأما المائة : فقول الله عزوجل في كتابه : « الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ».

قال : فأسلم اليهوديان على يدي أميرالمؤمنين عليه‌السلام.(١)

٣ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي ، عن أبي الحسن عيسى بن محمد بن عيسى بن عبدالله المحمدي من ولد محمد بن الحنفية ، عن محمد بن جابر ، عن عطاء ، عن طاوس قال : أتى قوم من اليهود عمربن الخطاب وهو يومئذ وال على الناس ، فقالوا له : أنت والي هذا الامر بعد نبيكم ، وقد أتيناك نسألك عن أشياء إن أنت أخبر تنابها آمنا وصدقنا واتبعناك. فقال عمر : سلوا عما بدالكم.

قالوا : أخبرنا عن أقفال السماوات السبع ومفاتيحها ، وأخبرنا عن قبر سار بصاحبه ، وأخبرنا عمن أنذر قومه ليس من الجن ولامن الانس ، وأخبرنا عن موضع طلعت فيه الشمس ولم تعد إليه ، وأخبرنا عن خمسة لم يخلقوا في الارحام ، وعن واحد ، واثنين ، وثلاثة ، وأربعة ، وخمسة ، وستة ، وسبعة ، وعن ثمانية ، وتسعة ، وعشرة ، وحاد يعشر ، وثاني عشر.

قال : فأطرق عمر ساعة ثم فتح عينيه ثم قال : سألتم عمربن الخطاب عما ليس

__________________

(١) الخصال ٢ : ١٤٨ و ١٤٩.

٧

له به علم ، ولكن ابن عم رسول الله يخبركم بما سألتموني عنه ، فأرسل إليه فدعاه فلما أتاه قال له : يا أبا الحسن إن معشر اليهود سألوني عن أشياء لم اجبهم فيها بشئ ، وقد ضمنوا لي إن أخبرتهم أن يؤمنوا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال لهم علي عليه‌السلام : يا معشر اليهود أعرضوا علي مسائلكم. فقالوا له متل ما قالوا لعمر. فقال لهم علي عليه‌السلام : أتريدون أن تسألوا عن شئ سوى هذا؟ قالوا : لا يا أبا شبر وشبير.

فقال لهم علي عليه‌السلام : أما أقفال السماوات : فالشرك بالله. ومفاتيحها : قول لا إله إلا الله.

وأما القبر الذي سار بصاحبه : فالحوت سار بيونس في بطنه البحار السبعة. وأما الذي أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس : فتلك نملة سليمان بن داود عليهما‌السلام.

وأما الموضع الذي طلعت فيه الشمس فلم تعد إليه : فذاك البحر الذي أنجى الله عزوجل فيه موسى عليه‌السلام وغرق فيه فرعون وأصحابه. وأما الخمسة الذين لم يخلقوا في الارحام : فآدم وحواء وعصا موسى وناقة صالح وكبش إبراهيم عليه‌السلام.

وأما الواحد : فالله الواحد لا شريك له.

وأما الاثنان : فآدم وحواء.

وأما الثلاثة : فجبرئيل وميكائيل وإسرافيل.

وأما الاربعة : فالتوراة والانجيل والزبور والفرقان.

وأما الخمس فخمس صلوات مفروضات على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأما الستة : فقول الله عزوجل : « ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة أيام ».

وأما السبعة : فقول الله عزوجل : « وبنينا فوقكم سبعا شدادا ».

وأما الثمانية : فقول الله عزوجل : « ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ».

٨

وأما التسعة : فالآيات المنزلات على موسى بن عمران عليه‌السلام.

وأما العشر : فقول الله عزوجل : « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر ».

وأما الحادي عشر : فقول يوسف لابيه عليهما‌السلام : إني رأيت أحد عشر كوكبا.

وأما الاثنا عشر : فقول الله عزوجل لموسى عليه‌السلام : « اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنثا عشرة عينا ».

قال : فأقبل اليهود يقولون : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ، وأنك ابن عم رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ثم أقبلوا على عمر فقالوا : نشهد أن هذا أخو رسول الله ، وأنه أحق بهذا المقام منك ، وأسلم من كان معهم وحسن إسلامهم.(١)

٤ ـ ن ، ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين الثقفي ، عن صالح بن عقبة ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : لما هلك أبوبكر واستخلف عمر رجع عمر إلى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين إني رجل من اليهود وأنا علامتهم وقد أردت أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمت. قال : ماهي؟ قال : ثلاث ، وواحدة ، فإن شئت سألتك وإن كان في القوم أحد أعلم منك أرشدني إليه.

قال : عليك بذلك الشاب ـ يعني علي بن أبي طالب عليه‌السلام ـ فأتى عليا عليه‌السلام فسأله فقال له : لم قلت : ثلاثا وثلاثا وواحدة؟ الا قلت سبعا؟ قال : إني إذا لجاهل ، إن لم تجبني في الثلاث الكتفيت. قال : فإن أجبتك تسلم؟ قال : نعم. قال : سل.

قال : أسألك عن أول حجر وضع على وجه الارض ، وأول عين نبعت ، وأول شجرة نبتت. قال : يا يهودي أنتم تقولون : إن أول حجر وضع على وجه الارض الحجر الذي في البيت المقدس وكذبتم ، هو الحجر الذي نزل به آدم عليه‌السلام من الجنة. قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى.

____________________

(١) الخصال ٢ : ٦٥.

٩

قال : وأنتم تقولون : إن أول عين نبعت على وجه الارض العين التي ببيت المقدس وكذبتم ، هي عين الحياة التي غسل فيها يوشع بن نون السمكة ، (١) وهي العين التي شرب منها الخضر ، وليس يشرب منها أحد إلا حي « حيي خ ل » قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى.

قال : وأنتم تقولون : إن أول شجرة نبتت على وجه الارض الزيتون وكذبتم ، هي العجوة(٢) التي نزل بها آدم عليه‌السلام من الجنة معه. قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى عليه‌السلام.

قال : والثلاث الاخرى : كم لهذه الامة من إمام من إمام هدى لا يضرهم من خذلهم؟ قال : اثنا عشر إماما. قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى.

قال : فأين يسكن نبيكم من الجنة؟ قال : في أعلاها درجة وأشرفها مكانا في جنات عدن. قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى ثم قال : فمن ينزل معه في منزله؟ قال : اثنا عشر إماما. قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى عليه‌السلام.

ثم قال : السابعة فاسلم : كم يعيش وصيه بعده؟ قال : ثلاثين سنة. قال : ثم مه يموت أو يقتل؟ قال : يقتل يضرب على قرنه وتخضب لحيته. قال : صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى عليه‌السلام

قال الصدوق رحمه‌الله في ل : وقد أخرجت هذا الحديث من طرق في كتاب الاوائل.(٣)

ك : حدثنا أبي وابن الوليد معا ، عن سعد مثله.(٤)

ج : عن صالح بن عقبة مثله.(٥)

____________________

(١) في الاحتجاج : غسل فيها النون موسى.

(٢) العجوة : التمر المحشى وتمر بالمدينة.

(٣) عيون الاخبار : ٣١ الخصال ٢ : ٧٧.

(٤) في كمال الدين : وأول عين نبعت على وجه الارض ، وأول شجرة نبتت على وجه الارض

(٥) كمال الدين : ١٧٥. وفيه ما يخالف العيون والخصال بما لا يضر بالمعنى.

(٥) الاحتجاج : ١٢٠.

١٠

٥ ـ ن : الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ قال : حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال : حدثنا داود بن سليمان الفراء قال : حدثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال : إن يهوديا سأل علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : أخبرني عما ليس لله ، وعما ليس عندالله ، وعما لا يعلمه الله.

فقال علي عليه‌السلام : أما مالا يعلمه الله فهو قولكم يا معشر اليهود : إن عزيرا ابن الله ، والله تعالى لا يعلم له ولدا ، وأما قولك ، ما ليس لله فليس الله شريك ، وأما قولك : ما ليس عندالله تعالى فليس عند الله ظلم للعباد.

فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ (١). ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا عليه‌السلام مثله.(٢)

صح : عنه عليه‌السلام مثله.(٣)

٦ ـ ما : شيخ الطائفة ، عن أبي محمد الفحام السر مرائي ، (٤) عن أبي الحسن محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري ، عن علي بن محمد العسكري ، عن آبائه عليهم‌السلام أن رجلا جاء إلى أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : أخبرني عما ليس لله ، و عما ليس عندالله ، وعما لا يعلمه الله.

فقال : أما مالا يعلمه الله فلا يعلم أن له ولدا تكذيبا لكم حيث قلتم : عزير ابن الله.

وأما قولك : « ما ليس لله » فليس له شريك.(٥) وأما قولك : « ماليس عندالله »

__________________

(١) لم نجده في العيون والظاهر أن « ن » مصحف « يد » والحديث يوجد في التوحيد : ٣٨٥.

(٢) عيون الاخبار : ٢١٠.

(٣) صحيفة الرضا : ٣٨.

(٤) هكذا في الكتاب قال الفيروز آبادى في القاموس : ساء من رأى : بلدة ، لما شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره ، فلما انتقل بهم اليها سر كل منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم والنسبة سرمرى وسامرى وسرى.

(٥) في المصدر : فليس لله شريك.

١١

فليس عندالله ظلم العباد(١).

فقال اليهودي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أنك الحق ومن أهل الحق وقلت الحق ، وأسلم على يده.(٢)

٧ ـ ع : حدثنا علي بن أحمدبن محمد رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد بإسناده رفعه قال : أتى علي بن أبي طالب عليه‌السلام يهودي فقال : يا أمير المؤمنين إني أسألك عن أشياء إن أنت أخبرتني بها أسلمت. قال : علي عليه‌السلام : سلني يا يهودي عما بدالك ، فإنك لا تصيب أحدا أعلم منا أهل البيت.

فقال له اليهودي : أخبرني عن قرار هذه الارض على ماهو؟ وعن شبه الولد أعمامه وأخواله؟ ومن أي النطفتين يكون الشعر واللحم والعظم والعصب؟ ولم سميت السماء سماء؟ ولم سميت الدنيا دنيا؟ ولم سميت الآخرة آخرة؟ ولم سمي آدم آدم؟ ولم سميت حواء حواء؟ ولم سمي الدرهم درهما؟ ولم سمي الدنيار دينارا؟ ولم قيل للفرس : أجد؟ ولم قيل للبغل : عد؟ ولم قيل للحمار : حر؟.

فقال عليه‌السلام : أما قرار هذه الارض لا يكون إلا على عاتق ملك ، وقدما ذلك الملك على صخرة ، والصخرة على قرن ثور ، والثور قوائمه على ظهر الحوت في اليم الاسفل ، واليم على الظلمة ، والظلمة على العقيم ، والعقيم على الثرى ، وما يعلم تحت الثرى إلا الله عزوجل.(٣)

وأما شبه الولد أعمامه وأخواله فإذا سبق نطفة الرجل نطفة المرأة إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أعمامه ، ومن نطفة الرجل يكون العظم والعصب ، وإذا سبق نطفة المرأة نطفة الرجل إلى الرحم خرج شبه الولد إلى أخواله ، ومن نطفتها يكون الشعر و

____________________

(١) في المصدر : فليس عندالله ظلم للعباد.

(٢) أمالى الطوسى : ١٧٣.

(٣) قدوردت روايات من طريق العامة والخاصه تتضمن ما في الحديث من قرار الارض على عاتق ملك اه وهى من متشابهات الاخبار التى لم نطلع على حقائقها والمراد منها ، وقد تصدى بعض لتأويلها وتطبيقها على معادن لم نعلم صحتها فاللازم ارجاع علمها إلى الله والى العامين بالاسرار.

١٢

الجلد واللحم لانها صفراء رقيقة ، وسميت السماء سماء لانها وسم الماء ـ يعني معدن الماء ـ وإنما سميت الدنيا دنيا لانها أدنى من كل شئ ، وسميت الآخرة آخرة لان فيها الجزاء والثواب ، وسمي آدم آدم لانه خلق من أديم الارض.

وذلك أن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل عليه‌السلام وأمره أن يأتيه من أديم الارض بأربع طينات : طينة بيضاء ، وطينة حمراء ، وطينة غبراء ، وطينة سوداء ، وذلك من سهلها وحزنها ، ثم أمره أن يأتيه بأربع مياه : ماء عذب ، وماء ملح ، وماء مر ، وماء منتن ، ثم أمره أن يفرغ الماء في الطين وأدمه الله بيده فلم يفضل شئ من الطين يحتاج إلى الماء ، ولا من الماء شئ يحتاج إلى الطين ، فجعل الماء العذب في حلقه ، وجعل الماء المالح في عينه ، وجعل الماء المر في اذنيه ، وجعل الماء المنتن في أنفه. وإنما سميت حواء حواء لانها خلقت من الحيوان وإنما قيل للفرس أجد ، لان أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل ، وأنشأ يقول :

أجد اليوم وما

ترك الناس دما

فقيل للفرس أجد لذلك ، وإنما قيل للبغل : عد لان أول من ركب البغل آدم عليه‌السلام وذلك لانه كان له ابن يقال له : معد ، وكان عشوقا للدواب ، وكان يسوق بآدم عليه‌السلام ، فإذا تقاعس البغل(١) نادى : يا معد سقها ، فألفت البغلة(٢) اسم معد ، فترك الناس معد وقالوا : عد ، وإنما قيل للحمار حر لان أول من ركب الحمار حواء ، وذلك أنه كان لها حمارة وكانت تركبها لزيارة قبر ولدها هابيل ، وكانت تقول في مسيرها : واحراه ، فإذا قالت هذه الكلمات سارت الحمارة ، وإذا أمسكت تقاعست ، فترك الناس ذلك وقالوا : حر ، وإنما سمي الدرهم درهما لانه دار هم من جمعه ولم ينفقه في طاعة الله أورثه النار ، وإنما سمي الدنيا ردينارا لانه دار النار من جمعه ولم ينفقه في طاعة الله تعالى أورثه النار.

فقال اليهودى : صدقت يا أمير المؤمنين ، إنا لنجد جميع ماوصف في التوراة ،

__________________

(١) تقاعس الفرس وغيره ، لم ينقد لقائده.

(٢) في نسخة : فالقبت البغلة ، وفي هامش المصدر : « فابقيت خ ل ».

١٣

فأسلم على يده ولازمه حتى قتل يوم صفين(١)

بيان : قوله عليه‌السلام : « لانه وسم الماء » يدل على أن السماء مشتق من السمة التي أصلها الوسم وهو بمعنى العلامة ، وإنما عبر عنها بالمعدن لان معدن كل شئ علامة له. قال الفيروز آبادي : اسم الشئ بالضم والكسر وسمه وسماه مثلثتين : علامته.(٣) قوله عليه‌السلام : « لانه أدنى من كل شئ » أي أقرب إلينا ، أو أسفل ، أو أخس. قوله : « لان فيها الجزاء » أي والجزاء متأخر عن العمل.

وقال الجوهري : وربما سمي وجه الارض أديما ، وقال : الادم : الالفة و الاتفاق ، يقال : أدم الله بينهما أي أصلح وألف.

قوله : « أجد اليوم » كأنه من الاجادة أي أجد السعي لان الناس لا يتركون الدم بل يطلبونه مني إن ظفروا بي ، أو من الوجدان أي أجد الناس اليوم لا يتركون الدم ، أو بتشديد الدال من الجد والسعي فيرجع إلى الاول ، ويمكن أن يكون في الاصل مكان « وما » قوله : « دما » أي أجد اليوم أخذت لنفسي دما وانتقمت من عدوي فيكون « ترك الناس دما » كلام الامام عليه‌السلام.

ثم إن القول للفرس الظاهر أنه يقال له ذلك عند زجره ، قال الفيروز آبادي : إجد بكسرتين ساكنة الدال زجر للابل ، وقال : عدعد زجر للبغل.(٣) قوله عليه‌السلام : « لانه دارهم » لعه كان أصله هكذا فصار بكثرة الاستعمال درهما.

٧ ـ مع : محمد بن القاسم المفسر ، عن يوسف بن محمد بن زياد ، وعلي بن محمد بن سيار ، عن أبويهما ، عن الحسين بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين أنه قال : كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا : سحر مبين تقوله ، (٤) فقال الله : « ألم ذلك الكتاب » أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلنه(٥) عليك هو بالحروف المقطعة التي منها : ألف

__________________

(١) علل الشرائع : ١٢ ، الحديث الاول من الكتاب.

(٢) القاموس : فصل السين من الواو.

(٣) القاموس : فصل الهمزة والعين من الدال.

(٤) في نسخة : يقول. وفي اخرى : يقوله.

(٥) في نسخة انزلته.

١٤

لام ، ميم ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم « فأتوا بمثله إن كنتم صادقين » واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم ، ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله : « قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا » ثم قال الله : « ألم » هو القرآن الذي افتتح بألم ، هو ذلك الكتاب الذي أخبرت موسى فمن بعده من الانبياء ، (١) فأخبروا بني إسرائيل أني سانزله عليك يا محمد كتابا عزيزا(٢) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد « لا ريب فيه » لا شك فيه الظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل يقرؤه هو وامتهم على سائر أحوالهم « هدى » بيان من الضلالة « للمتقين » الذين يتقون الموبقات ، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضى ربهم.

قال : وقال الصادق عليه‌السلام : ثم الالف حرف من حروف قولك : « الله » دل بالالف على قولك : الله ، ودل باللام على قولك : الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ، ودل بالميم على انه المجيد المحمود في كل افعاله ، وجعل هذا القول حجة على اليهود ، وذلك ان الله لما بعث موسى بن عمران عليه‌السلام ثم من بعده من الانبياء عليهم‌السلام إلى بني اسرائيل لم يكن فيهم قوم(٣) الا اخذوا عليهم اليهود العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الامي المبعوث بمكة الذي يهاجر إلى المدينة ، ياتي بكتاب بالحروف المقطعة(٤) افتتاح بعض سوره يحفظه امته فيقرؤونه قياما وقعودا ومشاة وعلى كل الاحوال ، يسهل الله عزوحل حفظه عليهم ، ويقرنون بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله اخاه ووصيه علي بن ابي طالب عليه‌السلام الاخذ عنه علومه التي علمها ، والمتقلد عنه لامانته التي قلدها ، ومذلل كل من عاند محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بسيفه الباتر ، ومفحم كل من حاوله وخاصمه بدليله القاهر ، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله حتى يقودهم

__________________

(١) في نسخة : ومن بعده من الانبياء.

(٢) في نسخة كتابا عربيا.

(٣) في نسخة من الكتاب والمصدر : لم يكن فيهم احد.

(٤) في المصدر : من الحروف المقطعة.

١٥

إلى قبوله طائعين وكارهين ، ثم اذا صار محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رضوان الله عزوجل ، وارتد كثير ممن

فقال علي عليه‌السلام : فما تصنعون بما انزل كان اعطاه ظاهر الايمان وحرفوا تأويلاته وغيروا معانيه ووضعوها على خلاف وجوهها قاتلهم بعد على تأويله حتى يكون ابليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلول.

قال : فلما بعث الله محمدا واظهره بمكة ثم سيسره « هاجر خ ل » منها إلى المدينة واظهره بها ثم انزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سورته الكبرى بألم يعني « الم ذلك الكتاب » وهو ذلك الكتاب الذي اخبرت انبيائي السالفين اني سانزله عليك يا محمد « لاريب فيه » فقد ظهر كما اخبرهم به انبياؤهم ان محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لايمحوه الباطل ، يقرؤه هو وامته على سائر احوالهم ، ثم اليهود يحرفونه عن جهته ، ويتأولونه على غير وجهه ، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال اجل « آجال خ ل » هذه الامة ، وكم مدة ملكه « ملكهم خ ل » فجاء إلى رسول الله منهم جماعة فولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام مخاطبتهم ، (١) فقال قائلهم : ان كان ما يقول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله حقا لقد فقد خ ل علمناكم قدر ملك امته ، هو احدى وسبعون سنة : الالف واحد ، واللام ثلاثون ، والميم اربعون.

فقال علي عليه‌السلام : فما تصنعون بألمص وقد انزلت عليه؟ قالوا : هذه إحدى و ستون ومائة سنة ، قال : فماذا تصنعون « بألر » وقد انزلت عليه؟ فقالوا : هذه أكثر هذه مائتان وإحدى وثلاثون سنة. إليه « ألمر »؟ قالوا : (٢) هذه مائتان وإحدى وسبعون سنة.

فقال علي عليه‌السلام : فواحدة من هذه له او جميعها له؟ فاختلط كلامهم فبعضهم قال : له واحدة منها ، وبعضهم قال : بل يجمع له كلها ، وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة ، ثم يرجع الملك إلينا ـ يعني إلى اليهود ـ.

فقال علي عليه‌السلام : أكتاب من كتب الله نطق بهذا ، أم آراؤكم دلتكم عليه؟ فقال

__________________

(١) في المصدر : فخاطبهم.

(٢) في هامش النسخة المقروءة على المصنف : فماذا تصنعون بألمر وقد انزلت عليه؟ قالوا : هذه اكثر هذه اه م.

١٦

بعضهم : كتاب الله نطق به ، وقال آخرون منهم : بل آراؤنا دلت عليه.

فقال علي عليه‌السلام : فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون ، فعجزوا عن ايراد ذلك ، وقال للاخرين : فدلونا على صواب هذا الرأي ، فقالوا : صواب رأينا دليله ان هذا حساب الجمل.

فقال عليه‌السلام : كيف دل على ما تقولون وليس في هذه الحروف ما اقترحتم بلا بيان؟(١) أرأيتم ان قيل لكم : ان هذه الحروف ليست دالة على هذه المدة لملك امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنها دالة على ان كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب ، أو أن عند كل واحد منكم دينا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير ، (٢) أو أن لعلى كل واحد منكم(٣) دينا عدد ماله مثل عدد هذا الحساب؟ قالوا : يا أبا الحسن ليس شئ مما ذكرته منصوصا عليه في ألم وألمص وألرا وألمر.

فقال علي عليه‌السلام : ولاشئ مما ذكرتموه منصوص عليه في ألم وألمص وألر وألمر ، فان بطل قولنا لما قلتم بطل قولكم لما قلنا. فقال خطيبهم ومنطيقهم : لاتفرح يا علي بأن عجزنا عن اقامة حجة فيما نقوله على دعوانا ، فأي حجة لك في دعواك ، إلا أن تجعل عجزنا حجتك؟ فاذا مالنا حجة فيما نقول ولا لكم حجة فيما تقولون. قال علي عليه‌السلام : لا سواء ، إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة ، ثم نادى جمال اليهود : يا ايتها الجمال اشهدي لمحمد ولوصيه ، فتبادر الجمال : (٤) صدقت صدقت يا وصي محمد وكذب هؤلاء اليهود.

فقال علي عليه‌السلام : هؤلاء جنس من الشهود ، (٥) يا ثياب اليهود التي عليهم اشهدي لمحمد ولوصيه ، فنطقت ثيابهم كلها : صدقت صدقت يا علي نشهد أن محمدا رسول الله حقا ، وانك يا علي وصيه حقا ، لم يثبت محمدا قدم في مكرمة إلا وطئت على

__________________

(١) في نسخة : وليسه في هذه الحروف دلالة على ما اقترحتموه.

(٢) في المصدر هكذا : او ان عدد ذلك لكل واحد منكم ومنا بعدد هذا الحساب دراهم أو دناينر ، وهو لايخلو عن تصحيف.

(٣) في النسخة المقروءة على المصنف : أو أن لعلي على كل واحد منكم اه.

(٤) في نسخة : فنادت الجمال.

(٥) في نسخة : هؤلاء خير من اليهود. والمصدر خال عنه.

١٧

موضع قدمه بمثل مكرمته ، فانتما شقيقان من اشرف انوار الله(١) فميزتما اثنين ، أنتما في الفضائل شريكان الا انه لانبي بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعند ذلك خرست اليهود ، وآمن بعض النظارة منهم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغلب الشقاء على اليهود وسائر النظارة آلاخرين ، فذلك ما قال الله تعالى : « لاريب فيه » انه كما قال محمد ووصي محمد عن قو محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عن قول رب العالمين ، ثم قال : « هدى » بيان وشفاء « للمتقين » من شيعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام ، انهم اتقوا انواع الكفر فتركوها ، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها ، واتقوا اظهار اسرار الله واسرار ازكياء عباده الاوصياء بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فكتموها ، واتقوا ستر العلوم(٢) عن اهلها المستحقين لها ومنهم « فيهم خ ل » نشروها.(٣)

٩ ـ يد : القطان والدقاق معا عن ابن زكريا ، عن ابن حبيب ، عن محمد بن عبيد الله ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالرحمن بن اسود ، عن جعفر بن محمد ، عن ابيه عليه‌السلام قال : كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صديقان يهوديان قد آمنا بموسى رسول الله عليه‌السلام وأتيا محمدا رسول الله (ص) وسمعا منه ، وقد كانا قرآ التوراة وصحف ابراهيم عليه‌السلام ، وعلما علم الكتب الاولى ، فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله أقبلا يسألان عن صاحب الامر بعده وقالا : انه لم يمت نبي قط الا وله خليفة يقوم بالامر في امته من بعده ، قريب القرابة اليه من اهل بيته ، عظيم الخطر(٤) جليل الشأن.

فقال احدهما لصاحبه : هل تعرف صاحب الامر من بعد هذا النبي؟ قال الاخر لا أعلمه الا بالصفة التي أجدها في التوراة : هو الاصلع المصفر(٥) فانه كان أقرب القوم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما دلا المدينة وسألا عن الخليفة ارشد إلى ابي بكر

__________________

(١) في نسخة : من اشراف انوار الله. وفي المصدر من اشراق (اشرف خ ل) انوار الله.

(٢) في نسخة : واتقوا اسرار العلوم.

(٣) معاني الاخبار : ١٢ و ١٣

(٤) في نسخة : عظيم القدر.

(٥) في نسخة : هو الاصلع المصفر.

١٨

فلما نظرا اليه قالا : ليس هذا صاحبنا ، ثم قالا له : ما قرابتك من رسول الله؟ قال : اني رجل من عشيرته ، وهو زوج ابنتي عائشة.

قالا : هل غير هذا؟ قال : لا. قالا : ليست هذه بقرابة ، فأخبرنا اين ربك؟ قال فوق سبع سماوات. قال : هل غير هذا؟ قال : لا. قالا : دلنا على من هو اعلم منك ، فانك انت لست بالرجل الذي نجد في التوراة انه وصي هذا النبي وخليفته. قال فتغيظ من قولهما وهم بهما ، ثم ارشدهما إلى عمر ـ وذلك انه عرف من عمر انهما إن استقبلاه بشئ بطش بهما فلما أتياه قالا : ما قرابتك من هذا النبي؟ قال : أنا من عشيرته وهو زوج ابنتي حفصة.

قالا : هل غيرهذا؟ قالا : ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة التي نجدها في التوراة ثم قالا له قأين ربك؟ قال : فوق سبع سماوات ، قالا : هل غير هذا؟ قال : لا قالا : دلنا على من هوأعلم منك ، فارشد هما إلى علي عليه‌السلام ، فلما جا آه فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه : إنه الرجل الذي صفته في التوراة أنه وصي هذا النبي و خليفته وزوج ابنته ، وأبوالسبطين ، والقائم بالحق من بعده.

ثم قالا لعلي عليه‌السلام أيها الرجل ماقرابتك من رسول؟ قال هو أخي ، وأنا وارثه ووصيه وأول من آمن به ، وأنازوج ابنته قالا : هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة وهذه الصفة التي نجدها في التوراة فأين ربك(١) عزوجل؟ قال لهما علي عليه‌السلام : أن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبيكما موسى عليه‌السلام ، وإن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

قالا : أنبئنا بالذي كان على عهد نبينا موسى عليه‌السلام قال علي عليه‌السلام : أقبل أربعة أملاك : ملك من المشرق ، وملك من المغرب ، وملك من السماء وملك من الارض ، فقال صاحب المشرق ، لصاحب المغرب : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند ربي ، و قال صاحب المغرب لصاحب المشرق : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال النازل من السماء للخارج من الارض : من أين أقبلت؟ قال : أقبلت من عند

__________________

(١) في المصدر ثم قالاله : فاين ربك

١٩

ربي ، وقال الخارج من الارض للنازل من السماء : من أين اقبلت؟ قال أقبلت من عندربي ، فهذا ماكان على عهد نبيكماموسى عليه‌السلام وأما ماكان على عهد نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلم فذلك قوله في محكم كتابه : « مايكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولاخمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا » الآية قال اليهوديان : فمامنع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟ فوالذي أنزل التوراة على موسى عليه‌السلام إنك لانت الخليفة حقا نجد صفتك في كتبنا ، ونقرؤه في كنائسنا ، وأنك لانت أحق بهذا الامر وأولى به ممن قد غلبك عليه فقال علي عليه‌السلام : قد ما وأخرا وحسابهما على الله عزوجل يوقفان و يسألان (١)

بيان : المصفر كمعظم : الجائع ، واصفر : افتقر وفي بعض النسخ بالغين المعجمة وعلى التقادير لعله كناية عن المغصوبية والمظلومية قوله : « قدما » أي من أخره الله عن رتبة الامامة « وأخرا » أي عن الا مامة من جعله الله أهلا لها.

١٠ ـ ك : محمدبن الفضيل ، عن زكريابن يحيى ، عن عبدالله بن مسلم ، عن إبراهيم بن يحيى الاسلمي ، (٢) عن عمار بن جوبن ، (٣) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة(٤) قال : شهدنا الصلاة على أبي بكر ثم اجتمعنا إلى عمر بن الخطاب فبايعناه و أقمنا أياما نختلف إلى المسجد إليه حتى سموه أميرالمؤمنين ، فبينا نحن جلوس عنده يوما إذجاء يهودي من يهود المدينة وهو يزعم أنه من ولد هارون أخي موسى عليه‌السلام

__________________

(١) التوحيد : ١٧١ ـ ١٧٣.

(٢) في الاسناد اختصار والتفصيل على مافى المصدز هكذا : أخبرنا أبوسعيد محمدبن الفضل بن محمدبن إسحاق المذكر بنيسابور قال : حدثنا أبويحيى زكريابن الحارث البزاز قال حدثنا عبدالله بن مسلم الدمشقى ، قال : حدثنا ابراهيم بن بحيى الاسلمى المدنى الدمشقى.

(٣) هكذا في الكتاب ومصدره ، والصحيح عمارة بن جوين الذى ترجمه ابن حجر في التقريب ص ٣٧٨ بما حاصله : عمارة بن جوين بجيم مصغر أبوهارون العبدى مشهور بكنيته شيعى من الرابعة مات سنة اربع وثلاثين قلت : يعنى بعدالمائة

(٤) هو عامرين واثلة بن عبدالله بن عمروبن جحش الليثى ابوالطفيل ، ولد عام احد ورأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وعمر إلى أن مات سية عشر ومائة وهو آخر من مات من الصحابة

٢٠