الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٦
ابن أشيم (١) قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فسألته عن مسألة فأجابني ، فبينا أنا جالس إذ جاءه رجل فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني ثمَّ جاءه رجل آخر فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي ، ففزعت من ذلك وعظم عليَّ ، فلمّا خرج القوم نظر إليَّ فقال : يا ابن أشيم كأنَّك جزعت ؟ قلت : جعلني الله فداك إنَّما جزعت من ثلاث أقاويل في مسألة واحدة ، فقال : يا ابن أشيم إنَّ الله فوَّض إلى سليمان بن داود أمر ملكه فقال : هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ . وفوَّض إلى محمّد أمر دينه فقال : مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . فإنَّ الله تبارك وتعالى فوَّض أمره إلى الأئمّة منّا وإلينا ما فوَّض إلى محمّد صلى الله عليه وآله فلا تجزع .
بيان : هذا أحد معاني التفويض ، وهو أنّه فوَّض الله إليهم بيان الحكم الواقعي في موضعه ، وبيان حكم التقيّة في محلّه ، والسكوت فيما لم يروا المصلحة في بيان شيء وسيأتي تفصيله في كتاب الإمامة .
٣٣ ـ ير : محمّد بن عيسى قال : أقرأني داود بن فرقد الفارسيّ كتابه إلى أبي الحسن الثالث عليهالسلام وجوابه بخطّه ، فقال : نسألك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه ؟ إذا نردّ إليك (٢) فقد اختلف فيه . فكتب ـ وقرأته ـ : ما علمتم أنّه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردّوه إلينا .
٣٤ ـ ير : محمّد بن عبد الجبّار ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن الفضيل ، عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يختلف أصحابنا فأقول : قولي هذا قول جعفر بن محمّد . قال : بهذا نزل جبرئيل .
بيان : بهذا أي بما أقول لك أو بالتسليم الّذي صدر منك .
________________________
(١) هو من أصحاب محمد بن مقلاص ، روى الكشي في رجاله ص ٢٢١ ما يدل على ذمه وعلى كونه خطابيا قتل مع أبي الخطاب . قال : حمدويه بن نصير قال : حدثنا أيوب بن نوح ، عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إني لانفس على اجساد اصيبت معه ـ يعنى أبا الخطاب ـ النار ، ثم ذكر ابن الاشيم فقال : كان ياتيني فيدخل عليّ هو وصاحبه وحفص بن ميمون ويسألوني فاخبرهم بالحق ثم يخرجون من عندي الى أبي الخطاب فيخبرهم بخلاف قولي فيأخذون بقوله ويذرون قولي .
(٢) وفي نسخة : إذا أفرد اليك .
٣٥ ـ سن : أبي ، عن سليمان الجعفريّ رفعه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم .
٣٦ ـ سن : أبو اسحاق ، عن داود ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من لم يعرف الحقَّ من القرآن لم يتنكّب الفتن . (١)
٣٧ ـ سن : أبي ، عن عليّ بن النعمان ، عن أيّوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : كلُّ شيء مردود إلى كتاب الله والسنّة ، وكلُّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف .
شى : عن أيّوب مثله .
٣٨ ـ سن : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن كليب بن معاوية ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ما أتاكم عنّا من حديث لا يصدّقه كتاب الله فهو باطل .
شى : عن كليب مثله .
٣٩ ـ سن : أبو أيّوب ، عن ابن أبي عمير ، عن الهشامين جميعاً وغيرهما قال : خطب النبيُّ صلىاللهعليهوآله بمنى فقال : أيّها الناس ما جاءكم عنّي فوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله .
٤٠ ـ سن : ابن فضّال ، عن عليّ بن أيّوب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا حدِّثتم عنّي بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده ، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته ، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله .
بيان : النحلة : العطيّة ، ولعلَّ المراد : إذا ورد عليكم أخبار مختلفة فخذوا بما هو أهنأ وأسهل وأقرب إلى الرشد والصواب ممّا علمتم منّا ، فالنحلة كناية عن قبول قوله صلىاللهعليهوآله والأخذ به . ويحتمل أن تكون تلك الصفات قائمةً مقام المصدر أي أنحلوني أهنأ نحل وأسهله وأرشده ، والحاصل أنَّ كلّ ما يرد منّي عليكم فاقبلوه أحسن القبول ، فيكون ما ذكره بعده في قوّة الاستثناء منه .
٤١ ـ سن : الواسطيّ ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ـ في
________________________
(١) أي لم يجتنب ولم يعدل عنه .
حديث له ـ قال : كلُّ من تعدّى السُنّة ردّ إلى السِنّة .
٤٢ ـ وفي حديث آخر قال أبو جعفر عليهالسلام : من جهل السُنّة ردَّ إلى السِنّة .
٤٣ ـ سن : عليُّ بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور ، قال عليٌّ : وحدَّثني الحسين بن أبي العلاء أنّه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن اختلاف يرويه من يثق به (١) ، فقال : إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإلّا فالّذي جاءكم به أولى .
٤٤ ـ سن : النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام قال : إنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه .
شى : عن السكونيّ مثله .
٤٥ ـ سن : أبي ، عن خلف بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : كيف اختلف أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله في المسح على الخفّين ؟ فقال : كان الرجل منهم يسمع من النبيّ صلىاللهعليهوآله الحديث فيغيب عن الناسخ ولا يعرفه فإذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه ، وقد كان الشيء ينزل على رسول الله صلىاللهعليهوآله فعمل به زماناً ثمّ يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه واُمّته حتّى قال اُناس : يا رسول الله إنّك تأمرنا بالشيء حتّى إذا اعتدناه وجرينا عليه أمرتنا بغيره ، فسكت النبيُّ صلىاللهعليهوآله عنهم فأنزل عليه : قل ما كنت بدعاً من الرسل إن أتّبع إلّا ما يوحى إليَّ وما أنا إلّا نذيرٌ مبينٌ .
٤٦ ـ سن : عليّ بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الأعلى قال : سأل عليُّ بن حنظلة أبا عبد الله عليهالسلام عن مسألة وأنا حاضر فأجابه فيها ، فقال له عليٌّ : فإن كان كذا و كذا ؟ فأجابه بوجه آخر حتّى أجابه بأربعة أوجه ، فقال عليُّ بن حنظلة : يا أبا محمّد هذا باب قد أحكمناه ، فسمعه أبو عبد الله عليهالسلام فقال له : لا تقل هكذا يا أبا الحسن ، فإنّك رجل ورع إنّ من الأشياء أشياء مضيّقة ليس تجري إلّا على وجه واحد ، منها : وقت الجمعة ليس لوقتها إلّا حدٌّ واحد حين تزول الشمس ، ومن الأشياء موسّعة تجري علي وجوه كثيرة ، وهذا منها ، والله إنّ له عندي لسبعين وجهاً . (٢)
________________________
(١) وزاد في المحاسن : وفيهم من لا يثق به .
(٢) تقدم الحديث عن ختص وير تحت الرقم ٥٠ من باب أن حديثهم عليهم السلام صعب مستصعب .
٤٧ ـ سن : أبي ، عن محمّد بن سنان ، عن بعض أصحابه (١) ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : من علم أنّا لا نقول إلّا حقّاً فليكتف منّا بما نقول فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم أنّ ذلك دفاع منّا عنه .
كا : محمّد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن سنان (٢) ، عن نصر الخثعميّ ، عنه عليه السلام مثله .
٤٨ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في عهده إلى الأشتر : واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الاُمور ، فقد قال الله سبحانه لقوم أحبّ إرشادهم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ . فالردُّ إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والردُّ إلى الرسول الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرَّقة .
بيان : ما يضلعك أي يثقلك ، وفي بعض النسخ بالظاء أي يميلك ويعجزك ، وظلعوا أي تأخّروا وانقطعوا ، ولعلَّ المراد بالجامعة غير المفرَّقة المتواترة ، وقيل أي يصير نيّاتهم بالأخذ بالسنّة واحدةً .
٤٩ ـ شى : عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ في خطبة بمنى أو مكّة ـ : يا أيّها الناس ما جاءكم عنّي يوافق القرآن فأنا قلته ، وما جاءكم عنّي لا يوافق القرآن فلم أقله .
٥٠ ـ شى : عن محمّد بن مسلم قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام يا محمّد ما جاءك في رواية من برّ أو فاجر يوافق القرآن فخذ به ، وما جاءك في رواية من برّ أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به .
٥١ ـ شى : عن سدير قال : قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهماالسلام : لا تصدق علينا إلّا بما يوافق كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله .
٥٢ ـ شى : عن الحسن بن الجهم ، عن العبد الصالح عليهالسلام قال : إذا كان جاءك
________________________
(١) لعله نصر الخثعمي في الخبر الاتي بعد ذلك .
(٢) هو محمد بن سنان .
الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا فإن أشبههما فهو حقٌّ وإن لم يشبههما فهو باطل .
٥٣ ـ سر : من جامع البزنطيّ ، عن الرضا عليهالسلام قال : علينا إلقاء الاُصول إليكم وعليكم التفرُّع .
٥٤ ـ سر : من جامع البزنطيّ ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إنّما علينا أن نلقي إليكم الاُصول وعليكم أن تفرّعوا .
غو : روى زرارة وأبو بصير ، عن الباقر والصادق عليهماالسلام مثله .
بيان : يدلُّ على جواز استنباط الأحكام من العمومات .
٥٥ ـ سر : من كتاب المسائل ، من مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى ، حدّثنا محمد بن أحمد بن محمّد بن زياد ، وموسى بن محمّد بن عليّ بن موسى قال : كتبت إلى أبي الحسن عليهالسلام أسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك صلوات الله عليهم قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه والردٌّ إليك فيما اختلف فيه ؟ فكتب عليهالسلام : ما علمتم أنّه قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردّوه إلينا .
بيان : ظاهره عدم جواز العمل بالأخبار الّتي هي مظنونة الصدور عن المعصوم لكنّه بظاهره مختصٌّ بالأخبار المختلفة ، فيجمع بينه وبين خبر التخيير بما مرَّ ، على أنَّ إطلاق العلم على مايعمُّ الظنَّ شايع وعمل أصحاب الأئمّة عليهمالسلام على أخبار الآحاد الّتي لا تفيد العلم في أعصارهم متواتر بالمعنى لا يمكن إنكاره . (١)
٥٦ ـ نهج : من وصيّته عليهالسلام لابن عبّاس ـ لمّا بعثه للاحتجاج على الخوارج ـ : لا تخاصمهم بالقرآن فإنَّ القران حمّال ذو وجوه تقول ويقولون ، ولكن حاجّهم بالسنّة فإنّهم لن يجدوا عنها محيصاً .
٥٧ ـ غو : روى العلّامة قدّست نفسه مرفوعاً إلى زرارة بن أعين قال : سألت الباقر عليهالسلام فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ ؟ فقال عليهالسلام : يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذَّ النادر . فقلت : يا
________________________
(١) والحاصل أن اطلاق العلم على الظنون المعتبرة عند العقلاء التي يعاملون معها معاملة العلم كثير جداً .
سيّدي ، إنّهما معاً مشهوران مرويّان مأثوران عنكم ، فقال عليهالسلام : خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك . فقلت : إنّهما معاً عدلان مرضيّان موثّقان ، فقال : انظر ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه وخذ بما خالفهم . قلت : ربّما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع ؟ فقال : إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط . فقلت : إنّهما معاً موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع ؟ فقال عليهالسلام : إذن فتخيّر أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر .
وفي رواية أنّه عليهالسلام قال : إذن فارجه حتّى تلقى إمامك فتسأله .
بيان : هذا الخبر يدلُّ على أنَّ موافقة الاحتياط من جملة مرجّحات الخبرين المتعارضين .
٥٨ ـ كش : ابن قولويه ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يوماً ـ ودخل عليه الفيض بن المختار فذكر له آيةً من كتاب الله عزّ وجلّ يأوّلها أبو عبد الله عليهالسلام ـ فقال له الفيض : جعلني الله فداك ما هذا الاختلاف الّذي بين شيعتكم ؟ قال : وأيُّ الاختلاف يا فيض ؟ فقال له الفيض : إنّي لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أن أشكَّ في اختلافهم في حديثهم حتّى أرجع إلى المفضّل ابن عمر فيوقفني (١) من ذلك على ما تستريح إليه نفسي وتطمئنُّ إليه قلبي ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أجل هو كما ذكرت يا فيض إنّ الناس أولعوا بالكذب علينا ، إنّ الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره ، وإنّي اُحدّث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتّى يتأوّله على غير تأويله ، وذلك أنّهم لا يطلبون بحديثنا وبحبّنا ما عند الله ، وإنّما يطلبون الدنيا وكلٌّ يحبُّ أن يدعى رأساً ، إنّه ليس من عبد يرفع نفسه إلّا وضعه الله ، وما من عبد وضع نفسه إلّا رفعه الله وشرَّفه ، فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس ـ وأومأ بيده إلى رجل من أصحابه ـ فسألت أصحابنا عنه ، فقالوا : زرارة بن أعين .
٥٩ ـ كش : حمدويه بن نصير ، عن اليقطينيّ ، عن يونس ، عن عبد الله بن زرارة ، و حدّثنا محمّد بن قولويه والحسين بن الحسن معاً ، عن سعد ، عن هارون ، عن الحسن بن
________________________
(١) وفي نسخة : فيوفقني .
محبوب ، عن محمّد عبد الله بن زرارة ، وابنيه الحسن والحسين ، عن عبد الله بن زرارة قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : إقرأ منّي على والدك السلام وقل له : إنّي أعيبك دفاعاً منّي عنك فإنَّ الناس والعدوَّ يسارعون إلى كلِّ من قرَّبناه وحمدنا مكانه ، لإدخال الأذى فيمن نحبُّه ونقرِّبه ويذمّونه لمحبّتنا له وقربه ودنوّه منّا ، ويرون إدخال الأذى عليه و قتله ، ويحمدون كلَّ من عيّبناه نحن وأن يحمد أمره ، فإنّما أعيبك لأنّك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا ، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودّتك لنا ولميلك إلينا ، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ، ويكون بذلك منّا دفع شرُّهم عنك ، يقول الله جلّ وعزّ : أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كلَّ سفينة غصباً . هذا التنزيل من عند الله صالحة ، لا والله ما عابها إلّا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه ، ولقد كانت صالحةً ليس للعيب فيها مساغ ، والحمد لله ، فافهم المثَل يرحمك الله فإنّك والله أحبُّ الناس إليَّ وأحبُّ أصحاب أبي عليهالسلام حيّاً وميّتاً ، فإنّك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر ، وإنّ من ورائك ملكاً ظلوماً غصوباً يرقب عبور كلّ سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصباً ثمّ يغصبها وأهلها ، ورحمة الله عليك حيّاً ورحمته ورضوانه عليك ميّتاً ، ولقد أدّى إليَّ إبناك الحسن والحسين رسالتك أحاطهما الله وكلأهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين ، فلا يضيقنَّ صدرك من الّذي أمرك أبي عليهالسلام وأمرتك به ، وأتاك أبو بصير بخلاف الّذي أمرناك به ، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلّا بأمر وسعنا و وسعكم الأخذ به ، ولكلّ ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحقّ ، ولو اُذن لنا لعلمتم أنَّ الحقَّ في الّذي أمرناكم ، فردّوا إلينا الأمر وسلّموا لنا واصبروا لأحكامنا وارضوا بها ، والّذي فرَّق بينكم فهو راعيكم الّذي استرعاه الله خلقه ، وهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها ، فإن شاء فرَّق بينها لتسلم ، ثمّ يجمع بينها ليأمن من فسادها وخوف عدوّها في آثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمن من مأمنه والفرج من عنده ، عليكم بالتسليم والردّ إلينا ، وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم ، فلو قد قام قائمنا ـ عجّل الله فرجه ـ وتكلّم بتكلّمنا (١) ثمَّ استأنف بكم تعليم القرآن وشرايع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمّد ـ صلىاللهعليهوآله ـ لأنكر أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكاراً شديداً ، ثمَّ لم تستقيموا
________________________
(١) وفي نسخة : وتكلم متكلمنا .
على دين الله وطريقته إلّا من تحت حدّ السيف فوق رقابكم ، إنّ الناس بعد نبيّ الله صلىاللهعليهوآله ركب الله به سنّة من كان قبلكم فغيَّروا وبدَّلوا وحرَّفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه ، فما من شيء عليه الناس اليوم إلّا وهو محرَّف عمّا نزل به الوحي من عند الله ، فأجب يرحمك الله من حيث تدعى إلى حيث ترعى حتّى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافاً ، وعليك بالصلاة الستّة والأربعين ، وعليك بالحجّ أن تهلّ بالإفراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكّة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به وقلّبت الحجّ عمرة أحللت إلى يوم التروية ثمّ استأنف الإهلال بالحجّ مفرداً إلى منى ، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة ، فكذلك حجَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا ، أن يفسخوا ما أهلّوا به ويقلّبوا الحجَّ عمرةً ، وإنّما أقام رسول الله صلىاللهعليهوآله على إحرامه ليسوق الّذي ساق معه ، فإنَّ السائق قارن ، والقارن لا يحلُّ حتّى يبلغ هديه محلّه ، ومحلّه المنحر بمنى ، فإذا بلغ أحلَّ فهذا الّذي أمرناك به حجُّ التمتّع فالزم ذلك ولا يضيقنَّ صدرك ، والّذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ وما أمرنا به من أن يهلَّ بالتمتّع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ، ولا يخالف شيءٌ منه الحقَّ ولا يضادُّه ، والحمد لله ربّ العالمين .
بيان :
قوله عليهالسلام : وإن يحمد أمره كلمة « إن » وصليّة أي
وإن حمد أمره ، كما في بعض النسخ ، وفي بعض النسخ : وإن لم يحمد . وهو الظاهر كما لا يخفى . قوله : هذا
التنزيل أي إنّما نزل من عند الله كلّ سفينة صالحة ، وقد ذكر المفسّرون أنّها قراءة أهل
البيت عليهمالسلام . والقمقام : البحر والمراد هنا الكبير
منه . وزخر البحر : طمى وتملّأ . قوله عليهالسلام : في آثار ما يأذن الله أي يجمع الراعي بينها بعد أن يأذن الله له ، والمرفوع في « يأتيها
» راجع إلى الله أو إلى الراعي ، والمنصوب إلى الغنم ، والباء : للتعدية . قوله عليهالسلام : لأنكر أهل التصابر في بعض النسخ : لأنّكم أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكار شديد ، وظاهر أنّه
تصحيف ، ويمكن أن يتكلّف بتقدير جزاء الشرط ، أي لرأيتم أمراً عظيماً ثمّ علّل ذلك
بأنّكم تتكلّفون الصبر في هذا اليوم وفي ذلك اليوم تنكرون إنكاراً شديداً ، وقال
السيّد الداماد قدّس سرّه : لام التعليل الداخلة على « أنّ » باسمها وخبرها على ما في
أكثر النسخ
متعلّقةٌ باستيناف التعليم ، وفتّكم (١) بفتح الفاء وتشديد التاء المثنّاة من فوق جملة فعليّة على جواب « لو » ذلك اليوم منصوب على الظرف ، وإنكار شديد مرفوع على الفاعليّة ، والمعنى شقّ عصاكم وكسر قوّة اعتقادكم وبدّد جمعكم وفرّق كلمتكم ، وفي بعض النسخ : إنكاراً شديداً نصباً على التميز أو على نزع الخافض ، وذلك اليوم بالرفع على الفاعليّة ، وربّما يوجد في النسخ : لأنكر بفتح اللّام للتأكيد ، وأنكر على الفعل من الإنكار ، وأهل البصائر بالرفع على الفاعليّة ، وفيكم بحرف الجرّ المتعلّقة بمجرورها بأهل البصائر للظرفيّة أو بمعنى منكم . وذلك اليوم بالنصب على الظرف . وإنكاراً شديداً منصوباً على المفعول المطلق أو على التميز . فليعرف . انتهى . قوله عليهالسلام : ركب الله به الباء للتعدية و الظاهر « بهم » كما في بعض النسخ ، ويحتمل أن يكون إفراد الضمير لإفراد لفظ الناس ، والإرجاع إلى النبيّ بعيد ، والمعنى أنّ الله تعالى خلّاهم وأنفسهم وفَتنهم كما فَتن الّذين من قبلهم . قوله عليهالسلام : لذلك ما يسعنا الموصول مبتداءٌ والظرف خبره وسيأتي الكلام في الحجّ والنوافل في محالّهما .
٦٠ ـ كش : محمّد بن قولويه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن عبد الله الحجّال ، عن العلاء ، عن ابن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّه ليس كلُّ ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم ، ويجيىءُ الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلّ ما يسألني عنه ، قال : فما يمنعك من محمّد بن مسلم الثقفيّ ؟ فإنّه قد سمع من أبي وكان عنده وجيهاً .
٦١ ـ كش : حمدويه ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب العقرقوفيّ (٢) قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ربّما احتجنا أن نسأل عن الشيء فمن نسأل ؟ قال : عليك بالأسديّ ـ يعني أبا بصير ـ .
٦٢ ـ كش : محمّد بن قولويه ، والحسين بن الحسن بن بندار معاً ، عن سعد ، عن اليقطينيّ ، عن يونس بن عبد الرحمن أنّ بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر فقال له : يا أبا محمّد ما أشدَّك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا فما الّذي يحملك على ردّ الأحاديث ؟
________________________
(١) لم نجد لفظ « فتّكم » في الحديث ولعل كان في نسخة ، « لانكر أهل التصابر فتكم » .
(٢) هو شعيب بن يعقوب العقرقوفي ، أبو يعقوب ، ابن اخت يحيى بن القاسم أبي بصير ، وثّقه النجاشي فقال : ثقة عين له كتاب يرويه حماد بن عيسى وغيره .
فقال : حدّثني هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا تقبلوا علينا حديثاً إلّا ما وافق القرآن والسنّة أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدّمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسَّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدِّث بها أبي ، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله ، فإنّا إذا حدَّثنا قلنا : قال الله عزّ وجلّ ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله . قال يونس : وافيت العراق فوجدت بها قطعةً من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام متوافرين ، فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها بعدُ على أبي الحسن الرضا عليهالسلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله عليهالسلام ، وقال لي : إنّ أبا الخطّاب كذب على أبي عبد الله عليهالسلام ، لعن الله أبا الخطّاب ، وكذلك أصحاب أبي الخطّاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنّا إن تحدّثنا (١) حدّثنا بموافقة القرآن وموافقة السنّة ، إنّا عن الله وعن رسوله نحدِّث ، ولا نقول : قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا ، إنّ كلام آخرنا مثل كلام أوّلنا ، وكلام أوّلنا مصداق لكلام آخرنا ، وإذا أتاكم من يحدّثكم بخلاف ذلك فردّوه عليه وقولوا : أنت أعلم و ما جئت به ، فإنّ مع كلّ قول منّا حقيقة وعليه نور ، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان .
٦٣ ـ كش : بهذا الإسناد عن يونس ، عن هشام بن الحكم أنّه سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول : كان المغيرة بن سعيد يتعمَّد الكذب على أبي عليهالسلام ويأخذ كتب أصحابه ، و كان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدسُّ فيها الكفر والزندقة ويسندها إلى أبي عليهالسلام ، ثمّ يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يبثّوها في الشيعة ، فكلُّ ما كان في كتب أصحاب أبي عليهالسلام من الغلوّ فذاك ممّا دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم .
٦٤ ـ كش : محمّد بن مسعود ، عن ابن المغيرة ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال ـ يعني أبا عبد الله عليهالسلام ـ : إنّ أهل الكوفة نزل فيهم كذّاب ، أمّا المغيرة فإنّه يكذب على أبي ـ يعني أبا جعفر عليهالسلام ـ قال حدّثه : أنّ
________________________
(١) وفي نسخة : إن حدثنا .
نساء آل محمّد إذا حضن قضين الصلاة ، وأنّ والله ـ عليه لعنة الله ـ ما كان من ذلك شيءٌ ولا حدّثه ، وأمّا أبو الخطّاب فكذب عليَّ وقال : إنّي أمرته أن لا يصلّي هو وأصحابه المغرب حتّى يروا كواكب (١) كذا ، فقال القندانيّ : والله إنّ ذلك لكوكب ما أعرفه .
٦٥ ـ كش : محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد ، عن ابن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال لي : يا جميل لا تحدّث أصحابنا بما لم يجمعوا عليه فيكذّبوك .
٦٦ ـ كش : القتيبيُّ ، عن الفضل ، عن عبد العزيز بن المهتدي ـ وكان خير قميّ رأيته وكان وكيل الرضا عليهالسلام وخاصّته ـ قال : سألت الرضا عليهالسلام فقلت : إنّي لا ألقاك كلَّ وقت ، فعمّن آخذ معالم ديني ؟ قال : خذ عن يونس بن عبد الرحمن .
٦٧ ـ كش : محمّد بن يونس ، عن محمّد بن نصير ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبد العزيز ابن المهتدي ، قال محمّد بن نصير : قال محمّد بن عيسى : وحدّث الحسن بن عليّ بن يقطين بذلك أيضاً قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : جعلت فداك لا أكاد أصل إليك لأسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني ؟ فقال : نعم .
كش : جبرئيل بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبد العزيز مثله .
٦٨ ـ كش : محمّد بن قولويه ، عن سعد ، عن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن الوليد ، عن عليّ بن المسيّب قال : قلت للرضا عليهالسلام : شقّتي بعيدة (٢) ، ولست أصل إليك في كلّ وقت ، فممّن آخذ معالم ديني ؟ قال : من زكريّا بن آدم القميّ المأمون على الدين والدنيا . قال : عليّ بن المسيّب فلمّا انصرفت قدمنا على زكريّا بن آدم فسألته عمّا احتجت إليه .
ختص : أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، وسعد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن الوليد مثله .
٦٩ ـ يب : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجليّ
________________________
(١) وفي نسخة : حتى يروا كوكباً .
(٢) الشقّة بضم الشين وفتحها وتشديد القاف : الناحية يقصدها المسافر ، والمسافة التي يشقّها السائر .
عن سالم أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سأل إنسان وأنا حاضر فقال : ربّما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلّي العصر ، وبعضهم يصلّي الظهر ، فقال : أنا أمرتهم بهذا لو صلّوا على وقت واحد لعرفوا فاُخذ برقابهم .
٧٠ ـ يب : الحسن بن أيّوب ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ما سمعت منّي يشبه قول الناس فيه التقيّة ، وما سمعت منّي لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه .
٧١ ـ يب : عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد وأحمد ابني الحسن ، عن أبيهما ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معمّر بن يحيى بن سالم قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عمّا يروي الناس عن أمير المؤمنين عليهالسلام عن أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها ولا ينهى عنها إلّا نفسه وولده فقلت : كيف يكون ذلك ؟ قال : أحلّتها آيةٌ وحرَّمتها اُخرى ، فقلنا : هل إلى أن تكون إحديهما نسخت الاُخرى أم هما محكمتان ينبغي أن يعمل بهما ؟ فقال : قد بيّن لهم إذ نهى نفسه عنها وولده ، قلنا : ما منعه أن يبيّن ذلك للناس ؟ قال : خشي أن لا يطاع ، ولو أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام ثبتت قدماه أقام كتاب الله كلّه والحقَّ كلّه .
كتاب المسائل لعليّ بن جعفر سأل أخاه موسى عليهالسلام عن الاختلاف في القضاء عن أمير المؤمنين عليهالسلام في أشياء من المعروف أنّه لم يأمر بها ولم ينه عنها إلّا أنّه نهى عنها نفسه وولده ، وساق الحديث مثل ما مرَّ .
٧٢ ـ غط : أبو محمّد المحمديّ ، عن أبي الحسين محمّد بن الفضيل بن تمام ، عن عبد الله الكوفيّ خادم الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه قال : سئل الشيخ ـ يعني أبا القاسم رضي الله عنه ـ عن كتب ابن أبي الغراقر (١) بعد ما ذمَّ وخرجت فيه اللّعنة فقيل له : فكيف نعمل
________________________
(١) بفتح الغين وكسر القاف هو محمد بن علي الشلمقاني أبو جعفر ، قال النجاشي : محمد بن علي ابن الشلمقاني أبو جعفر المعروف بابن أبي الغراقر ، كان متقدما في أصحابنا فحمله الحسد لابي القاسم الحسين بن روح على ترك المذهب والدخول في المذاهب الردية ، حتى خرجت فيه توقيعات فأخذه السلطان وقتله وصلبه ، له كتب منها : كتاب التكليف ورسالة الى ابن همام ، وكتاب ماهية العصمة كتاب الزاهر بالحجج العقلية ، كتاب المباهلة ، كتاب الاوصياء ، كتاب المعارف ، كتاب الايضاح ، كتاب فضل النطق على الصمت ، كتاب فضائل العمرتين ، كتاب الانوار ، وكتاب التسليم ، كتاب الزهاد « البرهان خ ل » والتوحيد ، كتاب البداء والمشيئة ، كتاب الامامة الكبير ، كتاب الامامة الصغير كتاب أبو الفرج محمد بن علي الكاتب القناني . قال لنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الشلمقاني في استتاره بمعلثايا بكتبه . أقول : يأتي ذكره في محله مفصلا .
بكتبه وبيوتنا منها مليىءٌ ؟ فقال : أقول فيها ما قاله أبو محمّد الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما وقد سئل عن كتب بني فضّال فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها مليىءٌ ؟ فقال عليهالسلام : خذوا بما رووا وذروا مارأوا .
أقول : قال الشيخ رحمة الله عليه في العدّة : وأمّا العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو أن يكون الراوي معتقداً للحقّ ، مستبصراً ، ثقةً في دينه ، متحرّجاً عن الكذب ، غير متّهم فيما يرويه ، فأمّا إذا كان مخالفاً في الاعتقاد لأصل المذهب وروى مع ذلك عن الأئمّة عليهمالسلام نظر فيما يرويه ، فإن كان هناك بالطريق الموثوق به ما يخالفه وجب إطراح خبره ، وإن لم يكن هناك ما يوجب إطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به ، وإن لم يكن من الفرقة المحقّة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضاً العمل به لما روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال :
إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنّا فانظروا إلى ما رووه عن عليّ عليهالسلام فاعملوا به .
ولأجل ما قلناه عملت
الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلّوب ، ونوح بن درّاج ، والسكونيّ وغيرهم من العامّة عن أئمّتنا عليهمالسلام ، ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه ، وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحيّة والواقفيّة والناووسيّة
وغيرهم نظر فيما يروونه فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به ، وإن كان هناك خبر يخالفه من طرق الموثوقين وجب إطراح ما اختصُّوا بروايته ، والعمل بما رواه الثقة ، وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ولا
يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضاً العمل به إذا كان متحرّجاً في روايته ، موثوقاً
به في أمانته ، وإن كان مخطئاً في أصل الاعتقاد ، ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار
الفطحيّة مثل عبد الله بن بكير وغيره ، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران ، وعليّ بن أبي
حمزة ، وعثمان بن عيسى ، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضّال ، وبنو سماعة ، والطاطريّون ، وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه ، وأمّا ما يرويه الغلاة والمتَّهمون والمضعَّفون
، وغير هؤلاء فما يختصُّ الغلاة بروايته فإن كانوا ممّن عرف لهم حال الاستقامة وحال
الغلوّ
عمل بما رووه في حال الاستقامة ، وترك ما رووه في حال خطائهم ، ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطّاب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه ، وكذا القول في أحمد بن هلال العبرتائيّ وابن أبي غراقر ، فأمّا ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على حال ، وكذا القول فيما يرويه المتَّهمون والمضعَّفون إن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدلُّ على صحّتها وجب العمل به ، وإن لم يكن هنا ما يشهد لروايتهم بالصحّة وجب التوقُّف في أخبارهم ، ولأجل ذلك توقَّف المشائخ في أخبار كثيرة هذه صورتها ، ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه من المصنّفات ، وأمّا من كان مخطئاً في بعض الأفعال أو فاسقاً في أفعال الجوارح ، وكان ثقةً في روايته ، متحرّزاً فيها ، فإنَّ ذلك لا يوجب ردَّ خبره ويجوز العمل به ، لأنَّ العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه ، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم .
ثمّ قال رحمه الله : وإذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً نظر في حال المرسل فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلّا عن ثقة يوثق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، و لأجل ذلك سوَّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّد بن أبي نصر ، وغيرهم من الثقاة الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا ممّن يوثق به ، وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم ، فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون لمن يرسل عن ثقة وغير ثقة فإنّه يقدَّم خبر غيره عليه ، فإذا انفرد وجب التوقُّف في خبره إلى أن يدلَّ دليل على وجوب العمل به ، فأمّا إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الّذي ذكرناه ، ودليلنا على ذلك الأدلّة الّتي سنذكرها على جواز العمل بأخبار الآحاد ، فإنّ الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل ، فما يطعن في واحد منهما يطعن في الآخر ، وما أجاز أحدهما أجاز الآخر فلا فرق بينهما على حال .
ثمّ قال نوّر الله
ضريحه : فما اخترته من المذهب وهو أنّ خبر الواحد إذا كان وارداً من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة وكان ذلك مرويّاً عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعن أحد من
الأئمّة عليهمالسلام ، وكان ممّن لا يطعن في روايته ويكون سديداً في نقله ولم يكن هناك قرينة تدلُّ على صحّة ما تضمَّنه الخبر ـ لأنّه إذا كان هناك قرينة تدلُّ على صحّة ذلك كان الاعتبار بالقرينة ، وكان ذلك موجباً للعلم كما تقدّمت القرائن ـ جاز العمل به ، و الّذي يدلُّ على ذلك إجماع الفرقة المحقّة فإنّي وجدتها مجتمعةً على العمل بهذه الأخبار الّتي رووها في تصانيفهم ودوَّنوها في اُصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون ، حتّى أنّ واحداً منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا ؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف وأصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلّموا الأمر في ذلك و قبلوا قوله ، هذه عادتهم وسجيّتهم من عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الأئمّة عليهمالسلام ، و من زمان الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام الّذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته فلولا أنّ العمل بهذه الأخبار كان جائزاً لما أجمعوا على ذلك ولا يكون ، لأنّ إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو ، والّذي يكشف عن ذلك أنّه لمّا كان العمل بالقياس محظوراً في الشريعة عندهم لم يعملوا به أصلاً ، وإذا شذّ منهم واحد عمل به في بعض المسائل و استعمل على وجه المحاجّة لخصمه وإن لم يكن اعتقاده ردّوا قوله وأنكروا عليه وتبرَّاُوا من قولهم ، حتّى أنّهم يتركون تصانيف من وصفناه ورواياته لمّا كان عاملاً بالقياس ، فلو كان العمل بخبر الواحد يجري ذلك المجرى لوجب أيضاً فيه مثل ذلك وقد علمنا خلافه . انتهى كلامه قدّس سرّه . ولمّا كان في غاية المتانة ومشتملاً على الفوائد الكثيرة أوردناه ، وسنفصّل القول في ذلك في المجلّد الآخر من الكتاب إن شاء الله تعالى .
________________________
( باب ٣٠ )
* ( من بلغه ثواب من الله على عمل فأتى به ) *
١ ـ ثو : أبي ، عن عليّ بن موسى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام ، عن صفوان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من بلغه شيءٌ من الثواب على شيء من الخير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله .
٢ ـ سن : أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله شيءٌ من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبيّ صلىاللهعليهوآله كان له ذلك الثواب وإن كان النبيُّ لم يقله .
٣ ـ سن : أبي ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من بلغه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله شيءٌ من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله .
بيان : هذا الخبر من المشهورات رواه الخاصّة والعامّة بأسانيد ورواه ثقة الإسلام في الكافي عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم مثل ما مرّ .
٤ ـ وروى أيضاً عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن عمران الزعفرانيّ ، عن محمّد بن مروان ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اُوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه .
وقال السيّد ابن طاووس رحمه الله ـ بعد إيراد رواية هشام بن سالم من الكافي بالسند المذكور ـ : ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم رحمه الله عن الصادق عليه السلام .
أقول : ولورود هذه الأخبار ترى الأصحاب كثيراً ما يستدلّون بالأخبار الضعيفة والمجهولة عن السنن والآداب وإثبات الكراهة والإستحباب ، واُورد عليه بوجوه :
الأوّل : أنّ
الاستحباب أيضاً حكم شرعيٌّ كالوجوب فلا وجه للفرق بينهما و الاكتفاء فيه بالضعاف . والجواب : أنّ الحكم بالاستحباب فيما ضعف مستنده ليس في
الحقيقة بذلك المستند الضعيف بل بالأخبار الكثيرة الّتي بعضها صحيح .
والثاني : تلك الروايات لا تشمل العمل الوارد في خبر ضعيف من غير ذكر ثواب فيه . والجواب : أنّ الأمر بشيء من العبادات يستلزم ترتُّب الثواب على فعله ، والخبر يدلُّ على ترتُّب الثواب التزاماً ، وهذا يكفي في شمول تلك الأخبار له . وفيه نظر .
والثالث : أنّ الثواب كما يكون للمستحبّ كذلك يكون للواجب فلم خصّصوا الحكم بالمستحبّ ؟ والجواب : أنَّ غرضهم أنَّ بتلك الروايات لا تثبت إلّا ترتُّب الثواب على فعل ورد فيه خبر يدلُّ على ترتُّب الثواب عليه ، لا أنّه يعاقب على تركه وإن صرِّح في الخبر بذلك ، لقصوره من إثبات ذلك الحكم ، وتلك الروايات لا تدلُّ عليه ، فالحكم الثابت لنا من هذا الخبر بانضمام تلك الروايات ليس إلّا الحكم الإستحبابيّ .
والرابع : أنَّ بين تلك الروايات وبين ما يدلُّ على عدم العمل بقول الفاسق من قوله تعالى : إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا . عموماً من وجه فلا ترجيح لتخصيص الثاني بالأوّل ، بل العكس أولى ، لقطعيّة سنده وتأيُّده بالأصل ، إذ الأصل عدم التكليف وبراءة الذمّة منه . ويمكن أن يجاب بأنّ الآية تدلُّ على عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبُّت ، والعمل به فيما نحن فيه بعد ورود الروايات ليس عملاً بلا تثبُّت فلم تخصَّص الآية بالأخبار ، بل بسبب ورودها خرجت تلك الأخبار الضعيفة عن عنوان الحكم المثبت في الآية الكريمة .
ثمَّ اعلم أنَّ بعض الأصحاب يرجعون في المندوبات إلى أخبار المخالفين و رواياتهم ويذكرونها في كتبهم ، وهو لا يخلو من إشكال لورود النهي في كثير من الأخبار عن الرجوع إليهم والعمل بأخبارهم ، لا سيّما إذا كان ما ورد في أخبارهم هيئةً مخترعةً وعبادةً مبتدعةً لم يعهد مثلها في الأخبار المعتبرة . والله تعالى يعلم .
________________________
( باب ٣١ )
* ( التوقف عند الشبهات والاحتياط في الدين ) *
الايات ، حمعسق : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّـهِ ١٠
١ ـ لى : الورّاق ، عن سعد ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ ، عن الحسين ابن سعيد ، عن الحارث بن محمّد بن النعمان الأحول ، عن جميل بن صالح ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله وآله : الاُمور ثلاثة : أمرٌ تبيّن لك رشده فاتّبعه ، وأمر تبيّن لك غيُّه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فردَّه إلى الله عزّ وجلّ . الخبر .
ل : أبي ، عن محمّد العطّار ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن عليّ بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، (١) عن الحارث . إلى آخر ما نقلنا .
يه : عن عليّ بن مهزيار مثله .
٢ ـ ل : ماجيلويه ، عن عمّه ، عن البرقيّ ، عن ابن معروف ، عن أبي شعيب (٢) يرفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : أورع الناس من وقف عند الشبهة . الخبر .
٣ ـ ما : في وصيّة أمير المؤمنين عليهالسلام عند وفاته : اُوصيك يا بنيَّ بالصلاة عند وقتها ، والزكاة في أهلها عند محلّها ، والصمت عند الشبهة . الخبر .
٤ ـ ما : المفيد ، عن عليّ بن محمّد الكاتب ، عن أبي القاسم زكريّا بن يحيى ، عن داود بن القاسم الجعفريّ ، عن الرضا عليهالسلام : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لكميل بن زياد فيما قال : يا كميل أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت .
جا : الكاتب مثله .
٥ ـ ما : في وصيّة أبي جعفر عليهالسلام ـ وقد أثبتناها في باب اختلاف الأخبار ـ أنّه قال : وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردُّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا .
٦ ـ ما : شيخ الطائفة ، عن ابن الحمّاميّ ، عن أبي سهل أحمد بن عبد الله بن زياد
________________________
(١) هو أخو الحسين بن سعيد الاهوازي المتقدم .
(٢) هو صالح بن خالد أبو شعيب المحاملي الكوفي ثقة من رجال أبي الحسن موسى عليهالسلام .
القطّان ، عن إسماعيل بن محمّد بن أبي كثير القاضي ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن السريّ بن عامر ، قال : صعد النعمان بن بشير على المنبر بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه وقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ لكلّ ملك حمىً وإنّ حمى الله حلاله وحرامه ، والمشتبهات بين ذلك ، كما لو أنّ راعياً رعى إلى جانب الحمى لم تلبث غنمه أن تقع في وسطه فدعوا المشتبهات .
٧ ـ سن : أبي ، عن عليّ بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهريّ ، عن أبي جعفر ، أو عن أبي عبد الله عليهماالسلام قال : الوقوف عند الشبهة خيرٌ من الاقتحام في الهلكة ، وتركك حديثاً لم تروه خير من روايتك حديثاً لم تحصه .
ين : عليُّ بن النعمان مثله .
شى : عن السكونيّ ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهالسلام مثله .
شى : عن عبد الأعلى ، عن الصادق عليهالسلام مثله .
غو : في أحاديث رواها الشيخ شمس الدين محمّد بن مكّيّ ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : دع ما يريبك إلى مالايريبك .
٨ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : من اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه .
٩ ـ وقال الصادق عليهالسلام : لك أن تنظر الحزم وتأخذ الحائطة لدينك .
١٠ ـ يب : عليُّ بن السنديّ ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجلين أصابا صيداً وهما محرمان الجزاء بينهما أم على كلّ واحد منهما جزاء ؟ فقال عليهالسلام : لا بل عليهما جميعاً ويجزي كلّ واحد منهما الصيد ، فقلت : إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه . فقال : إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا .
١١ ـ يب : الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن سليمان
بن داود ، عن عبد الله بن وضّاح قال : كتبت إلى العبد الصالح عليهالسلام : يتوارى القرص ، ويقبل اللّيل ارتفاعاً
، وتستر عنّا الشمس ، وترتفع فوق الجبل حمرة ، ويؤذّن عندنا المؤذّنون ، فاُصلّي حينئذ واُفطر
إن كنت صائماً ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة ؟ فكتب إليَّ : أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب
الحمرة ،
وتأخذ بالحائطة لدينك .
أقول : قد مرَّ في باب آداب طلب العلم (١) عن الصادق عليهالسلام : فاسأل العلماء ما جهلت ، وإيّاك أن تسألهم تعنُّتاً وتجربةً ، وإيّاك أن تعمل برأيك شيئاً ، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلاً ، واهرب من الفتيا هربك من الأسد ، ولا تجعل رقبتك للناس جسراً .
١٢ ـ الطرف للسيّد عليّ بن طاووس قدّس سرُّه نقلاً من كتاب الوصيّة لعيسى ابن المستفاد (٢) ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ عند عدّ شروط الإسلام وعهوده ـ : والوقوف عند الشبهة ، والردّ إلى الإمام فإنّه لا شبهة عنده .
١٣ ـ وقال صلىاللهعليهوآله : وعلى أن تحلّلوا حلال القرآن وتحرّموا حرامه وتعلموا بالإحكام وتردّوا المتشابه إلى أهله ، فمن عمي عليه من عمله شيءٌ لم يكن علمه منّي ولا سمعه فعليه بعليّ بن أبي طالب فإنّه قد علم كما قد علمته ، ظاهره وباطنه ومحكمه و متشابهه .
١٤ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إنّ الله افترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها وحدَّ لكم حدوداً فلا تعتدوها ، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسياناً فلا تتكلّفوها .
١٥ ـ وقال عليهالسلام : لا ورع كالوقوف عند الشبهة .
١٦ ـ كنز الكراجكيّ : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإنّك لن تجد فقد شيء تركته لله عزّ وجل .
١٧ ـ وحدّثني محمّد بن عليّ بن طالب البلديّ ، عن محمّد بن إبراهيم النعمانيّ ، عن ابن عقدة ، عن شيوخه الأربعة ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن النعمان الأحول ، عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام قال : قال جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيُّها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة ، ألا وقد بيّنهما
________________________
(١) في حديث عنوان البصري المتقدم تحت الرقم ١٧ .
(٢) هو أبو موسى البجلي الضرير . قال النجاشي : لم يكن بذاك ، له كتاب الوصية اهـ . وضعّفه الصدوق في باب الاموال والدماء من الفقيه .