قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٤ ]

نفحات الرحمن في تفسير القرآن

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٤ ]

تحمیل

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٤ ]

227/620
*

وعن الصادق عليه‌السلام في هذه الآية قال : « ليس شيء من خلق الله إلّا وهو يعرف من شكله الذّكر والانثى » . وسئل ما معنى ﴿ثُمَّ هَدى﴾ قال : « هداه للنّكاح والسّفاح من شكله » (١) .

ثمّ قال فرعون : إن كان ربوبيّة ربّك بهذا الحدّ من الظهور ﴿فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى﴾ والامم الكثيرة في الأعصار السابقة أنّهم لم يعترفوا بربوبيته وعبدوا غيره ؟ فقدح اللّعين في الحجّة القاطعة التي أقامها موسى عليه‌السلام بغفلة الناس عنها وعملهم بخلافها.

وقيل : إنّه عليه‌السلام لمّا هدّده بالعذاب على الشّرك وتكذيب الرّسل ، قال : فما بال الأمم الماضية أنّهم أشركوا وكذّبوا ولم يعذّبوا ؟ (٢)

وقيل : إنّ الخبيث لمّا رأى إتقان حجّة موسى عليه‌السلام على التوحيد ، خاف أن يزيد في تقريرها فيظهر للناس صدقه وفساد مذهب نفسه ، أراد أن يصرفه عن ذلك الكلام ويشغله بذكر قضايا الامم الماضية كعاد وثمود وأضرابهما ، فلم يلتفت موسى عليه‌السلام إلى سؤاله (٣) ،

بل ﴿قالَ :﴾ إنّما ﴿عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي﴾ لأنّه من الغيوب التي تختص به تعالى ، ولا أعلم إلّا ما علّمنيه من الامور المتعلّقة بما ارسلت به ، وإنّما أحوالهم مثبتة ﴿فِي كِتابٍ﴾ ولوح محفوظ ، بل لا يحتاج إلى كتاب لأنّه ﴿لا يَضِلُّ رَبِّي﴾ ولا يخطئ في علمه ، بل يعلم كلّ شيء على ما هو في الواقع ﴿وَلا يَنْسى﴾ ولا يغفل عن شيء بعد العلم به.

﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً

 فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى  كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ

 لِأُولِي النُّهى (٥٣) و (٥٤)

ثمّ عاد إلى بيان شؤونه تعالى بقوله : ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ﴾ بقدرته وتفضّله ﴿الْأَرْضَ مَهْداً﴾ ومعدّا للسّكونة والراحة ﴿وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها﴾ من جبالها وأوديتها وبراريها ﴿سُبُلاً﴾ وطرقا تسلكونها من قطر إلى قطر وبلد لحوائجكم وقضاء مآربكم ﴿وَأَنْزَلَ﴾ برحمته ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ المطلّ أو جهة العلوّ ﴿ماءً﴾ نافعا بطريق الإمطار.

ثمّ نبّه عليه‌السلام على زيادة اختصاص الإنبات بذاته القادرة ، وكون النباتات طائعات له بأن قال : يقول الله : ﴿فَأَخْرَجْنا بِهِ﴾ وأنبتنا بسببه ﴿أَزْواجاً﴾ وأصنافا ﴿مِنْ نَباتٍ﴾ وناميات ﴿شَتَّى﴾ ومتفرّقات في الطعوم والألوان والروائح والأشكال ، أو متفرّقات في وجه الأرض ممّا يأكل الناس والأنعام ، وقلنا :

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٦٧ / ٤٩ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٠٩.

(٢) تفسير الرازي ٢٢ : ٦٦.

(٣) تفسير الرازي ٢٢ : ٦٦ - ٦٧.