لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) وحدّثنى من لا أتّهم عن رجل من أهل المدينة موثوق به أنه سمع عربيّا يتكلم بمثل قولك إن زيد لذاهب وهي التي في قوله جلّ ذكره (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) وهذه إن محذوفة وتكون في معنى ما ، قال الله عزوجل (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) أي ما الكافرون الّا في غرور وتصرف الكلام الى الابتداء كما صرفتها ما الى الابتداء في قولك إنّما وذلك قولك ما إن زيد ذاهب.
وقال الشاعر [وهو فروة بن مسيك] : [وافر]
(١) وما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
[باب من أبواب أن التي تكون والفعل بمنزلة مصدر]
تقول أن تأتينى خير لك كأنك قلت الاتيان خير لك ، ومثل ذلك قوله تبارك وتعالى (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) يعنى الصوم خير لكم.
وقال الشاعر (وهو عبد الرحمن بن حسّان) : [كامل]
(٢) إنى رأيت من المكارم حسبكم |
|
أن تلبسوا حرّ الثياب وتشبعوا |
كأنه قال رأيت حسبكم لبس الثياب.
وأعلم أنّ اللام ونحوها من حروف الجرّ قد تحذف من أن كما حذفت من أنّ جعلوها بمنزلة المصدر حين قلت فعلت ذاك ، حذر الشر أي لحذر الشرّ ويكون مجرورا على التفسير الآخر ، ومثل ذلك قولك انما انقطع اليك أن تكرمه ، ومثل ذلك قولك لا تفعل كذا وكذا أن يصيبك أمر تكرهه كأنه قال لأن يصيبك أو من أجل أن
__________________
(٧١٤) الشاهد فيه زيادة ان بعد ما توكيدا وهي كافة لها عن العمل كما كفت ما ان عن العمل ، والطب هنا العلة والسبب أي لم يكن سبب قتلنا الجبن ، وانما كان ما جرى به القدر من حضور المنية وانتقال الحال عنا والدولة.
(٧١٥) الشاهد في قوله أن تلبسوا ووقوع أن وما بعدها موقع المصدر والمعنى رأيت حسبكم وكافيكم لبس حر الثياب والشبع وقوله من المكارم أي بدلا منها.