باعتبار أن الطريق الموجب للنجاة هو فقط ما ينته إلى الله ، ويوصل إليه دون سواه ، فيقول : «هذه سبيلي» .. ويقول : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (١) ..
وأخرى يراد الحديث عما يوصل إلى غير الله ، فهو متكثر بتكثر الغايات والأهداف .. فيذكر ذلك بصيغة الجمع ، فيقال : «سبل» ..
وتارة ثالثة ينظر إلى نفس ما يوصل إلى الله سبحانه مما قررته الشريعة ، فتلاحظ كل واحدة واحدة منها ، مثل الصلاة ، والزكاة ، والصدقات ، وتلاوة القرآن ، و.. و.. فيعبر عن هذه المفردات بصيغة الجمع ، فيقال : «سبلنا» ، و «سبل السّلام» ..
ولعله قد لوحظ في ذلك ما ألمحنا إليه فيما سبق ، من أن تنوع المستحبات إنما هو من أجل تمكين كل إنسان من أن يختار ما يناسب حاله منها حيث بها يكون سمو روحه ، وتصفية ، وتزكية نفسه ، فلذلك صح التعبير بصيغة الجمع ، فإن الطرق إلى الله تعالى بعدد أنفاس الخلائق ..
٨ ـ وأما لماذا لم يقل : «يتخذ إلى الجنة سبيلا» ، بل قال تعالى : «إلى ربّه»؟! ، لأن تحديد الغاية بالله سبحانه ، من شأنه أن يحدد السبيل الذي يريد الساعي إلى الله أن يتخذه ، حيث يجد نفسه ملزما بإبقاء هذا السبيل في الدائرة التي يرضاها الله سبحانه .. الأمر الذي يحتم الرجوع إليه تعالى ، لتحديد السبيل الذي يرضيه ..
٩ ـ ثم إن في الآية انتقالا من ضمير المتكلم الحاضر ، وضمير
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ١٥٣.