هو في نفس الوقت يعطيهم الخيار والاختيار ..
فمعصية الإنسان لله لا تعني تحرره من السيطرة الإلهية ، ولا إلغاء الهيمنة المرتكزة إلى مقتضيات الخالقية والتكوين. بل هو خروج من طرف واحد وهو العاصي نفسه ، دون أن يسقط إرادته تعالى عن التأثير. وإن عاملك الله باللطف والرأفة ..
أما عصيان الناس لبعضهم بعضا ، ورفضهم للأسر ، فهو يستبطن الخروج عن إرادة الآسر بكل المعاني المفروضة والمقترحة ، وهذا هو الفرق بين عصيان المخلوق لخالقه ، وعصيان الإنسان للحاكم والمتسلط عليه ..
«وإذا» :
وكلمة «وإذا» الشرطية تستعمل في مقام الجزم والحتم بحصول الشرط ، وقد استخدمت هنا ، للإلماح إلى أن هذا التبديل جزمي وحتمي ، بمجرد حصول الإرادة التكوينية الإلهية ..
«بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ» :
وقد دل على ذلك تأكيده بالمفعول المطلق ، وهو قوله تعالى : «تبديلا» .. بالإضافة إلى أن نفس خالقيته تعالى لهم ، وشده لأسرهم ، تدل دلالة صريحة على قدرته على هذا التبديل ، وعلى أنه يفعله حتما ، إذا تعلقت مشيئته سبحانه به ، خصوصا مع بيان أن التدخل الإلهي لا يقتصر على مجرد الخلق ، بل هو تدخل مستمر في جميع التفاصيل والمكونات لحقيقة المخلوق وكنهه ، كما دل عليه قوله تعالى : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) ..
«بدّلنا» :
وأما لماذا اختار تعالى خصوص تبديل أمثالهم ، ولم يشر إلى مواجهتهم بالعقوبات ، بسبب طغيانهم فلم يقل : نعاقبهم ، نهلكهم ، ننتقم