من خالفهم في خصوص هذا الرأي ، إذ كل مورد خالفهم فيه يكون لديهم اندفاع نحو البطش به ، ليكون مضطرا إلى التقية ..
هل يقبح تعذيب غير المكلف؟! :
«هذا .. وقد ذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار ، فهم إما يدخلون الجنة ، أو يسكنون الأعراف.
وذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة ، من تكليفهم في القيامة بدخول النار المؤججة لهم» (١).
واستدل المتكلمون منا على ما ذهبوا إليه ؛ بقبح تعذيب غير المكلف (٢).
ونقول :
أولا : إن المشكلة التي وقف عندها المتكلمون يمكن أن تحلّ .. فإن الأخبار قد دلّت على أنهم يكلفون بدخول نار تضرم لهم .. فإذا امتنعوا وعوقبوا فلا يكون ذلك تعذيبا لغير المكلف ، بل هو تعذيب لمكلف قد عصى .. وليس تعذيب العاصي قبيحا.
وفي جميع الأحوال ، فإن أخبار تكليفهم تدل على أن إدراكهم في تلك النشأة يختلف عنه في الحياة الدنيا .. وربما يكون الله تعالى قد زادهم من عنده ما يؤهلهم للخطاب والتكليف رحمة منه بهم ..
ثانيا : وأمّا قول المتكلمين : إنّه لا تكليف في يوم القيامة ، فهو مردود :
ألف ـ بأن هذه الروايات قد دلت على وجود تكليف في الآخرة أيضا .. والأمر في ذلك بيد الله سبحانه ، وطريق معرفته هو السمع .. وهذه
__________________
(١) البحار ج ٥ ص ٢٩٦ و ٢٩٧.
(٢) راجع : البحار ج ٥ ص ٢٩٧.