شهودها لوجدوها ، ولكن هذا الشهود والكشف ، لا بد أن يأتي بصورة تدريجية ، لأن تصوراتهم قد تكون قاصرة عن نيل آفاقها ، وعن إدراك حالاتها الجمالية ، وغير ذلك مما هو فيها ، في آن واحد.
«جنّة وحريرا» ، لماذا؟ :
ويرد سؤال : إنه إذا كان سبحانه قد جعل الجنة جزاءهم ، فإن الحرير سيكون أحد مفردات النعيم فيها ، فلماذا قال : (جَنَّةً وَحَرِيراً)؟!
وقد يقال في الجواب : إن هذا من باب التفصيل بعد الإجمال ، فإن الله سبحانه قد جازاهم بالجنة فقط ، ثم فصل لهم حالاتها وحالاتهم فيها ، فلا يوجد هناك سوى جزاء واحد .. قد بيّنه الله على هذا النحو.
ونقول : قد يناقش في هذه الإجابة بأن هذا الكلام قد يكون صحيحا بالنسبة لما ورد بعد قوله : «وحريرا» .. ولكنه قد لا يكون ظاهرا ، ولا مقبولا ، بالنسبة لهذه الكلمة بالذات التي عطفت على الجنة بالواو ، والعطف يقتضي المغايرة.
غير أننا ندفع هذه المناقشة : بأنه يكفي في التغاير أن يكون بالعموم والخصوص ، فيذكر الأمر الجامع أولا ، ثم تخصّص بعض مفرداته بالذكر لغرض مّا ، وهذا كما تقول لمن تريد أن ترغّبه في زيارتك : إئت إلينا ، وسنقدم لك قصرا مجهزا بكل ما تحب ، وفيه مقاعد وثيرة ، ولوحات زيتية رائعة و.. و.. الخ ..
ويبقى سؤال ، وهو : لماذا اختار الله سبحانه وتعالى هذا النوع من التعبير؟
ولماذا اختص ذلك بالحرير دون سواه من مفردات نعيم الجنة؟!.
والجواب : أن المراد هنا هو الإشارة إلى أن هذا الجزاء على نحوين :