بفكره ، وبمفاهيمه ، وبمشاعره إلى مستويات عالية ومرموقة ، ونبيلة ، ثم شحن روحه ووجدانه بقيم ومثل عليا ، ما أشد حاجته إليها في حياته وفي مواقفه ..
فلا محل للتعجب إذا فهمنا من كلمة «ولدان» ذلك المعنى الذي ساقنا إلى مثل هذه القضايا ..
«مخلّدون» :
وحين نصل إلى قوله تعالى : «مخلّدون» .. فإننا :
١ ـ سنشعر بأن هؤلاء الولدان سيكونون مع الأبرار دائما .. فليس وجودهم معهم عارضا ، ولن يكون هذا الاهتمام بشأن الأبرار محدودا بالأيام الأولى لدخولهم تلك الجنة ..
٢ ـ وسنشعر أيضا أن وصف الولدان بالمخلدين .. يشعرنا ببقاء صفة الفتوة والنّضرة فيهم .. فلا خوف إذن من أن يصبحوا بتقادم الزمن شيوخا ، ولا سبيل لظهور سمات الهرم فيهم ..
٣ ـ إن إعلام الأبرار بأن ثمة خلودا في الجنة ، وأن الوعد بالخلود ، لابد أن يتحقق إذ هو مما تثبت الوقائع نظائر له ، وتؤكد أنه حقيقة واقعة .. إن هذا لمما يزيد في طمأنينة الأبرار إلى هذا الوعد ، على قاعدة : (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١).
ومما يزيد في سعادة الأبرار بهذا الخلود : أنه خلود لا يؤثر في المحيط من حولهم ، تغيرا ، وذبولا ، أو تشوها ، أو حاجة ، أو نقصا ، أو ما إلى ذلك. بل يبقى كل هذا النعيم في غاية التمام والكمال .. فلا يجدون
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٦٠.