صبر الرسول .. ونعيم الأبرار في الجنة :
ولعلّك تقول : ما المناسبة بين حالات الأبرار في الجنة ، وبين تنزيل القرآن تدريجا ، لتحقيق التثبيت لفؤاد الرسول صلىاللهعليهوآله؟ .. مع أننا قد نتوهم أن الأنسب هو ربط ذلك بيقين الناس ، ليكون ذلك مدخلا لطلب المزيد من الصبر منهم ، والثبات والسعي لنيل درجات الأبرار في الجنة.
ونقول في الجواب : إن القرآن أراد أن يفهمنا أن المسؤولية التي يتحملها رسول الله صلىاللهعليهوآله في تهيئة النفوس ، وصناعة الشخصية الإنسانية ، وفق المواصفات ، وبالمستوى الذي يفيد في نيل تلك المراتب السامية ـ إن هذه المسؤولية ـ هي الأصعب ، والأشد خطورة ، والأعظم أهمية ..
وتوجيه الخطاب الإلهي للنبيّ لا يعني أنه خاص به ، بل هو يتوجّه للناس أيضا ، على طريقة : إيّاك أعني ، واسمعي يا جارة.
كلمة : «منهم» لما ذا؟! :
وأما لما ذا قال سبحانه : (لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً) ، وقد كان يكفي أن يقول : «لا تطع آثما» ..
فربما يكون ذلك لأجل أن مسار الكلام قد جاء على سبيل التعميم للناس كلهم ، من أجل الإلماح إلى أن النبي صلىاللهعليهوآله ، لا يمكن أن يتوهم في حقه أن يلبي المطالب إذا كانت تدخل في دائرة الباطل ، ويكون فيها الإثم ، والعدوان ، والفساد ، من أي جهة جاءته هذه المطالب ، وفي أي ظرف ..
ولكن بما أن من الناس من يطلب منه أمورا تدخل في دائرة الصلاح والخير ، وليست من الباطل في شيء ، فإن كونها كذلك ، لا يوجب المبادرة أيضا إلى تلبيتها ، إذا كان المطالبون بها من أهل الإثم ،