إلا الصحة ، والقوة ، والشباب ، والفتوة ، والري ، والشبع ، والواجدية لكل ما تشتهي الأنفس ، وتلذ الأعين. فهو إذن خلود لذيذ ، ومحبوب ، لأنه خال من المتاعب ، وليست فيه أية شوائب ..
«إِذا رَأَيْتَهُمْ» :
١ ـ وقد أشرنا أكثر من مرة إلى أن كلمة «إذا» إنما تستعمل في مقام الجزم واليقين ، وقد جاءت هنا لتأكيد الحقيقة التي يراد للأبرار أن يعوها ، وأن يلتذوا بتصورها ..
بالإضافة إلى أن هذا الجزم يستبطن الإغراء للآخرين بالعمل بهذا الاتجاه ، ما دام أن الإقدام عليه لم يعتمد على مجرد احتمالات ، أو ظنون. بل النتائج فيه يقينية ، واليقين فيها مطابق للواقع جزما ، لأنه مستند إلى الإخبار الإلهي ..
٢ ـ وهناك إشارة أخرى ، ربما يقال : إنها تستفاد من كلمة «إذا» ، وهي : أن هذه الكلمة تشير إلى أن ثمة يقينا بحتمية الوصول إلى هذه النتائج إذا سار الإنسان بحسب ما تقتضيه فطرته ، ويفرضه عليه التوازن الذي يعيشه في داخل شخصيته وفي كل حياته.
أي أن الإنسان إذا كان طبيعيا ، ومنسجما مع نفسه ، ولا يعاني من أي خلل في شخصيته الإنسانية ، فإنه لا بد أن يسير بحسب مقتضيات فطرته ، ويخضع لأحكام عقله ، وهي بدورها لا بد أن توصله إلى هذه النتيجة ، وإلى هذا المقام ، فكلمة «إذا» تشير إلى هذه اللابدية والحتمية ، فإن من لا يصل إلى هذا المقام ، يكون قد أخل بالمسار الطبيعي ولم يستجب لنداء فطرته وعقله. بل تأثر بعوامل الهوى ، وغيرها مما أضعفه ، وأخل بالمسار الطبيعي لشخصيته الإنسانية ..