فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (١) .. فإنه يستحيل أن يكون لله ولد ، ولكن المقصود هو التأكيد الشديد جدا على صحة الشرطية ..
وكذلك الحال في قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٢) .. فإنه لا يمكن أن يصدر الشرك منه صلىاللهعليهوآله ، ولكن المقصود هو التأكيد على القاعدة والضابطة ، وسريانها ، وعمومها بأوضح بيان ، وأجلى برهان ..
ثم قال تعالى :
«وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً» :
فالآثم هو ذلك الذي يمارس الإثم ، وينغمس فيه مباشرة. وربما تكون دواعيه ودوافعه له شهوانية ، أو بسبب فهم خاطىء قد قصر في مناشئه ومكوناته. أو لخدعة وقع فيها ، أو قلة مبالاة بالرقابة الإلهية .. أو لأجل كفوريته ، وتنكّره لمقام الألوهية ، وطغيانه على الله ، وغير ذلك ..
ثم لا يقتصر على ذلك بل هو يدعو غيره ليشاركه في مآثمه .. وربما بهدف تخفيف الملامة عن نفسه ، أو لأجل أن يجد العضد والمعين ، أو لأجل الإمعان في الطغيان على الله ، أو لغير ذلك من أسباب.
غير أن مما لا شك فيه : أن المآثم حينما تصبح واقعا متجسدا ، فإن داعويتها للآخرين إلى ممارستها تصبح آكد وأشد ، من حيث إن درجة من التخوف والرهبة تزول عنهم ، ولأن ما يتخيلونه من لذائذ لهم فيها ، قد أصبح ماثلا أمامهم بالفعل ، يثير شهيتهم ، ويسيل له لعابهم .. فتصير
__________________
(١) سورة الزخرف الآية ٨١.
(٢) سورة الزمر الآية ٦٥.