«وجزاهم» .. أم جازاهم؟ :
ولا نرى أننا بحاجة إلى التذكير بأن التعبير بكلمة جزاهم ، التي هي فعل ماض ، إنما هو للإشارة إلى أن هذا الأمر كأنه قد حصل وانته حتى ليصح الإخبار عن حصوله. وذلك لعدة خصوصيات قد أشير إليها أكثر من مرة ..
ويبقى سؤال هو : أن التعبير هنا قد جاء بكلمة جزاهم ـ لا بكلمة جازاهم ، فما هو الفرق بين التعبيرين يا ترى؟!
ونقول :
قد يمكن الإجابة عن ذلك بأن كلمة «جازى» تستعمل في مورد العقاب غالبا. بل قد يستفاد من قوله تعالى : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) ، أن كلمة جازى متمحضة في الجزاء بالسوء.
أما كلمة جزى فتستعمل في العقوبة والمثوبة على حد سواء ، قال تعالى : (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١).
وقال في مورد المثوبة : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً).
وقد يقال أيضا : إن كلمة جازى تفيد التدقيق والمقابلة بصرامة ، أو فقل : معناها الجزاء وفق ميزان العدل.
أما كلمة جزى فتفيد مطلق المكافأة ، حتى ولو بالزيادة على ما يقتضيه ميزان العدل .. ولذلك ، فإن الله تعالى ، وإن كان في مورد العقوبة ، لا يزيد عن مقدار ما يجازي عليه ، ولكنه في مورد المثوبة يزيد في
__________________
(١) سورة سبأ الآية ٣٣.