وإن صبره صلىاللهعليهوآله ، وصبرهم إنما هو بالله سبحانه. وقوته صلىاللهعليهوآله ، وقوتهم إنما هي به ومنه تعالى. ولذلك قال عزوجل سبحانه لنبيّه هنا :
«وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ» :
إن الملاحظ هو أنه سبحانه قال : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ).
ولم يقل : «اذكر ربّك» ، ربما لأن كلمة «اذكر» قد يراد بها التذكّر في مقابل النسيان ، كما قال سبحانه : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) (١) ، فيكون المطلوب هو إعادة التوجّه إليه بعد الغفلة عنه .. وهذا المعنى غير مراد هنا ، فإن الغفلة عن الله تعالى مما لا يتوهّم في حق رسول الله صلىاللهعليهوآله .. إلا إذا كان الله سبحانه يريد بخطابه هذا ، تعليم الآخرين ، وتنبيههم من غفلتهم ..
وأما القول بأنه تعالى : يريد بذلك مواجهة نبيه الأكرم صلىاللهعليهوآله بالوقائع بطريقة حاسمة ، ومن موقع ألوهيته تعالى ، تماما كقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (٢) وقوله تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) (٣).
فهو غير مقبول ، لأن المراد هنا ـ كما يشير إليه سياق الآيات ـ هو إظهار التحنّن على الرسول ، واللطف والرفق به .. وطمأنته إلى المعونة الإلهية والرعاية الربانية ..
__________________
(١) سورة الكهف الآية ٢٤.
(٢) سورة الزمر الآية ٦٥.
(٣) سورة الحاقة الآيات ٤٤ / ٤٦.