«عليهم» :
ثم إنه سبحانه قال : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) ، ولم يقل : «دانية إليهم» .. فلعله لأجل أن يشير إلى أن ظلال الجنة ليست مثل ظلال الدنيا .. فظلال الجنة تحتضن الأبرار ، وهي رفيقة بهم ، حانية عليهم.
ولو أنه قال : «دانية إليهم» ، لم يفهم منه معنى احتضانها لهم ، بل يفهم منه مجرد قرب الظل منهم .. كما هو الحال في ظلال الدنيا ؛ التي تنشأ من الحيلولة بين الشاخص ، أو الشيء ، وبين مصدر النور ، أو الوهج ، فيستأثر ذلك الشاخص الحائل بدفقات النور والوهج ، ويمنعها من الوصول ، فلا تصل إلى ما يقع الظل عليه.
وهذا معناه : أن ثمة مؤثرات تتحكم في مدى قدرة هذا الظل على الانتشار والانحسار ، مما يعني أنه قد يستفيد منه فريق ، ويحرم منه آخرون ، لمعنى كامن في الظل نفسه يؤكد قصوره هنا ، أو يفرض انتشاره وحضوره هناك.
أما في الآخرة وفي الجنة بالذات فإن الظل لا يعاني من أي شيء من هذا القبيل ، وليس فيه أي قصور ، بل يكون هو الداني عليهم ، والقاصد إليهم ، والمحتضن لهم. ففعل الدنو والاحتضان صادر منه هو ، وليس نتيجة حركة واقتراب أو حضور وغياب ، يفكرون فيه ، ثم يختارونه ، ويقصدون إليه.
مفردات نعيم الجنة :
وواضح : أن مفردات نعيم الجنة لا تشبه مفردات نعيم الدنيا ، وإن تشابهت الأسماء. فالفضة في الآخرة هي كالزجاج والقوارير في صفائها ، وليست كذلك فضة الدنيا ، وإن كان لا بد من وجود شبه يصحح إطلاق