المطلق ، ولا يحتاج في عباديّته إلى جعل إلهي. كما هو الحال في غيره ، فإن الحج مثلا ، لا يعد عبادة إلا إذا قرّر الشارع اعتباره كذلك.
وقلنا : «السجود العباديّ للشيء» ، لكي لا يشتبه مرادنا بكلمة السجود إلى الشيء ، بمعنى جعله قبلة ، حيث يكون المعبود والمسجود له شيئا آخر ، وتكون تلك القبلة مشيرة إليه ، ورمزا دالا عليه.
فالسجود العباديّ يكون بنفسه وبدون جعل جاعل محبوبا غاية الحب ، إذا كان سجودا وعبادة لله تعالى ، ويكون بنفسه مبغوضا غاية البغض ، إذا كان سجودا عباديا لغيره سبحانه.
«وَسَبِّحْهُ» :
ويلاحظ : أنه تعالى بعد أن طلب السجود ، والعبادة ، والخضوع المطلق من الذاكر ، عاد فطلب منه تسبيحه تعالى .. ولم يطلب منه حمدا ، ولا دعاء ، ولا صلاة.
والتسبيح معناه : أنّ جميع صفات الفعل ، وصفات الذات التي دلّت عليها الأسماء لا بد أن تنتهي إلى تنزيه الله سبحانه عن كل نقص ، فإثبات صفة الكريم ، تعني تنزّهه عن الصفة المناقضة لها ، وإثبات صفة العزة تنزّهه عن الذل ، وصفة القوي تنفي الضعف ، وصفة القادر تنفي العجز ، وصفة العدل تنفي عنه الظلم .. وهكذا الحال في سائر الصفات والأسماء.
فإثبات الصفات له سبحانه ملازم لمعرفته تعالى معرفة أتم ، وبمستوى يليق به جل جلاله .. وذلك لأن التنزيه التام من شأنه أن يصون المعرفة الناشئة عن ذكر اسمه ، ويصون عبادته ، والخضوع والتسليم التّام له ..