حنانا وحبا له ، حتى وهو ينهال عليه بالضرب الموجع ..
والخلاصة : أن من بنى شخصيتك ، ومارس تكوينك ، وركّبك وصوّرك ، لهو الأعمق معرفة بك ، ولذلك تحدث الله سبحانه هنا عن الخلق ، لا عن الهيمنة ، ولا عن المعرفة والعلم ..
وقد عبر بكلمة «نحن» ليظهر مقام عزته ، وكبريائه من جهة. وليفهمنا أيضا تسخير كل شيء وانقياده وخضوعه له .. فإذا ما كان لغيره تعالى نصيب من التكوين ، فإنما هو بالله ، ومن الله ، وبإذن منه تبارك وتعالى ..
«وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ» :
ولم يكتف بالإخبار عن مجرد الخلق على سبيل الإجمال .. بل هو تعالى قد أتبع ذلك بالإشارة إلى التدخل في رسم كل تفاصيل وجودهم من الداخل ، وبين لنا مستوى ربط كل شيء بالآخر. وحدد مدى تماسك وانشداد كل إلى كل .. فقال : (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) والمراد بالأسر : الربط بقيد ، وقد يكون هذا الربط ضعيفا ، وربما يكون شديدا ..
وقد بين الله تعالى لنا : أنه قد ربط كل جهات وجودهم بأمور تضبطها ، وتخولها السير بالاتجاه الصحيح ، لو أراد لها الإنسان أن تواصل سيرها في ذلك الاتجاه ..
ومن الواضح : أن ضابطة ورابطة كل شيء بحسبه ، وبحسب ما يحتاج إليه ، فمنها التكويني ، والروحي ، والأخلاقي ، والفكري ، والمفاهيمي ، والاعتقادي .. بل ومنها ما هو اجتماعي ، وعاطفي ، وما إلى ذلك ، مما يكون له تأثير في جعل مسيرة الإنسان في الحياة بالاتجاه الصحيح ..