دون توسط حرف الجر ، فلم يقل : يسقون من كأس ، أو بكأس ، أو نحو ذلك ..
مع أن الشرب إنما يكون لما في الكأس لا للكأس نفسه ، فما هو السبب في ذلك؟!
الجواب :
أنه تعالى يريد أن يشير إلى أن كل ما في هذه الكأس مطلوب ، ومرغوب فيه ، وليس فيها ما يرغب عنه ، فليس فيها ما هو من قبيل الثمالة المتبقية في قعر الكأس ، والتي يعافها الشارب ، لكونها مظنة تجمّع الترسبات ، التي قد تختلف مع سائر ما كان في الكأس ، إما في حقيقتها ، أو في طبيعة تشكلها ، أو نحو ذلك ..
فإذا كان جميع ما في الكأس له حالة واحدة ، فإن هذا يعطي الإنسان المزيد من الطمأنينة واللذة بما يشربه ، حيث يشعر بصفائه وبخلوصه من كل ما يمكن أن تعافه النفس ..
فلا فرق بين الثمالة وبين سواها ، لا في الشكل ولا في المضمون. فلا حاجة إلى «من» التبعيضية. بل لا معنى لإدراجها في الكلام ، لأن ذلك قد يخل في المعنى المقصود ..
واستعمال كلمة «من» وإن لم يكن فيه تصريح بوجود ثمالة في الكأس ، ولكنه لا يلغي احتمالها .. أما التعبير بشرب الكأس ، فهو يلغي حتى هذا الاحتمال .. حيث يدل على أن جميع ما في الكأس لا شائبة فيه ، وسيشربه أولئك الأبرار ..
بين «يسقون» ، و «يشربون» :
إنه تعالى قال : (وَيُسْقَوْنَ فِيها ..) ولم يقل يشربون .. وذلك لتحاشي