قال : «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد» (١).
فلا مانع من أن يكون القرآن قد نزل عليه منذ بدء نبوّته ، ثم صار ينزل عليه صلىاللهعليهوآله نجوما بعد أن بلغ الأربعين ، لكي يبلّغه للناس ..
ولا بأس بمراجعة ما كتبناه حول هذا الموضوع ، في بحثنا حول السبب في تقديم آية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (٢) على آية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (٣) ، (٤) ..
لم يقل : أنزلنا :
وجوابا عن السؤال عن السبب في أنه قال هنا : «نزّلنا». ولم يقل : أنزلنا .. ثم قال : «تنزيلا» ، ولم يقل : إنزالا ..
نقول :
لعلّ اختيار كلمة «نزلناه تنزيلا» هنا بالذات قد جاء لسببين ..
السبب الأول : أن للقرآن جهة ومرتبة إلهية ، تجعله خارج دائرة قدرات البشر. فكان أن احتاج إلى التنزيل ليصبح في حدود البشرية .. فإن مقام الرسول مهما كان عاليا ، وساميا وعظيما عند الله ، ومهما أعطاه الله تعالى من قدرات وألطاف ، فإنه يبقى في مقام ودرجة المخلوقين والمألوهين .. ويبقى لله سبحانه مقام الخالقية والإلهية .. وما أعظمها من
__________________
(١) كتاب التاج ج ٣ ص ٢٢٩.
(٢) سورة المائدة الآية ٣.
(٣) سورة المائدة الآية ٦٧.
(٤) راجع : الجزء الرابع من كتاب «مختصر مفيد».