ولكن من الواضح : أن تصرفك أنت ليس له أي تأثير على من أعطاك الكهرباء ، فإنه محسن في جميع الأحوال ، ولا يتوجه إليه أي لوم ، حتى لو أسأت أنت الاستفادة من الطاقة التي يرسلها إليك ..
وهو نظير ما لو أعطاك إنسان مالا ، لتستفيد منه في إصلاح شأنك ، أو في معالجة مرض ألمّ بك .. فإنك قد تصرفه في ما أمرك بصرفه فيه ، وقد تعصي أمره فتصرفه في ارتكاب جريمة ، أو تحرقه ، أو تضيعه ..
وفي جميع الأحوال ، فإن الذي أعطاك ؛ محسن إليك وممدوح .. وأما أنت فالعقاب والثواب متوجه إليك تبعا لما تختاره ..
ومجرد علم المولى بما سوف يختاره العبد لا يحتم عليه التدخل لمنعه ، ولو بقطع المدد عنه .. فقد يكون للتدخل سلبياته الكبيرة والخطيرة ، من حيث إن المصلحة العليا تفرض أن يعطيه كامل الحرية في التصرف بألطافه الواصلة إليه .. لأن الغاية الكبرى لا تتحقق إلا بذلك. إن لم نقل : إن هذا التدخل يعد ظلما ينافي مقام الألوهية ..
خلق الخير والشر :
وإذا كان الله هو الذي يفيض الوجود على إرادة الفاعل ، ثم يكون الفاعل هو الذي يختار أن يعلقها بهذه الحركة أو بتلك ، والفعل هو نتيجة هذه الحركة ، فإرادة الله لم تتعلق بالفعل مباشرة ، سواء أكان الفعل خيرا ، أم شرا ، فلا معنى لادعاء أن الله يخلق فعل الخير ، ولا يخلق الشر .. بل الإنسان هو الذي يفعلهما باختياره ، ولكن الله سبحانه يفيض عليه القوة والقدرة لحظة فلحظة ، وهو يوظف هذه القوة والقدرة لإنتاج حركة هنا أو هناك ، يطلق عليها : «الفعل». ثم يسمون هذا الفعل بأسماء تناسب حالاته ، وملازماته ، مثل : شرب ، أكل ، تسبيح ، صلاة ، الخ ..