توضيح واختصار :
إن قيمة الذهب في الدنيا لا يجب أن تكون هي نفس قيمته في الآخرة. ومع افتراض كونها كذلك ، فإن لكل معدن قيمته ، تفرضها ميزاته ، وأهميته الخاصة به. التي يفرضها حجم تأثيرها وتأثيره في الهدف الذي يراد الوصول إليه ، وقيمة ذلك الهدف وحساسيته الفعلية ، ومن الواضح : أن ذلك يختلف ويتفاوت .. فقد لا يصلح هذا للموضع الذي يصلح فيه ذاك ، ولا يؤدي وظيفته ، كما أنه قد يكون للمكان والزمان ، والحالات التي يراد الاستفادة منه فيها دخالة ظاهرة في إعطاء القيمة والأهمية والامتياز لأحدهما على الآخر ..
وفيما نحن فيه نقول : إن الذي يناسب الصورة الجمالية التي يراد رسمها ، وتكوينها ، وإظهار التناسق الفريد بين عناصرها هو خصوص أن تكون الأكواب والأواني من فضة ، إذ لا يراد التأكيد على الآنية والأكواب ، من حيث هي ظروف يوضع فيها شيء ما ، كالشراب أو غيره ، كما لا يراد التأكيد على الشراب من حيث طعمه أو نكهته ، أو نحوهما .. بل يراد ـ كما قلنا ـ رسم صورة جمالية ، واقعية ، من خلال إبراز تناسب ، وتناسق ، وتكامل بين عناصرها ، الأمر الذي لا بد أن يترك أكبر الأثر على الذوق ، والإدراك ، والروح ، والشعور ..
فلا مجال للسؤال بعد هذا عن السبب في عدم الاستفادة من عنصر الذهب ، إذ لا مكان لهذا العنصر أساسا في عناصر هذه الصورة التي يتم الحديث عنها ، والتي يراد بها تحريك العقل ، والفكر ، والمشاعر ؛ لتتعلق بالجنة ، ولتندفع للعمل من أجلها ..