وإن معرفة الإنسان بأنّ كل المخلوقات مسخرة لله تعالى ، وتعمل بإرادته سبحانه ، يزيد في معرفة الإنسان بالله ، ويؤكد خضوعه واستسلامه له. وهو يثبّت الإنسان في مواقع الاهتزاز ، فالله مهيمن على كل شيء حتى حين يكون الملك هو الذي يباشر التصرف ..
ولكنه عاد في الآية التالية ليتكلم عن نفسه تبارك وتعالى بصيغة المتكلم بضمير المفرد ، فقال : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ..) كما سيأتي.
والخلاصة : أنّه في مثل هذا المقام لا بد أن يأتي التعبير بصيغة : «إنّا» ، «نحن» ، ليزيد ذلك من طمأنينة الإنسان ، من خلال زيادة يقينه بأنّ الله هو الممسك بكل شيء ، والمهيمن على كل شيء ، حتى حينما يبدو أنّ ثمة من يتصرف في الأمور ويدبرها ..
«عليك» :
وكلمة «عليك» في قوله : (نَزَّلْنا عَلَيْكَ) تريد أن تجعل الإنسان يتلمس الوحي الإلهي من حيث هو يصل الرسول بالله مباشرة ، وفي هذا أيضا من الفوائد والعوائد المرتبطة بالإيمان بالكتاب ، وبالرسول .. ما لا يحتاج إلى مزيد بيان ..
«نزّلنا» :
وقال سبحانه : (نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ..) ولم يقل : «أنزلنا» ..
وقد قالوا في الفرق بينهما : إن التنزيل يكون نجوما ، ومتفرقا ، على سبيل التدريج ، أمّا الإنزال فيكون دفعة واحدة ..
وقد ناقشنا هذا القول في كتابنا الصحيح من سيرة النبي صلىاللهعليهوآله ج ٢ وذلك حين الحديث عن البعثة .. غير أننا نجمل الكلام حول ذلك هنا على النحو التالي :