٦ ـ إن النعيم هنا ، وإن كان يتجلى بلباس السندس ، الذي هو أمر حسي ، ولكن ذلك ليس هو المقصود الأساس هنا ، بل النعيم المعنوي بهذا اللباس الذي هو زينة ، هو الأهم .. لأن إظهار كرامتهم يمثل لذة روحية معنوية إدراكية لهم ، وليس مجرد لذة جسدية ..
كما أن نفس الإحساس بإدراك الآخرين لكرامة الله سبحانه للأبرار ، هو من أسباب نعيمهم وأنسهم ، ومن موجبات اعتزازهم ..
هذا عدا عن أن شعورهم ببهجة الآخرين وسرورهم بما يرونه من سندس خضر وإستبرق وغير ذلك ، يعطيهم المزيد من الرضا والراحة والسرور ..
فظهر أن قوله : «عاليهم» لا يراد به مجرد إظهار الزينة للآخرين ، بل المراد به أن يكون سببا في سرورهم ، وكبت أعدائهم أيضا كما تقدم ..
«ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ» :
وغير خفي أن الله سبحانه يريد أن يفهمنا معنى الكرامة للأبرار بالأسلوب ، وبالمفردات التي نعرفها ونألفها ، ونتفاعل معها ..
ومع أنه تعالى قد عبر بكلمة «ثياب» وبكلمة «سندس» ، ولكنه حذف هذه الكلمة مع كلمة «الإستبرق» ، وجاء بها مرفوعة لتكون عطفا على كلمة «ثياب» السابقة ، مما يعني أنه تعالى يريد أن يقول : إن الإستبرق هو العالي على الأبرار ، فهو زينتهم الظاهرة .. ولم يحصر زينتهم به بخصوص جعله لباسا لهم ، فلعلهم يتزينون به بحيث يكون فوق فرشهم ، وستائرهم ، وفي كل المواضع الظاهرة للآخرين ، والتي هي من مفردات نعيم الأبرار ، بما تعطيه من بهجة للناظر ، وأنس للمستفيد الحاضر ..