النظرة إلى سائر العناصر ، فإذا قيل : الشيء الفلاني ممزوج بالزنجبيل ، فسوف يفهم أن لذلك الشيء أصالة ومحورية ، والزنجبيل طارئ عليه .. حتى ولو كان المزاج في أصل التكوين.
وقيام هذا التوهم معناه : أن يفهم أن لذلك العنصر دور الأصالة ، والأرجحية ، ويكون العنصر الآخر أقل اعتبارا ، وأضعف تأثيرا ..
ويلاحظ ثالثا : أن الضمير في قوله : «مزاجها» يرجع للكأس ، وكأنه يريد الإلماح إلى أن الظاهر من الكأس هو الشراب ، وليس للفضة والقواريرية وجود ظاهر ومتميز تناله الباصرة ، فكأنه يشرب الكأس ، لأن الكأس يحس بها ، باللامسة ، ولكنه يشرب محسوسه بالباصرة ، وهو الشراب في داخلها ، ويذوق الكأس بالذائقة ، فالكأس المحسوسة بالباصرة والمذوقة بالذائقة كان الزنجبيل مزاجها ، أما الكأس الملموسة ، فإنه تجاهلها إلى درجة أنه لم يبق منها إلا الاسم.
«زنجبيلا» :
هذا .. وقد ذكر الزنجبيل بتنوين التنكير ، ـ ربما ـ ليشير إلى أنه زنجبيل لا نظير له ، ولا يخطر حسن لونه وطيب وذكاء رائحته على بال ، ولا يمر في خيال ، ولو أنه عرّفه ب «أل» فقال : «الزنجبيل» ، فلربما يتوهم أنه كهذا الزنجبيل الذي عرفناه ، وألفناه في دار الدنيا ، مع أن زنجبيل الدنيا لا يقاس بزنجبيل الآخرة ، ولعلهما لا يتشاركان بصورة حقيقية بغير الاسم ..
مواصفات الزنجبيل :
هذا وللزنجبيل في هذه الدنيا خصوصيات ، قد يكون في الآخرة ما يشبهها ، ولكن لا شك في أنه بدرجات ومواصفات عالية جدا تزول معها