أما تسخير الريح لسليمان فقد قال الله تعالى فى شأن الأحزاب : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩)) (١).
وقد تقدم فى الحديث الّذي رواه مسلم من طريق شعبة عن الحاكم عن مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ، ورواه مسلم من طريق الأعمش عن مسعود ابن مالك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثله.
ثبت فى الصحيحين : نصرت بالرعب مسيرة شهر. ومعنى ذلك أنه صلىاللهعليهوسلم كان إذا قصد قتال قوم من الكفار ألقى الله الرعب فى قلوبهم قبل وصوله إليهم بشهر ،. ولو كان مسيرة شهرا ، فهذا فى مقابلة : غدوها شهر ورواحها شهر ، بل هذا أبلغ فى التمكن والنصر والتأييد والظفر ، وسخرت الرياح تسوق السحاب لا نزال المطر الّذي امتن الله به حين استسقى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى غير ما موطن كما تقدم ، وقال أبو نعيم : فإن قيل : فإن سليمان سخرت له الريح فسارت به فى بلاد الله وكان غدوها شهرا ورواحها شهرا.
قيل : ما أعطى محمد صلىاللهعليهوسلم أعظم وأكبر ، لأنه سار فى ليلة واحدة من مكة إلى بيت المقدس مسيرة شهر ، وعرج به فى ملكوت السموات مسيرة خمسين ألف سنة ، فى أقل من ثلث ليلة ، فدخل السموات سماء سماء ، ورأى عجائبها ، ووقف على الجنة والنار ، وعرض عليه أعمال أمته ، وصلى بالأنبياء وبملائكة السموات ، واخترق فى الحجب ،. وهذا كله فى ليلة قائما ، أكبر وأعجب.
وأما تسخير الشياطين بين يديه تعمل ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان
__________________
(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٩.