التالى على الأثر مشارق الأرض ومغاربها ، من البحر الغربى إلى البحر الشرقى ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : زويت لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها (١) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، والّذي نفسى بيده لتنفقن كنوزهما فى سبيل الله (٢) ، وكذا وقع سواء بسواء فقد استولت الممالك الإسلامية على ملك قيصر وحواصله ، إلا القسطنطينية ، وجميع ممالك كسرى وبلاد المشرق ، وإلى أقصى بلاد المغرب ، إلى أن قتل عثمان رضى الله عنه فى سنة ستة وثلاثين ، فكما عمت جميع أهل الأرض النقمة بدعوة نوح عليهالسلام ، لما رآهم عليه من التمادى فى الضلال والكفر والفجور ، فدعا عليهم غضبا لله ولدينه ورسالته ، فاستجاب الله له ، وغضب لغضبه ، وانتقم منهم بسببه ، كذلك عمت جميع أهل الأرض ببركة رسالة محمدصلىاللهعليهوسلم ودعوته ، فآمن من آمن من الناس ، وقامت الحجة على من كفر منهم ، كما قال تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)) (٣) وكما قال صلىاللهعليهوسلم : إنما أنا رحمة مهداة.
وقال هشام بن عمار فى كتب البعث : حدثنى عيسى بن عبد الله النعمانى ، حدثنا المسعودى عن سعيد بن أبى سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فى قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)) قال : من آمن بالله ورسله تمت له الرحمة فى الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسله عد فيمن يستحق تعجيل ما كان يصيب الأمم قبل ذلك من العذاب والفتن والقذف والخسف ، وقال تعالى : (لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨)) (٤) قال ابن عباس : النعمة محمد ، والذين بدلوا
__________________
(١) أحمد في مسنده (٤ / ١٢٣).
(٢) أحمد في مسنده (٢ / ٢٣٣) ، والبخاري في كتاب المناقب (٣٦١٨) (١٠ / ٤٩٥).
(٣) سورة الأنبياء ، الآية : ١٠٧.
(٤) سورة إبراهيم ، الآية : ٢٨.