وقال أبو داود أيضا : حدثنا ابن نفيل ، حدثنا زهير بن معاوية ، حدثنا زياد بن خيثمة ، حدثنا الأسود بن سعيد الهمدانى عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا تزال هذه الأمة مستقيما أمرها ، ظاهرة على عدوها ، حتى يمضى اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ، قال : فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا : ثم يكون ما ذا؟ قال: ثم يكون الهرج (١).
قال البيهقى : ففى الرواية الأولى بيان العدد ، وفى الثانية بيان المراد بالعدد ، وفى الثالثة بيان وقوع الهرج وهو القتل بعدهم ، وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ثم وقع الهرج والفتنة العظيمة كما أخبر فى هذه الرواية ، ثم ظهر ملك العباسية ، كما أشار إليه فى الباب قبله ، وإنما يزيدون على العدد المذكور فى الخبر ، إذا تركت الصفة المذكورة فيه أو عد منهم من كان بعد الهرج المذكور فيه ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : لا يزال هذا الأمر فى قريش ما بقى من الناس اثنان. ثم ساقه من حديث عاصم ابن محمد عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم فذكره.
وفى صحيح البخارى من طريق الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن معاوية بن أبى سفيان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الأمر فى قريش لا يعديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين (٢) ، قال البيهقى : أى أقاموا معالمه وإن قصروا هم فى أعمال أنفسهم ، ثم ساق أحاديث بقية ما ذكره فى هذا والله أعلم.
فهذا الّذي سلكه البيهقى وقد وافقه عليه جماعة ، من أن المراد بالخلفاء الاثنى عشر المذكورين فى هذا الحديث هم المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد ابن عبد الملك الفاسق الّذي قدمنا الحديث فيه بالذم والوعيد فإنه مسلك فيه
__________________
(١) أحمد في مسنده (٥ / ٩٢).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام (٧١٣٩) (١٩ / ١٢١).